الجزائر: توقّع عزل رئيس هيئة الانتخابات إثر التشكيك في «أرقامه»

«فَوجا عمل» بـ«المحكمة الدستورية» لدرس طعنَي المرشحَين حساني وأوشيش

الرئيس عبد المجيد تبون الفائز بولاية ثانية (الشرق الأوسط)
الرئيس عبد المجيد تبون الفائز بولاية ثانية (الشرق الأوسط)
TT

الجزائر: توقّع عزل رئيس هيئة الانتخابات إثر التشكيك في «أرقامه»

الرئيس عبد المجيد تبون الفائز بولاية ثانية (الشرق الأوسط)
الرئيس عبد المجيد تبون الفائز بولاية ثانية (الشرق الأوسط)

بينما يجري تحضير الرأي العام في الجزائر لعزل رئيس «السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات»، بعد أن حمّلَته كل الأطراف المنخرطة في انتخابات الرئاسة التي نظّمها، السبت الماضي، مسؤولية «التزوير» الذي شابَها، بدأت «المحكمة الدستورية» في دراسة الطعنَين اللذَين تسلمتهما من المرشحَين عبد العالي حساني ويوسف أوشيش.

ووفق مصادر على صلة بالعملية الانتخابية، فإن «مصير شرفي، رئيس الهيئة المكلَّفة دستورياً بمراقبة الانتخابات، بات محسوماً؛ إذ يرتقب إبعاده من رئاستها»، في حين يقترح سياسيون العودة إلى نظام المراقبة القديم الذي يعهد تسيير الانتخابات إلى وزارة الداخلية، الذي تم التخلي عنه في عهد الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة (1999- 2019)، على أثر اتهام أحزاب معارِضة، الحكومةَ بـ«تزوير الانتخابات لصالح مرشحي أحزاب موالية للسلطة» في انتخابات البرلمان.

المحكمة الدستورية (مواقع التواصل)

ولم يكن مقرّراً إبعاد رئيس «سلطة الانتخابات» من منصبه إلا بعد أن انضم الرئيس المرشح لعهدة ثانية، عبد المجيد تبون، إلى الهجوم الذي شنّه أولاً المرشح الإسلامي عبد العالي حساني، ثم مرشح «جبهة القوى الاشتراكية» يوسف أوشيش، على محمد شرفي. ووقّع مديرو حملات المرشحِين الثلاثة، الأحد، بياناً مشتركاً حمل بشدة على شرفي، منتقِدين «تضارُب الأرقام» الخاصة بنتائج الاستحقاق الرئاسي، و«تناقضها وغموضها»، في إشارة إلى «معدل نسبة المشاركة عبر الولايات» الذي أعلنه، وهو 48 في المائة، فيما كان منتظراً منه أن يقدِّم النسبة العامة للتصويت، وإحصائيات أخرى مثل عدد الأوراق المُلغاة.

واستغرب كل المتتبِّعين، وأولهم حساني وأوشيش، وحتى الرئيس تبون نفسه، الحسبة التي أجراها شرفي بخصوص الاقتراع، علماً بأن رئيس الجمهورية يعود له دستورياً تعيين رئيس «سلطة الانتخابات».

ويُشار إلى أن النتائج التي لا تزال لحد الساعة أولية، أعطت فوزاً لتبون بأكثر من 94 في المائة من الأصوات (5.3 مليون من أصل 5.6 مليون صوت)، فيما حصل حساني على 3 في المائة، وأوشيش على 2 في المائة.

وأكّد الخاسران أن شرفي «حرمهما» من ضِعف النتيجة التي آلت إليهما، «على الأقل».

المرشحون الثلاثة بعناوين برامجهم في الانتخابات (الشرق الأوسط)

وعلى مدى يومين سابقين، أصبحت «المحكمة الدستورية» هي الجهة الوحيدة والأخيرة، المكلَّفة بالتدقيق في مَحاضر فرز الأصوات بعد تسلُّمها من «سلطة الانتخابات»، وبدَرْس الطعون التي أودعها لديها حساني وأوشيش.

ويُنتظَر أن تقدِّم النتائج النهائية بعد 10 أيام من تاريخ تلقّيها كامل الإحصائيات الخاصة بالانتخابات، وبعدها لن يُسمح لأي أحد بالتشكيك في قرارها.

وصرَّح مدير الشؤون القانونية بالنيابة لدى «المحكمة الدستورية» أحمد إبراهيم بوخاري، للتلفزيون العمومي، أن رئيسها عمر بلحاج «عيَّن مقرِّرَين وفَوجَي عمل» للتكفّل بطعنَي حساني وأوشيش، مؤكداً أنهما بدآ، الثلاثاء، «بمراجعة كل المحاضر، واحتساب الأصوات، في انتظار استلام آخر محضر يتعلق بتركيز نتائج التصويت، يخص انتخاب الجزائريين في الخارج».

وعلى صعيد ردود أفعال الطبقة السياسية على ما يُعدُّ «فشلاً ذريعاً للعمل السياسي في البلاد»، إثر تغيُّب 77 في المائة من الجسم الانتخابي عن الصندوق، تحدّث سفيان جيلالي، رئيس حزب «جيل جديد»، في بيان، عن «جرس إنذار أحمر، بل خطر على أمن الدولة»، مؤكداً أنه «ليس الاحتجاج على تزوير بضع مئات آلاف من الأصوات هو من سيُغطّي على عزوف 19 مليون مواطن عن الانتخابات».

سفيان جيلالي رئيس حزب «جيل جديد» (الشرق الأوسط)

وكان جيلالي من أبرز مؤيدي تبون في بداية ولايته عام 2020، ما جلب له انتقادات حادة من نشطاء الحراك المعارضين للسلطة، ودعا في بيانه الرئيسَ الفائز بولاية جديدة، إلى «النظر إلى هذا الاقتراع على أنه تَجلٍّ واضح للإخفاقات السياسية الخطيرة لنظام الحكم، وعلى الدولة أن تفتح الباب لمشاورات حقيقية، من أجل مراجعة عميقة لمبادئ سَير النظام السياسي الحالي، وإعادة النظر في مقاييس وطرق انتقاء الموارد البشرية، وإعادة بناء طبقة سياسية أصيلة بعيدة عن الزبانية والجشع».


مقالات ذات صلة

جدل «الإخوان» في الأردن يعود من بوابة البرلمان

المشرق العربي الجلسة الافتتاحية لأعمال الدورة الجديدة للبرلمان الأردني (رويترز)

جدل «الإخوان» في الأردن يعود من بوابة البرلمان

مع بدء الدورة العشرين لمجلس النواب الأردني، الذي انتخب في العاشر من سبتمبر (أيلول) الماضي، بدأ الشحن الداخلي في معادلة الصراع بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.

محمد خير الرواشدة (عمّان)
شمال افريقيا ممثلو دول أوروبية داخل مركز العدّ والإحصاء التابع لمفوضية الانتخابات الليبية (المفوضية)

ليبيا: إجراء الانتخابات المحلية ينعش الآمال بعقد «الرئاسية» المؤجلة

قال محمد المنفي رئيس «المجلس الرئاسي» إن إجراء الانتخابات المحلية «مؤشر على قدرة الشعب على الوصول لدولة مستقرة عبر الاستفتاءات والانتخابات العامة».

جمال جوهر (القاهرة)
الولايات المتحدة​ الملياردير إيلون ماسك (رويترز)

هل يمكن أن يصبح إيلون ماسك رئيساً للولايات المتحدة في المستقبل؟

مع دخوله عالم السياسة، تساءل كثيرون عن طموح الملياردير إيلون ماسك وما إذا كان باستطاعته أن يصبح رئيساً للولايات المتحدة في المستقبل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا وزير الداخلية جيرالد دارمانان (اليمين) متحدثاً إلى الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي (رويترز)

زلزال سياسي - قضائي في فرنسا يهدد بإخراج مرشحة اليمين المتطرف من السباق الرئاسي

زلزال سياسي - قضائي في فرنسا يهدد بإخراج مرشحة اليمين المتطرف من السباق الرئاسي، إلا أن البديل جاهز بشخص رئيس «حزب التجمع الوطني» جوردان بارديلا.

ميشال أبونجم (باريس)
أوروبا جلسة برلمانية في «البوندستاغ»... (إ.ب.أ)

أكثر من 100 برلماني يتقدمون باقتراح لحظر حزب «البديل من أجل ألمانيا»

تقدم أكثر من 100 نائب ألماني باقتراح لرئيسة البرلمان لمناقشة حظر حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف.

راغدة بهنام (برلين)

تفاعل مصري مع بكاء السيسي خلال لقائه قادة القوات المسلحة

السيسي أكد أن المنطقة تمر بظروف صعبة ومصر تعد عامل استقرار مهماً في ظل الأحداث الراهنة (الرئاسة المصرية)
السيسي أكد أن المنطقة تمر بظروف صعبة ومصر تعد عامل استقرار مهماً في ظل الأحداث الراهنة (الرئاسة المصرية)
TT

تفاعل مصري مع بكاء السيسي خلال لقائه قادة القوات المسلحة

السيسي أكد أن المنطقة تمر بظروف صعبة ومصر تعد عامل استقرار مهماً في ظل الأحداث الراهنة (الرئاسة المصرية)
السيسي أكد أن المنطقة تمر بظروف صعبة ومصر تعد عامل استقرار مهماً في ظل الأحداث الراهنة (الرئاسة المصرية)

تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع لحظات بكاء وتأثر للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال لقائه، الخميس، قادة القوات المسلحة المصرية في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة (شرق القاهرة).

وتصدر وسم «#السيسي_القايد» الترند في مصر، مع مشاركة مقاطع فيديو من لقاء السيسي، والاحتفاء بكلماته.

اللقاء الذي حضره القائد العام للقوات المسلحة المصرية، وزير الدفاع والإنتاج الحربي، الفريق أول عبد المجيد صقر، ورئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، الفريق أحمد خليفة، وقادة الأفرع الرئيسية، تناول، حسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، تطوّرات الأوضاع على الساحتَين الإقليمية والدولية وانعكاساتها على الأمن والاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط».

وخلال اللقاء طلب السيسي من المتحدث العسكري، العقيد غريب عبد الحافظ، أن يسدي له نصيحة، قائلاً: «تنصحني بإيه؟»، ليرد الأخير: «هون على نفسك يا فندم».

وتعليقاً على رد المتحدث العسكري، قال السيسي، الذي بدا عليه التأثر حابساً دموعه: «هما يومان في الدنيا، وبعد ذلك سنموت... يا رب يقبلني».

وأضاف الرئيس المصري مخاطباً المتحدث العسكري أنه «عندما تفهم الحكاية التي نتواجد بسببها في الأرض... لن تهون عليك أبداً»، وتابع: «عندما جاءت السيدة فاطمة أثناء وفاة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، قالت له: (واكرباه). فرد عليها الرسول وهو ينتقل إلى الرفيق الأعلى: (لا كرب بعد اليوم على أبيكِ)».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قال إن سياسة بلاده الخارجية تتمتع بالاعتدال (الرئاسة المصرية)

وحرص رواد مواقع «التواصل» على مشاركة مقطع الفيديو، الذي يظهر فيه تأثر الرئيس المصري وهو يرد على المتحدث العسكري، من بينهم الإعلامي المصري أحمد موسى.

بينما دعا مغردون أن يعين الله الرئيس المصري ويؤيده بنصره.

وكتب آخرون، متمنين أن يحمي الله السيسي من «كيد الحاقدين».

كما عد حساب آخر بكاء الرئيس «دليلاً على ثقل الحمل الذي يتحمله».

في المقابل، ظهرت تعليقات و«هاشتاغات» ناقدة ومشككة في المشهد الذي تم بثه عبر القنوات التلفزيونية الرسمية.

وهو ما عده الخبير العسكري المصري، اللواء سمير فرج، «محاولة للتقليل من مكانة البلاد عبر الادعاء بأن حديث السيسي وتأثره هدفهما استعطاف المصريين»، مشيراً إلى أن «وراء هذه الادعاءات جماعات تسعى باستمرار للتشكيك في كل شيء، وفي كل تصريح، بهدف إثارة البلبلة وتحريض الرأي العام».

وأكد فرج لـ«الشرق الأوسط» أن «كلمات الرئيس خلال لقائه قادة القوات المسلحة حظيت بتفاعل واسع في الداخل والخارج»، مشيراً إلى أن «تأثر السيسي خلال اللقاء يعكس حجم التحديات التي تواجهها البلاد». وقال إن «السيسي سبق وقال له إنه كمن يمسك جمراً في يده، نظراً لحجم المخاطر التي تحيط بالبلاد، لا سيما خلال الفترة الأخيرة منذ اندلاع حرب غزة».

وأضاف فرج: «نعيش فترة عصيبة تحتاج حنكة وحكمة في اتخاذ القرارات». وأوضح أن «السيسي تحدث خلال اللقاء عن التهديد الذي يواجه مصر عبر جبهاتها الاستراتيجية الثلاث؛ سيناء شرقاً، وليبيا غرباً، والسودان واليمن جنوباً»، وأكد الرئيس المصري «ضرورة التأني في اتخاذ القرارات حتى لا تفقد البلاد ما بنته من تسليح وتدريب خلال السنوات الماضية».

الرئيس المصري خلال لقاء قادة القوات المسلحة المصرية (الرئاسة المصرية)

ولم يقتصر التفاعل على لحظات التأثر، بل امتد لتصريحات السيسي خلال اللقاء. وقال الإعلامي وعضو ومجلس النواب المصري (البرلمان)، مصطفى بكري، عبر حسابه على «إكس»، إن «حديث الرئيس السيسي مع قادة القوات المسلحة يعكس حرصه على التشاور معهم بشأن التحديات التي تواجه مصر في الوقت الراهن على كافة الاتجاهات الاستراتيجية».

ولفت بكري إلى أن الرئيس المصري أرسل خلال اللقاء رسائل عدة؛ من أبرزها «التأكيد على أن إدارة مصر المتزنة ساهمت في الاستقرار، وأن مصر ليست في معزل عما يدور حولها من أزمات وتحديات، مع التشديد على ضرورة الحفاظ على التدريب والجاهزية للقوات المسلحة للحفاظ على أمن مصر القومي».

من جانبه، أشار الخبير العسكري المصري إلى أن «لقاء السيسي مع الجيش هذه المرة مختلف، حيث حضره قادة الفرق واللواءات، على غير المعتاد في مثل هذه الاجتماعات التي يحضرها (المجلس الأعلى للقوات المسلحة) وقادة الجيوش، ما يعني أن الرئيس أراد أن تصل رسالته لكل جندي».

وحمل لقاء السيسي مع قادة القوات المسلحة «رسائل عدة للداخل والخارج، ملخصها أن الجيش جاهز ومتيقظ»، حسب سمير فرج.

تناول اللقاء، «جهود القوات المسلحة في تأمين جميع الاتجاهات الاستراتيجية للدولة ومدى جاهزيتها لتنفيذ المهام التي تُوكل إليها»، حيث أكد الرئيس المصري أن «القوات المسلحة هي أهم ركيزة للاستقرار في مصر والمنطقة في ظل الأزمات والصراعات التي تحيط بالبلاد على كافة حدودها»، معرباً عن «اطمئنانه تجاه الدور الحيوي الذي يلعبه الجيش في الحفاظ على استقرار البلاد».

وقال السيسي إن «المنطقة تمر بظروف صعبة، ومصر تعد عامل استقرار مهماً في ظل الأحداث الراهنة والتطورات الجارية في الاتجاهات الاستراتيجية المختلفة، في كافة حدود الدولة الغربية والجنوبية والشرقية والشمال الشرقي».

وأضاف أن «سياسة مصر الخارجية تتمتع بالاعتدال»، مشيراً إلى أن «مهمة القوات المسلحة لا تقتصر على التدريب العسكري فحسب، بل تتفاعل أيضاً مع الوضع السياسي والأمني في الداخل والخارج»، وشدد على «أهمية اتخاذ القرارات السليمة مهما كانت جاهزية القوات للحفاظ على كل المكتسبات التي تحققت خلال 10 سنوات مضت».