هل تنجح سلطات العاصمة الليبية في تجاوز «فتنة» اغتيال «البيدجا»؟

استمرار التوتر بالزاوية برغم حبس متهمين بقتل القائد الميليشياوي

مواطنون من سكان الزاوية بغرب ليبيا يحذّرون من التصعيد الأمني في مدينتهم (من مقطع فيديو متداول على مواقع التواصل)
مواطنون من سكان الزاوية بغرب ليبيا يحذّرون من التصعيد الأمني في مدينتهم (من مقطع فيديو متداول على مواقع التواصل)
TT

هل تنجح سلطات العاصمة الليبية في تجاوز «فتنة» اغتيال «البيدجا»؟

مواطنون من سكان الزاوية بغرب ليبيا يحذّرون من التصعيد الأمني في مدينتهم (من مقطع فيديو متداول على مواقع التواصل)
مواطنون من سكان الزاوية بغرب ليبيا يحذّرون من التصعيد الأمني في مدينتهم (من مقطع فيديو متداول على مواقع التواصل)

تُسارع السلطات المختلفة بالعاصمة الليبية، طرابلس، لاحتواء تداعيات عملية اغتيال عبد الرحمن ميلاد، قائد «معسكر الأكاديمية البحرية»، الشهير بـ«البيدجا»، وسط تَواصُل حالة الغضب والتوتر في مدينة الزاوية، غرب ليبيا، مسقط رأسه.

وبينما تُجري النيابة العامة تحقيقات واسعة في عملية الاغتيال التي تثير توترات واسعة بالزاوية، يتساءل البعض حول قدرة السلطات في طرابلس على تجاوز «فتنة» تصفية القيادي الميليشياوي الذي سبق معاقبته دولياً.

صورة أرشيفية للدبيبة مع «البيدجا» مسؤول «الأكاديمية البحرية» في جنزور

ومنذ الإعلان عن مقتل «البيدجا» بعد اعتراض مسلّحين سيارته بمدينة جنزور (الضاحية الغربية لطرابلس)، وإمطاره بوابل من الرصاص، وإردائه قتيلاً، تعيش الزاوية أجواء توتر وتناحُر بين جبهتين مدعومتين بتشكيلات مسلّحة.

ودفعت الاضطرابات في الزاوية التي تضمّنت اشتباكات مسلّحة دموية، سكانها لإبداء رفضهم لـ«إشعال فتيل الحرب والفتنة داخل مدينتهم»، مطالبين «الجهات الضبطية بالاضطلاع بدورها في إحضار المطلوبين من مكتب النائب العام على ذمة اغتيال البيدجا».

وبينما أشاروا في بيان تلاه أحد السكان، مساء الأحد، إلى أن مدينتهم شهدت «عدداً من الجرائم والاغتيالات في الآونة الأخيرة، بالإضافة إلى تهديدات متتالية من البعض بالهجوم ونقل الحرب داخلها»، توعّدوا بـ«التصدي لأي محاولة لترويع المواطنين».

ويرى ليبيون ضرورة ابتعاد السلطات في طرابلس عن اللجوء إلى المسكّنات، «إذا أرادت النجاح في استعادة الاستقرار بالزاوية، ووضع حلول جذرية للأزمة الأمنية تقي المدينة الفتن التي من شأنها تجديد الاشتباكات»، مشيرين إلى أن الزاوية «تعاني من تغوّل المجموعات المسلّحة، ما يؤثر على الحياة العامة».

وكان عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، طالب فور اغتيال «البيدجا» بالتحقيق في ملابسات اغتياله، في محاولة لاحتواء غضب الميليشيات المسلحة التي كانت سارعت إلى حشد عناصرها وآلياتها بالمدينة.

و«البيدجا» الذي كان مقرّباً من الدبيبة والقوات العسكرية التابعة له في العاصمة، عُدَّ من «ضمن أخطر تجار البشر في ليبيا»، بعدما ورد اسمه بالتقرير الصادر عن مجلس الأمن الدولي في يونيو (حزيران) عام 2018، بوصفه «زعيم أخطر عصابة تهريب بشر في ليبيا»، وفق التقرير.

آمِر «فرقة الإسناد الأولى» محمد بحرون الملقب بـ«الفار» (حسابات موثوقة على مواقع التواصل)

وفي إجراء نادر بالعاصمة طرابلس، أمر النائب العام بحبس الزعيم الميليشياوي محمد بحرون، المعروف بـ«الفار» الذي يشغل منصب آمِر «فرقة الإسناد الأولى» بمعسكر «الأكاديمية البحرية»، بالإضافة إلى أحد معاونيه، بعد ظهور مزاعم بشأن دورهما في واقعة مقتل «البيدجا».

و«الفار» و«البيدجا» ينحدران من الزاوية، وسبق أن اندلعت اشتباكات دامية بين أنصارهما، ما أوقع عدداً من القتلى والجرحى، وبرز الاثنان بعد اندلاع «ثورة 17 فبراير (شباط) 2011» التي أطاحت بنظام الرئيس الراحل معمر القذافي.

وكانت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تابعة لسكان الزاوية أفادت بأن سكاناً موالين لـ«البيدجا» أغلقوا طريق «مثلث إسبان»؛ لمطالبة حكومة الدبيبة بحل «جهاز مكافحة التهديدات الأمنية»، الذي أُسندت رئاسته لـ«الفار»، بزعم وقوفه وراء واقعة الاغتيال.


مقالات ذات صلة

ليبيا: تأجيل مفاجئ لاجتماع حسم أزمة «المركزي» رغم الضغط الخارجي

شمال افريقيا صورة وزعها «المصرف المركزي» للقاء قيادته مع قيادات «مؤسسة النفط» في طرابلس

ليبيا: تأجيل مفاجئ لاجتماع حسم أزمة «المركزي» رغم الضغط الخارجي

بشكل مفاجئ أُجل الاجتماع، الذي كان مقرراً عقده الاثنين في العاصمة طرابلس، بين ممثلي مجالس «الرئاسي» و«النواب» و«الدولة» مع البعثة الأممية، لحل أزمة «المركزي».

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا عملاء ينتظرون دورهم في أحد البنوك بمدينة مصراتة غرب ليبيا (أ.ف.ب)

​ترقب ليبي لإنهاء أزمة «المركزي» وتشغيل النفط لمواجهة «تردٍّ معيشي»

تترقب الأوساط الليبية اجتماعاً لممثلي «المجالس الثلاثة» برعاية أممية علّه ينهي الصراع على المصرف ويُعيد تشغيل النفط وذلك للحد من الأزمات المعيشية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السايح يستقبل الممثلة المقيمة الجديدة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في ليبيا (المفوضية)

​ليبيا: نجاة قائد ميليشيا من محاولة اغتيال... وحبس آخر احتياطياً

تشهد مدينة الزاوية غرب ليبيا حالة من التوتر الأمني بعد تعرض الميليشياوي معمر الضاوي آمر «الكتيبة 55 مشاة» لمحاولة اغتيال وحبس «الفار» احتياطياً

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع لجنة «5+5» العسكرية الشهر الماضي في سرت (أرشيفية)

لجنة «5+5» الليبية تجتمع مجدداً بسرت... والتوتر يعود إلى الزاوية

بينما اجتمعت اللجنة العسكرية الليبية «5+5» في سرت مجدداً، عاد التوتر الأمني إلى مدينة الزاوية غرب العاصمة طرابلس عقب اشتباكات بين الميليشيات المسلحة.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا أعضاء بالمجلس الرئاسي الليبي (أرشيفية)

«الرئاسي» الليبي يتحدى «النواب» بتشكيل إدارة لـ«مفوضية الاستفتاء»

أصدر رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، قراراً بتشكيل مجلس إدارة المفوضية الوطنية للاستفتاء والاستعلام الوطني.

خالد محمود (القاهرة)

تبون ينضمّ لمندّدين بـ«التزوير» برغم حصوله على 94% من الأصوات

المرشح الاشتراكي يوسف أوشيش (حملة المترشح)
المرشح الاشتراكي يوسف أوشيش (حملة المترشح)
TT

تبون ينضمّ لمندّدين بـ«التزوير» برغم حصوله على 94% من الأصوات

المرشح الاشتراكي يوسف أوشيش (حملة المترشح)
المرشح الاشتراكي يوسف أوشيش (حملة المترشح)

وجّه المرشح الإسلامي لانتخابات الرئاسة الجزائرية عبد العالي حساني، الاثنين، اتهامات لـ«أطراف» لم يسمِّها، بـ«تزوير نتائج الانتخابات» التي أعطَته 3 في المائة من الأصوات، في مقابل فوز كاسح للرئيس عبد المجيد تبون بـ94 في المائة، بينما نال المرشح الاشتراكي يوسف أوشيش 2 في المائة فقط.

وبدا حساني في قمة التذمّر وهو يندّد بـ«التلاعب بالأصوات»، ويطالب «المحكمة الدستورية» بمراجعة النتائج التي عدَّها «مؤلمة، فيها شنآن وظلم». ودان «ممارسات مشينة قتلت فرصة للتغيير»، مشيراً إلى «أطراف سعت إلى إفساد الانتخابات، ما نفّر المُواطن من العملية السياسية»، وحمل بشدّة على هيئة مراقبة الانتخابات التي وصفها بـ«المرتبكة»، وبأنها «عوّدتنا على سوء إدارة العمليات الانتخابية، لهذا لا نثِق في استقلالها».

ولم يذكر حساني (57 سنة) مَن هي «الأطراف» التي «زوّرت النتائج»، لكن كلامه يُوحِي بأنها محسوبة على الرئيس المرشح. واتهم الولاة الذين يتبعون لوزارة الداخلية بـ«تضخيم النتائج للبقاء في مناصبهم». ويُفهم من كلامه أن الرئيس تبون ليس مسؤولاً عن تضخيم النتيجة لصالحه، وإنما كوادر في الإدارة العمومية هم من فعلوا ذلك، «تزلُّفاً للرئيس، ولخدمة مصالح شخصية».

وأضاف بهذا الخصوص: «في ولاية معينة أعطوا 400 ألف صوت (لتبون، دون ذِكر اسمه)، لكن في الحقيقة لم يصوّت في العملية أكثر من 100 ألف»، وتابع: «أنتم تصنعون صورة مشينة عن البلد، بسبب تصرّفات تعيق كل إصلاح سياسي، بلدنا محل استهداف خارجي، وللأسف أطراف في الداخل تقدّم لها العون بممارسات التزوير الانتخابي، إنكم بهذا تُضعِفون نصرة الجزائر للقضايا العادلة، وعلى رأسها فلسطين والصحراء»، من دون أن يشرح كيف «يُضعف تزوير الانتخابات» دفاع الجزائر عن القضيتين الفلسطينية والصحراوية.

المرشح الإسلامي عبد العالي حساني (حملة المترشح)

وأكّد حساني الذي يترأس حزب «حركة مجتمع السلم»، أنه لا يعترف بعدد الأصوات الذي أعلنته سلطة الانتخابات لصالحه، وهو 170 ألفاً... وكانت مديرية حملته أكّدت، السبت، أنه فاز بـ300 ألف صوت على الأقل، ما يرفع النسبة إلى أكثر من 5 في المائة، وهو حد أدنى من الأصوات يعطيه الحق في الحصول على تعويض مالي عن نفقات الحملة الانتخابية، حسب ما ينص عليه قانون الانتخابات.

ووقعت ليل الأحد - الاثنين مفاجأة مدوية، تضمّنها بيان مشترك وقّعه مديرو حملة المرشحين الثلاثة، يهاجمون فيه رئيس «السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات» محمد شرفي، بسبب «تناقض في الأرقام المعلَنة، وغموض في النتائج المؤقتة التي غابت عنها معطيات أساسية»، في إشارة ضمناً إلى غياب نسبة التصويت وعدد الأصوات الملغاة؛ إذ اكتفت سلطة الانتخابات بتقديم عدد الأصوات المعبَّر عنها، وهو 5 ملايين و600 ألف صوت، وعدد الأصوات التي آلت لكل مترشح.

وأكثر ما يلفت في هذه الخطوة، أنها ضمّت الرئيس المرشح على الرغم من فوزه بأكثر من 5 ملايين و300 ألف صوت. وقال مؤيدون له إنه لم يقبل بـ«تضخيم النتيجة إلى نسبة لا تعكس وجود شرعية شعبية».

وأصدرت السلطة في حدود الثانية من صباح الاثنين، بياناً إزاء اتهامات المترشحين لكن لم تردّ عليها، واكتفت بالقول إن «عملية استكمال استقبال المحاضر الولائية الأصلية، لتركيز النتائج، ما تزال جارية»، موضحةً بأنها «تُعلِم مديري حملات المرشحين بأنها ستبلّغ المحكمة الدستورية بالنتائج المسجَّلة في المحاضر الأصلية فور استكمال استقبالها»، ومؤكدة أن نتائج التصويت التي تتضمّنها محاضر فرز الأصوات سيتم عرضها «وفقاً لمبدأ الشفافية، وحفاظاً على مصداقية العملية الانتخابية».

المحكمة الدستورية (الشرق الأوسط)

وكتب أستاذ علم الاجتماع السياسي القدير ناصر جابي، أن موقف المرشحين الثلاثة «أكّد لي الكثير من القناعات والتوجّسات ذات العلاقة بالحياة السياسية، والانتخابات تحديداً، منها على سبيل المثال، أنه يصعب بناء مؤسسات ذات مصداقية، مثل الهيئة الوطنية المستقلة للانتخابات، في نظام سياسي مغلق وغير شفاف، تعيش نُخَبه تدهوراً كبيراً على المستوى الأخلاقي».

من جهته، قال أستاذ العلوم السياسية محمد هناد، إن ما جاء في بيان المرشحين الثلاثة «عرّى الانتخابات من كل مشروعية، بحيث لم يَعُد هناك حل سوى إعادة العملية برُمّتها»، مشيراً إلى أن «الحدث غير مسبوق في تاريخ النظم السياسية؛ إذ كيف يمكن أن نتصوّر مرشحاً يشترك مع منافسيه للتنديد بانتخابات فاز بها؟».