تبون ينضمّ لمندّدين بـ«التزوير» برغم حصوله على 94% من الأصوات

المرشح الإسلامي حساني يطالب بمراجعة نتائج انتخابات الرئاسة الجزائرية

المرشح الاشتراكي يوسف أوشيش (حملة المترشح)
المرشح الاشتراكي يوسف أوشيش (حملة المترشح)
TT

تبون ينضمّ لمندّدين بـ«التزوير» برغم حصوله على 94% من الأصوات

المرشح الاشتراكي يوسف أوشيش (حملة المترشح)
المرشح الاشتراكي يوسف أوشيش (حملة المترشح)

وجّه المرشح الإسلامي لانتخابات الرئاسة الجزائرية عبد العالي حساني، الاثنين، اتهامات لـ«أطراف» لم يسمِّها، بـ«تزوير نتائج الانتخابات» التي أعطَته 3 في المائة من الأصوات، في مقابل فوز كاسح للرئيس عبد المجيد تبون بـ94 في المائة، بينما نال المرشح الاشتراكي يوسف أوشيش 2 في المائة فقط.

وبدا حساني في قمة التذمّر وهو يندّد بـ«التلاعب بالأصوات»، ويطالب «المحكمة الدستورية» بمراجعة النتائج التي عدَّها «مؤلمة، فيها شنآن وظلم». ودان «ممارسات مشينة قتلت فرصة للتغيير»، مشيراً إلى «أطراف سعت إلى إفساد الانتخابات، ما نفّر المُواطن من العملية السياسية»، وحمل بشدّة على هيئة مراقبة الانتخابات التي وصفها بـ«المرتبكة»، وبأنها «عوّدتنا على سوء إدارة العمليات الانتخابية، لهذا لا نثِق في استقلالها».

ولم يذكر حساني (57 سنة) مَن هي «الأطراف» التي «زوّرت النتائج»، لكن كلامه يُوحِي بأنها محسوبة على الرئيس المرشح. واتهم الولاة الذين يتبعون لوزارة الداخلية بـ«تضخيم النتائج للبقاء في مناصبهم». ويُفهم من كلامه أن الرئيس تبون ليس مسؤولاً عن تضخيم النتيجة لصالحه، وإنما كوادر في الإدارة العمومية هم من فعلوا ذلك، «تزلُّفاً للرئيس، ولخدمة مصالح شخصية».

وأضاف بهذا الخصوص: «في ولاية معينة أعطوا 400 ألف صوت (لتبون، دون ذِكر اسمه)، لكن في الحقيقة لم يصوّت في العملية أكثر من 100 ألف»، وتابع: «أنتم تصنعون صورة مشينة عن البلد، بسبب تصرّفات تعيق كل إصلاح سياسي، بلدنا محل استهداف خارجي، وللأسف أطراف في الداخل تقدّم لها العون بممارسات التزوير الانتخابي، إنكم بهذا تُضعِفون نصرة الجزائر للقضايا العادلة، وعلى رأسها فلسطين والصحراء»، من دون أن يشرح كيف «يُضعف تزوير الانتخابات» دفاع الجزائر عن القضيتين الفلسطينية والصحراوية.

المرشح الإسلامي عبد العالي حساني (حملة المترشح)

وأكّد حساني الذي يترأس حزب «حركة مجتمع السلم»، أنه لا يعترف بعدد الأصوات الذي أعلنته سلطة الانتخابات لصالحه، وهو 170 ألفاً... وكانت مديرية حملته أكّدت، السبت، أنه فاز بـ300 ألف صوت على الأقل، ما يرفع النسبة إلى أكثر من 5 في المائة، وهو حد أدنى من الأصوات يعطيه الحق في الحصول على تعويض مالي عن نفقات الحملة الانتخابية، حسب ما ينص عليه قانون الانتخابات.

ووقعت ليل الأحد - الاثنين مفاجأة مدوية، تضمّنها بيان مشترك وقّعه مديرو حملة المرشحين الثلاثة، يهاجمون فيه رئيس «السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات» محمد شرفي، بسبب «تناقض في الأرقام المعلَنة، وغموض في النتائج المؤقتة التي غابت عنها معطيات أساسية»، في إشارة ضمناً إلى غياب نسبة التصويت وعدد الأصوات الملغاة؛ إذ اكتفت سلطة الانتخابات بتقديم عدد الأصوات المعبَّر عنها، وهو 5 ملايين و600 ألف صوت، وعدد الأصوات التي آلت لكل مترشح.

وأكثر ما يلفت في هذه الخطوة، أنها ضمّت الرئيس المرشح على الرغم من فوزه بأكثر من 5 ملايين و300 ألف صوت. وقال مؤيدون له إنه لم يقبل بـ«تضخيم النتيجة إلى نسبة لا تعكس وجود شرعية شعبية».

وأصدرت السلطة في حدود الثانية من صباح الاثنين، بياناً إزاء اتهامات المترشحين لكن لم تردّ عليها، واكتفت بالقول إن «عملية استكمال استقبال المحاضر الولائية الأصلية، لتركيز النتائج، ما تزال جارية»، موضحةً بأنها «تُعلِم مديري حملات المرشحين بأنها ستبلّغ المحكمة الدستورية بالنتائج المسجَّلة في المحاضر الأصلية فور استكمال استقبالها»، ومؤكدة أن نتائج التصويت التي تتضمّنها محاضر فرز الأصوات سيتم عرضها «وفقاً لمبدأ الشفافية، وحفاظاً على مصداقية العملية الانتخابية».

المحكمة الدستورية (الشرق الأوسط)

وكتب أستاذ علم الاجتماع السياسي القدير ناصر جابي، أن موقف المرشحين الثلاثة «أكّد لي الكثير من القناعات والتوجّسات ذات العلاقة بالحياة السياسية، والانتخابات تحديداً، منها على سبيل المثال، أنه يصعب بناء مؤسسات ذات مصداقية، مثل الهيئة الوطنية المستقلة للانتخابات، في نظام سياسي مغلق وغير شفاف، تعيش نُخَبه تدهوراً كبيراً على المستوى الأخلاقي».

من جهته، قال أستاذ العلوم السياسية محمد هناد، إن ما جاء في بيان المرشحين الثلاثة «عرّى الانتخابات من كل مشروعية، بحيث لم يَعُد هناك حل سوى إعادة العملية برُمّتها»، مشيراً إلى أن «الحدث غير مسبوق في تاريخ النظم السياسية؛ إذ كيف يمكن أن نتصوّر مرشحاً يشترك مع منافسيه للتنديد بانتخابات فاز بها؟».


مقالات ذات صلة

حزب ميركل يستعد للعودة إلى السلطة بسياسة أكثر يمينية

تحليل إخباري شولتس متحدثاً للإعلام لدى وصوله إلى مقرّ الاتحاد الأوروبي في بروكسل الأربعاء (أ.ب)

حزب ميركل يستعد للعودة إلى السلطة بسياسة أكثر يمينية

تستعد ألمانيا لتغييرات قد تكون جذرية خصوصاً في سياسات الهجرة بعد الانتخابات المبكرة التي ستجري في البلاد في 23 فبراير (شباط) المقبل.

راغدة بهنام (برلين)
أوروبا المستشار الألماني أولاف شولتس يبتسم لوزير الاقتصاد وحماية المناخ بعد إعلان نتائج التصويت على الثقة في مجلس النواب الاثنين (أ.ف.ب)

المستشار الألماني يخسر ثقة النواب في تصويت يمهّد لانتخابات مبكرة

خسر المستشار الألماني أولاف شولتس، الاثنين، كما كان متوقعاً ثقة النواب في تصويت أنهى ولايته التي قوّضها انهيار الائتلاف الحكومي، ومهّد الطريق لانتخابات تشريعية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
أوروبا زورابيشفيلي، الموالية للغرب، رئيسة جورجيا منذ 2018، تقول هي الرئيسة الشرعية وترافض التنحي(ا.ب.أ)

جورجيا تنتخب رئيساً مقرباً من روسيا وسط احتجاجات

تتخبّط جورجيا، الدولة القوقازية، في أزمة منذ الانتخابات التشريعية التي جرت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وفاز بها حزب «الحلم الجورجي» الحاكم، وطعنت بنتائجها

«الشرق الأوسط» (تبليسي (جورجيا))
أوروبا آلاف المتظاهرين تجمعوا خارج البرلمان في تبليسي للتظاهر ضد تأجيل مساعي الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي يوم 30 نوفمبر (أ.ف.ب)

مخاوف من تفاقم الأزمة في جورجيا مع انتخاب رئيس يميني مقرّب من موسكو ومناهض لأوروبا

تتفاقم الأزمة في جورجيا مع انتخاب نواب حزب الحلم الجورجي اليميني المتطرف الحاكم مرشحه ميخائيل كافيلاشفيلي، في عملية انتخابية مثيرة للجدل.

«الشرق الأوسط» (تبليسي)
يوميات الشرق الفنان السوري جمال سليمان (حساب سليمان على «فيسبوك»)

إعلان جمال سليمان نيته الترشح لرئاسة سوريا يثير ردوداً متباينة

أثار إعلان الفنان السوري جمال سليمان نيته الترشح لرئاسة بلاده، «إذا أراده السوريون»، ردوداً متباينة.

فتحية الدخاخني (القاهرة)

تنسيق تونسي - جزائري - أوروبي للتصدي للهجرة السرية والإرهاب

وزيرا داخلية تونس والجزائر خلال جلسة عمل بتونس (الخارجية التونسية)
وزيرا داخلية تونس والجزائر خلال جلسة عمل بتونس (الخارجية التونسية)
TT

تنسيق تونسي - جزائري - أوروبي للتصدي للهجرة السرية والإرهاب

وزيرا داخلية تونس والجزائر خلال جلسة عمل بتونس (الخارجية التونسية)
وزيرا داخلية تونس والجزائر خلال جلسة عمل بتونس (الخارجية التونسية)

كثف وزيرا الداخلية التونسية خالد النوري، ووزير الخارجية محمد علي النفطي، خلال الأيام القليلة الماضية، مشاوراتهما مع مفوضية الاتحاد الأوروبي ومع عدد من المسؤولين في كل من الجزائر وإيطاليا.

وأعلنت وزارتا الداخلية التونسية والجزائرية عقد جلسة عمل بتونس، الجمعة، بين وزيري داخلية البلدين، خالد النوري وإبراهيم مراد، وعدد من مساعديهما، شملت بالخصوص المستجدات الأمنية، وملفات مكافحة الإرهاب والهجرة غير النظامية، وتنسيق الشراكة بين مؤسسات الوزارتين وتأمين الحدود.

المباحثات التونسية - الجزائرية ركزت على بحث سبل التصدي للهجرة السرية والإرهاب (أ.ف.ب)

كما أعلنت وزارة الداخلية التونسية عن استقبال الوزير النوري لمندوب الاتحاد الأوروبي في تونس، غوساب ييروني «بطلب منه»، أي بطلب من الجانب الأوروبي. وكشف الجانب التونسي أن المحادثات شملت ملف الشراكة بين تونس وأوروبا، بما في ذلك ملفا الهجرة والتنسيق الأمني.

جاءت هذه التحركات بعد أيام من زيارة قام بها وزير الداخلية التونسي إلى إيطاليا، وتنظيمه جلسات عمل مع نظيره الإيطالي، ماتيو بيانتدوزي، وعدد من مساعديه بمقر وزارة الداخلية الإيطالية. وكشف البلاغ الرسمي التونسي أن المحادثات شملت ملفات الشراكة الاستراتيجية القائمة بين وزارتي داخلية البلدين، خصوصاً الجهود المشتركة للتصدي للهجرة غير النظامية، ومكافحة الاتجار بالمهاجرين، والعمل على «تأمين عودتهم الطوعية لبلدانهم الأصلية، في إطار حلول تنموية دائمة بالشراكة مع دول المنطقة».

* مضاعفات المستجدات في سوريا وليبيا

بالتوازي مع ذلك، أعلنت «الخارجية التونسية» تكثيف مشاوراتها مع الاتحاد الأوروبي وبعض العواصم المغاربية، حيث أجرى وزير الخارجية محمد علي النفطي، محادثات مع المفوضة الأوروبية لشؤون منطقة البحر الأبيض المتوسط، دبارفكا سويكا، كما عقد جلسة عمل مع الأمين العام للاتحاد المغاربي، السفير طارق بن سالم، شملت «الأمن والاستقرار لشعوب المنطقة».

وزير الداخلية التونسي مستقبلاً سفير الاتحاد الأوروبي في تونس (الداخلية التونسية)

وسبق أن أجرى الوزير النفطي، خلال الأسابيع القليلة الماضية، سلسلة مقابلات مع نظيره الجزائري، أحمد عطاف، كما أجرى اتصالات مع عدد من كبار المسؤولين في ليبيا والمغرب، والاتحاد الأوروبي، والمشرق العربي، في سياق «دعم تونس سياسة خارجية وشراكات متعددة الأطراف».

وتزامنت هذه التحركات، رفيعة المستوى، بين كبار المسؤولين في تونس والجزائر وروما وبروكسل، مع المتغيرات السياسية والأمنية والعسكرية في سوريا وليبيا، بعد تسرب تقارير عن نقل آليات عسكرية ثقيلة من القواعد الروسية في سوريا إلى ليبيا، وعن مناورات عسكرية تركية جديدة قرب السواحل الليبية والتونسية.

تحذيرات الرئيس التونسي

قبل أيام، قام الرئيس التونسي قيس سعيد بزيارة عمل مطولة للمؤسسات الأمنية والسياسية في المحافظات الحدودية التونسية - الليبية، خصوصاً لمنطقة بن قردان، وولاية مدنين الحدودية المجاورة لبوابة «رأس جدير»، التي تعد أكبر بوابة برية تربط تونس وليبيا، ويستخدمها ملايين المسافرين سنوياً من عدة بلدان.

وخلال هذه الزيارة، تحدث الرئيس سعيد عن ملفات الأمن والحرب على الإرهاب والتهريب، ووجه «تحذيرات شديدة اللهجة للمتآمرين على تونس»، داعياً إلى «الوحدة الوطنية». وتوقف بالمناسبة عند نجاح بعض المواطنين بالاشتراك مع قوات الجيش والأمن، قبل أعوام، في صد هجوم شنته مجموعة إرهابية مسلحة مقبلة من ليبيا، وكادت تسيطر على المنطقة، حسب قوله.

وزير الخارجية التونسي محمد علي النفطي خلال لقائه الأمين العام للاتحاد المغاربي طارق بن سالم (الخارجية التونسية)

في غضون ذلك، أكدت مصادر تونسية وجزائرية مسؤولة لـ«الشرق الأوسط»، أنه من المقرر عقد مؤتمر قمة ثلاثية (تونسية - جزائرية - ليبية) قريباً في العاصمة الليبية طرابلس، بهدف «دعم متابعة التنسيق الأمني والسياسي بين البلدان الثلاثة»، الذي أسفر عن عقد قمتين بين رؤسائها في كل من الجزائر وتونس في النصف الأول من العام الحالي.