شهدت مصر خلال الـ24 ساعة الأخيرة 3 حوادث طعن مفجعة، بينها قيام زوج بقتل زوجته طعناً أثناء سيرهما في الشارع، مساء الجمعة، بمحافظة الجيزة، كما تحولت مشادة كلامية بين عاملين إلى جريمة قتل حيث انهال أحدهما على الآخر بـ20 طعنة نافذة حتى الموت، بينما طعن طالب يعمل ميكانيكياً والده بسكين في الصدر أمام المارة في المقطم (شرق القاهرة) إثر مشاجرة بينهما.
الحوادث الـ3 تشير إلى عوامل مادية وراءها، حسب التحريات المبدئية لجهات التحقيق، فقد تبين وجود خلافات بين الرجل الذي يسكن حي بولاق الدكرور وزوجته بسبب أمور مادية، كما كان طعن الطالب والده لطلب الأخير الحصول على أموال من عمل الطالب في ورشة ميكانيكا، فيما تطور مزاح ومشاجرة بسيطة لجريمة قتل العامل لزميله.
ارتفاع وتيرة هذه الحوادث في الفترة الأخيرة بالشارع المصري يرجعها أستاذ كشف الجريمة بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية بمصر، الدكتور فتحي قناوي، إلى «غياب القيم والتربية والقدوة والأخلاق»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «شيوع هذه الحوادث يعود لعدم البناء السليم للأسرة بداية من الاختيار الخاطئ للزواج والزوجة، وحين يحدث خلل نتيجة تأثيرات (السوشيال ميديا) أو الأفلام أو الدراما أو حتى كلمات الأغاني التي يسمونها مهرجانات، والتي تؤدي إلى سطحية العقل وغياب الوعي وقلة الأخلاق التي تعتبر عماد المجتمع».
ولفت إلى أن «الوعي المجتمعي غائب»، محملاً «الأسرة والتربية والتعليم والمؤسسات الدينية والمؤسسات الإعلامية» مسؤولية هذه الحوادث، واستبعد قناوي أن تكون الضغوط الاقتصادية والمادية سبباً في هذه الجرائم، مشيراً إلى «وجود الكثير من الأسر الفقيرة التي ما زالت تتسم بالقيم السليمة ولا تقع في هذه الجرائم».
وعلى خلفية هذه الوقائع صدر، السبت، حكم بالسجن المشدد 15 سنة ضد طالب، وعامل لاتهامه بقتل شاب طعناً في الرقبة أثناء سيره بالطريق العام بمدينة الإسكندرية (شمال مصر)، وورد في أوراق القضية أنها تعود لمشادة بين المتهم والمجني عليه تطورت إلى مشاجرة، قام خلالها أحدهما بطعن المجني عليه بمطواة.
ويرى أستاذ الطب النفسي الدكتور محمد المهدي أن «هناك عدة عوامل تؤدي لزيادة معدلات جرائم القتل من هذا النوع، من بينها أن نسبة كبيرة من الشباب والمراهقين يتعاطون المخدرات، وهناك أنواع جديدة من المخدرات تؤدي لعدم القدرة على التحكم في دفعات الغضب، وتضع الإنسان على حافة العنف لأتفه الأسباب».
ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «كما يساهم في ذلك اضطرابات النوم مع استحواذ (السوشيال ميديا) والتكنولوجيا الحديثة على الكثيرين، ونقص مراحل النوم العميق، مما يؤدي لاضطرابات نفسية كثيرة لا ينتبه لها الكثيرون مثل القلق وسرعة الاستثارة، كما أن الضغوط الاقتصادية والبطالة والأحوال المادية الصعبة تكون أحياناً سبباً في هذه الجرائم المفجعة».
وأشار المهدي إلى «غياب الدور التربوي للأسرة والمدرسة، فأصبح الشباب فريسة سهلة لـ(السوشيال ميديا) لتشكّل القيم الخاصة بهم، وهناك أطفال ومراهقون يظلون لساعات طويلة يمارسون القتل في الواقع الافتراضي، ومن ثم تقل حساسيته تجاه ممارسة القتل في الواقع الحياتي».
كما لفت أستاذ الطب النفسي إلى «اضطرابات يعاني منها الكثيرون ولا يعالجون لوجود وصمة اجتماعية في هذا الأمر، وهؤلاء من الممكن أن تؤدي اضطراباتهم إلى جرائم قتل».
وكان وزير الداخلية المصري قد أعلن خلال احتفالات عيد الشرطة، في يناير (كانون الثاني) 2024، عن تراجع معدلات الجريمة بنسبة 13.9 في المائة عن العام الماضي.