مصر: مشروع قانون «الإجراءات الجنائية» يثير مخاوف بشأن «الحريات»

اعتراضات من نقابتَي الصحافيين والمحامين

اللجنة الدستورية والتشريعية بمجلس النواب خلال مناقشة مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد (البرلمان المصري)
اللجنة الدستورية والتشريعية بمجلس النواب خلال مناقشة مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد (البرلمان المصري)
TT

مصر: مشروع قانون «الإجراءات الجنائية» يثير مخاوف بشأن «الحريات»

اللجنة الدستورية والتشريعية بمجلس النواب خلال مناقشة مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد (البرلمان المصري)
اللجنة الدستورية والتشريعية بمجلس النواب خلال مناقشة مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد (البرلمان المصري)

أثار مشروع قانون «الإجراءات الجنائية»، الذي يناقشه البرلمان المصري، مخاوف صحافية بشأن تقييد «الحريات»، مما دفع نقابة الصحافيين إلى المطالبة بمراجعة المواد الخاصة بالنشر والحبس الاحتياطي في المشروع.

ويعد موقف الصحافيين ثاني اعتراض من النقابات المهنية على مشروع القانون، بعد أن أصدرت نقابة «المحامين» بياناً تحفظت فيه على عدد من نصوص القانون. فيما وجه مجلس النواب دعوة إلى نقيب المحامين لحضور المناقشات الأسبوع المقبل.

وحذرت لجنة «الحريات» بنقابة «الصحافيين» من «النصوص المقترحة في القانون والمتعلقة بالإعلام والنشر»، معتبرة أنها تمثل «تقويضاً للعمل الصحافي، وتقييداً لرسالة الصحافيين»، مشيرةً إلى أن نصوص القانون المقترح، حملت «عبارات مطاطة قابلة للتأويل بما يتنافى مع النصوص الدستورية».

ويفند الصحافي المتخصص بالشأن القضائي محمد بصل لـ«الشرق الأوسط» ما وصفها بـ«سلبيات» المسودة المقترحة، من بينها «التوسع في تقييد نقل المحاكمات وبثها، واشتراط عدم جواز نقل وقائع المحاكمات وبثها بأي طريقة كانت إلا بموافقة كتابية من رئيس الدائرة بعد أخذ رأي النيابة العامة»، بما يعني تقييداً لحق المواطنين في المعرفة وواجب الصحافة في تغطية القضايا، على حد قوله.

وأضاف أن التعديلات المقترحة «حوَّلت الاستثناءات إلى قاعدة».

وفي المقابل، أوضح بصل أن «المشروع يمنح بحكم الواقع فرصة بث بعض الجلسات بشكل يمثل إهداراً لخصوصية المواطنين ويؤثر في سير العدالة»، مفضِّلاً أن «يقتصر القيد على بث وقائع الجلسات والتصوير فيها، والاكتفاء بصدور الإذن شفهياً دون اشتراط أن يكون كتابياً، كجزء من سلطة رئيس المحكمة في ضبط الجلسة».

ويؤكد رئيس لجنة الحريات بنقابة الصحافيين محمود كامل، لـ«الشرق الأوسط» ضرورة إجراء «حوار مجتمعي على القانون قبل إقراره والاستماع إلى الاعتراضات على النصوص المقترحة بوصفها تعوق العمل الصحافي وتجعل الصحافيين غير قادرين على أداء دورهم».

وفي التعديلات المقترحة، يعترض بصل على ما جاء في المادة 267 التي يشير إلى أنها «تتوسع في القيد المنصوص عليه بقانون مكافحة الإرهاب فيما يتعلق بتصوير وتسجيل وقائع محاكمات الإرهاب، لتشمل حظر نشر البيانات والمعلومات عن جميع أطراف القضايا»، مؤكداً أن «هذه الصياغة تعد تعتيماً غير مسبوق يخالف الضمانات الدستورية للحق في المعرفة، لا سيما أن القضايا من هذا النوع لها تأثير عميق على حياة المواطنين».

وأشار إلى أن المادة ذاتها تستخدم مصطلحاً مطاطاً بالحديث عن «التأثير على حسن سير العدالة»، وهو «ما يمكن استخدامه بتعسف ضد الصحافيين الذين يستهدفون بصدق تنوير الرأي العام».

لكن عضو اللجنة التشريعية بمجلس النواب، النائب أحمد الشرقاوي، ينفي أن يكون هناك أي «نية لتقييد حرية الصحافة عبر مشروع القانون الحالي»، مشيراً إلى أن «جميع المواد مطروحة للمناقشة في الفترة الحالية، ويجري الاستماع إلى الاعتراضات من الجهات المعنية نظراً لاتساع دائرة المتعاملين مع القانون».

وأضاف: «مشروع القانون هو نتاج 14 شهراً من عمل اللجنة الفرعية التي انبثقت عن اللجنة التشريعية لوضع مشروع القانون»، مشيراً إلى أن «الصياغات التي يتضمنها القانون يجب أن تكون دقيقة وواضحة، الأمر الذي استلزم إعدادها من متخصصين».

وهنا يُحذر بصل من خطورة الإسراع في إقرار قانون يحتاج إلى تعديلات بعد وقت قصير، على غرار قوانين سابقة جرى إقرارها، مشدداً على ضرورة التأني في إخراج القانون بصورته النهائية كي لا يكون بحاجة إلى تعديلات كونه يمس جوهر منظومة العدالة القضائية في مصر.

ويؤكد عضو البرلمان أن مشروع القانون الحالي في مرحلته الثانية داخل اللجنة، وهي خطوة تسبق عرضه للمناقشة في الجلسة العامة للمجلس، لافتاً إلى أن جميع النصوص الموجودة الآن قابلة للتعديل وليست نهائية بناءً على ما ستسفر عنه المناقشات.

كان نقيب الصحافيين المصريين خالد البلشي، قد أعلن تضامنه بشخصه وصفته مع مطالب نقابة المحامين، التي تتضمن فتح حوار مجتمعي واسع بشأن التعديلات، مؤكداً في تدوينة عبر حسابه على «فيسبوك» أن قانون «الإجراءات الجنائية بمثابة العمود الرئيسي لمنظومة العدالة، وأي خلل يناله سيقوّض أعمدة هذه المنظومة، ويتسبب في النيل من ثقة المواطنين بنظام العدالة».


مقالات ذات صلة

البرلمان المصري يناقش تعديل «الإجراءات الجنائية» وسط «اعتراضات»

شمال افريقيا اللجنة الدستورية والتشريعية بمجلس النواب خلال مناقشة مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد (البرلمان المصري)

البرلمان المصري يناقش تعديل «الإجراءات الجنائية» وسط «اعتراضات»

فجرت مناقشات تجريها لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب (البرلمان) بشأن تعديلات قانون الإجراءات الجنائية اعتراضات وتحفظات واسعة من أطراف عدة.

أحمد عدلي (القاهرة)
شمال افريقيا رئيس الوزراء المصري يلقي بيان الحكومة أمام البرلمان (أرشيفية - مجلس الوزراء)

تحالفات الانتخابات البرلمانية تعمّق خلافات المعارضة المصرية

تعمّق الانتخابات البرلمانية المرتقبة في مصر، نهاية العام المقبل، من الخلافات داخل «الحركة المدنية الديمقراطية»، أكبر التجمعات المصرية المعارضة.

أحمد عدلي (القاهرة)
شمال افريقيا شعار تطبيق «تيك توك» على هاتف ذكي أمام شاشة تعرض صفحة من الموقع (أ.ب)

مقترح برلماني مصري لـ«تقنين» أرباح «تيك توك»

يعتزم رئيس «لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات» بالبرلمان المصري التقدم بمقترح لإجراء تعديلات تشريعية تتضمن الحصول على عائدات ضريبية من أرباح تطبيق «تيك توك».

أحمد عدلي (القاهرة)
شمال افريقيا مدبولي خلال إلقائه بيان الحكومة الجديدة (مجلس الوزراء المصري)

البرلمان المصري لمنح حكومة مدبولي الثقة

يتجه مجلس النواب المصري (البرلمان) لمنح الثقة لحكومة الدكتور مصطفى مدبولي الجديدة، في جلسة تُعقد الخميس المقبل.

أحمد عدلي (القاهرة)
المشرق العربي رئيس الوزراء المصري يلقي بيان الحكومة أمام مجلس النواب بمقر البرلمان بالعاصمة الإدارية الجديدة (مجلس الوزراء)

الحكومة المصرية الجديدة لـ«نيل ثقة» البرلمان ببرنامج من أربعة محاور

عرضت الحكومة المصرية الجديدة، الاثنين، برنامج عملها للسنوات الثلاث المقبلة، أمام مجلس النواب (البرلمان)، في خطوة دستورية تستهدف «نيل ثقته».

فتحية الدخاخني (القاهرة)

«هدنة غزة»: تحركات للوسطاء من أجل تقليص الفجوات

فلسطينيون في موقع غارة إسرائيلية دمرت عدة منازل في خان يونس بجنوب قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون في موقع غارة إسرائيلية دمرت عدة منازل في خان يونس بجنوب قطاع غزة (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: تحركات للوسطاء من أجل تقليص الفجوات

فلسطينيون في موقع غارة إسرائيلية دمرت عدة منازل في خان يونس بجنوب قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون في موقع غارة إسرائيلية دمرت عدة منازل في خان يونس بجنوب قطاع غزة (رويترز)

مساعٍ جديدة للوسطاء لإنهاء الحرب في غزة كان أحدثها اجتماعات بالدوحة تستهدف «تقليص الفجوات» في ظل عمليات عسكرية إسرائيلية تتصاعد من غزة للضفة الغربية، واتهامات متبادلة بين طرفي الأزمة بـ«المماطلة»، وحديث أميركي عن إمكانية إتمام الاتفاق.

ويرى خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن تحركات الوسطاء، مصر وقطر وأميركا، في الدوحة استكمال لجولة القاهرة بهدف «جسر الهوة» ونقل النقاط الرئيسية محل الاتفاق إلى بنود قابلة للتنفيذ.

وعدوا تلك الاجتماعات «مهمة وحاسمة في تقريب وجهات النظر»، مشترطين لنجاح ذلك المسار عدم توسيع العمليات العسكرية بنقلها للضفة الغربية، وتواصل الضغوط الأميركية على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو.

واستكمالاً لجولة القاهرة، اجتمع مفاوضون من إسرائيل والولايات المتحدة ومصر وقطر في الدوحة، الأربعاء؛ لإجراء محادثات «فنية وعلى مستوى فرق العمل» بشأن وقف إطلاق النار في غزة، وفق ما أفاد به مصدر مطلع لوكالة «رويترز» للأنباء، وسط مخاوف من «عقبات رئيسية» تهدد المفاوضات، على رأسها تمسك نتنياهو، بالبقاء في «محور فيلادلفيا» الحدودي على خلاف الرغبة المصرية وشروط «حماس» بانسحاب إسرائيلي من القطاع.

دخان يتصاعد من منزل عقب غارة إسرائيلية في مخيم النصيرات للاجئين وسط غزة (رويترز)

وأفادت «هيئة البث الإسرائيلية» الرسمية، الثلاثاء، بأن وفداً إسرائيلياً سيشارك في محادثات الدوحة، الأربعاء. ونقل موقع «أكسيوس» الأميركي، عن مسؤول إسرائيلي رفيع، أن «الوفد يشمل ممثلين من الموساد والشاباك والجيش، والمحادثات مع الوسطاء بهدف تقليص الفجوات في القضايا العالقة».

كما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مسؤول أميركي قوله إن المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار في غزة «ستستمر في قطر». وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، جون كيربي، في حديث لـ«القناة 12 الإسرائيلية»، الثلاثاء، إن المحادثات «بنّاءة»، متطلعاً إلى «مزيد من المفاوضات بالدوحة في الأيام المقبلة».

ويرى كيربي أن اتفاق الهدنة يتطلب تنازلات من إسرائيل و«حماس»، وأن «الأطراف ما زالت تتواصل، وهذا جيد». ويعتقد أن «انتقال (جولة القاهرة) إلى مستوى آخر مع مجموعات العمل في الدوحة ليس بالأمر السيئ في ظل وجود (حماس)»، لافتاً إلى أن «هذا يعني أن الأمل ما زال قائماً في أن نتمكن من حسم هذه التفاصيل القليلة الأخيرة والمضي قدماً».

مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير محمد حجازي، يرى أن «الاجتماعات بدأت حالياً تتحرك في إطار مجموعات عمل لبحث الأطر الفنية بناءً على ما تم التوصل إليه من مبادئ رئيسية في جولة القاهرة، وهذا هو المنهج المتبع في المفاوضات الكبرى»، موضحاً أن هذه الاجتماعات تناقش تفاصيل البند مثل عدد الأسرى وتواريخ الإفراج عنهم... وهكذا في كل ملف.

وانتقال المحادثات من المبادئ الرئيسية إلى التفاصيل الفنية التنفيذية، وفق حجازي، «دليل على أن هناك تقدماً حققته الوفود التفاوضية على مستوى المبادئ (بجولة القاهرة)»، داعياً إلى ترجمة تلك الأطر بشكل تنفيذي لا يؤدي إلى خلافات تزيد العقبات أمام التوصل إلى اتفاق.

في حين يعتقد السفير الفلسطيني السابق، بركات الفرا، أن «الوسطاء سيظلون معنيين بتقريب وجهات النظر وسد الفجوات والثغرات»، مضيفاً: «لكن ما زالت الفجوات كبيرة ومتعددة وما زال نتنياهو يصر على عدم الانسحاب من معبر رفح ومن محوري فيلادلفيا ونتساريم ويضع فيتو على أسماء معينة ولا يسمح بتبادلها مع أسراه».

دبابة إسرائيلية تعمل بالقرب من الحدود بين إسرائيل وغزة (رويترز)

ووسط تلك المحاولات التفاوضية الجديدة في الدوحة، بدأ الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية في جنين وطولكرم بالضفة الغربية هي الأوسع منذ 2002، «ستستمر بضعة أيام».

بينما نقلت وسائل إعلام إسرائيلية، الثلاثاء، تحذيرات استخباراتية من «تصعيد متوقع في الضفة الغربية، ينطلق من طولكرم، وقد يتطور إلى انتفاضة، ويشمل هجمات بالمتفجرات أو هجوم منظم من الكتائب الفلسطينية في شمال الضفة على المستوطنات أو المزارع الفردية غير المحمية، على غرار ما فعلته (حماس) في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بمشاركة عناصر من أجهزة الأمن الفلسطينية». وبالتزامن عدت «حماس» أن تلك العملية الإسرائيلية ما هي إلا «مستنقع جديد سيغرق به جنود الاحتلال المنهزمون في كل جبهات القتال».

وحذر حجازي من تأثير تلك العمليات على المفاوضات، مؤكداً أن «المقاومة مشروعة؛ لكن توقيت تصعيدها الحالي خطأ استراتيجي قد يستغله نتنياهو في فتح مجابهة عسكرية لإقحام الضفة والتنكيل بها على نحو ما حدث في غزة»، داعياً إلى التهدئة «وتفويت الفرصة عليه» وانتظار مآل مفاوضات الهدنة.

ويتفق معه الفرا بأن «ما يجري في الضفة والقدس والمسجد الأقصى يؤثر على سير المفاوضات»، موضحاً أن «الأمر خطير في الضفة الغربية ولا يبتعد كثيراً عما جرى ويجري في غزة»، داعياً واشنطن إلى «ممارسة ضغط حقيقي على إسرائيل لوقف الحرب».