الحكومة الجزائرية تسخّر المساجد لإنجاح «مشاركة قوية» في الانتخابات

في ظل مخاوف من احتمال عزوف الناخبين عن الصناديق

وزير الشؤون الدينية يقدم توجيهات لأئمة بالعاصمة (الوزارة)
وزير الشؤون الدينية يقدم توجيهات لأئمة بالعاصمة (الوزارة)
TT

الحكومة الجزائرية تسخّر المساجد لإنجاح «مشاركة قوية» في الانتخابات

وزير الشؤون الدينية يقدم توجيهات لأئمة بالعاصمة (الوزارة)
وزير الشؤون الدينية يقدم توجيهات لأئمة بالعاصمة (الوزارة)

بينما طلبت الحكومة الجزائرية من أئمة المساجد الانخراط في جهد تبذله لتحقيق نسب تصويت عالية في انتخابات الرئاسة، المقررة في السابع من سبتمبر (أيلول) المقبل، باتت حملة الاستحقاق محل تندر في الإعلام الاجتماعي، خصت بعض مواقف وتصريحات موالين للمترشحين، خرجت عن إطارها السياسي المعهود في الدعاية الانتخابية.

وتسلم الأئمة في أكثر من 18 ألف مسجد في البلاد، الجمعة، توجيهات مكتوبة بلغتهم من مديري الشؤون الدينية بالمحافظات الـ58، الذين تسلموها بدورهم من وزارتهم، تطالبهم بتخصيص خطبة الجمعة لانتخابات الرئاسة، وذلك بـ«الحث على ضرورة الاستجابة لنداء الواجب، والمشاركة القوية والمسؤولة في الاستحقاق الوطني المقبل، حفاظاً على أمن الوطن واستقراره، وعناية بمصالحه العليا، وتقديمها على أي مصلحة أخرى، وتعزيزاً للإنجازات التي حققها وطننا المفدى داخلياً وخارجياً».

ناشطون في حملة الرئيس المترشح بالعاصمة (حملة المترشح)

وجاء في الوثيقة، التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط»، أن البلاد «تعرف ظروفاً خاصة، تتطلب وعياً اجتماعياً وروحاً وطنية والتزاماً دينياً وحِساً مدنياً يعكس الشعور بالانتماء لهذا الوطن المفدى، ويحيي في النفوس واجب المحافظة عليه، بما يحقق أمنه واستقراره»، داعية الأئمة إلى «التذكير في هذه الظروف الخاصة بمعاني المواطنة، والاعتزاز بقيمها التي تترجم حب الوطن»، وإلى «دعوة المواطنين إلى الإخلاص للوطن، والحفاظ على وحدته، وقطع السبيل أمام المتربصين به».

أنصار المرشح الإسلامي عبد العالي حساني في مدينة جنوب غربي البلاد (حملة المترشح)

ويأتي القرار المتعلق بدور المسجد في الانتخابات، وفق النظرة الحكومية، في اليوم التاسع من حملة الانتخابات، التي تدوم ثلاثة أسابيع. وهو يعكس، حسب متتبعين، مخاوف من احتمال عزوف الناخبين عن الصناديق، علماً بأن نسبة التصويت في انتخابات الرئاسة لسنة 2019 بلغت 23 في المائة. أما آخر استحقاق عرفته البلاد فكان خاصاً بالبلدية والولاية نظم في 2021، وكانت نسبة التصويت فيه 35 في المائة.

يشار إلى أن الحزبين المعارضين: «حزب العمال» و«التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» يقاطعان الانتخابات، بحجة أنها «لن تحقق التغيير المنشود». وتفادت قيادتاهما النزول إلى الميدان لشرح موقفيهما، خشية صدام محتمل مع الحكومة التي لا تسمح إلا بالترويج للاستحقاق. كما أن وسائل الإعلام لا تولي أهمية إلا للحملة الرسمية الجارية حالياً.

والمعروف أن الحكومة تتعامل بحساسية شديدة مع أي مسعى حزبي يقحم المسجد في السياسة، بذريعة أن البلاد «اكتوت بنار الفتنة» خلال فترة الصراع الدامي مع الإسلاميين، في تسعينات القرن الماضي. أما قانون الانتخابات فيحظر إقحام المسجد في الاستحقاقات؛ إذ يذكر أنه «يمنع استعمال أماكن العبادة والمؤسسات والإدارات العمومية، ومؤسسات التعليم والتكوين، مهما كان نوعها أو انتماؤها، لأغراض الدعاية الانتخابية بأي شكل من الأشكال». وورد في الدستور أن الدولة «تحمي أماكن العبادة من أي تأثير سياسي أو آيديولوجي».

ردود فعل ساخرة على تصريحات ومواقف الوزير الأسبق عبد القادر بن قرينة (من حسابه الخاص بالإعلام الاجتماعي)

ومع نهاية الأسبوع الأول من الحملة، أثارت تصريحات وتعهدات انتخابية أطلقها مرشحون وموالون لهم، حملة تندر وسخرية في مواقع الإعلام الاجتماعي، وأشهر من كان هدفاً لها رئيس «حركة البناء الوطني»، عبد القادر بن قرينة، الذي قال في أحد تجمعاته الانتخابية إن «الشيتة للوطن (التملق) شعبة من شعب الإيمان»، داعياً إلى «اتباعها». وكان يقصد أنه متملق للرئيس عبد المجيد تبون المترشح لولاية ثانية، ولا يبالي بمن ينتقده. كما قال في تجمع آخر إن تبون «كرئيس للجمهورية، رمز من رموز الدولة، وهو خط أحمر، ومن يهاجمه كأنما يهاجمني أنا شخصياً ويهاجم ابني وزوجتي».

مرشح جبهة القوى الاشتراكية في إحدى الأسواق خلال حملة الانتخابات (حملة المترشح)

وطال جانب من «السخرية السوشيالية» أيضاً المرشحين يوسف أوشيش، زعيم «جبهة القوى الاشتراكية»، وعبد العالي حساني رئيس الحزب الإسلامي «حركة مجتمع السلم»، بخصوص وعود كثيرة، على أساس أنها صعبة التجسيد في الواقع، منها ما تعلق بالاقتصاد والتجارة، ورفع القدرة الشرائية، و«أداء أدوار فاعلة في العلاقات الدولية».


مقالات ذات صلة

الجزائر: نرفض مهل وإنذارات فرنسا

شمال افريقيا الرئيسان الجزائري عبد المجيد تبون والفرنسي ماكرون على هامش قمة «السبعة» الكبار بإيطاليا في 14 يونيو 2024 (الرئاسة الجزائرية)

الجزائر: نرفض مهل وإنذارات فرنسا

أكدت الجزائر رفضها القاطع مخاطبتها بـ«المهل والإنذارات والتهديدات» بشأن القيود التي تفرض على التنقل بين الجزائر وفرنسا.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا فرنسا أكدت أن طلب مراجعة اتفاقيات الهجرة «يد ممدودة لإعادة الهدوء» مع الجزائر (أ.ف.ب)

فرنسا: طلب مراجعة اتفاقيات الهجرة «يد ممدودة لإعادة الهدوء» مع الجزائر

أكدت الحكومة الفرنسية أن طلبها من الجزائر إعادة النظر في «كل الاتفاقيات» المتعلقة بالهجرة في غضون أربعة إلى ستة أسابيع هو «يد ممدودة» لإعادة الهدوء للعلاقات.

«الشرق الأوسط» (باريس)
شمال افريقيا الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (د.ب.أ)

أكبر حزب «إسلامي» جزائري يبدي قلقاً من حديث تبون عن «التطبيع»

أبدى أكبر «حزب إسلامي» في الجزائر قلقاً من تصريحات للرئيس عبد المجيد تبون أكد فيها استعداد بلاده للاعتراف بإسرائيل عندما تقوم دولة فلسطينية كاملة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الإسباني المختطف لحظة وصوله إلى مطار عسكري بالضاحية الجنوبية للعاصمة الجزائرية (وزارة الدفاع)

الجزائر تعلن تسلَم سائح إسباني احتجزته جماعة مسلحة بمالي

قالت وزارة الدفاع الجزائرية، أن جهاز الأمن العسكري تسلم المواطن الإسباني نافارو كانادا خواكيم، الذي اختطفته جماعة مسلحة مجهولة، يوم 14 من الشهر الحالي.

شمال افريقيا الرئيس تبون أثناء خطابه أمام أعضاء البرلمان (الرئاسة)

الجزائر: تصعيد غير مسبوق واتهامات خطيرة لباريس

حملَ خطاب تبون دلالات على تدهور كبير في العلاقات الجزائرية - الفرنسية، تجاوز التوترات والخلافات الظرفية التي كانت سمتها الغالبة منذ استقلال الجزائر عام 1962.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

مصر تؤكد ضرورة خروج المقاتلين الأجانب والمرتزقة من ليبيا

وزير الخارجية المصري خلال محادثات مع المبعوثة الأممية (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال محادثات مع المبعوثة الأممية (الخارجية المصرية)
TT

مصر تؤكد ضرورة خروج المقاتلين الأجانب والمرتزقة من ليبيا

وزير الخارجية المصري خلال محادثات مع المبعوثة الأممية (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال محادثات مع المبعوثة الأممية (الخارجية المصرية)

أكدت مصر «ضرورة خروج المقاتلين الأجانب والمرتزقة من ليبيا»، وذلك على هامش إجراء رئيسة بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، هانا تيتيه، مشاورات في القاهرة، باجتماعين مع وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط.

وقالت تيتيه إنها بحثت مساء الثلاثاء في القاهرة مع عبد العاطي، تطورات الأوضاع في ليبيا، كما أحاطته بنتائج عمل اللجنة الاستشارية، وأبرزت الدور الهام للأطراف الإقليمية الفاعلة، وأهمية انسجام الدعم الدولي لحل سياسي يملكه الليبيون، من خلال إجراء انتخابات عامة في أقرب وقت ممكن.

اجتماع تيتيه مع أحمد أبو الغيط (الجامعة العربية)

ونقلت عن عبد العاطي تأكيده «التزام مصر بحل ليبي-ليبي، وتجديد دعمه للبعثة الأممية وجهود تيتيه»، مشدداً على «ضرورة الحفاظ على التنسيق الوثيق في المستقبل».

كما تعهد عبد العاطي بمواصلة بلاده جهودها في مساعدة الأطراف الليبية على التوافق، وتعزيز مسار الحل الليبي-الليبي، واحترام مؤسسات الدولة، بما يمكن من إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بالتزامن. وأكد ضرورة خروج جميع القوات الأجنبية والمقاتلين الأجانب والمرتزقة من ليبيا في مدى زمني محدد، وبما يحفظ وحدة وسلامة واستقرار ليبيا.

وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، تميم خلاف، في إفادة، الأربعاء، إن الوزير عبد العاطي عبر خلال لقاء المبعوثة الأممية عن تطلع الجانب المصري لتعزيز التعاون معها، بما يسهم في نجاح مهمتها على نحو يخدم جهود التوصل لحل مستديم للأزمة في ليبيا، بملكية وقيادة ليبية، ووفق المحددات والقرارات الدولية ذات الصلة.

في سياق ذلك، أكد أبو الغيط، أنه تبادل، الأربعاء، مع تيتيه وجهات النظر حول آخر التطورات، التي تشهدها ليبيا، مشيراً إلى ترحيبه بجهود البعثة الأممية، وتعهد بأن تستمر «الجامعة العربية» في دفع كافة الجهود، التي من شأنها تلبية تطلعات الشعب الليبي في الاستقرار والسلام.

كما ناقش أبو الغيط مع تيتيه العمل على تفعيل التعاون الدولي بخصوص الوضع في ليبيا، بما في ذلك إعادة تنشيط عمل المجموعة الرباعية، التي تضم كلاً من الجامعة العربية، والأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي، والاتحاد الأوروبي، كما استمع لطرحها حول تطورات الوضع في ليبيا، وأكد على أهمية التعاون والتنسيق بين «الجامعة العربية» لدعم عودة الأطراف الليبية لاستئناف حوار بناء فيما بينها.

إلى ذلك، أعلنت البعثة الأممية أن لجنتها الاستشارية ستعقد اجتماعاً الأسبوع المقبل في العاصمة طرابلس، بعدما اختتمت مساء الثلاثاء اجتماعاً دام ثلاثة أيام في بنغازي (شرق) لمناقشة المقترحات لمعالجة القضايا الخلافية في الإطار الانتخابي الليبي.

جانب من ختام اجتماع اللجنة الاستشارية (البعثة الأممية)

وقالت البعثة إن المناقشات، التي يسّرتها بين اللجنة الاستشارية ولجنة 6+6 التابعة لمجلسي النواب و«الأعلى للدولة»، والتي قامت بصياغة قوانين الانتخابات البرلمانية والرئاسية، ستساهم بشكل فعّال في النتائج النهائية لعمل اللجنة الاستشارية، مشيرة إلى أن ذلك سيشمل تقديم توصيات تهدف إلى معالجة العقبات، التي تعوق إجراء الانتخابات.

ومن المقرر أن تجتمع اللجنة الاستشارية، الأحد المقبل، مع رئيس المفوضية العليا للانتخابات، عماد السائح، في العاصمة طرابلس، وفقاً لوسائل إعلام محلية.

في شأن آخر، دخل مجلسا الدولة والأمن القومي على خط التحذير من المخاطر المتزايدة للهجرة غير الشرعية، وتأثيراتها السلبية على الأمن القومي الليبي، وتهديدها للنسيج الاجتماعي.

ورفض مجلس الدولة محاولات توطين المهاجرين غير الشرعيين داخل الأراضي الليبية، واعتبر في بيان، مساء الثلاثاء، أن «الهجرة غير المشروعة» تمثل خطراً على الأمن القومي الليبي، وترقى إلى انتهاك سيادة الدولة وحقوقها، وطالب باتخاذ إجراءات عاجلة وحاسمة لمنع أي مشروعات، تهدف إلى التوطين تحت أي ذريعة.

مجلس الدولة أكد رفضه محاولات توطين المهاجرين غير الشرعيين داخل الأراضي الليبية (الشرق الأوسط)

فيما اعتبر بيان لمجلس الأمن القومي أن هذه الظاهرة أصبحت تشكل تهديداً خطيراً على استقرار البلاد، في جوانبها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية، مبرزاً أن إهمال هذه الظاهرة أدى إلى انتشار الجريمة والنصب والاحتيال والتزوير، بالإضافة إلى دخول الجماعات الإرهابية، وانتشار المخدرات. ودعا الجهات المعنية لاتخاذ إجراءات عاجلة لحماية السيادة الوطنية، بما في ذلك تعزيز الإجراءات الأمنية على الحدود، وتفعيل القوانين لمكافحة «الهجرة غير المشروعة».

من جانبه، أكد وكيل وزارة الحكم المحلي لشؤون البلديات بحكومة الوحدة، مصطفى سالم، خلال لقائه مع أصحاب المنازل المتضررة في بلدية الأصابعة، جراء الحرائق، التي اندلعت أخيراً، «التزام الحكومة بدعمهم والوقوف إلى جانبهم في هذه الأوقات الصعبة»، وأعلن اتخاذ الإجراءات، والترتيبات اللازمة للبدء الفعلي في تقييم الأضرار، تمهيداً لعملية التعويض، اعتباراً من الأربعاء.

ونقل بيان للبلدية عن سالم، الذي يترأس لجنة تعويض المتضررين، أن وزارته ستعمل على إتمام إجراءات التعويض في أسرع وقت ممكن، بهدف التخفيف من معاناتهم، التزاماً بتوجيهات رئيس حكومة الوحدة «المؤقتة»، عبد الحميد الدبيبة، بهذا الخصوص، وتعهد بأن تكون التعويضات عادلة لكل المتضررين، كما أمر بصرف بدل إيجار فوري لكل الأسر المتضررة.