«حميدتي» يتوعد بتبني خيارات جديدة تمنع «جنرالات الجيش من التحكم بمصير السودان»

مقتل 22 من عمال الإغاثة وإصابة 34... ووسطاء جنيف يطالبون بحمايتهم

محمد حمدان دقلو (حميدتي) (رويترز)
محمد حمدان دقلو (حميدتي) (رويترز)
TT

«حميدتي» يتوعد بتبني خيارات جديدة تمنع «جنرالات الجيش من التحكم بمصير السودان»

محمد حمدان دقلو (حميدتي) (رويترز)
محمد حمدان دقلو (حميدتي) (رويترز)

توعد قائد «قوات الدعم السريع» الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) بتصعيد جديد يمنع بموجبه «الجيش السوداني من التحكم بمصير السودان»، وبتبني خيارات جديدة - لم يحددها - لمواجهة رفض «جنرالات الجيش» المشاركة في مفاوضات جنيف. وفي الوقت نفسه، دعت الوساطة الدولية المجتمعة في سويسرا، أطراف الحرب، لحماية المدنيين وعمال الإغاثة بشكل عاجل، وكشفت عن مقتل 22 وإصابة 34 من عمال الإغاثة في السودان منذ اندلاع الحرب حتى الآن.

ودخلت المباحثات التي تجري في مدينة جنيف السويسرية الاثنين يومها السادس، من دون نجاح يُذكر، لغياب الجيش السوداني ورفضه المشاركة فيها، ما لم تتم الاستجابة لطلباته، في حين ظل وفد «الدعم السريع» «مرابطاً» هناك بانتظار وصول الوفد النظير.

صورة أرشيفية تظهر عناصر من «قوات الدعم السريع» بالعاصمة السودانية الخرطوم في 18 يونيو 2019 (رويترز)

وإزاء ذلك، هدد «حميدتي» في تغريدة على صفحته بمنصة «إكس»، بعدم السماح لمن أطلق عليهم «مجموعة من الجنرالات المرعوبين الذين هربوا من العاصمة» بالتحكم بمصير السودان، مشيراً إلى «خيارات كثيرة» قال إنه قد «يضطر لتنفيذها متى ما أصبح الأمر ضرورياً».

ويشترط الجيش للمشاركة في المفاوضات، أن يكون تمثيله باسم «الحكومة»، وتنفيذ «إعلان جدة الإنساني» الموقع في 11 مايو (أيار) 2023، بما في ذلك خروج «قوات الدعم السريع» من الأعيان المدنية ومنازل المواطنين.

ورغم غياب الجيش عن «جنيف»، تواصلت المباحثات التي جاءت بمبادرة أميركية ورعاية سعودية وسويسرية، مع وجود كل من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، إلى جانب مصر والإمارات العربية المتحدة، وتهدف لوقف إطلاق نار يمكّن من إيصال المساعدات الإنسانية، لكن عدم مشاركة الجيش عقّد الأمر بشكل كبير.

صورة نشرها الموفد الأميركي في «فيسبوك» لجلسة من المفاوضات حول السودان في جنيف (الشرق الأوسط)

وأرسلت الحكومة السودانية التي تتخذ من بورتسودان عاصمة مؤقتة، الأحد، وفداً رسمياً إلى القاهرة للبحث في كيفية تنفيذ «إعلان جدة الإنساني» الموقع مع «قوات الدعم السريع»، مع المبعوث الأميركي الخاص للسودان توم بيريللو، ومصر.

ووصل الوفد إلى القاهرة، من دون أن تخرج معلومات جديدة تتعلق بالمحادثات التي يجريها هناك، وما إن كان سيشارك فيما تبقى من أيام مفاوضات جنيف.

وذكر «حميدتي» في تغريدته على «إكس»: «قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وزمرته يفتقرون إلى أي التزام حقيقي بالتفاوض، أو بالعمل من أجل مستقبل السودان أو تخفيف معاناة شعبه».

ومشيراً إلى قبوله بمبدأ المفاوضات قال: «بينما يوجد وفدنا المفاوض في جنيف برغبة صادقة لإيجاد حل للأزمة السودانية، تركز عصابة بورتسودان بشكل أساسي على الحفاظ على امتيازاتها ومصالحها التاريخية التي لا تنفصل عن مصالح النظام القديم».

المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان توم بيريللو خلال مؤتمر صحافي في جنيف 12 أغسطس (إ.ب.أ)

وأكد «حميدتي» مجدداً التزامه بالتفاوض «من أجل تحقيق الاستقرار في السودان»، وأنه من أجل ذلك استجاب لكل مبادرات وقف الحرب. وفي الوقت ذاته، دعا المجتمَعين المحلي والدولي لاتخاذ «موقف حاسم» بمواجهة «الاستهتار الذي يبديه قادة المؤسسة العسكرية بمعاناة ملايين السودانيين وبقضية السلام والاستقرار».

وفي بيان مشترك من الولايات المتحدة، وسويسرا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات العربية المتحدة، والأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي، دعت الوفود المجتمعة في سويسرا بمناسبة «اليوم العالمي للعمل الإنساني»، أطراف الحرب «المروعة» في السودان لحماية المدنيين وعمال الإغاثة.

وقال المجتمعون إنهم بدأوا اجتماعات اليوم السادس بالوقوف دقيقة صمت، تقديراً لـ«اليوم العالمي للعمل الإنساني» ووفاء لعمال الإغاثة الذين سقطوا في خلال العمل، وذلك عبر فتح «الشرايين الرئيسية للغذاء والدواء» لتصل إلى ملايين الأشخاص الذين يعانون الجوع الحاد في السودان.

متطوعون يحملون وجبات غذائية لمخيم نازحين في القضارف شرق السودان في 13 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

وكشف البيان عن مقتل 22 من عمال الإغاثة و34 آخرين سقطوا بين مصاب وجريح، أثناء تأدية واجبهم في السودان، وقطع البيان: «هذا غير مقبول». ودعا بشكل عاجل أطراف «الحرب المروعة» إلى حماية المدنيين وعمال الإغاثة، واحترام التزاماتهم بموجب القانون الإنساني الدولي، التي أعادوا التأكيد عليها في «إعلان جدة الإنساني»، وتعهدوا بالتزام العمل من أجل الإنسانية، ودعوا جميع الأطراف إلى القيام بالمثل.


مقالات ذات صلة

السعودية تطالب بوقف القتال في السودان وتنفيذ «إعلان جدة»

شمال افريقيا جانب من الاجتماع التشاوري حول السودان في نواكشوط الأربعاء (الخارجية الموريتانية)

السعودية تطالب بوقف القتال في السودان وتنفيذ «إعلان جدة»

احتضنت العاصمة الموريتانية نواكشوط، اجتماعاً تشاورياً بين المنظمات متعددة الأطراف الراعية لمبادرات السلام في السودان، في إطار مساعي توحيد هذه المبادرات.

الشيخ محمد (نواكشوط)
شمال افريقيا آثار قصف سابق على مدينة الفاشر (مواقع التواصل)

مقتل وجرح العشرات من المدنيين في قصف على مدينة الفاشر

تعرضت مدينة الفاشر، الأربعاء، لقصف مدفعي وغارات جوية أدت إلى وقوع عشرات القتلى والجرحى من المدنيين. وأدانت مسؤولة أممية الهجمات، وطالبت بوقف فوري لإطلاق النار.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا عَلم السودان ملصق بمدفع رشاش يتبع «قوات الدعم السريع» شمال الخرطوم (رويترز)

السودان... دولة واحدة بعملتين ومخاوف من تكريس الانقسام

عزز مُضي الحكومة السودانية في إجراءات التبديل الجزئي لعملات وطنية، مخاوف من تكريس الانقسام.

أحمد يونس (كامبالا)
تحليل إخباري عائلة تستريح بعد مغادرة جزيرة توتي التي تسيطر عليها «قوات الدعم السريع» في أم درمان بالسودان يوم 10 نوفمبر 2024 (رويترز)

تحليل إخباري عقوبات جديدة ضد المتحاربين السودانيين... هل تفتح باباً للتفاوض؟

أدرج الاتحاد الأوروبي مجدداً عناصر من طرفي الحرب في السودان، على لائحة العقوبات، غير أن محللين وخبراء سودانيين قدروا أنها ربما تكون محاولة لفتح باب التفاوض.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
تحليل إخباري عَلم السودان ملصق بمدفع رشاش يتبع «قوات الدعم السريع» شمال الخرطوم (رويترز) play-circle 02:09

تحليل إخباري السودان... دولة واحدة بعملتين

منذ أعلنت الحكومة بدء التبديل الجزئي لعملات وطنية في العاشر من الشهر الحالي، أصبح السودان عملياً «بلداً واحداً بعملتين»، ما استدعى ذكرى انفصال الجنوب.

أحمد يونس (كامبالا)

قصة 5 ليبيين حُكم عليهم بالسجن 30 عاماً بإيطاليا

النائب العام الليبي (وسط) مع المدعي العام لدى المحكمة العليا الإيطالية (مكتب الصور)
النائب العام الليبي (وسط) مع المدعي العام لدى المحكمة العليا الإيطالية (مكتب الصور)
TT

قصة 5 ليبيين حُكم عليهم بالسجن 30 عاماً بإيطاليا

النائب العام الليبي (وسط) مع المدعي العام لدى المحكمة العليا الإيطالية (مكتب الصور)
النائب العام الليبي (وسط) مع المدعي العام لدى المحكمة العليا الإيطالية (مكتب الصور)

أعادت محادثات ليبية - إيطالية إلى واجهة الأحداث قضية خمسة لاعبين لكرة القدم ليبيين معتقلين في روما منذ تسعة أعوام، بعدما طالبت أسرهم بضرورة العمل على إعادتهم إلى البلاد.

وسعى رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح، خلال زيارته لروما نهاية الشهر الماضي، إلى فتح ملف السجناء الخمسة خلال مناقشاته مع وزير العدل الإيطالي، كارلو نوريدو.

وكانت محكمة إيطالية قد قضت في السادس من ديسمبر (كانون الأول) 2015 بالسجن 30 عاماً على اللاعبين الخمسة، وهم: علاء فرج الزغيد من نادي أهلي بنغازي، وعبد الرحمن عبد المنصف وطارق جمعة العمامي من نادي التحدي الليبي، واللاعب محمد الصيد من طرابلس، ومهند نوري خشيبة من طرابلس أيضاً، بتهم «الاتجار في البشر والهجرة غير المشروعة».

النائب العام الليبي والمدعي العام لدى المحكمة العليا الإيطالية (مكتب الصور)

ومنذ ذلك التاريخ وقضية اللاعبين الخمسة تراوح مكانها، إلا أن صالح أعاد مناقشتها مؤخراً مع السلطات الإيطالية. وقال المركز الإعلامي لرئيس مجلس النواب إن السلطات الإيطالية دعت النائب العام لزيارة روما، بعد مباحثات عديدة أجراها صالح مع المسؤولين الإيطاليين بشأن ملف السجناء الليبيين في روما.

وتتباين أسباب توقيف اللاعبين الليبيين وحبسهم؛ فالسلطات الإيطالية وجهت إليهم اتهاماً بـ«الاتجار في البشر»، لكن أسرهم يؤكدون أنهم «كانوا يستهدفون الهجرة للاحتراف بأحد الأندية الأوروبية».

وبحسب رواية أسرهم، فإنهم «فشلوا في الحصول على تأشيرة سفر، فاضطروا إلى الهجرة غير المشروعة»، عن طريق ركوب أحد القوارب مع بعض المهاجرين في مدينة زوارة (120 كيلومتراً غرب العاصمة) إلى إيطاليا، مشيرين إلى أنهم سقطوا في يد السلطات الأمنية بمجرد دخولهم البلاد، وبعد أن خضعوا للمحاكمة حُكِم عليهم بالسجن 30 عاماً بتهمة «الهجرة غير النظامية والمتاجرة في بيع البشر».

ومع إعادة الحديث عن اللاعبين الخمسة، تحدث الحقوقي الليبي طارق لملوم عما سمّاه «استغلال قضية هؤلاء السجناء من بعض السياسيين» دون تسميتهم، وقال إنه «من الطبيعي أن يتعاطف الشخص مع أقاربه وأصحابه وبني جلدته في حال تعرضهم لأي ضيق، لكن من المهم نقل الصورة واضحة حتى يتمكن أي شخص، أو جهة، أو أي حكومة، من المساعدة».

ويعتقد لملوم أنه «ليس صحيحاً أن سبب الحكم على هؤلاء الخمسة هجرتهم بطريقة غير نظامية»، مشيراً إلى أن اتهام المحكمة في البداية لهم كان «الترويج للهجرة غير النظامية»، ثم «التسبب في وفاة 49 شخصاً كانوا في نفس القارب، وتم إجبارهم على البقاء في مكان مغلق، وماتوا بسبب الاختناق».

ونوّه لملوم بأنه حسب ما نشرته الصحافة الإيطالية، فإن المحكمة استندت على شهادات كثيرة لمهاجرين كانوا في نفس المركب أكدوا أن «الشبان الليبيين كانوا ضمن الأشخاص الذين منعوهم من الخروج، وتم إقفال المكان عليهم؛ مما تسبب في موت 49 شخصاً».

وأضاف لملوم موضحاً أن المحامين «استطاعوا إثبات أن الشبان الليبيين ليسوا مهرّبين، وأن هواتفهم لم تكن تحمل أي ترويج للهجرة مع أي مهرب، لكن القاضي اعتبر أن هناك نية للأذى كانت متوفرة، بسبب منع المهاجرين من الخروج من أسفل القارب، كما أن بعض الشهود أكدوا أن هناك أشخاصاً قاموا بضربهم ومنعهم من الحركة».

ونقل مكتب النائب العام الليبي، الصديق الصور، يوم الخميس، أن لقاءه مع المدعي العام لدى المحكمة العليا تمحور حول ترتيب تعاون قضائي بين النيابتين، تنتظم آلية إنفاذه بإبرام مذكرة تفاهم تتناول المسائل الجنائية ذات الاهتمام المشترك، مشيراً أيضاً إلى أن الاجتماع انتهى إلى «تخطيط ترتيبات نقل المحكومين الليبيين الذين توفروا على الشروط، وفق جدول زمني يمتد طوال الربع الأول من العام المقبل».

جانب من وقفة احتجاجية للإفراج عن اللاعبين الليبيين (صفحات لأسر اللاعبين)

وسبق أن تظاهرت عائلات وأصدقاء اللاعبين لمطالبة السلطات بالتدخل لسرعة الإفراج عن أبنائهم، ونددت بما سمّوه «صمت السلطات في البلاد على سجن أبنائهم».

وبعد سلسلة من الوقفات الاحتجاجية على مدار السنوات الماضية، ومخاطبة المسؤولين، لم تفقد أسر هؤلاء اللاعبين الأمل في بحث قضيتهم من جديد، واصطفوا في مظاهرة سلمية انضمّ إليها عدد من الرياضيين بأندية بنغازي، وتوجهوا بمطلب رسمي للسلطات في البلاد.