الحكومة السودانية: مشاورات في القاهرة مع «المبعوث الأميركي» لتطبيق «اتفاق جدة»

قوى سياسية سودانية في مؤتمر بالعاصمة المصرية القاهرة مايو 2024 (الشرق الأوسط)
قوى سياسية سودانية في مؤتمر بالعاصمة المصرية القاهرة مايو 2024 (الشرق الأوسط)
TT

الحكومة السودانية: مشاورات في القاهرة مع «المبعوث الأميركي» لتطبيق «اتفاق جدة»

قوى سياسية سودانية في مؤتمر بالعاصمة المصرية القاهرة مايو 2024 (الشرق الأوسط)
قوى سياسية سودانية في مؤتمر بالعاصمة المصرية القاهرة مايو 2024 (الشرق الأوسط)

في تطور لمسار المفاوضات الدولية التي دعت لها الولايات المتحدة الأميركية في جنيف، لوقف الحرب الداخلية بالسودان، قررت الحكومة السودانية إرسال وفد حكومي للتشاور مع المبعوث الأميركي توم بيرييلو، في العاصمة المصرية القاهرة.

ويأتي القرار، بعد رفض المشاركة في المفاوضات التي دعت لها واشنطن في جنيف 14 أغسطس (آب) الجاري، وعَدّ دبلوماسيون وخبراء «المباحثات المرتقبة في القاهرة، استكمالاً للمشاورات القائمة في سويسرا، لتحقيق تقدم إيجابي في الأزمة السودانية».

وأعلن مجلس السيادة السوداني «إرسال وفد حكومي إلى القاهرة للقاء وفد من الإدارة الأميركية لبحث تنفيذ مخرجات اتفاق جدة لوقف الحرب في السودان»، وحسب إفادة للمجلس، الأحد، «جاء القرار بناءً على اتصال مع الحكومة الأميركية ممثلة في المبعوث الأميركي إلى السودان توم بيرييلو، واتصال من الحكومة المصرية لمناقشة رؤية الحكومة في إنفاذ اتفاق جدة».

ورفضت الحكومة السودانية المشاركة في اجتماعات جنيف، في حين شارك ممثلون عن «قوات الدعم السريع»، وشددت الحكومة على التمسك بتنفيذ مخرجات «اتفاق جدة» الإنساني، الذي تم التوصل إليه في 11 مايو (أيار) 2023 لوقف إطلاق النار وخروج «الدعم السريع» من الأعيان المدنية ومنازل المواطنين.

مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية بالقاهرة في بداية شهر يوليو 2024 (الخارجية المصرية)

وحسب مصادر سياسية سودانية بالقاهرة، «يمثل الحكومة السودانية في اجتماعات القاهرة المرتقبة، وفد برئاسة وزير المعادن السوداني محمد بشير عبد الله، الذي قاد وفد الحكومة في مشاورات بمدينة جدة السعودية، قبل أيام»، وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن «الوفد سيضم أيضاً سفير السودان بالقاهرة عماد الدين عدوي، بجانب مفوضة العون الإنساني سلوى أدم بنية، وقيادات من الجيش السوداني».

وكان وزير المعادن السوداني، قد مثّل الحكومة في مشاورات أولية، مع المبعوث الأميركي للسودان في مدينة جدة السعودية في 10 أغسطس الجاري، لاستكشاف أجندة مفاوضات جنيف قبل انعقادها، غير أن رئيس الوفد السوداني، أوصى بعدم مشاركة الحكومة في المفاوضات التي دعت لها الولايات المتحدة الأميركية في سويسرا.

وأرجع نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير صلاح حليمة، موافقة الحكومة السودانية، على إرسال وفد للقاهرة للتفاوض مع المبعوث الأميركي، إلى «رفض الجيش السوداني الجلوس مع طرف (الدعم السريع)، في أي مباحثات، قبل تنفيذ مخرجات مسار جدة الإنساني»، وقال إن «المباحثات المرتقبة تأتي لاستكمال المشاورات القائمة في جنيف لوقف الحرب في السودان».

وأوضح حليمة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الرؤية الأميركية المقدمة في مفاوضات جنيف لحل الأزمة السودانية، قريبة من المقاربة المصرية للحل في السودان»، وقال إن «الجانب الأميركي يركز على سبل إنفاذ المساعدات الإنسانية، وإشراك القوى السياسية في الحل»، مشيراً إلى أن ذلك «يتوافق مع مخرجات مؤتمر القاهرة للقوى السياسية والمدنية السودانية، التي قدمت توصيات لإنهاء الحرب وتوصيل المساعدات الإغاثية للمتضررين، والتأسيس لحل سياسي شامل تشارك فيه كل الأطراف السودانية».

ومنذ اندلاع الحرب في السودان، ظهرت مجموعة من المبادرات الإقليمية والدولية، لوقف الاقتتال، أبرزها مسار منبر جدة، ومبادرة دول الجوار التي دعت لها مصر، ومبادرة الاتحاد الأفريقي، ومبادرة الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية «الإيغاد».


مقالات ذات صلة

جورجيا ميلوني... سيّدة «الميمز» وتعابير الوجه الصادمة

يوميات الشرق رئيسة حكومة إيطاليا جورجيا ميلوني (أ.ف.ب)

جورجيا ميلوني... سيّدة «الميمز» وتعابير الوجه الصادمة

لا تقف الألقاب ولا رئاسة الحكومة الإيطالية حاجزاً أمام جورجيا ميلوني، التي تتفوّق على نفسها في حركات الوجه الصادمة كلّما أزعجها رئيس أو وزير أو نائب.

كريستين حبيب (بيروت)
شؤون إقليمية رئيس بلدية العاصمة التركية أنقرة منصور ياواش (من حسابه على «إكس»)

ياواش يعلن للمرة الأولى استعداده للترشّح لرئاسة تركيا في 2028

تُظهر استطلاعات الرأي التي أُجريت منذ الانتهاء من الانتخابات المحلية في مارس الماضي تفوّق ياواش بوصفه مرشحاً للرئاسة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة: )
شمال افريقيا وزير التموين خلال تفقد إحدى الأسواق بالإسكندرية (وزارة التموين والتجارة الداخلية المصرية)

الحكومة المصرية تُخفض أسعار 14 سلعة لمواجهة الغلاء

قررت الحكومة المصرية، الأربعاء، تخفيض أسعار 14 سلعة في إطار جهود مواجهة الغلاء؛ بعد تعهدات متكررة من رئيس الوزراء مصطفى مدبولي بتخفيض الأسعار.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
تحليل إخباري البيت الأبيض

تحليل إخباري عندما تتحرّك أميركا... يتغيّر العالم

تتبدّل تسميات النظام العالمي، بتبدّل موازين القوى، وكيفيّة صناعة الثروة، وما الوسائل لصناعة هذه الثروة، وأين توجد.

المحلل العسكري
آسيا ضابطات شرطة يعتقلن عاملات في مقر حزب «إنصاف» بإسلام آباد بعد مداهمة أمنية الاثنين (أ.ف.ب)

مداهمة مقرّ حزب عمران خان في باكستان

داهمت الشرطة الباكستانية، الاثنين، المقر العام لحزب رئيس الوزراء السابق عمران خان، المسجون حالياً بعد أسبوع على تعهّد الحكومة المدعومة من الجيش حظرَ هذه الحركة.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)

البرلمان المصري لمناقشة تقليص «الحبس الاحتياطي» في السجون

حنفي جبالي خلال اجتماعه مع وزراء ورؤساء أحزاب سياسية وحقوقيين لاستعراض تعديلات قانون الإجراءات الجنائية (النواب المصري)
حنفي جبالي خلال اجتماعه مع وزراء ورؤساء أحزاب سياسية وحقوقيين لاستعراض تعديلات قانون الإجراءات الجنائية (النواب المصري)
TT

البرلمان المصري لمناقشة تقليص «الحبس الاحتياطي» في السجون

حنفي جبالي خلال اجتماعه مع وزراء ورؤساء أحزاب سياسية وحقوقيين لاستعراض تعديلات قانون الإجراءات الجنائية (النواب المصري)
حنفي جبالي خلال اجتماعه مع وزراء ورؤساء أحزاب سياسية وحقوقيين لاستعراض تعديلات قانون الإجراءات الجنائية (النواب المصري)

يبدأ مجلس النواب المصري (البرلمان) مناقشة تعديلات شاملة على قانون «الإجراءات الجنائية» في البلاد، تتضمن تقليص مدد «الحبس الاحتياطي»، والتعويض عن الحبس الخاطئ، وتنظيم إجراءات تتعلق بالحقوق والحريات، من بينها تدابير المنع من السفر، والتحفظ على الأموال، وتفتيش المدانين في قضايا مختلفة.

وتأتي المناقشات البرلمانية ضمن إجراءات حكومية لتعديل قانون «الإجراءات الجنائية»، الذي لم يتم تغييره منذ 74 عاماً. وتطالب أحزاب وقوى سياسية مصرية بإعادة النظر في قانون «الإجراءات الجنائية» لصدوره منذ سنة 1950 وحتى يواكب التطورات القانونية والسياسية الحالية بمصر.

وقدمت الحكومة المصرية مشروعاً للبرلمان المصري لتعديل 356 مادة من أصل 461 مادة، غير أن «النواب» المصري رأى إعداد مشروع قانون جديد للإجراءات الجنائية. وكلف البرلمان «لجنة فرعية» منبثقة عن اللجنة التشريعية والدستورية لإعداد التشريع الجديد، تضم قانونيين متخصصين من الوزارات ذات الصلة (العدل، والداخلية، والمجالس النيابية) وممثلين عن مجلس القضاء الأعلى، ومجلس الدولة، والنيابة العامة، وهيئة مستشاري مجلس الوزراء، والمجلس القومي لحقوق الإنسان، ونقابة المحامين، حسب إفادة للبرلمان المصري.

واستعرض رئيس البرلمان المصري، حنفي جبالي، السبت، نتائج صياغة التشريع الجديد لقانون الإجراءات الجنائية، في اجتماع مع وزيرَي العدل والشؤون النيابية، ورؤساء وممثلي الأحزاب السياسية وشخصيات عامة، وحقوقيين وممثلين عن مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للبرلمان)، و«الحوار الوطني». وقال إن أهم تعديلات القانون الجديد «تخفيض مدد الحبس الاحتياطي وتنظيم التعويض عنه، وإعادة تنظيم اختصاصات وصلاحيات مأمور الضبط القضائي بإقرار مزيد من الضمانات التزاماً بالمحددات المنصوص عليها في الدستور».

وأوضح جبالي أن «القانون الجديد ألغى الباب الخاص بالإكراه البدني للمحكوم عليهم، واستبدل به إلزام المحكوم عليهم بأداء أعمال بالمنفعة العامة». وأشار إلى أن التعديلات «عالجت نصوصاً قانونية تتعارض مع الكثير من أحكام دستور 2014 في مصر».

اجتماع سابق لمجلس أمناء «الحوار الوطني» (الحوار الوطني على «فيسبوك»)

وعدّ وكيل «لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية» بمجلس النواب المصري، رئيس اللجنة الفرعية لإعداد قانون «الإجراءات الجنائية»، النائب إيهاب الطماوي، أن «القانون الجديد نقلة تشريعية تنظم ممارسة الحقوق والحريات العامة». وأرجع ذلك إلى أن «المقترح الجديد للقانون يتضمن 540 مادة، ويغير من التشريع الحالي الصادر عام 1950»، مشيراً إلى أن إعداد القانون «استغرق 14 شهراً».

وتحدث الطماوي عن مجموعة من التعديلات الجديدة التي يتضمنها القانون الجديد، منها «تخفيض مدد الحبس الاحتياطي بواقع 4 أشهر في قضايا الجنح بدلاً من 6 أشهر، و12 شهراً في قضايا الجنايات بدلاً من 18 شهراً، و18 شهراً في القضايا التي تصل عقوبتها للإعدام أو المؤبد بدلاً من 24 شهراً»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن التعديلات أكدت «عدم تخطي مدة الحبس الاحتياطي 24 شهراً»، إلى جانب إقرار القانون «التعويض عن الحبس الاحتياطي الخاطئ».

ومن النصوص الجديدة في القانون، حسب الطماوي، «تنظيم عمليات الترقب والوصول للمتهمين، وقوائم الوصول والمنع من السفر، وإعادة تنظيم الإجراءات الخاصة بالأحكام الغيابية لحماية حقوق المتهمين، وتنظيم حق الصمت أثناء التحقيقات والمحاكمة».

وتناقش اللجنة التشريعية بالبرلمان المصري، الثلاثاء، المقترح الجديد لقانون «الإجراءات الجنائية». وعدّ الطماوي أن فتح النقاش حول القانون الجديد خلال فترة الإجازة البرلمانية بمصر «يعكس إرادة البرلمان لإنجاز مشروع القانون في دور الانعقاد البرلماني القادم».

وفي يوليو (تموز) الماضي، أعلن رئيس البرلمان المصري، فضّ دور الانعقاد البرلماني الرابع، على أن يبدأ المجلس دور الانعقاد الخامس في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وفقاً للمادة 274 من اللائحة الداخلية لمجلس النواب المصري.

الإفراج عن محبوسين مصريين بعد العفو عنهم في أبريل الماضي (الداخلية المصرية)

ويرى رئيس «حزب العدل المصري»، عضو مجلس النواب (البرلمان)، النائب عبد المنعم إمام، أن «تعديلات قانون الإجراءات الجنائية الجديدة ضرورية، لإعادة النظر في ملفات تتعلق بالحقوق والحريات، مثل ملف الحبس الاحتياطي». وأرجع ذلك إلى أن الحبس الاحتياطي «تحول إلى عقوبة في حد ذاته خلال الوضع الحالي للقانون».

واعتبر إمام أن القانون المقترح «يلبي مطالب القوى السياسية بخفض مدد الحبس الاحتياطي في مختلف القضايا، وتنظيم إجراءات تفتيش محل إقامة المتهمين، والمنع من السفر، والرقابة على الأموال والأصول». وعدّ ذلك «من إيجابيات التشريع الجديد»، غير أنه طالب بـ«تقليل مرة أخرى مدد الحبس الاحتياطي المطروحة في التعديلات»، مشيراً لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «تلك التعديلات ستنهي قضية الحبس».

ولفت رئيس «حزب العدل المصري» إلى أن «القانون الجديد ينظم العلاقة بين المواطن والقضاء في مختلف الإجراءات القضائية، ويحقق التوازن بين الحقوق والحريات»، داعياً إلى ضرورة «استجابة السلطة التنفيذية للتعديلات المطروحة في القانون، وأن تضعها محل تنفيذ».

في حين اعتبر نائب رئيس «حزب المؤتمر المصري»، عضو البرلمان، أحمد مقلد، أن «تعديلات نصوص قانون الحبس الاحتياطي في قانون الإجراءات الجنائية، تتكامل مع توصيات ومخرجات (الحوار الوطني)»، مشيراً إلى أن «التعديلات تتضمن التوسع في الإجراءات الاحترازية البديلة للحبس». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن من بين الإجراءات الاحترازية المنصوص عليها في القانون الجديد «تحديد محل الإقامة، واستحداث وسائل رقابة إلكترونية».

وناقش «الحوار الوطني» بمصر في يوليو الماضي، قضية الحبس الاحتياطي بحضور 50 مشاركاً من القانونيين والحقوقيين والسياسيين. ووافق مجلس أمناء «الحوار الوطني» الذي يضم شخصيات عامة وحزبية وأكاديميين وسياسيين، على التوصيات المقدمة في محاور تتعلق بـ«مدة وبدائل الحبس الاحتياطي، والتعويض عن الحبس الخاطئ، والتدابير المصاحبة للحبس الاحتياطي»، مع رفعها للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لاتخاذ ما يلزم بشأنها.