مصر تدعم «أسبيدس» الأوروبية لحماية أمن الملاحة في البحر الأحمر

وزير الخارجية تحدث عن «انخفاض هائل» في عوائد «قناة السويس»

سفينة تحمل حاويات تمر عبر قناة السويس المصرية (الموقع الإلكتروني لهيئة قناة السويس)
سفينة تحمل حاويات تمر عبر قناة السويس المصرية (الموقع الإلكتروني لهيئة قناة السويس)
TT

مصر تدعم «أسبيدس» الأوروبية لحماية أمن الملاحة في البحر الأحمر

سفينة تحمل حاويات تمر عبر قناة السويس المصرية (الموقع الإلكتروني لهيئة قناة السويس)
سفينة تحمل حاويات تمر عبر قناة السويس المصرية (الموقع الإلكتروني لهيئة قناة السويس)

أكدت مصر دعمها العملية البحرية الأوروبية في البحر الأحمر «أسبيدس»، لحماية أمن الملاحة في ضوء التوترات المتزايدة بأحد أهم ممرات الملاحة عالمياً، ما أدى إلى «انخفاض هائل» في عائدات «قناة السويس»، بحسب إفادة رسمية لوزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأربعاء، عقب استقباله بالقاهرة قائد العملية البحرية الأوروبية بالبحر الأحمر «أسبيدس»، فاسيليس غورباريس.

وتصاعدت التوترات بمنطقة البحر الأحمر، نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مع استهداف جماعة «الحوثي» اليمنية السفن المارة بالممر الملاحي، «رداً على استمرار الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة».

وزير الخارجية المصري يستقبل قائد العملية الأوروبية «أسبيدس» (الخارجية المصرية)

ودفعت تلك الهجمات شركات شحن عالمية لتغيير مسارها متجنبة المرور في البحر الأحمر، ما كان له تداعيات على الاقتصاد وحركة التجارة العالمية.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، في بيان صحافي، إن «عبد العاطي أعرب عن ارتياح بلاده للتعاون القائم مع قيادة العملية (أسبيدس)»، مؤكدا «دعم مصر لمهامها نظراً للطبيعة الدفاعية لولايتها، وفي إطار التحديات المتزايدة التي تشهدها الملاحة في البحر الأحمر».

وأكد الوزير المصري «أهمية تضافر الجهود لخلق بيئة آمنة لمرور السفن بالبحر الأحمر، وطمأنة شركات الشحن الدولية»، مشيراً إلى «التأثير المباشر للتهديدات الأمنية للملاحة في البحر الأحمر على الاقتصاد المصري، نظراً للانخفاض الهائل في عوائد (قناة السويس)، الأمر الذي يجعل مصر من أكثر دول العالم تأثراً بالوضع الحالي»، بحسب الإفادة الرسمية.

واستعرض عبد العاطي «الشواغل المصرية» إزاء التصعيد الحالي في المنطقة على ضوء التوترات الأخيرة، وتأثير ذلك على حركة الشحن البحري في البحر الأحمر وقناة السويس.

سفينة شحن محاطة بقوارب الحوثيين في البحر الأحمر (رويترز)

وتعد قناة السويس أحد المصادر الرئيسية للعملة الصعبة في مصر، وبلغت إيراداتها العام الماضي 10.3 مليار دولار، بحسب الإحصائيات الرسمية.

لكن هذه العائدات شهدت تراجعاً في الشهور الأخيرة، بسبب توترات البحر الأحمر. وقال رئيس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي، في مؤتمر صحافي، الأسبوع الماضي، إن «بلاده تخسر ما بين 500 و550 مليون دولار شهرياً، بسبب توترات البحر الأحمر».

من جانبه، أعرب قائد العملية البحرية الأوروبية عن «تقديره للدعم المصري للعملية البحرية الأوروبية»، مؤكداً «حرصه على التواصل مع دول المنطقة المتأثرة بحالة التوتر في البحر الأحمر وفي مقدمتها مصر».

ولفت غورباريس إلى «الطبيعة الدفاعية للعملية البحرية الأوروبية في مواجهة التهديدات»، مستعرضاً «النجاحات التي حققتها في صد العديد من الهجمات الحوثية»، بحسب المتحدث باسم الخارجية المصرية.

وتوافق المسؤولان المصري والأوروبي على «أهمية مواصلة التشاور والتنسيق المشترك لتهدئة الأوضاع في المنطقة ولسلامة الملاحة في البحر الأحمر»، حيث أكد عبد العاطي «ضرورة العمل على معالجة الأسباب الحقيقية لحالة التصعيد غير المسبوقة، وهي استمرار الحرب الإسرائيلية في غزة وسياسة الاغتيالات وانتهاك سيادة دول المنطقة».

حاملة الطائرات الأميركية «روزفلت» حلّت محل الحاملة «أيزنهاور» للتصدي لهجمات الحوثيين (أ.ب)

وشدد المسؤول الأوروبي على «أهمية تضافر الجهود من أجل تأمين الملاحة في البحر الأحمر»، مؤكداً «حرص العملية الأوروبية على خلق البيئة التي تسهم في المرور الآمن للسفن في البحر الأحمر»، بحسب المتحدث باسم الخارجية المصرية.

وأطلق الاتحاد الأوروبي عملية (أسبيدس) للأمن البحري في البحر الأحمر، في فبراير (شباط) الماضي، بهدف حماية السفن التجارية من هجمات «جماعة الحوثي».

بدوره، قال الخبير الاستراتيجي رئيس المؤسسة العربية للتنمية والدراسات الاستراتيجية، العميد سمير راغب، لـ«الشرق الأوسط»، إن «مصر معنية بحماية أمن الملاحة في البحر الأحمر، وترى أن السبيل الوحيد لذلك هو وقف التصعيد والحرب على قطاع غزة»، مشيرا إلى أن «دعم القاهرة للمهمة الأوروبية يأتي في هذا السياق».

واتفق معه اللواء نصر سالم، المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية للدراسات الاستراتيجية، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «الدعم المصري للعملية الأوروبية يعني تقديم المساعدات والخدمات دون الاشتراك في عمليات عسكرية»، لافتاً إلى «أهمية التنسيق كون هذه المهمات البحرية لها تأثير مباشر على مصر وتقع في نطاق مسؤوليتها».

صورة وزّعها الحوثيون لاستهداف إحدى السفن في البحر الأحمر بزورق مسيّر مفخخ (أ.ف.ب)

وأضاف «هناك مهمات متعددة لحماية الملاحة في البحر الأحمر من بينها (المهمة المشتركة 153) التي سبق وقادتها مصر»، موضحاً أن «هذه مهمات لها أدوار محددة في وقت محدد ومن الضروري التنسيق معها».

والقاهرة عضو في «قوة المهام المشتركة (153)»، وتولت قيادتها أواخر عام 2022. وأكدت في حينه، أنها «إحدى أهم الآليات المشتركة لتعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي، ومجابهة التهديدات بكل أنماطها».

وشكّلت الولايات المتحدة، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تحالف «حارس الازدهار» للرد على هجمات «الحوثي». ويقول سالم إن «تحالف (حارس الازدهار) الأميركي تأسس لحماية إسرائيل رغم وجود أربع مهمات مشتركة في البحر الأحمر وباب المندب»، مشيراً إلى أن «دولا أوروبية رفضت الانضمام إليه ومن هنا تأسست (أسبيدس)».

وفرق راغب بين العملية الأوروبية و«تحالف حارس الازدهار» الذي شكلته الولايات المتحدة الأميركية، وقال إن «(أسبيدس) تقوم بمهمة دفاعية لحماية الملاحة، لتكون بمنأى عن التحالف الأميركي الذي يحمل في طياته دعماً لإسرائيل»، مشيراً إلى أن «مصر ودولاً عربية عدة رفضت الانضمام لتحالف (حارس الازدهار) لنفس السبب، لا سيما أن التحالف ينفذ عمليات ضد (الحوثي) على أرض اليمن».

وكان مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل، أشار عند إطلاق «أسبيدس»، إلى أن «هدفها الدفاع فقط، وليس الهجوم، وأنها لن تقوم بأي عمليات على اليابسة».


مقالات ذات صلة

الحوثيون يعلنون استهداف سفينة ومدمرتين أميركيتين في البحر الأحمر

العالم العربي مسلحون حوثيون يسيرون خلال موكب جنازة لمقاتلين حوثيين قُتلوا في معارك ضد القوات الحكومية في محافظة مأرب في صنعاء في 17 فبراير 2021 (رويترز)

الحوثيون يعلنون استهداف سفينة ومدمرتين أميركيتين في البحر الأحمر

قالت جماعة الحوثي اليمنية المتحالفة مع إيران، اليوم (الأربعاء)، إنها استهدفت السفينة «كونتشيب أونو» بعدد من الصواريخ الباليستية في البحر الأحمر.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الاقتصاد سفينة حاويات تابعة لشركة «ميرسك» تستعد لمغادرة ميناء لونغ بيتش في كاليفورنيا (رويترز)

«ميرسك» ترفع توقعاتها وسط أزمة الشحن العالمي

رفعت مجموعة الشحن «ميرسك» توقعاتها للأرباح والإقبال على السوق للعام بأكمله يوم الخميس، ويعود ذلك جزئياً إلى الاضطرابات في طرق التجارة في البحر الأحمر.

«الشرق الأوسط» (كوبنهاغن)
العالم العربي صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

الحوثيون يتبنّون أول هجوم مميت باتجاه إسرائيل منذ نوفمبر 2023

تبنّت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، الجمعة، أول هجوم مميت ضد إسرائيل بطائرة مسيّرة استهدفت تل أبيب وأدت إلى مقتل شخص وإصابة أربعة آخرين.

علي ربيع (عدن)
خاص تراجع التضخم إلى 2.4 في المائة مع انخفاض الزيادات بتكلفة البقالة والزيادات الإجمالية بالأسعار لأكبر اقتصادين ألمانيا وفرنسا (رويترز) play-circle 00:49

خاص كيف أنهكت حربان اقتصاد العالم وغذاءه؟

أضافت الحرب الروسية الأوكرانية مزيداً من الأعباء على الاقتصاد العالمي المنهك منذ وباء كورونا، فيما أثرت حرب غزة سلباً على ميزانيات الدول والتجارة العالمية.

مالك القعقور (لندن)
الاقتصاد سفن حاويات تعبر قناة السويس المصرية (رويترز)

أزمة البحر الأحمر تفقد قناة السويس ربع إيراداتها

انخفضت الإيرادات السنوية لقناة السويس بواقع الربع تقريباً في العام المالي المنتهي في يونيو (حزيران) مع تحول بعض شركات الشحن إلى مسارات ملاحية بديلة.

«الشرق الأوسط» (عواصم)

العطا: البرهان مستعدّ للقتال 100 عام

العطا: البرهان مستعدّ للقتال 100 عام
TT

العطا: البرهان مستعدّ للقتال 100 عام

العطا: البرهان مستعدّ للقتال 100 عام

تراجع مساعد القائد العام للجيش السوداني، ياسر العطا، عن حديث أدلى به، الأحد الماضي، لتلفزيون السودان القومي، كان قد كشف فيه عن أن قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، أبلغه عبر اتصال هاتفي رغبته في التنحّي، وطلب منه التشاور مع نائبه الفريق شمس الدين كباشي لنقل السلطة للأخير.

وقال العطا لدى مخاطبته، الثلاثاء، قوات الجيش بمنطقة أمدرمان العسكرية، إن «بعض الناس روّجوا أن الرئيس يريد الانسحاب من الحرب»، موضّحاً أن البرهان قال: «لولا الحرب فإنه سيذهب»، لكن طالما الحرب مستمرة لديه الإرادة للقتال 100 سنة.

وكان العطا ذكر في المقابلة التلفزيونية أنه تمكّن من إثناء البرهان عن التنحّي، والاستمرار في الحرب إلى حين القضاء على «قوات الدعم السريع»، على حد قوله.

وأضاف العطا أن القائد العام للجيش، عبد الفتاح البرهان، طلب منه تجهيز مقر له في أمدرمان؛ لأنه سيأتي بنفسه لقيادة العمليات، واصفاً تلك الخطوة بأنها ردّ على من يُطلقون الشائعات من أصحاب الأغراض والأجندة غير الوطنية.

وأبدى زُهد قادة الجيش في السلطة، وقال: هناك من يتّهموننا بالتشبّث بالسلطة لذلك أشعلنا الحرب»، موضحاً أن «البرهان لم يُشعل الحرب، وتمت مهاجمته في منزله»، يقصد بيت الضيافة بالقيادة العامة للجيش وسط العاصمة الخرطوم.

ومن جهة ثانية اتَّهَم العطا «قوات الدعم السريع» بالتحالف مع الائتلاف الحاكم سابقاً «قوى الحرية والتغيير»؛ لمنحها الشرعية السياسية والقانونية للانقلاب، بصفتها القوى المدنية الشرعية؛ للاستمرار في السلطة. وشدّد مساعد البرهان على أن الجيش مستمر في الحرب إلى حين تحقيق الانتصار على التمرد.