«الوطني الليبي» يلتزم الصمت حيال اتهامات لنجل حفتر بإغلاق «الشرارة»

«المجلس الرئاسي» يدخل على خط الأزمة... و«الوحدة» عدّته «ابتزازاً سياسياً»

اجتماع المجلس الرئاسي الليبي بطرابلس مع رئاسة أركان القوات الموالية لـ«الوحدة»
اجتماع المجلس الرئاسي الليبي بطرابلس مع رئاسة أركان القوات الموالية لـ«الوحدة»
TT

«الوطني الليبي» يلتزم الصمت حيال اتهامات لنجل حفتر بإغلاق «الشرارة»

اجتماع المجلس الرئاسي الليبي بطرابلس مع رئاسة أركان القوات الموالية لـ«الوحدة»
اجتماع المجلس الرئاسي الليبي بطرابلس مع رئاسة أركان القوات الموالية لـ«الوحدة»

تصاعدت أزمة إغلاق حقل «الشرارة النفطي» في ليبيا، إذ عدّته حكومة «الوحدة» المؤقتة «ابتزازاً سياسياً»، وقالت: «الثروات النفطية ملك لكل المواطنين»، فيما التزم «الجيش الوطني» الصمت حيال اتهامات محلية لصدام، نجل قائده العام المشير خليفة حفتر، بالمسؤولية عن إغلاقه.

حقل الشرارة شركة أكاكوس الليبية للعمليات النفطية (الاتحاد العام لعمال النفط والغاز)

وقال «المجلس الرئاسي»، الذي يُعد نظرياً القائد الأعلى للجيش الليبي، إنه بحث في اجتماع عاجل عقده، الأحد، بالعاصمة طرابلس، مع محمد الحداد، رئيس أركان القوات الموالية لحكومة «الوحدة» ومساعديه، تطورات الأوضاع العسكرية والأمنية بالمنطقة الغربية، «وتداعيات إقفال حقل (الشرارة النفطي)، وما يترتب عليه من عدم استقرار أمني بالمنطقة بصفة عامة».

وأدرجت حكومة «الوحدة»، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، إغلاق الحقل، الذي يقع في حوض مرزق جنوب شرقي البلاد، في إطار محاولات جديدة لـ«الابتزاز السياسي»، وأدانت فى بيان «أي محاولة تهدف إلى تعطيل شريان اقتصادي مهم مثل حقل الشرارة».

ويمثل الحقل نحو 40 في المائة من إنتاج النفط في البلاد، وتبلغ حصة إنتاج ليبيا فيه 88 في المائة، وحصة المشغل الأجنبي 12 في المائة، ما يعني تفاقم معاناة الشعب الليبي الذي يدفع لوحده ثمن أزمات إقفال النفط المتكررة، التي تسببت بأضرار جسيمة للاقتصاد الوطني، وأثرت سلباً على حياة المواطنين.

وأكدت الحكومة «أن الثروات النفطية ملك لكل الليبيين، ولا يجوز استخدامها كورقة ضغط لتحقيق أهداف سياسية أو شخصية ضيقة»، مشيرة إلى أنها «لن تتوانى عن اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لحماية مصالح شعبنا، والدفاع عن حقوقه في الاستفادة من ثروات بلاده»، ودعت مجدداً: «إلى تحكيم لغة العقل، وإعلاء مصلحة الوطن والمواطن، والتخلي عن الأعمال التي تضر بهما».

من جهتها، وفي أول تعليق رسمي لها، قالت «المؤسسة الوطنية للنفط»، فى بيان مقتضب، الأحد، عبر منصة «إكس»، إنها تطمئن المواطنين بأن عمليات التوزيع على محطاتها لمختلف المدن تسير بشكل اعتيادي وطبيعي، وفقاً لخطط عمل الشركة اليومية.

وقالت وسائل إعلام محلية: «إن صدام حفتر أمر بإغلاق حقل الشرارة، الذي تشغله شركة (ريبسول) الإسبانية، بسبب مزاعم عن (اعتقاله) أثناء رجوعه لليبيا من روما»، مشيرة إلى أن السلطات الإيطالية «أبلغت صدام بوجود مذكرة قبض وتعميم صادرة بحقه من السلطات الإسبانية على خلفية تورطه في تهريب شحنة سلاح أوقفتها الشرطة الإسبانية قبل أشهر».

وأوضحت: «هناك محاولات غربية ومحلية للضغط على إسبانيا، لإبطال مذكرة القبض واستئناف العمل بالحقل، الذي ينتج أكثر من 350 ألف برميل يومياً».

وأعلن رئيس «حراك فزان»، بشير الشيخ، «البدء الفعلي لإغلاق حقل الشرارة النفطي»، وأعلن أن صدام أراد «إغلاق الحقل للضغط على شركة ريبسول الإسبانية المشغلة، لأن إسبانيا أصدرت بحقه مذكرة اعتقال».

وقال مصدر من الحقل، إن مجموعة من أهالي أوباري والمناطق المجاورة اعتصموا بالحقل، وأجبروا حرس المنشآت والموظفين على وقف الإنتاج، «احتجاجاً على تردي أوضاعهم المعيشية، وتهميشهم من خطط التنمية، وعدم تنفيذ الحكومة لوعودها السابقة لهم».

صدام حفتر في بنغازي مع نائب قائد القيادة الأميركية في أفريقيا (أفريكوم) بيرنان (رئاسة أركان القوات البرية)

وبينما لم يصدر أي تعليق من الجيش المتمركز في شرق البلاد، نفى مسؤولان مقربان من حفتر وصدام هذه الاتهامات، وقال مصدر عسكري لـ«الشرق الأوسط»، إن الأخير الذي يترأس الوحدات البرية بالجيش، «موجود داخل البلاد»، في نفي واضح لزيارته إيطاليا مؤخراً.

وقال مسؤول آخر، إن «الجيش الوطني، خلافاً للمزاعم التي روجتها وسائل إعلام محلية، محسوبة على تنظيم الإخوان، ليس له أي علاقة بإقدام بعض أهالي أوباري على إغلاق الحقل، بسبب مطالب لهم».

وكان الحقل، هدفاً متكرراً لأسباب سياسية متعددة، ومطالب من محتجين محليين، علماً بأنه يتم تشغيله من «شركة النفط الوطنية» عبر شركة «أكاكوس» بالتعاون مع شركة «ريبسول» الإسبانية، وشركة «توتال» الفرنسية، وشركة «أو أم في» النمساوية، وشركة «إكوينور» النرويجية.

في شأن آخر، قالت رئاسة أركان القوات البرية، مساء السبت، إن رئيسها اللواء صدام حفتر، «ثمّن جهود آمر اللواء 128 المُعزّز، العميد حسن الزادمة، وجميع الضباط والجنود في تأمين المناطق الجنوبية، على خلفية مداهمة وكر للمتاجرة بالأسلحة في منطقة تمسة».

وكان «اللواء 128 المُعزّز» كشف أنه بعد عمليات التحري والمراقبة التي امتدت لعدة أيام، تمكنت «السرية 77 المقاتلة» التابعة للواء من مداهمة والقبض على عصابة إجرامية متخصصة في نقل وتهريب السلاح عبر الحدود المشتركة بين ليبيا ودول الجوار، كما تمت مصادرة الأسلحة والذخائر التي كانت بحوزتهم. منوهاً إلى أنهم ينتمون إلى جنسيات سودانية وتشادية.

من جانبها، نفت «مديرية أمن طرابلس» تعرض مركز شرطة الحي الصناعي لهجوم مسلح، وقالت في بيان لها، إن ما تردد في هذا الشأن «غير صحيح ولا يعدو عن كونه شائعات الغرض منها إثارة الفتنة»، ودعت المواطنين إلى «عدم الاهتمام بمثل هذه الشائعات التي تسعى إلى زعزعة الثقة بمراكز الشرطة».

من جهة أخرى، أعلنت حكومة «الوحدة» استئناف الرحلات الدولية بمطار «سبها» جنوب ليبيا، بعد توقفه عن العمل منذ 10 سنوات؛ بسبب الأوضاع الأمنية، وذلك عبر إقلاع أول رحلة متجهة إلى مطار «برج العرب» بالإسكندرية، بتشغيل من «الخطوط الجوية الأفريقية»، مشيرة إلى ما وصفته بـ«الجهود المتواصلة من وزارة المواصلات، ومصلحة المطارات لتطوير البنية التحتية وإزالة العقبات التي كانت تعيق العمليات الدولية».


مقالات ذات صلة

مطالب بالتحقيق في «وقائع فساد» كشفها «المحاسبة» الليبي

شمال افريقيا الدبيبة وشكشك رئيس ديوان المحاسبة في ليبيا (ديوان المحاسبة)

مطالب بالتحقيق في «وقائع فساد» كشفها «المحاسبة» الليبي

عضو مجلس النواب الليبي جبريل أوحيدة لـ«الشرق الأوسط» تعليقاً على تقرير ديوان المحاسبة: «ما نتوقعه من فساد وهدر للمال العام أكبر مما ورد بتقرير ديوان المحاسبة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الوفد البرلماني الليبي برئاسة صالح في إيطاليا (مكتب صالح)

رئيس «النواب» يُشدد من روما على «حاجة ليبيا لحكومة موحدة»

دافع عقيلة صالح عن مجلسه خلال زيارته إلى روما، وقال إن «الجمود في العملية السياسية ليس بسبب البرلمان؛ بل نتيجة القوة القاهرة التي ذكرتها مفوضية الانتخابات».

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا مسؤولون ليبيون خلال عملية إنقاذ عدد من المهاجرين بعد تعطل مركبهم أثناء محاولتهم الهجرة السرية نحو أوروبا (الشرق الأوسط)

شبح «توطين المهاجرين» في ليبيا يستحضر نظام «الكفيل الخاص»

إلى جانب المخاطر الدستورية المحتملة، يخشى مراقبون من تهديدات «التوطين» للأمن القومي في ليبيا؛ إذ قد ينذر «باختراقات أمنية خطيرة وارتفاع معدلات الجريمة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من اجتماع الوفد الأممي مع القيادات المحلية في سبها جنوب ليبيا (البعثة الأممية)

خوري: حان الوقت ليمسك الليبيون بزمام أمورهم

ناقش وفد أممي بقيادة خوري، خلال زيارته مدينة سبها بجنوب ليبيا مع كبار المسؤولين العسكريين، تحسن الوضع الأمني في الجنوب وتحديات أمن الحدود.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا صورة لسيف القذافي تداولها أنصاره على صفحاتهم الشخصية

تصريحات منسوبة لسيف القذافي تعيده للساحة السياسية الليبية

يُبقي أنصار سيف الإسلام القذافي عليه حاضراً في المشهد السياسي الراهن بتصريحات غير موثقة للتأكيد على قربه من الحياة العامة رغم أنه لم يظهر في مكان عام منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

مطالب بالتحقيق في «وقائع فساد» كشفها «المحاسبة» الليبي

الدبيبة وشكشك رئيس ديوان المحاسبة في ليبيا (ديوان المحاسبة)
الدبيبة وشكشك رئيس ديوان المحاسبة في ليبيا (ديوان المحاسبة)
TT

مطالب بالتحقيق في «وقائع فساد» كشفها «المحاسبة» الليبي

الدبيبة وشكشك رئيس ديوان المحاسبة في ليبيا (ديوان المحاسبة)
الدبيبة وشكشك رئيس ديوان المحاسبة في ليبيا (ديوان المحاسبة)

فتح تقرير ديوان المحاسبة الليبي لعام 2023، الذي تم تسريبه قبل صدوره رسمياً، باباً جديداً من الانتقادات الموجهة للسلطة التنفيذية في طرابلس والمؤسسات التابعة لها، بعدما كشف عن «وقائع فساد»، وسط مطالب سياسية ومجتمعية بفتح تحقيق فيما تضمنه من تجاوزات.

وتنوعت أشكال الإنفاق و«التجاوزات المالية»، التي أوردها تقرير الديوان، الذي يعدّ أكبر جهاز رقابي في ليبيا، بين رواتب قطاع السفارات والقنصليات والبعثات الليبية لـ3478 موظفاً، منهم 1923 دبلوماسياً، و1555 عمالة محلية، والإنفاق ببذخ على شراء سيارات فارهة للمسؤولين، واستئجار طائرات خاصة.

المنفي والدبيبة في لقاء سابق (المجلس الرئاسي الليبي)

وأفاد التقرير بأن رواتب قطاع السفارات والقنصليات والبعثات وصل إلى 1.5 مليار دينار. (الدولار يساوي 4.8 دينار في السوق الرسمية)، كما أظهر تخصيص قرابة 50 مليون دينار لبند «سيارات»، وقرابة نصف مليار دينار للتدريب ضمن نفقات المؤسسة الوطنية للنفط.

ورغم ما كشف عنه التقرير من «تجاوزات مالية» أثارت حفيظة جل الليبيين الذين يعانون في صرف رواتبهم الشهرية، فقد قال عضو مجلس النواب، جبريل أوحيدة: «ما نتوقعه من فساد وهدر للمال العام أكبر مما ورد في تقرير ديوان المحاسبة».

شكشك رئيس ديوان المحاسبة في ليبيا (ديوان المحاسبة)

كما رصد التقرير إنفاق نفقات بدل سكن موظفي ديوان مجلس الوزراء ما مجموعه 847 ألف دينار، وسداد الحكومة 316.44 ألف دينار مقابل حجوزات فندقية لفترات طويلة لأشخاص، دون توضيح صفاتهم أو تبعيتهم، إلى جانب صرف 717 ألف دينار لشركة (ر. ال) التموينية، مقابل خدمات إعاشة استمرت بالوتيرة نفسها حتى في شهر رمضان.

وأرجع أوحيدة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» ازدياد حجم التجاوزات المالية إلى «غياب المتابعة والمحاسبة، وشرعنة الأجسام التنفيذية من الخارج، والصرف بترتيبات مالية خارج قوانين الميزانية، وما إلى ذلك من انقسام وفوضى».

النائب العام المستشار الصديق الصور (المكتب الإعلامي للنائب العام)

ولم يستثن التقرير أي جهاز من الأجهزة الليبية، حيث رصد إنفاق 10 آلاف دولار مقابل إقامة وفود رئاسية لليلة الوحدة في جناح فندقي خلال زيارتها إلى نيويورك، رغم وجود مقر ليبي لضيافة الشخصيات المرموقة. كما تضمن التقرير صرف 720 ألف دينار، مقابل توفير طائرة لنقل نائب رئيس المجلس الرئاسي إلى دولة غينيا مؤخراً.

وأظهر التقرير أيضاً توسع حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، في الإنفاق بشكل كبير، بداية من الصرف على «رحلات الطيران» قيمتها أكثر من مليوني ونصف مليون، وصولاً إلى إنفاقها 665 ألف دينار على «إحياء ليلة القدر» خلال شهر رمضان الماضي، بالإضافة إلى تخصيص نحو نصف مليون دينار لإقامة ندوة تتعلق بالانتخابات.

وقال الباحث والمحلل السياسي الليبي، محمد إمطيريد، إن هذه المخالفات ستتطلب إجراء تحقيقات موسعة ضد حكومة الدبيبة، متوقعاً أن يبدأ خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، في التحرك، وكذلك النائب العام المستشار الصديق الصور.

إمطيريد توقع أن يبدأ خالد المشري في التحرك للتحقيق في التجاوزات التي أبرزها التقرير (المكتب الإعلامي للمجلس)

ورأى إمطيريد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن ظهور هذه التقارير عادة ما يستهدف إزاحة الحكومة، وهو ما يقصد به راهناً الدبيبة، وذكّر بالتقارير التي أصدرها الديوان في الأعوام السابقة ضد حكومة فائز السراج السابقة، والصديق الكبير، محافظ المصرف المركزي المقال.

ويعتقد إمطيريد أن الولايات المتحدة «تقف وراء صدور مثل هذه التقارير. وديوان المحاسبة يبدأ في الضغط عندما يأخذ الضوء الأخضر منها ومن لندن، ويعمل على تحقيق رغبات المجتمع الدولي بالضغط، الذي يكون ربما لإنهاء حالة الخمول السياسي في ليبيا، وتحقيق الاستقرار».

لكن «الديوان» استبق تلك الاتهامات، وحذر من «الانحراف بالتقرير عن مساره المهني والموضوعي، واستغلاله في الصراعات السياسية أو لتحقيق أغراض خاصة». ودافع عن نفسه قائلاً إنه يمارس مهامه، وفقاً للقانون والمعايير الدولية، وأوضح أنه يهدف إلى تعزيز الشفافية والمساءلة والنزاهة في بيئة القطاع العام، ومعالجة أوجه عدم الالتزام، أو القصور والضعف في الأنظمة والسياسات المعمول بها، بما يضمن حسن إدارة المال العام وتوجيهه بالشكل الصحيح.

يشار إلى أن تقرير 2022 تضمن أيضاً «وقائع فساد» كثيرة، بداية من «اختلاس المال العام عن طريق عقود وهمية»، «والتوسع في إبرام عقود للتوريد»، بالإضافة إلى إنفاق الملايين على شراء سيارات، فضلاً عن إقامة أشخاص لا تربطهم علاقة وظيفية بديوان الحكومة في فنادق خارج البلاد.

وإلى جانب ما رصده التقرير من «تضخم الرواتب في وزارة الداخلية، والإسراف في التكليف المباشر والتعاقدات غير الضرورية»، تحدث أيضاً عن «سوء إدارة الموارد والمخصصات المالية في وزارة الدفاع»، بالإضافة إلى «الانحراف في توجيهها عن التوجيه السليم بما يخدم بناء وتنظيم المؤسسة العسكرية».

وأمام استفحال التجاوزات ووقائع الفساد، تساءل أوحيدة: «مَن سيحاسب من في ظل هذا النهب للمال العام؟».

وللعلم، فإن مكتب النائب العام فتح تحقيقات عديدة فيما تضمنه تقرير الديوان لعام 2022.