​هل يستفيد الدبيبة من خلافات «النواب» و«الدولة» حول «الحكومة الجديدة»؟

الشركسي يرى أنها تطمئن رئيس «الوحدة» بعدم حدوث تغيير بالمشهد الراهن

رئيس حكومة الوحدة الليبية «المؤقتة» عبد الحميد الدبيبة في جولة بطرابلس (الحكومة)
رئيس حكومة الوحدة الليبية «المؤقتة» عبد الحميد الدبيبة في جولة بطرابلس (الحكومة)
TT
20

​هل يستفيد الدبيبة من خلافات «النواب» و«الدولة» حول «الحكومة الجديدة»؟

رئيس حكومة الوحدة الليبية «المؤقتة» عبد الحميد الدبيبة في جولة بطرابلس (الحكومة)
رئيس حكومة الوحدة الليبية «المؤقتة» عبد الحميد الدبيبة في جولة بطرابلس (الحكومة)

مع إعلان مجلس النواب الليبي، برئاسة عقيلة صالح، فتح باب الترشح لرئاسة «حكومة جديدة»، سلطت الأنظار بدرجة كبيرة على رد فعل رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، إزاء هذا التحرك الذي يستهدف الإطاحة به.

لكن حتى اللحظة الراهنة لم يصدر عن الدبيبة، أو أي أحد من أعضاء حكومته، إشارة أو تعليق على الأمر، باستثناء نفي نائبه، وزير الصحة رمضان أبو جناح، ما تردد عن ترشحه لسباق الحكومة المقبلة، واصفاً الأمر بـ«المعلومات الكاذبة».

عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي (رويترز)
عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي (رويترز)

ووفقاً لمراقبين، فإن تجاهل الدبيبة الإعلان عن فتح باب الترشح لرئاسة «الحكومة الجديدة»، يعود لتعويله على فشل البرلمان في تشكيل حكومة تحظى بتوافق الأطراف السياسية والقوى المسلحة، مما يطيل أمد حكومته، في ظل اتساع الفجوة بين صالح، ومحمد تكالة رئيس المجلس الأعلى للدولة.

في هذا السياق، عدّ عضو ملتقى الحوار السياسي الليبي، أحمد الشركشي، أن وجود خلاف بين رئيسي النواب و«الأعلى للدولة» على تشكيل «حكومة جديدة» يعد مقدمة الأسباب التي تجعل الدبيبة «مطمئناً بدرجة ما حيال استبعاد حدوث تغيير بالمشهد الراهن، وبالتالي يعزف عن التعليق عليه».

يرى مراقبون أن تجاهل الدبيبة الإعلان عن فتح باب الترشح لرئاسة «الحكومة الجديدة» يعود لتعويله على فشل البرلمان في تشكيل حكومة تحظى بتوافق (البرلمان)
يرى مراقبون أن تجاهل الدبيبة الإعلان عن فتح باب الترشح لرئاسة «الحكومة الجديدة» يعود لتعويله على فشل البرلمان في تشكيل حكومة تحظى بتوافق (البرلمان)

وأوضح الشركسي لـ«الشرق الأوسط» أن تكالة أكد بوضوح أنه «لم يتفق مع رئيس مجلس النواب عقيلة صالح على آلية تشكيل حكومة جديدة»، ووصف هذه الخطوة بـ«المنفردة».

وتكررت خلال الشهور الماضية دعوة البرلمان لتشكيل «حكومة جديدة موحدة»، تضطلع بمهمة إجراء الانتخابات، إلا أنه بعد اجتماع أعضاء من مجلسي النواب والأعلى للدولة بالقاهرة، أعلن البرلمان فتح باب الترشح لشغل منصب رئيس الحكومة.

محمد تكالة رئيس المجلس الأعلى للدولة (د.ب.أ)
محمد تكالة رئيس المجلس الأعلى للدولة (د.ب.أ)

ويرى الشركسي أن الوضع «سيبقى معلقاً لحين إجراء الانتخابات الدورية لرئاسة المجلس الأعلى للدولة مطلع أغسطس (آب) المقبل». وقال موضحاً: «إذا أعيد انتخاب تكالة، المعروف بتقاربه مع سياسات الدبيبة، فهذا يعني أن وضعية الانقسام بين حكومة الدبيبة والحكومة المكلفة من البرلمان، برئاسة أسامة حماد، ستظل قائمة لحين قيام البعثة الأممية بالدعوة لعملية سياسية جديدة».

وأضاف الشركي: «في حالة ما إذا فازت شخصية أخرى، وتحديداً من كتلة (التوافق الوطني) بالأعلى للدولة، والتي تتوافق مع البرلمان، فقد تكون هناك إمكانية لتفعيل ودعم الدعوة لتشكيل حكومة جديدة».

من جانبه، توقع رئيس الهيئة التأسيسية لحزب «التجمع الوطني الليبي»، أسعد زهيو، أن يواصل الدبيبة تجاهله لدعوة البرلمان لفتح باب الترشح لرئاسة الحكومة الجديدة. وقلل زهيو في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» مما يردده البعض من أن تجاهل الدبيبة يعود «لتعويله على دعم دول إقليمية أو غربية، أو تشكيلات مسلحة كبرى تتمركز معه بالعاصمة»، عادّاً أن «علاقة التحالف بين الدبيبة والتشكيلات المسلحة مؤقتة، ومرتبطة بالمصالح المتبادلة بينهما، ويمكن القول إن قرار قيادات تلك التشكيلات رهين بتوجهات القوى الدولية».

وعلى مدار الأيام الماضية، تعالت أصوات سياسية عدة، بعضها من داخل البرلمان، تحذر من تكرار سيناريو تشكيل حكومة بشكل منفرد، وبمعزل عن أي توافق مع باقي القوى السياسية، مما يعني عدم تمتعها بالشرعية الأممية، وتمركزها بالمنطقة الشرقية مثل حكومة حماد، وبقاء حكومة الدبيبة في العاصمة طرابلس.

أسامة حماد رئيس حكومة الاستقرار الموازية (الاستقرار)
أسامة حماد رئيس حكومة الاستقرار الموازية (الاستقرار)

بالمقابل، أرجع المحلل السياسي الليبي، محمد محفوظ، صمت الدبيبة حيال دعوة البرلمان «لما بدأ يُرصد من خلافات بين البرلمان وبين الكتلة المتقاربة معه داخل الأعلى للدولة وخارجه». وقلل محفوظ في تصريح لـ«الشرق الأوسط» مما يطرحه البعض من أن التقارب الراهن بين القاهرة وأنقرة، وانفتاح الأخيرة على قيادات الشرق الليبي السياسية والعسكرية، قد يؤدي لدعم مخططات البرلمان بإيجاد «حكومة جديدة».

ويرى محفوظ أن «الدبيبة قلق من التقارب المصري - التركي، ولكن ليس بدرجة كبيرة، وذلك لإدراكه أن الخطوط العريضة لدبلوماسية الدولتين لم تتغير بعد»، لافتاً إلى أن القاهرة «ورغم انفتاحها تدريجياً على أنقرة، فإنها لن ترضى بشخصية مقربة من الأخيرة لتولي رئاسة الحكومة الجديدة، والعكس صحيح».

وانتهى محفوظ إلى أنه «حتى الآن، لم تبرز بالمشهد السياسي شخصية يمكن للدولتين التوافق حولها لتولي رئاسة الحكومة الليبية الجديدة».


مقالات ذات صلة

المنفي: «الاستشارية» الأممية غير ملزمة للأطراف الليبية

شمال افريقيا المنفي خلال مأدبة إفطار رمضاني أعدها لعدد من مسؤولي الدولة والسفراء المعتمدين لدى ليبيا (المجلس الرئاسي)

المنفي: «الاستشارية» الأممية غير ملزمة للأطراف الليبية

رأى محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي الليبي، أن «الاستفتاء هو أحد البدائل» للخروج من حالة الجمود السياسي في بلده.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا لقاء سابق يجمع نورلاند (وسط) والقائم بالأعمال الأميركي جيريمي برنت مع عبد الله اللافي النائب بالمجلس الرئاسي الليبي (السفارة)

أميركا تدخل على خط أزمة «الاعتقالات التعسفية» في ليبيا

دعا المبعوث الأميركي إلى ليبيا للإفراج «الفوري» عن جميع الأفراد المحتجزين تعسفياً. يأتي ذلك على خلفية تصاعد عملية الاعتقال والخطف بشكل ملحوظ.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا النائب العام الليبي الصديق الصور (مكتب النائب العام)

«الخصومة السياسية»... تهمة تطول النشطاء وأسرهم في ليبيا

تُشكّل عملية توقيف النشطاء على خلفيات تتعلق بـ«الخصومة السياسية» ظاهرة ملموسة في ليبيا؛ ما يعمّق مخاوف المجتمع المدني، ويزيد من رقعة الانتهاكات الحقوقية.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا تيتيه تلتقي في تونس سفير بلجيكا فرنسوا ديمون (البعثة الأممية)

الأمم المتحدة تدعو لضرورة تنسيق دولي بشأن الأزمة الليبية

قالت المبعوثة الأممية إلى ليبيا إنها أطلعت جيريمي برنت القائم بأعمال السفارة الأميركية على عمل اللجنة الاستشارية والجهود المبذولة مع الأطراف الليبية والإقليمية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جل الليبيين باتوا يشتكون من غلاء الأسعار وعدم قدرتهم على تأمين الضروريات (أ.ف.ب)

ليبيون يسخرون من تقرير أممي عدّهم «أسعد» شعوب المغرب العربي

احتلال ليبيا المرتبة الأولى مغاربياً والسادسة عربياً والـ79 عالمياً في مؤشر السعادة العالمي لعام 2025 الذي يصدر تحت إشراف الأمم المتحدة.

جاكلين زاهر

المنفي: «الاستشارية» الأممية غير ملزمة للأطراف الليبية

المنفي خلال مأدبة إفطار رمضاني أعدها لعدد من مسؤولي الدولة والسفراء المعتمدين لدى ليبيا (المجلس الرئاسي)
المنفي خلال مأدبة إفطار رمضاني أعدها لعدد من مسؤولي الدولة والسفراء المعتمدين لدى ليبيا (المجلس الرئاسي)
TT
20

المنفي: «الاستشارية» الأممية غير ملزمة للأطراف الليبية

المنفي خلال مأدبة إفطار رمضاني أعدها لعدد من مسؤولي الدولة والسفراء المعتمدين لدى ليبيا (المجلس الرئاسي)
المنفي خلال مأدبة إفطار رمضاني أعدها لعدد من مسؤولي الدولة والسفراء المعتمدين لدى ليبيا (المجلس الرئاسي)

قال محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي الليبي، إن اللجنة الاستشارية المشكلة من البعثة الأممية «غير ملزمة للأطراف الليبية»، معتبراً أن «الاستفتاء هو أحد البدائل» للخروج من حالة الجمود السياسي.

المنفي (قناة ليبيا الوطنية)
المنفي (قناة ليبيا الوطنية)

وأضاف المنفي في حوار مع عدد من وسائل الإعلام المحلية، من بينها قناتا «ليبيا الوطنية» و«تلفزيون المسار»: «نحن على استعداد تام للتعاون مع الأطراف كافة في سبيل التوافق على حل المشكلات المتعلقة بالانتخابات العامة»، مشدداً على أن استقلال القضاء الليبي، وفصل المؤسسات التشريعية، «ركيزة أساسية لسيادة الدولة... ولا بد من ترسيخ مبدأ توحيد المؤسسات القضائية، وضمان حيادها الكامل بعيداً عن أي تجاذبات».

ضرورة استقلال القضاء

رأى المنفي أن القضاء الليبي «يظل حتى الآن هو السلطة الأكثر توحداً وحيادية»، وبالتالي يجب أن يظل مستقلاً، وعدم تبعيته لأي طرف، وأن يكون موحداً، لافتاً إلى أنه من عام 2014 «بدأت السياسة تتدخل في شؤون القضاء، وأصبحت تتزايد مع الوقت؛ لذلك نتمسك بضرورة إبعاده عن التجاذبات السياسية».

في سياق ذلك، أرجع المنفي الانقسام المؤسساتي في ليبيا إلى «ضعف القبضة الأمنية، مما يستدعي التعاون مع الأمم المتحدة»، وقال إن الانتخابات البرلمانية والرئاسية «أمر لا بديل عنه»؛ مبرزاً أن نجاح انتخابات المجالس البلدية «يُعد مؤشراً قوياً على عدم وجود عراقيل تحول دون إجراء الانتخابات، ونحن نسعى جاهدين لحل المسائل الخلافية في أقرب وقت».

بخصوص ملف «المصالحة الوطنية»، أوضح المنفي أنه يتطلب «عقد حوارات مجتمعية، والاستعانة بخبرات محلية ودولية»، وهو ما يعكف عليه المجلس الرئاسي حالياً، وقال إن «مجلس النواب لم يرسل للمجلس الرئاسي أي ملاحظات تتعلق بتعديلات قانون العدالة الانتقالية منذ أكثر من عام»، مشيراً إلى أن «نجاح ملف المصالحة يتطلب موافقة جميع الليبيين، مع مراعاة تحقيق العدالة والمساواة وجبر الضرر».

أما بخصوص اللجنة العسكرية «5+5»، فقد أوضح المنفي أن «استمرار التوافق بين أعضائها لوقف إطلاق النار يساهم في توحيد المؤسسة العسكرية، وحلحلة أي إشكاليات عسكرية وأمنية». ورأى أن اللجنة العسكرية أسست من أجل «ضمان وقف إطلاق النار تحت آليات تنفيذية محددة، وبالتالي فإن إخراج المرتزقة ليس من اختصاصها، والأمر يحتاج إلى تحديث في مهامها».

ورأى المنفي أن «الملفات التي تناقشها اللجنة العسكرية، مثل توحيد المؤسسة وإخراج المرتزقة والقوات الأجنبية، يحتاج حسمها إلى رئيس منتخب».

كما تحدث المنفي عن سبل توحيد السياسة المالية في ليبيا، وقال إن «الأمر يحتاج لتوافق جميع الأطراف عبر لجنة مالية موحدة لضمان عدالة التوزيع»، لكنه شدد على أن مجلسه «هو المسؤول عن توحيد السياسة المالية بالتنسيق مع المصرف المركزي»، في إِشارة إلى مجلس النواب.

وأوضح المنفي أن بلاده في حاجة ماسة إلى «إصلاح اقتصادي شامل»، وفق عملية تحتاج إلى «الشفافية وتشديد الرقابة»، لافتاً إلى عمليات مبادلة النفط الخام بالمحروقات، وقال إن هذا «إجراء استثنائي اتخذ في 2018، وله آثار سلبية على الاقتصاد الوطني». وكان المنفي وجه بإنهاء عملية المبادلة للنفط بالوقود، ووضع آليات فعالة لحماية موارد ليبيا.

ملف الإعمار والهجرة

بخصوص ملف إعادة إعمار ليبيا، لفت المنفي إلى أن «التنافس الراهن بشأن إعادة إعمار البلاد ظاهرة إيجابية، لكن يتطلب آليات تضمن استمراريته، ونحن نؤكد دعمنا لكل من يسهم في إعادة الإعمار، وتعزيز مسار التنمية بما يخدم الصالح العام».

وفيما يتعلق بملف الهجرة غير النظامية، دعا المنفي إلى «إيجاد رؤية استراتيجية للعمل على معالجة هذا الملف وتأمين الحدود»، وقال إن «التعاون مع الاتحادين الأفريقي والأوروبي أساس لمعالجة ملف الهجرة».

في غضون ذلك، بحث رئيس ديوان المحاسبة، خالد شكشك، مع السفير الفرنسي لدى ليبيا، مصطفى مهراج، «دور الديوان الذي يلعبه في تعزيز الشفافية في إدارة المال العام، من خلال التقارير السنوية التي ينشرها، والتي تهدف إلى تحسين إدارة الموارد العامة ومكافحة الفساد».

رئيس ديوان المحاسبة خلال لقاء السفير الفرنسي لدى ليبيا «الديوان»
رئيس ديوان المحاسبة خلال لقاء السفير الفرنسي لدى ليبيا «الديوان»

وقال الديوان في بيان، اليوم الجمعة، إن شكشك «أكد أهمية العمل الرقابي المستمر لضمان تحقيق العدالة في استخدام المال العام».

ونقل الديوان عن السفير الفرنسي إعرابه عن «دعم بلاده المستمر لجهود ديوان المحاسبة في تعزيز الشفافية»، مؤكداً أهمية التعاون لمواجهة التحديات الراهنة في ليبيا وتعزيز الحكم الرشيد.

كما تطرق اللقاء إلى إمكانية فتح آفاق التعاون بين ديوان المحاسبة الليبي ومحكمة الحسابات الفرنسية، بهدف تبادل الخبرات وتعزيز القدرات الرقابية، وخاصة في مجال تطوير أساليب وتقنيات العمل الرقابي المتقدم.

في شأن مختلف، قال المكتب الإعلامي لرئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، إنه التقى رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الخميس، في أبوظبي، وذلك تلبية لدعوة رسمية.

وأضاف مكتب الدبيبة أن اللقاء تناول أوجه التعاون المشترك بين البلدين، خاصة في مجالات الاقتصاد، والطاقة، والاستثمار، إلى جانب تبادل وجهات النظر حول عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.