سلطات شرق ليبيا توسّع انفتاحها على تركيا

سعياً لـ«تكتل مصالح» في مواجهة حكومة طرابلس

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان مستقبِلاً في أنقرة بلقاسم حفتر (صندوق إعادة إعمار ليبيا)
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان مستقبِلاً في أنقرة بلقاسم حفتر (صندوق إعادة إعمار ليبيا)
TT

سلطات شرق ليبيا توسّع انفتاحها على تركيا

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان مستقبِلاً في أنقرة بلقاسم حفتر (صندوق إعادة إعمار ليبيا)
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان مستقبِلاً في أنقرة بلقاسم حفتر (صندوق إعادة إعمار ليبيا)

تخلت سلطات شرق ليبيا عن تحفظها السابق في التعامل مع الإدارة التركية، واتجهت لمزيد من التوسّع في العلاقات، بزيارة أجراها، الخميس، بلقاسم نجل المشير خليفة حفتر، والتقى خلالها وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في أنقرة.

وتأتي زيارة بلقاسم إلى تركيا غداة تأكيد وزير خارجيتها في مقابلة تلفزيونية، الأربعاء، على «تقدم العلاقات مع شرق ليبيا بشكل جيد للغاية»، في ظل «وجود تواصل مع المشير حفتر وأبنائه».

وأعلن «صندوق إعادة إعمار درنة والمدن والمناطق المتضررة»، الذي يترأسه بلقاسم، الخميس، أنه التقى فيدان بمقر وزارة الخارجية التركية في العاصمة أنقرة، موضحاً أن الطرفين ناقشا سُبل تطوير التعاون الثنائي بين البلدين، لكن سياسيين ليبيين اعتبروا هذا الاجتماع «خطوة باتجاه بناء تكتل مصالح» في مواجهة سلطات طرابلس، التي تربطها علاقات وطيدة مع أنقرة.

بلقاسم حفتر (أ.ف.ب)

وفي مطلع أبريل (نيسان) الماضي، وقّع بلقاسم حفتر عقود عمل مع شركات تركية لتنفيذ مشاريع عدة في مدينة بنغازي، وقالت «لجنة الإعمار» المكلفة من مجلس النواب حينها إن بلقاسم وقّع «مع كبرى الشركات التركية المتخصصة في مجال المقاولات العامة والتجهيزات والبنية التحتية، لمباشرة أعمالها لعدة مشاريع في بنغازي».

وبينما يرى سياسيون ليبيون أن تعامل معسكر شرق ليبيا مع أنقرة «يعزز موقفه سياسياً واقتصادياً»، قال الأكاديمي والباحث السياسي التركي، مهند حافظ أوغلو، إن أنقرة «تحاول في سياساتها الخارجية - لا سيما في الملفات التي تكون منقسمة فيها على نفسها كالمثال الليبي - أن تكون متوازنة في علاقاتها؛ وعليه تحاول اليوم التعاون مع الشرق الليبي بشكل عام».

ويعتقد أوغلو في حديثه إلى «الشرق الأوسط» أن تركيا «ليست مع طرف ضد آخر في ليبيا، بل هي مع الدولة... ويهمها أن تكون ليبيا متحدة»، لافتاً إلى أن الدعم الذي قدمته أنقرة في السابق لغرب البلاد «كان لأسباب أمنية بامتياز، بجانب الحفاظ على الشرعية».

وسبق أن أعلنت أنقرة غير مرة عن قرب افتتاح قنصليتها في مدينة بنغازي، المغلقة منذ عام 2014، وعن عودة مرتقبة للرحلات الجويّة بين تركيا ومطارات المنطقة الشرقية، المتوقفة منذ سنوات.

وبخصوص «المصالح الاستراتيجية»، أشار أوغلو إلى أن تركيا «ترى أنها يجب أن تكون مع شرق ليبيا وغربها على حد سواء، وبشكل متوازن في العلاقات؛ مما ينعكس على تماسك الدولة الليبية»، مبرزاً أن «القفز على الشرق الليبي غير قابل للتحقيق؛ وعليه يجب التعاون معه». غير أن سياسياً ليبياً مقرباً من سلطات غرب ليبيا قال لـ«الشرق الأوسط» إن «حفتر بصفته المسيطر على شرق البلاد، يسعى لمحاصرة حكومة عبد الحميد الدبيبة في طرابلس، من خلال فتح المجال بشكل أكبر أمام الشركات التركية للعمل في بنغازي، مما يسمح بحدوث تقارب سياسي واقتصادي أوسع مع أنقرة، وهو ما قد يسهم في بناء علاقات جديدة مبنية على المصالح المتبادلة».

واجهة المصرف الليبي المركزي في بنغازي (رويترز)

في شأن آخر مرتبط بـ«طباعة عملة ليبية مزورة في موسكو»، نفت السفارة الروسية لدى ليبيا ما نشرته وكالة «رويترز» للأنباء بشأن طباعة عملات ليبية مزورة في روسيا، وقالت (الخميس) إنه «ليس من المستغرب أن تستمر لندن، على فترات معينة، في طرح موضوع يثير سخرية الليبيين»، مشيرة إلى أن الوكالة «اعتمدت على مصادر لم تسمها»، بالإضافة إلى خبير من معهد الأبحاث البريطاني في فرنسا.

ورأت السفارة الروسية أن التقرير «سمى عنصراً آخر مختلقاً في وكالة الاستخبارات (MI6 ) كمتخصص في هذا الموضوع، ومن أجل التنويع أطلقوا عليه اسم (The Sentry) مع مجموعة قياسية من المهام لفضح الفساد وجرائم الحرب».

وانتهت السفارة الروسية موضحة: «فيما يتعلق بجميع الجهات الرسمية التي لديها معلومات بالفعل، والتي يمكنها فضح هذه الافتراءات، فقد رفضت التعليق على المقال كي لا تحرج وتزعج المؤلفين».

وزير الحكم المحلي بحكومة «الوحدة» مع رئيسة بعثة المنظمة الدولية للهجرة في ليبيا نيكولیتا جيوردانو (المكتب الإعلامي للوزارة)

في شأن مختلف، بحث وزير الحكم المحلي بحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، بدر الدين التومي، مع رئيسة بعثة المنظمة الدولية للهجرة في ليبيا، نيكولیتا جيوردانو، أزمة النازحين السودانيين إلى بلاده. وطالب التومي بضرورة تقديم المنظمة الأممية الدعم والمساعدة للنازحين السودانيين في الكفرة (جنوب شرقي ليبيا)، بالإضافة إلى دعم البلديات الساحلية المتضررة، بتوفير أكياس حفظ الموتى، ووسائل النقل.

الصديق الصور النائب العام الليبي (مكتب النائب العام)

وفي تحرك لمواجهة الفساد الذي تعانيه البلاد، قال مكتب النائب العام، المستشار الصديق الصور، إن النيابة العامة حركت دعوى جنائية ضد «تشكيل عصابي» تعمد أفراده الاستيلاء على 120 مليون دينار من أحد مصارف بني وليد (شمال غربي) باستعمال صكوك مصرفية مزورة.

وأوضح مكتب النائب العام أن «محصلة البحث أكدت تآمر بعض موظفي الفرع مع آخرين على تزوير القيودات المحاسبية، وتمرير صكوك مصرفية زورت القيم المالية المدونة فيها، ثم إجراء تحويلات مالية إلى حسابات مصرفية، تمكّنوا عقبها من سحب المبلغ محل التتبع».


مقالات ذات صلة

مدافعون عن هانيبال القذافي يطالبون السلطات الليبية بـ«تدويل» قضيته

شمال افريقيا هانيبال القذافي (أ.ف.ب)

مدافعون عن هانيبال القذافي يطالبون السلطات الليبية بـ«تدويل» قضيته

طالب ليبيون موالون لنظام الرئيس الراحل معمر القذافي (الخميس) سلطات بلادهم بـ«التحرك العاجل» لإطلاق سراح نجله هانيبال، المعتقل في لبنان منذ قرابة 9 سنوات.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع أمني سابق لوزير داخلية «الوحدة» (وزارة الداخلية)

ليبيا: مخاوف من تجدد القتال غرب طرابلس

عاد الهدوء الحذر إلى مدينة الزاوية غرب ليبيا عقب اشتباكات عنيفة مساء الثلاثاء بين الميليشيات المسلحة.

خالد محمود (القاهرة) جاكلين زاهر (القاهرة)
شمال افريقيا البنك المركزي الليبي (رويترز)

كيف ساهمت «النقود المزيفة» في تراجع قيمة الدينار الليبي؟

قالت ثلاثة مصادر مطلعة لوكالة «رويترز» للأنباء إن ليبيا تشهد عمليات استبدال أوراق نقدية غير رسمية بدولارات حقيقية؛ مما يسهم في خفض قيمة الدينار

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا 
حفتر خلال لقاء وفد محلي من منطقة العربان (الجيش الوطني)

ليبيا: حفتر يدعو إلى «مصالحة وطنية»

دعا المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» الليبي، المتمركز في شرق البلاد، إلى «تحقيق المصالحة الوطنية في ليبيا»، في وقت أكدت فيه فرنسا,

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا حفتر خلال لقاء وفد محلي من منطقة العربان (الجيش الوطني)

حفتر يدعو لـ«مصالحة وطنية» ليبية

شدد القائد العام لـ«الجيش الوطني» المتمركز في شرق ليبيا، المشير خليفة حفتر، على «أهمية تحقيق المصالحة الوطنية في البلاد».

خالد محمود (القاهرة )

مصر: رفع أسعار الوقود يعمّق المخاوف من الغلاء

عامل في إحدى محطات الوقود وسط العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
عامل في إحدى محطات الوقود وسط العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
TT

مصر: رفع أسعار الوقود يعمّق المخاوف من الغلاء

عامل في إحدى محطات الوقود وسط العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
عامل في إحدى محطات الوقود وسط العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

يخشى مصريون من موجة غلاء تطال أسعار السلع والخدمات، بعد قرار الحكومة المصرية، الخميس، رفع أسعار مجموعة واسعة من منتجات الوقود، ضمن خطة ممتدة لإعادة «هيكلة الدعم».

ووفقاً لما نقلته الجريدة الرسمية عن وزارة البترول، فقد جرت زيادة أسعار البنزين بنسبة تصل إلى 15 بالمائة، ليصبح لتر بنزين 80 بسعر 12.25 جنيه (0.25 دولار)، وبنزين 92 بسعر 13.75 جنيه، وبنزين 95 بسعر 15 جنيهاً.

أما السولار، وهو أحد أكثر أنواع الوقود استخداماً، فشهد زيادة أكبر؛ إذ تقرر رفع سعره إلى 11.50 جنيه (0.24 دولار) من عشرة جنيهات.

وهذه هي المرة الثانية التي ترفع فيها الحكومة المصرية أسعار الوقود منذ أن وسع صندوق النقد الدولي برنامج قروضه للبلاد بخمسة مليارات دولار في مارس (آذار) الماضي.

وفور تطبيق الزيادة الجديدة لأسعار البنزين، أعلنت كافة المحافظات المصرية، في بيانات رسمية، الخميس، عن زيادة في تعريفة الأجرة على جميع المواصلات العامة، والتي تشمل سيارات الميكروباص والسرفيس والتاكسي وأتوبيسات النقل العام، تراوحت ما بين «10 - 15 في المائة».

في حين نقلت وسائل إعلام محلية، عن مصادر بوزارة النقل، «وجود تغيير في أسعار تذاكر قطارات السكك الحديدية ومترو الأنفاق خلال الأيام المقبلة».

الإعلامي المصري رامي رضوان معلقاً على ارتفاع أسعار البنزين

وتوقع خبراء اقتصاديون، موجة تضخم في أسعار السلع والخدمات تأثراً بتحريك أسعار الوقود. تقول العميد الأسبق لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتورة عالية المهدي، إن «الطاقة تمس كل جوانب حياتنا من أسعار مواصلات إلى تكاليف إنتاج زراعي وصناعي إلى تكاليف معيشة».

وتساءلت المهدي، في منشور لها على «فيسبوك»: «كيف نتوقع أن ينخفض معدل التضخم بحسب إعلان الحكومة، في حين ترفع أسعار الطاقة طول الوقت؟».

واستنكرت الخبيرة الاقتصادية تبرير زيادات أسعار الوقود بانخفاض سعر صرف الجنيه، باعتبار أن سعر الوقود العالمي لم يحدث به تغيير ملموس خلال الأشهر الأربعة الماضية، على حد قولها. وأضافت: «ما ذنب المستهلك في التضخم المفروض عليه وانخفاض سعر صرف الجنيه الذي تسببت فيه الحكومة؟».

وخفّضت مصر في السادس من مارس الماضي سعر الصرف إلى نحو 50 جنيهاً للدولار من مستوى 31 جنيهاً، استقر بالقرب منه لما يقرب من عام.

وتأتي الزيادة الجديدة لأسعار الوقود قبل أربعة أيام من إجراء صندوق النقد الدولي مراجعة ثالثة لبرنامج قروض موسع للبلاد بقيمة ثمانية مليارات دولار.

ويترقب المصريون كذلك زيادة جديدة في أسعار الكهرباء والغاز الطبيعي للمنازل، خلال الفترة المقبلة، وفق تصريحات حكومية.

وقال رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، الأربعاء، إن أسعار المنتجات البترولية سترتفع تدريجياً حتى نهاية 2025، وأضاف أن الحكومة لم تعد قادرة على تحمل عبء زيادة الاستهلاك.

ووفق تصريح سابق لمدبولي، فإن الحكومة تستهدف وضع تصور لتحويل الدعم إلى نقدي قبل نهاية العام لوضع خطة وبدء التطبيق ابتداءً من موازنة السنة المالية 2025-2026، مؤكداً أن «الدعم النقدي سيوفر مبلغاً مناسباً للأسر المستحقة ليستطيع رب كل أسرة تحديد أولوياته والاستفادة من هذا الدعم».

وشهدت مصر ارتفاعات متتالية في أسعار السلع منذ بداية العام الحالي، خاصة المواد الغذائية، ومنتجات الألبان، واللحوم والدواجن. كما أجرت الحكومة «رفعاً تاريخياً» لسعر «الخبز المدعم»، بأربعة أمثال سعره، نهاية مايو (أيار) الماضي.

في المقابل، يجد البعض مبرراً مقنعاً لزيادة أسعار المواد البترولية، في ظل صعوبات الخيارات المتاحة أمام الحكومة، مع ارتفاع فاتورة الدعم المقدم للمواطنين، وتأثير ذلك على عجز الموازنة.