معارضون مصريون يطالبون بـ«عفو رئاسي» واسع للنشطاء في السجون

بموازاة مناقشة «الحوار الوطني» تقليص «الحبس الاحتياطي»

جانب من جلسات «الحوار الوطني» المصري لمناقشة قضية «الحبس الاحتياطي»
جانب من جلسات «الحوار الوطني» المصري لمناقشة قضية «الحبس الاحتياطي»
TT

معارضون مصريون يطالبون بـ«عفو رئاسي» واسع للنشطاء في السجون

جانب من جلسات «الحوار الوطني» المصري لمناقشة قضية «الحبس الاحتياطي»
جانب من جلسات «الحوار الوطني» المصري لمناقشة قضية «الحبس الاحتياطي»

استغل معارضون مصريون، مناقشة «الحوار الوطني» المصري مقترحات تتعلق بتقليص مدة «الحبس الاحتياطي» في السجون، بطلب توسيع نطاق «العفو الرئاسي» عن السجناء، ليشمل كل النشطاء السياسيين، معتبرين أن «العفو» عن هؤلاء، إجراء ضروري يؤكد «جدية النقاشات».

ويشارك حقوقيون وسياسيون من تيارات متنوعة في جلسات لـ«حوار وطني»، تُعقد بـ«مبادرة رئاسية».

وتناقش الجلسات، التي بدأت الثلاثاء، إجراءات «الحبس الاحتياطي»، عبر محاور، منها «تقليص مدة الحبس الاحتياطي، وبدائله، وموقف الحبس الاحتياطي حال تعدد الجرائم، والتعويض عن الحبس الخاطئ، وتدابير منع السفر».

وقبل عامين، قرّر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إعادة تشكيل لجنة «العفو الرئاسي»، التي تعلن بين الحين والآخر قوائم بأسماء موقوفين، للعفو عنهم بقرارات من النيابة المصرية، أو محبوسين احتياطياً في قضايا مختلفة.

ويرى القيادي بـ«الحركة المدنية الديمقراطية» (تجمع معارض يضم أحزاباً وشخصيات عامة) أحمد بهاء شعبان، أن «إطلاق سراح النشطاء من السجون هو التأكيد الوحيد على جدية تلك النقاشات في (الحوار الوطني)؛ فهؤلاء شباب معظمهم لم يرتكب أي جريمة سوى التعبير عن رأيهم من خلال السوشيال ميديا».

وقال شعبان لـ«الشرق الأوسط» إن «إطلاق سراح المحبوسين سيحافظ على وحدة الوطن، وينهي مشكلة اجتماعية أصبحت تؤرق المجتمع السياسي كله»، مؤكداً أن «أحد أسباب انسحاب الحركة المدنية من (الحوار الوطني) هو تجاهل مطلب الإفراج عن النشطاء».

وعشية بدء جلسات «الحوار الوطني» أخلت السلطات المصرية، الاثنين الماضي، سبيل 79 متهماً من المحبوسين على ذمة قضايا، في خطوة قوبلت بترحيب قوى سياسية وحزبية. لكن بالتزامن، جرى توقيف رسام الكاريكاتير بموقع «المنصة» أشرف عمر، بحسب لجنة الحريات بنقابة الصحافيين المصرية، التي طالبت السلطات بـ«الكشف عن ملابسات القبض عليه والإفراج الفوري عنه».

ورغم إعلان «الحركة المدنية» مقاطعة النسخة الحالية من «الحوار الوطني»، فإن عدداً من قياداتها شارك في جلسات «الحبس الاحتياطي»، بينهم المتحدث السابق باسم الحركة خالد داود، ورئيس «حزب الإصلاح والتنمية» محمد أنور السادات، وهو ما وصفه القيادي شعبان بأنه «قرار فردي بسبب أهمية ملف الحبس الاحتياطي، ولا ينفي المقاطعة».

وخلال جلسة «الحبس الاحتياطي» طالب نقيب الصحافيين بمصر خالد البلشي بإطلاق سراح 23 صحافياً، بينهم رسام الكاريكاتير أشرف عمر الذي تم القبض عليه مؤخراً.

ويأمل حقوقيون وسياسيون مصريون بتحديد سقف زمني للحبس الاحتياطي، وإيجاد بدائل له، في ضوء اتهامات بـ«تجاوز سجناء المدة القانونية للحبس».

السيسي خلال اجتماع له مع الوزراء والمحافظين ونوابهم (الرئاسة المصرية)

ويعتزم مجلس أمناء «الحوار الوطني» رفع التوصيات الخاصة بمناقشات قضية «الحبس الاحتياطي»، إلى الرئيس السيسي، فور انتهاء الجلسات مصحوبة بقائمة تتضمن عدداً من المحبوسين ووضعها تحت تصرفه. في حين أكد مشاركون أنه «يوجد إرادة سياسية لدى الحكومة بإنهاء ملف الحبس الاحتياطي نهائياً».

ووفق وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، المستشار محمود فوزي، فإن «الرئيس السيسي يولي اهتماماً بالغاً بملف الحبس عموماً، وإيجاد حلول جذرية له، وهو ما ظهر بقرارات العفو الرئاسي».

وأكد فوزي في إفادة رسمية عقب انتهاء جلسات «الحوار الوطني»، مساء الثلاثاء، «ضرورة التوازن الدقيق بين التزام الدولة في حفظ الأمن وتوفير الحياة الآمنة للمواطنين ومواجهة الجرائم».

وطالب عضو مجلس النواب، الدكتور فريدي البياضي، بالإفراج عن المحبوسين احتياطياً كافة في القضايا ذات الصلة بحرية التعبير... وكذلك التوقف عن القبض على مواطنين جدد للأسباب ذاتها.

وقال البرلماني المصري لـ«الشرق الأوسط»: ملف الحبس الاحتياطي «يحتاج إلى إجراءات حكومية عدة بجانب تعديلات تشريعية تقلص مدته وتقدم بدائل أكثر عدالة».

ويرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور مصطفى كامل السيد، أن «المطالبة بإطلاق سراح النشطاء وإنهاء أزمة الحبس الاحتياطي لم تعد مطلباً للقوى المعارضة فقط، بل مطلب مجتمعي تتبناه معظم القوى السياسية»، وبحسب تصريحات السيد لـ«الشرق الأوسط»، فإن «التوسع في الحبس الاحتياطي ارتبط بظروف توترات سياسية وأمنية سابقة بالبلاد، بينما الآن الوضع آمن لا يستدعي أي إجراءات استثنائية».

وأكد السيد أن «النقاش العام في جلسات (الحوار الوطني) يشير إلى اتفاق الجميع حول ضرورة إنهاء ملف الحبس الاحتياطي».

وفي مارس (آذار) الماضي، ناقش مجلس النواب المصري مشروع قانون بتعديلات تشريعية لتقليص مدد «الحبس الاحتياطي»، تضمنت التعديلات المقترحة وضع حد أقصى لمدته، وتنظيم حالات التعويض عنه، وتقليص مدته لتصبح في قضايا الجنح 4 أشهر بدلاً من 6 أشهر، وفي الجنايات 12 شهراً بدلاً من 18 شهراً في القانون الحالي، وأيضاً 18 شهراً بدلاً من عامين، إذا كانت العقوبة المقررة للجريمة السجن المؤبد أو الإعدام.


مقالات ذات صلة

إحصاء 336 اعتداءً ضد الصحافيين في 3 سنوات من حكم «طالبان» في أفغانستان

آسيا خلال احتجاج نظمته حركة «طالبان» في أفغانستان (رويترز - أرشيفية)

إحصاء 336 اعتداءً ضد الصحافيين في 3 سنوات من حكم «طالبان» في أفغانستان

أفادت الأمم المتحدة، الثلاثاء، بأنها سجّلت 336 اعتداءً على صحافيين وعاملين في وسائل إعلام منذ عودة «طالبان» لحكم أفغانستان في أغسطس 2021.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
يوميات الشرق في عام 2023 قُتلت امرأة كل 10 دقائق على يد شريكها أو فرد من عائلتها (أ.ف.ب)

3 سيّدات يروين لـ«الشرق الأوسط» رحلة الهروب من عنف أزواجهنّ

«نانسي» و«سهى» و«هناء»... 3 أسماء لـ3 نساءٍ كدن يخسرن حياتهنّ تحت ضرب أزواجهنّ، قبل أن يخترن النجاة بأنفسهنّ واللجوء إلى منظّمة «أبعاد».

كريستين حبيب (بيروت)
آسيا نيلا إبراهيمي ناشطة في مجال حقوق الفتيات الأفغانيات تفوز بجائزة السلام الدولية للأطفال (أ.ف.ب)

فرت وعائلتها هرباً من «طالبان»... أفغانية تفوز بجائزة السلام الدولية للأطفال

فازت فتاة مراهقة فرت مع عائلتها من أفغانستان بعد عودة «طالبان» إلى السلطة قبل ثلاث سنوات، بجائزة «كيدز رايتس» المرموقة لنضالها من أجل حقوق المرأة.

«الشرق الأوسط» (كابل - أمستردام)
شمال افريقيا أوزرا زييا (الثانية على اليسار) بجانب السفير الجزائري في واشنطن (السفارة الأميركية في الجزائر)

مسؤولة أميركية تبحث بالجزائر الحرية الدينية وإدارة الهجرة

عطاف اتصل هاتفياً بنظيره الأميركي، وأبلغه بأن «معلوماته بشأن الحرية الدينية في الجزائر، خاطئة وغير دقيقة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
المشرق العربي البروفسور نظام محمود

جرّاح بريطاني يصف استهداف الطائرات المُسيّرة للأطفال في غزة

روى جراح متقاعد من لندن ما شاهده خلال عمله التطوعي في مستشفى بغزة، وتحدث عن استهداف الطائرات المُسيّرة للأطفال بعد القصف.

«الشرق الأوسط» (لندن)

باريس تمنح «حمايتها» للكاتب صنصال المعتقل في الجزائر

الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)
الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)
TT

باريس تمنح «حمايتها» للكاتب صنصال المعتقل في الجزائر

الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)
الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)

بينما أعلنت الحكومة الفرنسية، رسمياً، أنها ستقدم «حمايتها» للكاتب الشهير بوعلام صنصال الذي يحتجزه الأمن الجزائري منذ الـ16 من الشهر الحالي، سيبحث البرلمان الأوروبي غداً لائحة فرنسية المنشأ، تتعلق بإطلاق سراحه.

وصرّح وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، الثلاثاء، لدى نزوله ضيفاً على إذاعة «فرانس إنفو»، بأن الرئيس إيمانويل ماكرون «مهتم بالأمر، إنه كاتب عظيم، وهو أيضاً فرنسي. لقد تم منحه الجنسية الفرنسية، ومن واجب فرنسا حمايته بالطبع. أنا أثق برئيس الجمهورية في بذل كل الجهود الممكنة من أجل إطلاق سراحه». في إشارة، ضمناً، إلى أن ماكرون قد يتدخل لدى السلطات الجزائرية لطلب إطلاق سراح الروائي السبعيني، الذي يحمل الجنسيتين.

قضية صلصال زادت حدة التباعد بين الرئيسين الجزائري والفرنسي (الرئاسة الجزائرية)

ورفض الوزير روتايو الإدلاء بمزيد من التفاصيل حول هذه القضية، التي تثير جدلاً حاداً حالياً في البلدين، موضحاً أن «الفاعلية تقتضي التحفظ». وعندما سئل إن كان «هذا التحفظ» هو سبب «صمت» الحكومة الفرنسية على توقيفه في الأيام الأخيرة، أجاب موضحاً: «بالطبع، بما في ذلك صمتي أنا. ما هو مهم ليس الصياح، بل تحقيق النتائج». مؤكداً أنه يعرف الكاتب شخصياً، وأنه عزيز عليه، «وقد تبادلت الحديث معه قبل بضعة أيام من اعتقاله».

واعتقل الأمن الجزائري صاحب الرواية الشهيرة «قرية الألماني»، في محيط مطار الجزائر العاصمة، بينما كان عائداً من باريس. ولم يعرف خبر توقيفه إلا بعد مرور أسبوع تقريباً، حينما أثار سياسيون وأدباء في فرنسا القضية.

وزير الداخلية الفرنسية برونو روتايو (رويترز)

ووفق محامين جزائريين اهتموا بـ«أزمة الكاتب صنصال»، فإن تصريحات مصورة عُدَّت «خطيرة ومستفزة»، أدلى بها لمنصة «فرونتيير» (حدود) الفرنسية ذات التوجه اليميني، قبل أيام قليلة من اعتقاله، هي ما جلبت له المشاكل. وفي نظر صنصال، قد «أحدث قادة فرنسا مشكلة عندما ألحقوا كل الجزء الشرقي من المغرب بالجزائر»، عند احتلالهم الجزائر عام 1830، وأشار إلى أن محافظات وهران وتلمسان ومعسكر، التي تقع في غرب الجزائر، «كانت تابعة للمغرب».

بل أكثر من هذا، قال الكاتب إن نظام الجزائر «نظام عسكري اخترع (بوليساريو) لضرب استقرار المغرب». وفي تقديره «لم تمارس فرنسا استعماراً استيطانياً في المغرب لأنه دولة كبيرة... سهل جداً استعمار أشياء صغيرة لا تاريخ لها»، وفُهم من كلامه أنه يقصد الجزائر، الأمر الذي أثار سخطاً كبيراً محلياً، خصوصاً في ظل الحساسية الحادة التي تمر بها العلاقات بين الجزائر وفرنسا، زيادة على التوتر الكبير مع الرباط على خلفية نزاع الصحراء.

البرلمانية الأوروبية سارة خنافو (متداولة)

وفي حين لم يصدر أي رد فعل رسمي من السلطات، هاجمت «وكالة الأنباء الجزائرية» بحدة الكاتب، وقالت عن اعتقاله إنه «أيقظ محترفي الاحتجاج؛ إذ تحركت جميع الشخصيات المناهضة للجزائر، والتي تدعم بشكل غير مباشر الصهيونية في باريس، كجسد واحد»، وذكرت منهم رمز اليمين المتطرف مارين لوبان، وإيريك زمور، رئيس حزب «الاسترداد» المعروف بمواقفه ضد المهاجرين في فرنسا عموماً، والجزائريين خصوصاً.

يشار إلى أنه لم يُعلن رسمياً عن إحالة صنصال إلى النيابة، بينما يمنح القانون الجهاز الأمني صلاحية تجديد وضعه في الحجز تحت النظر 4 مرات لتصل المدة إلى 12 يوماً. كما يُشار إلى أن المهاجرين السريين في فرنسا باتوا هدفاً لروتايو منذ توليه وزارة الداخلية ضمن الحكومة الجديدة في سبتمبر (أيلول) الماضي.

ويرجّح متتبعون لهذه القضية أن تشهد مزيداً من التعقيد والتوتر، بعد أن وصلت إلى البرلمان الأوروبي؛ حيث سيصوت، مساء الأربعاء، على لائحة تقدمت بها النائبة الفرنسية عن حزب زمور، سارة كنافو. علماً بأن لهذه السياسية «سوابق» مع الجزائر؛ إذ شنت مطلع الشهر الماضي حملة كبيرة لإلغاء مساعدات فرنسية للجزائر، قُدرت بـ800 مليون يورو حسبها، وهو ما نفته الحكومة الجزائرية بشدة، وأودعت ضدها شكوى في القضاء الفرنسي الذي رفض تسلمها.