نساء في مدينة سودانية مزقتها الحرب دفعن ثمناً كبيراً مقابل الطعام

نساء فررن من السودان الذي مزقته الحرب عقب اندلاع القتال بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» شبه العسكرية يصطففن للحصول على حصص غذائية في مركز العبور التابع للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الرنك بالقرب من الحدود السودانية... الصورة في دولة جنوب السودان في 1 مايو 2023 (رويترز)
نساء فررن من السودان الذي مزقته الحرب عقب اندلاع القتال بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» شبه العسكرية يصطففن للحصول على حصص غذائية في مركز العبور التابع للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الرنك بالقرب من الحدود السودانية... الصورة في دولة جنوب السودان في 1 مايو 2023 (رويترز)
TT

نساء في مدينة سودانية مزقتها الحرب دفعن ثمناً كبيراً مقابل الطعام

نساء فررن من السودان الذي مزقته الحرب عقب اندلاع القتال بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» شبه العسكرية يصطففن للحصول على حصص غذائية في مركز العبور التابع للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الرنك بالقرب من الحدود السودانية... الصورة في دولة جنوب السودان في 1 مايو 2023 (رويترز)
نساء فررن من السودان الذي مزقته الحرب عقب اندلاع القتال بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» شبه العسكرية يصطففن للحصول على حصص غذائية في مركز العبور التابع للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الرنك بالقرب من الحدود السودانية... الصورة في دولة جنوب السودان في 1 مايو 2023 (رويترز)

تحدثت سودانيات إلى صحيفة «الغارديان» البريطانية عن الممارسات المنتشرة على نطاق واسع في أم درمان السودانية التي مزقتها الحرب، حيث تقول نساء يكافحن من أجل البقاء في أم درمان إنهن يُجبرن على ممارسة الجنس مع الجنود مقابل الطعام.

وقالت أكثر من 24 امرأة لم يتمكنَّ من الفرار من القتال في أم درمان إن الاتصال الجنسي مع رجال من الجيش السوداني كان الطريقة الوحيدة التي تمكنهن من الحصول على الطعام أو السلع التي يمكنهن بيعها لجمع المال لإطعام أسرهن.

وأضفن أن معظم الاعتداءات وقعت في منطقة المصانع حيث يتوفر معظم الطعام الموجود في المدينة. وقالت إحدى الضحايا إنها لم يكن لديها خيار سوى ممارسة الجنس مع الجنود للحصول على الطعام لوالديها المسنين وابنتها البالغة من العمر 18 عاماً.

وقالت: «والداي كبيران في السن ومريضان، ولم أسمح لابنتي بالخروج للبحث عن الطعام قط». وأضافت: «ذهبت إلى الجنود، وكانت هذه هي الطريقة الوحيدة للحصول على الطعام، فقد كانوا موجودين في كل مكان في منطقة المصانع».

وقالت المرأة إنها أُجبرت على ممارسة الجنس مع جنود في مصنع لتجهيز اللحوم في مايو (أيار) من العام الماضي - بعد وقت قصير من اندلاع الحرب بين الجيش النظامي و«قوات الدعم السريع» شبه العسكرية - ثم أُجبرت مرة أخرى على ممارسة الجنس في مستودع لتخزين الفول المدمس.

قالت السيدة البالغة من العمر 37 عاماً، والتي بدت شاحبة ونحيفة في المقابلات، إنها عملت قبل اندلاع الحرب خادمة لدى عائلات تعيش في المناطق الثرية في أم درمان، لكنها كانت فقيرة جداً لدرجة أنها لم تتمكن من الفرار من المدينة وأخذ عائلتها إلى جزء أكثر أماناً من البلاد عندما بدأ الصراع.

وأدى الصراع في السودان إلى مقتل عشرات الآلاف، وتشريد أكثر من 10 ملايين شخص، وفق الأمم المتحدة. وقال تقرير حديث مدعوم من الأمم المتحدة إن ما يقرب من 26 مليون شخص، أو أكثر بقليل من نصف السكان، يواجهون مستويات عالية من «انعدام الأمن الغذائي الحاد».

ظهرت تقارير عن حالات اغتصاب على أيدي رجال مسلحين في غضون أيام من النزاع الذي بدأ في 15 أبريل (نيسان) 2023. وقد جرى توثيق روايات كثيرة عن ارتكاب مقاتلي «قوات الدعم السريع» أعمال عنف جنسي في منطقة الخرطوم وفي دارفور، المنطقة الغربية الشاسعة التي تسيطر عليها الآن.

وقالت بعض النساء اللواتي تحدثن إلى صحيفة «الغارديان» إن الجنود يطالبون أيضاً بالجنس مقابل الوصول إلى المنازل المهجورة، حيث لا يزال من الممكن نهب الأشياء لبيعها في الأسواق المحلية. وقالت إحدى النساء إنه بعد ممارسة الجنس مع الجنود، سُمح لها بأخذ الطعام ومعدات المطبخ والعطور من منازل فارغة. وتحدثت عن خجلها من الاعتداء الذي أجبرت على تحمله واضطرارها إلى السرقة من أجل البقاء على قيد الحياة.


مقالات ذات صلة

الصديق المهدي لـ«الشرق الأوسط»: تنامي الوعي بضرورة إيقاف الحرب

شمال افريقيا الأمين العام لـ«تنسيقية القوى الديموقراطية المدنية السودانية» (تقدم) الصديق المهدي (الشرق الأوسط)

الصديق المهدي لـ«الشرق الأوسط»: تنامي الوعي بضرورة إيقاف الحرب

«كفى السودانيين معاناة من السيطرة العسكرية، لم يروا منها سوى الانقلابات واستنزاف الموارد وانتهاكات الحقوق التي بلغت ذروتها بهذه الحرب»...

أحمد يونس (أديس أبابا)
شمال افريقيا 
البرهان خلال تسلمه أوراق اعتماد السفير الإيراني (موقع مجلس السيادة)

الخرطوم وطهران تتبادلان السفراء بعد قطيعة 8 سنوات

أعاد السودان، أمس، علاقاته الدبلوماسية مع إيران، بعد قطيعة 8 سنوات بدأت في يونيو (حزيران) 2016.

محمد أمين ياسين (ود مدني)
شمال افريقيا جانب من حضور مؤتمر «القوى السياسية والمدنية السودانية» بالقاهرة (الخارجية المصرية)

مصر تدعو لإشراك السودان في أي ترتيبات بشأن تسوية الأزمة

شددت مصر على «أهمية إشراك السودان في أي ترتيبات أو مقترحات ذات صلة بتسوية الأزمة السودانية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا البرهان خلال تسلمه أوراق اعتماد السفير الإيراني (موقع مجلس السيادة)

السودان وإيران يتبادلان السفراء بعد قطيعة 8 سنوات

فُسّر سعي رئيس «مجلس السيادة» السوداني لإعادة العلاقات مع إيران برغبته في الحصول على الدعم العسكري للجيش في حربه ضد قوات «الدعم السريع» منذ عام ونصف عام.

محمد أمين ياسين (ود مدني - السودان)
شمال افريقيا القائد البيشي (وسط) خلال إحدى العمليات العسكرية في ولاية سنار (مواقع موالية للدعم السريع)

السودان: مقتل قائد عسكري بارز في «الدعم السريع» بغارة جوية

نعت مواقع تابعة لـ«قوات الدعم السريع»، السبت، عبد الرحمن البيشي أحد أبرز قادتها العسكريين، الذي قُتل خلال معارك دائرة ضد الجيش السوداني في سنار جنوب شرقي البلاد

محمد أمين ياسين (ود مدني السودان)

تساؤلات ليبية عن أسباب «الظهور المتحفظ» لسيف الإسلام القذافي

سيف الإسلام نجل الرئيس الراحل معمر القذافي (أ.ف.ب)
سيف الإسلام نجل الرئيس الراحل معمر القذافي (أ.ف.ب)
TT

تساؤلات ليبية عن أسباب «الظهور المتحفظ» لسيف الإسلام القذافي

سيف الإسلام نجل الرئيس الراحل معمر القذافي (أ.ف.ب)
سيف الإسلام نجل الرئيس الراحل معمر القذافي (أ.ف.ب)

أعادت صورة حديثة نشرها أنصار النظام السابق، لسيف الإسلام، نجل الرئيس الراحل معمر القذافي، الأحاديث بشأن أسباب إحجامه عن الظهور علناً، منذ تقدمه بأوراق ترشحه للرئاسة قبل نهاية عام 2021.

وتباينت آراء سياسيين ومعارضين لسيف الإسلام، بين من يرى أن اختفاءه «يرجع لكونه ملاحقاً من قبل المحكمة الجنائية الدولية، أو لعدم امتلاكه لأي مشروع سياسي يقدمه إلى الليبيين باستثناء إرث والده»، لكن مؤيدين له يشيرون إلى أن «عدم انخراطه المباشر بالقضايا السياسية وما يتخللها من صراعات واتهامات متبادلة بالفساد، قد يكون خياراً ذكياً عزز شعبيته».

سيف الإسلام القذافي أثناء تقديمه أوراق ترشحه للرئاسة قبل نهاية العام الماضي (صفحته على تويتر)

ويرى خالد الترجمان رئيس «مجموعة العمل الوطني» للدراسات الاستراتيجية، أن اختفاء سيف الإسلام «ضرورة» في ظل سريان مفعول مذكرة المحكمة الجنائية الدولية، التي تطالب بتسليمه إليها، لاتهامه «بجرائم حرب» خلال ثورة 17 فبراير عام 2011.

ويرفض الترجمان في تصريح لـ«الشرق الأوسط» ما تطرحه بعض الأصوات من أن سيف الإسلام «تزايدت شعبيته لدى بعض المكونات القبلية والسياسية والعسكرية بالبلاد وخاصة بالجنوب؛ وأن ذلك يخصم من شعبية قائد (الجيش الوطني) المشير خليفة حفتر».

وتساءل الترجمان عن «طريقة قياس من يردد ذلك لشعبية نجل القذافي؛ وكيف يمكن لشخص مطارد مثله ويلف الغموض الكثير من تفاصيل حياته ولم يقدم مشروعاً سياسياً، أن يحصل على دعم أي كيان قبلي أو سياسي أو مجموعة مسلحة».

ولم تظهر أي معلومات تفصيلية تتعلق بحياة سيف الإسلام بعد إطلاق سراحه، لا محل إقامته ولا تحركاته ولا من يموله أو يوفر له الحماية، حتى ظهر في مقر «المفوضية الوطنية» في مدينة سبها لتقديم ملف ترشحه للانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021، ومقابلة صحافية مع «نيويورك تايمز» قبل ذلك التاريخ بعام.

وأشار الترجمان إلى أن «كثيراً من أنصار معمر القذافي ممن يعرفون بـ(تيار سبتمبر) أو (ثورة الفاتح)، يقولون بأن سيف لا يمثلهم سياسياً؛ فضلاً عن تغيير ولاء الكثير منهم بالسنوات الماضية نحو تأييد قيادة (الجيش الوطني) بمناطق تمركزه في شرق ليبيا وجنوبها».

الرئيس الراحل معمر القذافي (الشرق الأوسط)

وقتل معمر القذافي الذي حكم ليبيا لنحو 42 عاماً، بعد ثمانية أشهر من اندلاع الثورة ضده، وبعد شهر واحد من مقتله أي في نوفمبر ألقي القبض على نجله سيف الإسلام وتم نقله لمدينة الزنتان غربي البلاد، وقدم للمحاكمة أمام القضاء الليبي.

وفي منتصف عام 2015 صدر الحكم بإعدامه، لاتهامه بـ«ارتكاب جرائم حرب» وقتل المواطنين خلال «ثورة فبراير» التي أطاحت بنظام والده، إلا أن الحكم لم ينفذ، وتم إطلاق سراحه من قبل «كتيبة أبو بكر الصديق» التي كانت تحتجزه في الزنتان منتصف عام 2017 بشكل مفاجئ ودون قرارات رسمية من السلطات.

ويرى المحلل بـ«المعهد الملكي للخدمات المتحدة»، جلال حرشاوي، أن سيف القذافي «لا يمتلك القدرة على الظهور والتحدث العلني، أو حتى عبر مقطع مصور»، وقال «لا يمكن وصفه سوى كون أنه رمز، وليس سياسياً حقيقياً».

بالمقابل، لفت الناشط المدني ناصر عمار، إلى إعلان قوى سياسية وعسكرية وقبلية بمدينة الزنتان مؤخراً دعمها لسيف الإسلام، ويرى أن ذلك «يجعله قريباً في التساوي مع بقية الأطراف الليبية التي تمتلك وجوداً مسلحاً على الأرض».

وقال عمار، الذي كان يشغل رئيس (غرفة عمليات طرابلس) خلال «ثورة 17 فبراير» لـ«الشرق الأوسط» إن «تغيير قناعاتي وبعض العسكريين بالمنطقة الغربية بدعم سيف، جاء في إطار مشاركته لنا مواقفنا الرافضة لأشكال الهيمنة والتدخل الخارجي في ليبيا»، لافتاً إلى «اهتمام سيف بقضية المصالحة الوطنية، وهي شرط رئيسي لتحقيق الاستقرار المنشود».

«ميدان الشهداء» بطرابلس الذي شهد أكبر احتفالات بإسقاط نظام القذافي (مديرية أمن طرابلس)

ويرى عمار أن «بيانات الفريق السياسي لسيف الإسلام تعوّض قِلة ظهوره»، مرجعاً هذا النهج من الغياب «إلى التخوف من الاستهداف والملاحقة من بعض القوى المتنفذة في غرب وشرق ليبيا وجنوبها، والتي تواصل منذ ثلاثة أشهر اعتقال بعض قيادات فريقه هناك... الجميع منزعج من تنامي شعبيته».

ومؤخراً أعلن الفريق السياسي لسيف الإسلام رفضه المشاركة في اجتماع «مركز الحوار الإنساني» الذي كان مقرراً عقد قبل أيام في روما تحت شعار «ملتقى أنصار النظام السابق».

من جهته يرى مدير «مركز الأمة للدراسات الاستراتيجية»، محمد الأسمر، أن الغياب الشخصي لسيف عن المشهد العام «قد صب لصالحه وعزز من شعبيته».

وقال الأسمر لـ«الشرق الأوسط» إن المناخ السياسي الليبي ليس مستقراً، «وملفات الأزمة غاية التعقيد والتداخل، وغالباً ما يسفر الانخراط في نقاشها إلى خلافات عميقة حتى في صفوف المنتمين لتيار سياسي واحد، وبالتالي فضل سيف التعامل مع هذه الوضعية بشكل غير نمطي، وذلك بالابتعاد عما تمارسه أطراف وشخصيات أخرى كالحديث للإعلام أو عقد مؤتمرات، وربما توزيع الاتهامات بالمسؤولية على خصومهم».

ورأى الأسمر أن سيف الإسلام «ترك للخبراء بفريقه تقديم رؤيتهم العلمية حول تلك القضايا، وهو ما يرصد في بياناتهم والصفحات والمواقع الإعلامية المؤيدة له، مع استمراره في التركيز على الهدف الرئيسي، وهو حلم جل الليبيين بالوصول للانتخابات».