رحيل التهامي... مدير المخابرات المصرية الأسبق و«خصيم الإخوان»

أقاله مرسي من «الرقابة الإدارية» وكرّمه السيسي

الرئيس السيسي خلال تكريم محمد فريد التهامي (الرئاسة المصرية)
الرئيس السيسي خلال تكريم محمد فريد التهامي (الرئاسة المصرية)
TT

رحيل التهامي... مدير المخابرات المصرية الأسبق و«خصيم الإخوان»

الرئيس السيسي خلال تكريم محمد فريد التهامي (الرئاسة المصرية)
الرئيس السيسي خلال تكريم محمد فريد التهامي (الرئاسة المصرية)

بعد معاناة مع المرض دامت سنوات، توفى مساء الأحد، اللواء محمد فريد التهامي، مدير المخابرات العامة المصرية الأسبق، والذي عُرف بـ«خصومته» مع تنظيم «الإخوان المسلمين»، خلال عهد الرئيس الأسبق محمد مرسي.

والتهامي الذي تخرج في «الكلية الحربية» ديسمبر (كانون الأول) 1967، تولى الكثير من الوظائف القيادية داخل القوات المسلحة وتدرج في المناصب المختلفة، منها قائد فرقة «مشاة ميكانيكي».

وفي عهد الرئيس الراحل حسني مبارك، اختير مديراً للمخابرات الحربية، قبل أن يتم تعيينه في مارس (آذار) 2004، رئيساً لـ«هيئة الرقابة الإدارية»، وهو المنصب الذي ظل فيه حتى عزله مرسي في سبتمبر (أيلول) 2012، بعد أشهر قليلة من وصوله للسلطة، وسط اتهامات للهيئة، من «الإخوان» آنذاك، بـ«التقاعس عن مواجهة الفساد».

لكن ابتعاد التهامي عن السلطة لم يدم طويلاً، فبعد عزل مرسي عام 2013، وحظر تنظيم «الإخوان» باعتباره «جماعة إرهابية»، اختار رئيس مصر المؤقت آنذاك المستشار عدلي منصور، التهامي ليتولى منصب مدير المخابرات العامة، وهو المنصب الذي ظل فيه حتى تقاعده في ديسمبر (كانون الأول) 2014، بعد نحو 6 أشهر من تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكم.

ونعى عضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري، وفاة التهامي، مشيراً إلى خصومته مع جماعة «الإخوان». وقال بكري في تدوينة له على «إكس»، إن التهامي «واجه ظلم جماعة الإخوان الذين سعوا إلي التنكيل به والإساءة إليه، عندما كان رئيساً للرقابة الإدارية»، إلا أن تم رد اعتباره لاحقاً بتعينه مديراً للمخابرات العامة.

وجاء إعلان تقاعد التهامي عن المخابرات العامة متبوعاً بمنحه «وسام الجمهورية» من الطبقة الأولى؛ تقديراً لـ«جهوده وعطائه طوال مسيرته المهنية»، بحسب بيان لرئاسة الجمهورية، بينما أُرجع إبعاده من منصبه وقتها - بحسب تقارير إعلامية - إلى «حالته الصحية التي استلزمت خضوعه للعلاج والابتعاد عن العمل».

خلال توليه إدارة المخابرات العامة، سافر التهامي إلى عدد من الدول وأجرى لقاءات مع مسؤولين عرب وغربيين، وهي الفترة التي أعقبت الإطاحة بحكم «الإخوان»، وتحدث في وقت مبكر - بحسب وسائل إعلام محلية كانت تنقل أنشطته بكثافة آنذاك - عن «مخاطر العنف المسلح للإخوان».

أثناء زيارته الولايات المتحدة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2013، أجرى التهامي مقابلة نادرة مع صحيفة «واشنطن بوست»، تحدث خلالها عن «محاولات لـ(خلايا إرهابية) ترتبط بصلات مع تنظيم (القاعدة) تحاول ترسيخ جذورها في شبه جزيرة سيناء»، وأكد أن «القضاء على هذه الخلايا في سيناء قد يستغرق بعض الوقت». كما تحدث التهامي عن «احتمالية استهداف الهجمات الإرهابية للمصادر الرئيسية التي تدرّ على مصر العملات الصعبة مثل السياحة وقناة السويس».


مقالات ذات صلة

أحكام بالسجن وغرامات مالية في قضية «تنظيم العدالة والكرامة» الإرهابي

الخليج محكمة أبوظبي الاتحادية الاستئنافية (وام)

أحكام بالسجن وغرامات مالية في قضية «تنظيم العدالة والكرامة» الإرهابي

قضت محكمة أبوظبي الاتحادية الاستئنافية بإدانة 53 متهماً من قيادات وأعضاء «تنظيم الإخوان المسلمين» الإرهابي و6 شركات في قضية «تنظيم العدالة والكرامة».

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
المشرق العربي مئات الآلاف من المصريين قرب القصر الرئاسي (شرق القاهرة) في يونيو 2013 للتظاهر ضد حكم الرئيس الراحل محمد مرسي (أرشيفية - أ.ف.ب)

ذكرى «30 يونيو» في مصر... «تغييرات محدودة» بالسلطة التنفيذية ترسّخ «الاستقرار»

على مدى 11 عاماً، منذ انتفاضة «30 يونيو» 2013، التي أطاحت بالرئيس الراحل محمد مرسي، شهدت مصر «تغييرات محدودة» في السلطة التنفيذية، وفق «الاستحقاقات الدستورية».

أحمد إمبابي (القاهرة)
المشرق العربي مئات الآلاف من المصريين قرب القصر الرئاسي شرق القاهرة في يونيو 2013 للتظاهر ضد حكم الرئيس الراحل محمد مرسي (أرشيفية - أ.ف.ب)

ذكرى «30 يونيو» بمصر... «الإخوان» في «تيه» بعد سقوط تاريخي

بعد عام 11 عاماً من «سقوطها التاريخي»، خلال انتفاضة 30 يونيو (حزيران) 2013، تعيش جماعة «الإخوان المسلمين» المصرية حالة من «التشرذم والتيه».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مروحية للجيش المصري تحلّق فوق مظاهرة تأييد للسيسي في ميدان التحرير بالقاهرة عام 2014 (إ.ب.أ)

ذكرى «30 يونيو» في مصر... علاقات خارجية متوازنة تتوّج بمصالحة مع تركيا

عقبات كثيرة واجهت السياسة الخارجية المصرية على مدار 11 عاماً منذ انتفاضة «30 يونيو» 2013، بين تجميد عضويتها في الاتحاد الأفريقي، ووقف مساعدات وانتقادات إقليمية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي احتجاجات للمعلمين أمام مبنى رئاسة «حكومة الإنقاذ» في مدينة إدلب (أرشيفية - المرصد السوري)

الجولاني يتهم «الإخوان المسلمين» بتأجيج الأوضاع في مناطق نفوذه

يعدّ الجولاني أن الاحتجاجات في مناطق نفوذه بإدلب تهدف إلى الدفع بالمنطقة نحو مزيد من الانفلات الأمني وتحويلها إلى مناطق شبيهة بمناطق سيطرة القوات التركية


الصديق المهدي لـ«الشرق الأوسط»: تنامي الوعي بضرورة إيقاف الحرب وتراجع خطاب الحسم العسكري

الأمين العام لـ«تنسيقية القوى الديموقراطية المدنية السودانية» (تقدم) الصديق المهدي (الشرق الأوسط)
الأمين العام لـ«تنسيقية القوى الديموقراطية المدنية السودانية» (تقدم) الصديق المهدي (الشرق الأوسط)
TT

الصديق المهدي لـ«الشرق الأوسط»: تنامي الوعي بضرورة إيقاف الحرب وتراجع خطاب الحسم العسكري

الأمين العام لـ«تنسيقية القوى الديموقراطية المدنية السودانية» (تقدم) الصديق المهدي (الشرق الأوسط)
الأمين العام لـ«تنسيقية القوى الديموقراطية المدنية السودانية» (تقدم) الصديق المهدي (الشرق الأوسط)

شدد الأمين العام لـ«تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية السودانية» (تقدم) الصديق المهدي على أهمية توصيل المساعدات الإنسانية للمواطنين وإغاثتهم وحمايتهم، كخطوة لأنها الحالة المأساوية التي يعيشها السودانيون جراء الحرب.

واتهم في مقابلة مع «الشرق الأوسط» بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، حزب «المؤتمر الوطني»، وهو الواجهة السياسية لنظام الإسلاميين، «بتشويه الجسم السياسي السوداني باستغلال تحالفه مع الجيش لتحقيق أهدافه السياسية»، ورهن مشاركته في العملية السياسية «بفك ارتباطه بالجيش والقوات النظامية».

قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان (يسار) ومساعده ياسر العطا في أم درمان (الجيش السوداني)

وأشار المهدي إلى ما أسماه «تنامى الوعي بضرورة إيقاف الحرب»، وتراجع خطاب حسمها عسكرياً بقوله: «هذا مؤشر جيد التقى عليه الرأي العام السوداني عند نقطة إيقاف الحرب»، واعتبره «نقلة إيجابية كبيرة نتج عنها انحسار تيار استمرار الحرب والتصعيد، ما أدى لتنامي القناعة الإقليمية والدولية بأهمية اتجاه وقف الحرب»، واستطرد: «خلفت الحرب مأساة إنسانية كبيرة، وصارت تهدد الإقليم ودول الجوار والقرن الأفريقي وأمن البحر الأحمر، لذلك أصبح منطق إيقافها طاغياً، ويجب علينا توظيف هذه الإرادة من أجل إيقافها».

وأشاد بالجهود الدولية، مثل «مؤتمرات باريس والقاهرة، وجهود الأمم المتحدة من أجل جمع طرفي الحرب في جنيف، من أجل إغاثة المواطنين وحمايتهم وتوصيل المساعدات لهم». وقال إن تحالف «تقدم» وقبل انعقاد مؤتمره التأسيسي «طرح على الجيش و(الدعم السريع) إعلان مبادئ يتضمن المساعدات الإنسانية وإيصالها، والترتيبات السياسية لإنهاء الحرب وإيقافها وتحقيق التحول المدني الديمقراطي».

ورأى أن الأوضاع الإنسانية في البلاد لا تحتمل انتظار انتهاء الحرب، وأن إيصال المساعدات والإغاثات وحماية المواطنين صارت أولوية ملحة، وقال: «فتح أبواب إيصال المساعدات يتطلب إيقاف الحرب، لكن حجم المعاناة الإنسانية لم يعد يحتمل انتظار نهاية الحرب، وتوصيل المساعدات في الظرف الحالي وقبل وقف الحرب مسألة عاجلة وملحة».

صورة أرشيفية تُظهر دخاناً يتصاعد فوق الخرطوم مع اشتباك الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» (رويترز)

وأشار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى «أهمية جهود اللجنة الرئاسية المكلفة من مجلس السلم والأمن الأفريقي برئاسة الرئيس الأوغندي يوري موسفيني، الهادفة لجمع الطرفين لوضع ترتيبات إنهاء وإيقاف الحرب»، واعتبر أنها «تأتي ضمن التوجهات الإيجابية والضرورية لوقف الحرب».

وقال: «الطريق الأمثل هو تنسيق المبادرات لتضم منابر جدة وإيقاد ودولها الرئيسية إثيوبيا وكينيا وأوغندا، والمنامة والإمارات ومصر، والاتحاد الأفريقي، والأمم المتحدة»، وتابع: «جميعها تبذل الجهود الإنسانية وجهود وقف الحرب، وأن أي تقارب بين الوسطاء مع أطراف الحرب والمكونات المدنية، تنظر إليه (تقدم) كعملية متكاملة لوقف الحرب».

وحول الموقف من الإسلاميين ودورهم، قال المهدي: «وجودهم أكبر من حزب (المؤتمر الوطني)، لذلك سنتحدث عنه، فهو حزب محلول بقرار الشعب في ثورة ديسمبر المجيدة، ورغم تفككه، لا يستخدم الوسائل المدنية في تحقيق أهدافه السياسية، بل يستخدم تحالفه مع القوات المسلحة والنظامية لتحقيقها، ما سبب تشوهاً في الجسم السياسي السوداني، ولن تستقر الدولة بهذا التشوه الكبير».

رئيس تنسيقية «تقدم»عبد الله حمدوك (رويترز)

وأوضح أن الموقف من «حزب (المؤتمر الوطني) يأتي من كونه يحتكم لرصيد سابق من الانتهاكات، والتعامل معه لن يكون إلا في إطار عدالة انتقالية». وتابع: «يرددون دائماً أنهم حزب له جماهيرية وفاعلية، لكن تجربة الفترة الانتقالية ومحاولاته الاعتراض على مسار الأمم المتحدة، والتحضير لانقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول)، كل ذلك، أثبت أنهم بلا جماهير ولا فاعلية سياسية، وأن فاعليتهم تعتمد على سيطرتهم على بعض مؤسسات الدولة الفاعلة».

واشترط المهدي على حزب «المؤتمر» «فك ارتباطه بالقوات المسلحة والنظامية والالتزام بالعمل كمنظومة سياسية مدنية، لفتح الباب أمامه للمشاركة في العملية السياسية»، وقال: «في ظل استغلاله لمؤسسات الدولة ستكون مشاركته مضرة، وتزيد تشوه الجسد السوداني».

وقال الأمين العام لـ«تقدم» إن ثورة ديسمبر 2018 واعتصام القيادة العامة كشفا «وجود إرادة في داخل القوات المسلحة لفك ارتباطها بـ(المؤتمر الوطني)»، وتابع: «بينت الثورة وجود انقسام واضح على مستوى الضباط، بعضهم كانوا مع الثورة وبعضهم ضدها، كما كشفت أنه كلما علت الرتب العسكرية تدخلت المصالح لتعويق إرادة فك الارتباط».

وأعلن : «نسعى لأن يكون قرار الجيش مستقلاً عن التأثيرات السياسية، وأن يكون جيشاً قومياً، ولن نسلم بمقولة أن قراره مسلوب، ولن نلجأ لمفاوضة (المؤتمر الوطني) لأنه يسلب قرار الجيش».

نازحون سودانيون (أ.ف.ب)

وسخر المهدي من تصريحات قادة الجيش برفض الجلوس مع «تقدم» واعتبرها سالبة، قاطعاً بمواصلة التواصل معها بقوله: «التواصل مستمر مع قيادة الجيش عبر مؤسسات (تقدم)، لكنه لم يتقدم من المحطة الأولى... لن نعبأ بالتصريحات الأخيرة، وننتظر موقفاً واضحاً ومحدداً».

وأضاف: «نكرر دعوتنا للقوات المسلحة للتعاطي الإيجابي مع مبادرة الأمم المتحدة ووقف الانتهاكات، كما ندعو قوات (الدعم السريع) التي أعلنت الالتزام إلى الوفاء بهذه الالتزامات ووقف الانتهاكات والعدوان على المدنيين».

وأعلن المهدي تمسك تحالفه برفض أي مشاركة للعسكريين في العملية السياسية والانتقال المدني الذي يعقب الحرب بقوله: «كفى السودانيين معاناة من السيطرة العسكرية، لم يروا منها سوى الانقلابات واستنزاف الموارد وانتهاكات الحقوق التي بلغت ذروتها بهذه الحرب، لذلك نتمسك بانتقال مدني يقتصر فيه دور القوات المسلحة والنظامية على ترتيبات قوات مسلحة في أي دولة حديثة، تحترم قيم المدنية والديمقراطية».

وقال المهدي إن الدعوات للتدخل الدولي لوقف الحرب «يجب أن تنطلق من أن السيادة للشعوب، وفقاً للترتيبات المتنوعة التي يتبعها النظام الدولي لحماية الشعوب، ومن بينها المحكمة الجنائية الدولية»، وأيد وجود «قوات إقليمية» للمراقبة والفصل بين القوات المتقاتلة، بعد توافق السودانيين على وقف الحرب.