الإعلام التركي يبدي اهتماماً واسعاً بزيارة السيسي المرتقبة لأنقرة

التنسيق حول غزة والتعاون الاقتصادي والدفاعي يتصدران أجندة مباحثاته مع إردوغان

جانب من استقبال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لنظيره التركي رجب طيب إردوغان في القاهرة يوم 14 فبراير الماضي (الرئاسة التركية)
جانب من استقبال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لنظيره التركي رجب طيب إردوغان في القاهرة يوم 14 فبراير الماضي (الرئاسة التركية)
TT

الإعلام التركي يبدي اهتماماً واسعاً بزيارة السيسي المرتقبة لأنقرة

جانب من استقبال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لنظيره التركي رجب طيب إردوغان في القاهرة يوم 14 فبراير الماضي (الرئاسة التركية)
جانب من استقبال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لنظيره التركي رجب طيب إردوغان في القاهرة يوم 14 فبراير الماضي (الرئاسة التركية)

تحظى الزيارة المرتقبة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لتركيا بترقب كبير واهتمام واسع، عبَّرت عنه وسائل الإعلام التركية على مختلف توجهاتها، ووصفتها بأنها ستشكل نقلة مهمة في العلاقات بين القاهرة وأنقرة.

وينتظر -حسب وسائل الإعلام التركية- أن يزور السيسي أنقرة للمرة الأولى منذ توليه رئاسة مصر في عام 2014، في أول زيارة لرئيس مصري لتركيا بعد 12 عاماً.

وقالت وكالة أنباء «الأناضول» الرسمية، في تقرير مطول، الثلاثاء، إنه من المتوقع أن يقوم الرئيس المصري بزيارة تركيا، الأربعاء، بدعوة من الرئيس رجب طيب إردوغان. ومن المقرر أن يناقشا الهجمات الإسرائيلية على غزة، بالإضافة إلى آخر تطورات العلاقات التجارية بين البلدين، والخطوات الواجب اتخاذها في هذا الصدد.

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (أرشيفية)

أجندة حافلة

وأضافت أنه من المتوقع أن تؤدي زيارة السيسي إلى تسريع التجارة الثنائية، وينتظر أن يوقع البلدان 20 اتفاقية ومذكرة تفاهم في مجالات مختلفة، من الدفاع إلى الطاقة والسياحة والصحة والتعليم والثقافة، خلال اجتماع المجلس الاستراتيجي رفيع المستوى للعلاقات الذي سيعقد برئاسة السيسي وإردوغان، وذلك بهدف زيادة حجم التجارة بين البلدين إلى 15 مليار دولار، ارتفاعاً من نحو 6 مليارات حالياً.

وصدَّرت تركيا لمصر ما قيمته 3 مليارات دولار العام الماضي، بينما بلغت وارداتها من مصر 3.1 مليار دولار.

ولفت التقرير إلى أن العلاقات التجارية تشكل قاطرة التعاون بين مصر وتركيا، وفي هذا السياق من المخطط تطوير التعاون في مجال الطاقة الذي يوفر فرصاً مختلفة للبلدين؛ خصوصاً في مجالات الغاز الطبيعي المسال والطاقة النووية والمتجددة.

السيسي وإردوغان وقَّعا اتفاقيات للتعاون بين البلدين خلال زيارة الرئيس التركي لمصر (الرئاسة التركية)

بدوره، قال رئيس مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركي، مصطفى دنيز إر، إن العلاقات بين البلدين عادت إلى طبيعتها منذ نحو عام، وإن المسار الإيجابي للعلاقات أعطى الثقة لعالم الأعمال في الجانبين، لافتاً إلى أن هناك استثمارات تركية في مصر منذ عام 2007، وهي مستمرة في الزيادة كل عام، حتى وصلت إلى 3 مليارات دولار، وينتظر أن يضاف إليها 500 مليون دولار في العام المقبل.

وأوضح دنيز إر أن «مصر دولة استراتيجية يمكن أن تكون قاعدة الإنتاج الثانية لتركيا، وهي أكبر شريك لها في شمال أفريقيا».

نقطة تحول

وذكرت شبكة «إن تي في» الإخبارية التركية، في تقرير حول الزيارة، إنه بعد 12 عاماً، ستتم، الأربعاء، زيارة مهمة من مصر إلى تركيا، وسيتم الترحيب بالسيسي باستقبال رسمي في قصر بيشتبه الرئاسي في أنقرة، وسيناقش الرئيسان الجهود المبذولة لزيادة المساعدات الإنسانية التي تقدمها تركيا لغزة عبر مصر، والهجمات الإسرائيلية على غزة ولبنان، واحتمالات قيام إيران بهجوم على إسرائيل، والتوتر المتزايد في الشرق الأوسط، إلى جانب تقييم الخطوات الواجب اتخاذها لتحسين العلاقات بين تركيا ومصر.

ولفتت إلى أن العلاقات الدبلوماسية بين تركيا ومصر التي سيتم الاحتفال بالذكرى المئوية لتأسيسها العام المقبل، كانت قد وصلت إلى نقطة الانهيار في عام 2013. بعد سقوط حكم «الإخوان المسلمين» ومحمد مرسي؛ حيث كانت أنقرة تأمل في تطوير العلاقات الشاملة معهم في ذلك الوقت، فيما عرفته بـ«محور أنقرة- القاهرة»، ولذلك تأثرت العلاقات لفترة طويلة، ومع ذلك، تم فتح صفحة جديدة بعد زيارة الرئيس إردوغان إلى القاهرة في 14 فبراير (شباط) الماضي.

جانب من استقبال السيسي لإردوغان بمطار القاهرة يوم 14 فبراير الماضي (الرئاسة التركية)

أما موقع «تي 24» الإخباري التركي، فأشار -في تقرير مطول- إلى أن إردوغان ذهب إلى القاهرة -للمرة الأولى منذ 12 عاماً- في فبراير، وتردد أن الرئيس المصري سيقوم بزيارة عودة إلى تركيا في أبريل (نيسان) الماضي، إلا أن الزيارة لم تتم.

وكتب الموقع تحت عنوان: «ستار جديد على خط أنقرة- القاهرة»: «الآن من المتوقع أن يصل السيسي إلى تركيا، الأربعاء؛ لكن الزيارة لم تتأكد رسمياً من الجانبين حتى الساعات الأخيرة».

ولفت إلى أن وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، زار القاهرة في أغسطس (آب) الماضي، والتقى نظيره المصري بدر عبد العاطي الذي قال خلال المؤتمر الصحافي المشترك بينهما، إنهما ناقشا الخطوات الواجب اتخاذها لجعل زيارة السيسي لتركيا مثمرة قدر الإمكان.

وستكون زيارة السيسي المحتملة هي أول زيارة رئاسية من مصر إلى تركيا منذ عام 2012، في نطاق عملية التطبيع بين البلدين، وقد تؤثر الزيارة أيضاً على جهود أنقرة والقاهرة لتطوير موقف مشترك بشأن غزة، كما قال الموقع.

وزيرا الخارجية المصري والتركي بدر عبد العاطي وهاكان فيدان بحثا ترتيبات زيارة السيسي لأنقرة خلال لقائهما بالقاهرة الشهر الماضي (الخارجية التركية)

وأضاف: «من المعروف أن عملية التطبيع بين البلدين تسارعت بسبب الخلافات بين إسرائيل من جهة، والقاهرة وأنقرة من جهة أخرى، خلال الحرب الدائرة في غزة، ومن المتوقع أن تكون غزة أحد بنود جدول أعمال زيارة السيسي».

التعاون الدفاعي

وعن التعاون الدفاعي بين مصر وتركيا الذي توليه أنقرة اهتماماً كبيراً، قال موقع «الصناعات الدفاعية» التركي، إن مصر مهتمة باقتناء المُسيَّرات التركية المسلحة، وسيكون هذا أحد أهم بنود جدول الأعمال خلال زيارة السيسي إلى تركيا.

أعلن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أن مصر تبدي اهتماماً باقتناء المُسيَّرات التركية المسلحة (موقع الصناعات الدفاعية التركي)

وذكر الموقع -في تقرير حول زيارة السيسي؛ لا سيما فيما يتعلق بالتعاون الدفاعي- إن العلاقات الدبلوماسية الطبيعية بين تركيا ومصر تنعكس أيضاً في صناعة الدفاع. وبدءاً من نهاية عام 2023، كان هناك تكثيف في الاتصالات بين البلدين بشأن صناعة الدفاع.

ولفت إلى إعلان وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان «بوضوح» عن اهتمام مصر بالطائرات التركية المسلحة من دون طيار؛ لكن لا يزال من غير الواضح ما هي الطائرات التي ترغب مصر في اقتنائها، من بين: «بيرقدار تي بي 2»، و«أنكا»، و«أكسونغور»، و«أكينجي».

وأشار إلى أن شركة «بايكار»، المنتجة لمُسيَّرات «بيرقدار» ومؤسسة صناعة الطيران والفضاء (توساش)، تشاركان بشكل مكثف في معرض مصر الدولي للطيران الذي انطلق الاثنين ويختتم الخميس، في حين شاركت مؤسسة صناعة الطيران التركية (تاي) بعروض طيران لطائرة التدريب والقتال الخفيف «حر جيت» إلى جانب مشاركة القوات الجوية التركية وشركات مثل «أسيلسان» و«تيمسان» وغيرهما.

«الإخوان» ملف مهمل

من جانبه، لفت الكاتب في صحيفة «أفرنسال»، يوسف كاراداش، إلى أن ملف «الإخوان المسلمين» لن يكون مطروحاً في مباحثات إردوغان والسيسي.

وقال إنه من التطورات اللافتة قبل زيارة السيسي، إعلان نائب القائم بأعمال المرشد العام لـ«الإخوان المسلمين»، في لندن، حلمي الجزار، مبادرة جديدة للدولة المصرية للعفو والإفراج عن أعضائها المسجونين، مقابل توقفها عن أنشطتها السياسية، وهو ما رفضته جبهتهم في إسطنبول، ما أدى إلى إثارة الجدل داخل التنظيم.

السيسي وإردوغان وعقيلتاهما خلال زيارة الرئيس التركي للقاهرة في فبراير (الرئاسة التركية)

وأضاف أن الانقسام داخل «الإخوان» لا يسمح، في الواقع، لإردوغان -وهو أكبر مؤيد للجماعة- بالتفاوض مع السيسي بشأن قضيتهم، وإن موقف إردوغان والسيسي من «الإخوان» يُظهر أن حلم ما كان يسمى «الربيع العربي» قد انتهى.

وتابع كاراداش: «الصورة التي أمامنا تفسر أيضاً لماذا تسعى حكومة إردوغان التي سعت بالأمس إلى تحقيق طموحات القيادة الإقليمية ووقعت في فخ أحلام (العثمانية الجديدة) من خلال العلاقات والتعاون الذي أقامته مع (الإخوان) وقوى الإسلام السياسي الأخرى، إلى البحث عن (التطبيع)، بدءاً من الإمارات إلى السعودية، واستمراراً إلى مصر وسوريا».

واختتم: «لذا، فإن زيارة السيسي تصبح ذات معنى بالنسبة لحكومة إردوغان؛ لأنها تعني خطوة نحو القضاء على جماعة (الإخوان المسلمين) من التداول، والتحول الحتمي لتركيا نحو خط سياسي في المنطقة أكثر توافقاً مع الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (ناتو) والمتعاونين الإقليميين».


مقالات ذات صلة

السيسي: منطقة الشرق الأوسط تشهد تحديات وأزمات غير مسبوقة

شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (د.ب.أ)

السيسي: منطقة الشرق الأوسط تشهد تحديات وأزمات غير مسبوقة

أكد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، اليوم الخميس، أن منطقة الشرق الأوسط تشهد تحديات وأزمات غير مسبوقة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي مستقبلاً عباس في القاهرة 8 يناير (كانون الثاني) 2024 (إ.ب.أ)

السيسي: القضية الفلسطينية ستظل على رأس أولوياتنا

قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن «القضية الفلسطينية ستظل على رأس أولوياتنا»، معرباً عن «تضامن مصر الثابت مع الفلسطينيين في ظل الأزمات المتلاحقة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي خلال لقاء سابق بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني خلال قمة في القاهرة 27 ديسمبر 2023 (رويترز)

الرئيس المصري وملك الأردن يؤكدان ضرورة الوقف الفوري للحرب على غزة

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، اليوم الأربعاء، ضرورة الوقف الفوري للحرب الإسرائيلية على غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الرئيس عبد الفتاح السيسي  ونظيره البرازيلي لولا دا سيلفا قبل اجتماع في ريو دي جانيرو (ا.ف.ب)

مصر والبرازيل لرفع العلاقات الثنائية إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»

قال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، اليوم (الاثنين)، إن الرئيس عبد الفتاح السيسي، وقع مع الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا، بياناً مشتركاً بشأن ترقية…

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)
شؤون إقليمية جانب من اجتماع الوفدين المصري والتركي في مقر وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بالقاهرة (من حساب رئيس مجلس العليم العالي التركي في «إكس»)

مصر وتركيا تتفقان على إنشاء جامعة مشتركة في القاهرة

تم الاتفاق على إنشاء جامعة مصرية - تركية مشتركة بالقاهرة تنفيذاً لمذكرة تفاهم وُقِّعت بين الجانبين خلال زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لأنقرة في سبتمبر.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

إسرائيل تدرس خيارات الرد على الحوثيين

خدمات الطوارئ الإسرائيلية جنوب تل أبيب في موقع سقوط صاروخ حوثي أطلق على إسرائيل فجر السبت (رويترز)
خدمات الطوارئ الإسرائيلية جنوب تل أبيب في موقع سقوط صاروخ حوثي أطلق على إسرائيل فجر السبت (رويترز)
TT

إسرائيل تدرس خيارات الرد على الحوثيين

خدمات الطوارئ الإسرائيلية جنوب تل أبيب في موقع سقوط صاروخ حوثي أطلق على إسرائيل فجر السبت (رويترز)
خدمات الطوارئ الإسرائيلية جنوب تل أبيب في موقع سقوط صاروخ حوثي أطلق على إسرائيل فجر السبت (رويترز)

تجاوز صاروخ أطلقه الحوثيون الدفاعات الإسرائيلية التي فشلت في اعتراضه وسقط في تل أبيب أمس. وقال مسعفون إنَّ 16 شخصاً أصيبوا بجروح طفيفة نتيجة شظايا الزجاج، بينما أصيب 14 شخصاً بكدمات أثناء هرعهم إلى الملاجئ.

وتدرس إسرائيل خياراتها للرد على الهجمات الحوثية المتكررة ضدها في الأيام القليلة الماضية، ووفقاً لما ورد في الإعلام الإسرائيلي، فإنَّ البداية ستكون «رسم الصورة الاستخباراتية».

وباتت صواريخ الحوثيين أكثر خطورة على إسرائيل، وهو ما يثير المخاوف من توسيع تل أبيب هجماتها الانتقامية، على نحو يتجاوز الضربات المحدودة التي استهدف أحدثها 3 موانٍ في الحديدة، ومحطتي كهرباء بصنعاء، الخميس الماضي.

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي باللغة العربية، «أفيخاي أدرعي»، إنَّه عقب إطلاق صاروخ من اليمن وتفعيل إنذارات وسط إسرائيل، جرت محاولات اعتراض غير ناجحة.