رئيس «الدوما» الروسي في الجزائر «لترميم العلاقات بين شريكين تقليديين»

«بريكس» والأحداث في مالي والنيجر تركت أثراً فيها

الجزائر: زيارة مسؤول روسي رفيع لترميم العلاقات بين شريكين تقليديين
الجزائر: زيارة مسؤول روسي رفيع لترميم العلاقات بين شريكين تقليديين
TT

رئيس «الدوما» الروسي في الجزائر «لترميم العلاقات بين شريكين تقليديين»

الجزائر: زيارة مسؤول روسي رفيع لترميم العلاقات بين شريكين تقليديين
الجزائر: زيارة مسؤول روسي رفيع لترميم العلاقات بين شريكين تقليديين

قالت مصادر سياسية في الجزائر، إن الزيارة التي بدأها رئيس مجلس «الدوما» الروسي، فياتشيسلاف فيكتوروفيتش فولودين، «ستبحث في ترميم العلاقات بين شريكين تقليديين كبيرين، تأثرت في المدة الأخيرة، بسبب أحداث متتالية».

وأعلن «المجلس الشعبي الوطني» (الغرفة البرلمانية الأولى في الجزائر)، الاثنين، في بيان، أن زيارة فولودين «تشكّل لبنة جديدة في صرح العلاقات التي تجمع البلدين، اللذين يطمحان إلى تعزيز علاقاتهما الثنائية، لا سيما على الصعيد البرلماني».

رئيس مجلس «الدوما» فياتشيسلاف فولودين (د.ب.أ)

و استقبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون القيادي الروسي وبحث معه في مجمل العلاقات بين البلدين ... كما يتضمن يرنامجه لقاءات مع رئيس «المجلس» إبراهيم بوغالي ورئيس «مجلس الأمة» (الغرفة الثانية) صالح قوجيل.

وأكدت مصادر سياسية لـ«الشرق الأوسط»، أن زيارة رئيس مجلس النواب في الجمعية الاتحادية الروسية «جاءت في وقتها المناسب»، على أساس أنها «يمكن أن تزيل الضباب عن سماء العلاقات»، وفق تعبير المصادر ذاتها، التي أشارت إلى «مشكلات، أو لنقل سوء تفاهم أثَّر في جودة العلاقات التاريخية بين البلدين، التي تعود إلى أيام الاتحاد السوفياتي والحرب الباردة، وخيار الجزائر الانخراط في المعسكر الاشتراكي بعد استقلالها، واعتمادها المطلق على العتاد العسكري الروسي في تسليح قواتها».

الواجهة البحرية لعاصمة الجزائر (الشرق الأوسط)

وأشارت المصادر ذاتها، إلى «عدم رضى الجزائر عن وقوف موسكو متفرجة أمام تجاهل طلبها الانخراط بـ(مجموعة بريكس)، عندما طُرح للمصادقة في اجتماع جنوب أفريقيا»، في أغسطس (آب) من العام الماضي، إذ أُلحقت عدة بلدان بالمجموعة الاقتصادية، التي أطلقتها خمس دول عام 2006، تُعد صاحبة أسرع نمو اقتصادي في العالم، وهي البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا. وكلمة «بريكس» بالإنجليزية اختصار يضم الحروف الأولى لأسماء هذه الدول.

وراهنت الجزائر بقوة على دخول هذا التكتل، من منطلق أن اقتصادها بلغ مستويات عالية إقليمياً، ما يؤهلها إلى أن تكون ضمن مجموعة الكبار. ومطلع سنة 2023 تعهّد الرئيس تبون بأنها «ستكون سنة الانضمام إلى (بريكس)». وفي يونيو (حزيران) من السنة ذاتها، زار روسيا وبحث مع الرئيس فلاديمير بوتين «قضية الانضمام إلى (بريكس)»، غير أن الأمر لم ينتهِ إلى ما كانت تريده الجزائر، التي رأت أن حليفها التقليدي خذلها في هذا الرهان، خصوصاً أنها لم تتخذ موقفاً معادياً منه في الحرب الأوكرانية.

ماليون يدعمون الانقلاب في باماكو عام 2020 (أ.ب)

أما «الحادثة» الأخرى التي عكَّرت صفو العلاقات الثنائية، حسب المصادر نفسها، فتتعلق بالدعم القوي الذي قدَّمته مجموعات «فاغنر» التابعة لموسكو، إلى السلطة العسكرية في باماكو، في صراعها مع المعارضة المسلحة. ففي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، شنّ الحاكم العسكري العقيد أسيمي غويتا هجوماً على معقل المعارضة، وتمكّن بفضل سند فني عسكري وفّرته له مجموعة «فاغنر»، من السيطرة على مدينة كيدال الاستراتيجية، ما أغضب الجزائر التي عدَّت ذلك «تقويضاً لجهودها» بشأن إحلال السلام في الدولة الجارة مالي، من منطلق أنها رئيسة الوساطة الدولية لتنفيذ «اتفاق السلام»، الذي وقّعته الأطراف المتناحرة على أرضها عام 2015.

وفي بداية 2024، أعلن غويتا إلغاء «الاتفاق»، وطلب من الجزائر «التوقف عن التدخل في شؤون مالي الداخلية». ورأى الجزائريون في ذلك «جرأة من جانب باماكو، مصدرها الدعم العسكري لـ(فاغنر)».

رئيس النيجر المعزول محمد بازوم (أ.ب)

كما تدهورت علاقة الجزائر بالدولة الجارة الأخرى النيجر في المدة ذاتها، بسبب خلاف حول تسيير الهجرة السرية، زيادة على رفضها الانقلاب الذي أدى إلى عزل «الصديق» محمد بازوم في 21 يوليو (تموز) 2023. وحصلت السلطة العسكرية الجديدة، هي أيضاً، على عتاد حربي متطور من روسيا التي كلّفت عناصر «فاغنر» بتدريب العسكريين في النيجر على استعماله؛ ما أثار حفيظة الجزائر، التي عدَّت الخطوة «إضعافاً لها في منطقة نفوذها».


مقالات ذات صلة

«قضية الروائي داود» تأخذ أبعاداً سياسية وقضائية في الجزائر

شمال افريقيا الروائي المثير للجدل كمال داود (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

«قضية الروائي داود» تأخذ أبعاداً سياسية وقضائية في الجزائر

عقوبة سجن بين 3 و5 سنوات مع التنفيذ ضد «كل من يستعمل، من خلال تصريحاته أو كتاباته أو أي عمل آخر، جراح المأساة الوطنية، أو يعتدّ بها للمساس بمؤسسات الجمهورية».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس تبون مع قائد الجيش (وزارة الدفاع)

الجزائر: شنقريحة يطلق تحذيرات بـ«التصدي للأعمال العدائية»

أطلق قائد الجيش الجزائري الفريق أول سعيد شنقريحة، تحذيرات شديدة اللهجة، في أول ظهور إعلامي له.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس وقائد الجيش في آخر نشاط لهما معاً في 14 نوفمبر الحالي (وزارة الدفاع)

الجزائر: إقصاء الأحزاب الموالية للرئيس من الحكومة الجديدة

لاحظ مراقبون في الجزائر غياب «العمق السياسي» عن التعديل الحكومي الذي أحدثه الرئيس عبد المجيد تبون في حكومته.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (رويترز)

الجزائر: تعديل حكومي واسع يبقي الوزراء السياديين

أجرى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الاثنين، تعديلاً حكومياً احتفظ فيه وزراء الحقائب السيادية بمناصبهم، بعد أن كان الوزير الأول نذير عرباوي قدم استقالة…

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (رويترز)

الجزائر: تعديل حكومي يُبقي على وزراء الحقائب السيادية والمقربين من تبون

ذكرت «وكالة الأنباء الجزائرية» أن رئيس الوزراء محمد النذير العرباوي قدّم، اليوم الاثنين، استقالة الحكومة إلى الرئيس عبد المجيد تبون.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)
علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)
TT

«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)
علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)

مع اقتراب دفع المحكمة الجنائية الدولية بـ«المرافعات» الختامية في قضية السوداني علي عبد الرحمن، الشهير بـ«علي كوشيب»، المتهم بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في إقليم بدارفور، وصف الدفاع المتهم كوشيب بأنه «كبش فداء» قدّمته الحكومة السودانية للتغطية على المتهمين الرئيسيين، وهم: الرئيس المخلوع عمر البشير، ووزيرا «الدفاع» وقتها عبد الرحيم محمد حسين، و«الداخلية» أحمد هارون.

وقالت المحكمة الجنائية، في «ورشة عمل» عقدتها للصحافيين السودانيين في العاصمة الكينية كمبالا، الجمعة، إن المحكمة قررت تقديم المرافعات الختامية في قضية المدعي العام ضد علي محمد علي عبد الرحمن، الشهير بـ«علي كوشيب»، في الفترة من 11 إلى 13 ديسمبر (كانون الأول) 2024، بمقر المحكمة في مدينة لاهاي الهولندية.

ويواجه عبد الرحمن 31 تهمة تتعلق بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية يُزعم أنها ارتُكبت في إقليم بدارفور السودان، خلال الفترة بين أغسطس (آب) 2003، وأبريل (نيسان) 2004، بمناطق مكجر وبندسي ودليج وكدوم بوسط دارفور.

مطالب بتسليم البشير وهارون

وقال المستشار بمكتب المدعي العام داهيرو سان آنا، عبر تقنية مؤتمر فيديو من لاهاي، إن مكتبه يحقق في أحداث دارفور الناجمة عن الحرب الحالية، وإنه كلف فريقاً يقوم بجمع المعلومات في دارفور يتعلق بالقضايا الجديدة، في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، يتحدث الناس أنها تحدث في الإقليم المضطرب، وبنهاية التحقيقات سيجري تقديم طلبات لقضاة المحكمة لتوجيه اتهامات.

عمر البشير خلال محاكمته بالفساد يونيو 2019 (رويترز)

وأوضح أن المتهمين الرئيسيين؛ الرئيس السابق عمر البشير، ووزير دفاعه وقتها عبد الرحيم محمد حسين، ووزير داخليته أحمد محمد هارون، لا يزالون دخل السودان. وأضاف: «وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي، يجب تسليمهم للمحكمة، وهو التزام لا يزال قائماً». وتابع أن انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021 الذي قاده الجيش صعب الأوضاع المتعلقة بتسليم المتهمين.

وقال داهيرو إن تسليم المتهمين يقع على حكومة السودان التي تَعلم مكان المتهمين. وتابع: «سألناهم، العام الماضي، ولم يعطونا معلومات، وقالوا إنهم يحققون في مكان وجود أحمد هارون». واستطرد: «التحقيقات مع كوشيب أشارت إلى ضلوع هارون في كل الجرائم المرتكبة بواسطة كوشيب، وطالبنا بتسليمه ليحاكَم الرجلان معاً، لكن هذا لم يحدث».

وعادت قضية تسليم أحمد محمد هارون إلى الواجهة مجدداً، بعد تصاعد الصراعات داخل حزب البشير «المؤتمر الوطني»، وانتخاب الرجل رئيساً للحزب، رغم التهم الموجهة له من قِبل المحكمة الجنائية الدولية، والاتهامات التي يواجهها في القضاء المحلي.

مئات الأشخاص يفرون يومياً من دارفور إلى مخيم أدري الحدودي في تشاد هرباً من الحرب (رويترز)

وبإطاحة حكم الرئيس عمر البشير، يواجه الرجال الثلاثة المحاكمة باتهامات تتعلق بتدبير انقلاب 1989، تصل عقوبتها للإعدام. وعقب اندلاع الحرب، في 15 أبريل، خرج هارون ومتهمون آخرون من السجن، ولا يعلم مكان وجودهم، بينما لا تزال السلطات تقول إن البشير وحسين لا يزالان قيد الحبس، دون أن تكشف عن مكان حبسهما.

اتهامات لحكومة السودان

بدوره، قال المتحدث باسم المحكمة، فادي العبد الله، إن المحكمة لا تستطيع توسيع نطاق اختصاصها إزاء الجرائم التي يزعم أن قوات «الدعم السريع» ترتكبها في مناطق جديدة من السودان؛ لأن السودان ليس عضواً في ميثاق روما المكون للمحكمة الجنائية الدولية، وأن اختصاصها يقتصر على قرار مجلس الأمن 1593 الصادر في 2005، الذي أحال الوضع في دافور للمحكمة.

واتهم محامي المتهم سيريل لاوشي، في إفادته، للصحافيين، «حكومة السودان» بأنها قدمت كوشيب «كبش فداء» للتستر على المتهمين الرئيسيين. وقال: «جاء ممثل السودان، وقال: خذوه وحاكموه، فهذا هو الشخص الذي يجب أن تجري محاكمته، على الرغم من وجود المتهمين الرئيسيين؛ عمر البشير ومساعديْه وزيري الدفاع والداخلية».

وأرجع محامي كوشيب تأخير إجراءات المحاكمة إلى عدم مثول المتهمين الآخرين، وأضاف: «كان يمكن أن تسير الإجراءات بشكل يحقق العدالة، بحضور المتهمين». وأقر المحامي لاوشي بوقوع الجرائم موضوع المحاكمة، وطالب بجبر ضرر الضحايا، بقوله: «للمجني عليهم الحق في جبر الضرر، بغض النظر عن إدانة كوشيب أو تبرئته، وحق الضحايا لن يتأثر بكونه مجرماً أو غير مجرم».

صورة من الدمار الذي خلّفه القتال في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أرشيفية - أ.ف.ب)

ووفقاً للمتحدثين باسم محكمة لاهاي، فإن مكتب المدعي العام والممثلين القانونيين للضحايا، وهيئة الدفاع سيدلون بمرافعاتهم الختامية، في الوقت المحدد، أمام الدائرة الابتدائية الأولى المكونة من القاضية جوانا كورنر «قاضية رئيسة»، والقاضيتين راين ألابيني غانسو وألتيا فيوليت أليكسيس.

وبدأت محاكمة كوشيب أمام الدائرة الابتدائية الأولى، في 5 أبريل 2022، على أثر تسليمه نفسه للمحكمة في يونيو (حزيران) 2020، واستجوبت المحكمة، خلال التقاضي، 56 شاهداً، وقفلت قضية الادعاء في 5 يونيو 2023، وينتظر أن تستمع المحكمة إلى مرافعتَي الاتهام والدفاع الختاميتين، قبل اتخاذ قرار بشأن الرجل المحبوس لدى المحكمة في لاهاي.