معبر رفح: مقترح لإحياء اتفاق 2005 يُعزز جهود الوسطاء نحو «الهدنة»

محادثات بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بشأنه

خلال تأمين معبر رفح من الجانب المصري (أ.ف.ب)
خلال تأمين معبر رفح من الجانب المصري (أ.ف.ب)
TT

معبر رفح: مقترح لإحياء اتفاق 2005 يُعزز جهود الوسطاء نحو «الهدنة»

خلال تأمين معبر رفح من الجانب المصري (أ.ف.ب)
خلال تأمين معبر رفح من الجانب المصري (أ.ف.ب)

تحركات أميركية جديدة لإعادة فتح معبر رفح الحدودي بين مصر وقطاع غزة بعد أكثر من شهرين على إغلاقه عقب سيطرة إسرائيل على الجانب الفلسطيني من المعبر، وسط أزمة إنسانية بقطاع غزة جراء استمرار إغلاق المعبر.

ونقلت وكالة «بلومبرغ» الأميركية عن مصادر مطلعة قولها، مساء الخميس، إن مسؤولين إسرائيليين «يدرسون نقل السيطرة» على معبر رفح الحدودي في غزة إلى الاتحاد الأوروبي وفلسطينيين خلال محادثات برعاية الولايات المتحدة عبر إحياء اتفاق 2005.

ووفق المصادر المطلعة، فإنه حال التواصل لموافقة بشأنه «سيساعد ذلك في دفع جهود الوسطاء بمفاوضات الهدنة» وإيصال مزيد من المساعدات إلى غزة.

ورأى نواب في البرلمان المصري وخبراء أن المساعي الأميركية «قد تدفع نحو حلحلة لأزمتي المعبر والهدنة». وأشاروا إلى أن هذه المساعي تسهم في «خفض التوتر بين القاهرة وتل أبيب» كون المقترح (أي اتفاق 2005) تؤيده مصر التي رفضت التنسيق مع إسرائيل إلا بوجود فلسطينيين على الجانب الآخر من المعبر.

ومعبر رفح الذي يعد شرياناً اقتصادياً وأمنياً على الحدود بين مصر وقطاع غزة خضع الجانب الفلسطيني منه عام 2005 عقب انسحاب إسرائيلي من قطاع غزة إلى «اتفاقية تسمح بوجود فلسطيني ورقابة أوروبية»، قبل أن تسيطر «حماس» على القطاع في 2007 وينسحب الأوروبيون.

عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب مجدي عاشور، قال إن «مصر ترفض أي وجود لإسرائيل في معبر رفح، وهذا الرفض المصري يتفق مع القانون الدولي والأمن القومي المصري».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن رفض نتنياهو الانسحاب من معبر رفح كما تطالب مصر «مجرد مناورات بحثاً عن مكاسب أكبر وإرضاء معسكره لإبقاء حكومته»، لكن مصر قادرة على «فرض خياراتها وإرادتها» وهي دولة ذات ثقل في المنطقة و«لن تقبل بالمساس بأمنها القومي». وعوّل عاشور على الدور الأميركي في «استجابة إسرائيل لمطلب مصر بالعودة لاتفاق 2005 بوجود إدارة فلسطينية ورقابة أوروبية للمعبر».

دبابات إسرائيلية في الجانب الفلسطيني من معبر رفح بين غزة ومصر (أ.ف.ب)

محادثات الولايات المتحدة بشأن معبر رفح اعتبرها مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير رخا أحمد حسن، عودة لما ذكرته مصر منذ بداية أزمة المعبر. ورأى أن التسريبات بشأن المحادثات «قد تسهم» في إمكانية الوصول لاتفاق «شريطة تقديم تل أبيب تنازلات».

وكان موقع «أكسيوس» قد أشار، مساء الخميس، إلى استضافة تل أبيب اجتماعاً إسرائيلياً - فلسطينياً لأول مرة منذ حرب غزة بمشاركة المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط بريت ماكغورك، ومدير «الشاباك» رونين بار، وأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ، ومدير المخابرات الفلسطينية ماجد فرج؛ لمناقشة إعادة فتح المعبر كجزء من اتفاق وقف إطلاق النار.

ويشار إلى أن مصر التي لم تشارك بهذا الاجتماع الثلاثي في تل أبيب، سبق أن استضافت، في يونيو (حزيران) الماضي، اجتماعاً بمشاركة أميركية وإسرائيلية بشأن المعبر، أكدت خلاله على مطلبها بانسحاب تل أبيب من الجانب الفلسطيني من المعبر الذي سيطرت عليه في 7 مايو (أيار) الماضي، وفق إفادات سابقة لـ«الخارجية المصرية».

الموقف المصري بشأن المعبر، يراه المحلل السياسي الفلسطيني عبد المهدي مطاوع أنه يستهدف تعزيز الموقف الفلسطيني و«عدم شرعنة أي احتلال».

فلسطينيون ينظرون إلى الدمار بعد غارة إسرائيلية على رفح بقطاع غزة (أ.ب)

في سياق ذلك، يُصر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وفق حديثه بعد زيارة لرفح الخميس، على أن السيطرة على «ممر فيلادلفيا» الذي يمتد لمسافة إجمالية تبلغ 14 كيلومتراً (8.7 ميل) على طول الحدود مع مصر ومعبر رفح «أمر حيوي للمستقبل». وذلك رغم إبداء وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت تجاوباً عبر اعتقاده بأنه «يجب الانسحاب» من المناطق المبنية من «محور فيلادلفيا»، في إطار صفقة التبادل، بحسب ما ذكر موقع «واللا» الإسرائيلي.

حديث نتنياهو «مهم» كونه أعلى سلطة تنفيذية في إسرائيل، وأي مقترحات بخلاف ما يعلنه، لن تعني إلا مزيداً من المناورات الإسرائيلية، وفق تقدير حسن، الذي أكد لـ«الشرق الأوسط» أن الوسطاء سيواصلون الجهود «من أجل إنقاذ الفلسطينيين من عملية الإبادة التي تمارسها إسرائيل» وهو ما تؤكده الجولات والمحاولات المتواصلة خلال الفترة الأخيرة.

وهو ما يؤيده مطاوع بأن «إسرائيل سوف تضطر إلى الذهاب لاتفاق بشأن معبر رفح والخروج من تلك المنطقة، ما يعزز مسار المفاوضات». وأرجع ذلك إلى أن بقاء إسرائيل يعني أنها صارت محتلة للقطاع وعليها تبعات والتزامات اقتصادية وغيرها، وهي لا تريد أن تتحمل أعباء إضافية في ظل خسائرها من الحرب. غير أن مطاوع رأى أن أي رؤية مستقبلية أو تنازلات إسرائيلية بخصوص معبر رفح أو المفاوضات لن تتضح إلا بعد زيارة نتنياهو لواشنطن خلال الأيام المقبلة.


مقالات ذات صلة

الغزيون يكابدون الأمطار والبرد

المشرق العربي فلسطينيات يستخدمن طريقاً جافاً لنقل المياه إلى خيمتهن بعد هطول أمطار غزيرة بدير البلح وسط قطاع غزة الأحد (أ.ف.ب)

الغزيون يكابدون الأمطار والبرد

تسبب الانخفاض الجوي الذي تشهده غزة، هذه الأيام، في زيادة معاناة سكان القطاع الذين يعانون أصلاً ويلات الحرب منذ 14 شهراً.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية جنود في مقبرة بالقدس خلال تشييع رقيب قُتل في غزة يوم 20 نوفمبر (أ.ب)

صرخة جندي عائد من غزة: متى سيستيقظ الإسرائيليون؟

نشرت صحيفة «هآرتس» مقالاً بقلم «مقاتل في جيش الاحتياط»، خدم في كل من لبنان وقطاع غزة. جاء المقال بمثابة صرخة مدوية تدعو إلى وقف الحرب.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شمال افريقيا جانب من محادثات وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع نظيره الإيراني في القاهرة الشهر الماضي (الخارجية المصرية)

مصر تطالب بخفض التوترات في المنطقة و«ضبط النفس»

أعرب وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، خلال اتصال هاتفي تلقاه من نظيره الإيراني، عباس عراقجي، مساء الخميس، عن قلق بلاده «من استمرار التصعيد في المنطقة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شؤون إقليمية وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير (رويترز)

ماذا نعرف عن «الخلية الفلسطينية» المتهمة بمحاولة اغتيال بن غفير؟

للمرة الثانية خلال ستة شهور، كشفت المخابرات الإسرائيلية عن محاولة لاغتيال وزير الأمن القومي الإسرائيلي، المتطرف إيتمار بن غفير، الذي يعيش في مستوطنة بمدينة…

نظير مجلي (تل ابيب)
تحليل إخباري فلسطينيون يبحثون عن ضحايا عقب غارة إسرائيلية وسط مدينة غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري حديث إسرائيلي عن «إدارة عسكرية» لغزة يعقّد جهود «الهدنة»

الحديث الإسرائيلي عن خطط لإدارة غزة يراه خبراء، تحدثوا مع «الشرق الأوسط»، بمثابة «تعقيد خطير لجهود التهدئة المتواصلة بالمنطقة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

اجتماعات «المائدة المستديرة» بين الفرقاء السودانيين في جنيف لوقف الحرب

جانب من لقاء سابق لتنسيقية «تقدم» مع مسؤولي الآلية الأفريقية في أديس أبابا (صفحة «تقدم» على فيسبوك)
جانب من لقاء سابق لتنسيقية «تقدم» مع مسؤولي الآلية الأفريقية في أديس أبابا (صفحة «تقدم» على فيسبوك)
TT

اجتماعات «المائدة المستديرة» بين الفرقاء السودانيين في جنيف لوقف الحرب

جانب من لقاء سابق لتنسيقية «تقدم» مع مسؤولي الآلية الأفريقية في أديس أبابا (صفحة «تقدم» على فيسبوك)
جانب من لقاء سابق لتنسيقية «تقدم» مع مسؤولي الآلية الأفريقية في أديس أبابا (صفحة «تقدم» على فيسبوك)

للمرة الثالثة تستضيف مدينة جنيف السويسرية ما عرفت باجتماعات «المائدة المستديرة» بين القوى السياسية والمدنية السودانية، وتهدف لتقريب وجهات النظر بين أطراف الأزمة السودانية، مواصلة للاجتماعين السابقين اللذين نسقتهما منظمة «بروميديشن» الفرنسية، في القاهرة وجنيف، وتهدف الاجتماعات لتحقيق توافق على وقف الحرب عبر التفاوض وإيصال المساعدات الإنسانية للمدنيين.

وتشارك في الاجتماعات، التي بدأت يوم الاثنين وتستمر ليومين، كل من تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم»، وتحالف «الكتلة الديمقراطية» الموالية للجيش، وحركات مسلحة تابعة للكتلة، مع إعلان بعض الأطراف مقاطعة هذه الاجتماعات.

وانشقت «الكتلة الديمقراطية» قبل سنوات عن تحالف «قوى الحرية والتغيير» الذي قاد الاحتجاجات الشعبية التي أطاحت بحكومة الرئيس عمر البشير.

وتتكون «الكتلة الديمقراطية» أساساً من حركات مسلحة وقوى سياسية أيدت انقلاب 25 أكتوبر 2021 الذي ناهضه التحالف الرئيس «الحرية والتغيير» الذي تطور بعد الحرب إلى تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم».

وصدرت مواقف متضاربة بين أعضاء تحالف «الكتلة الديمقراطية» تراوحت بين الرفض والقبول للمشاركة في اجتماعات جنيف. وأعلن المتحدث باسم الكتلة، محمد زكريا، الذي ينتمي لـ«حركة العدل والمساواة»، اعتذار كتلته عن المشاركة، بينما

استنكر القيادي في الحزب «الاتحادي الديمقراطي» عمر خلف الله، وهو أيضاً ناطق رسمي باسم «الكتلة الديمقراطية» تصريح زكريا، قائلاً إن الموضوع لم يناقش في قيادة الكتلة، وأكد مشاركتهم في اجتماعات جنيف «من أجل رؤية تعزز المشروع الوطني».

عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

تباين مواقف «الكتلة الديمقراطية»

وإزاء مواقف «الكتلة الديمقراطية»، قال قيادي في الكتلة لـ«الشرق الأوسط» إن المشاركة في اجتماعات جنيف كشفت تباينات حادة داخل الكتلة، وأن «حركة العدل والمساواة» بقيادة وزير المالية الحالي جبريل إبراهيم سنت لنفسها خطاً منفرداً يمكن وصفه بـ«الانشقاق» داخل الكتلة، مضيفاً أن «رفض المشاركة يعبر عن موقف الحركة وليس موقف الكتلة».

وقال القيادي في «تقدم» والأمين السياسي لحزب «المؤتمر السوداني» شريف محمد عثمان لـ«الشرق الأوسط» إن مدينة جنيف السويسرية شهدت صباح يوم الاثنين الاجتماع الرابع لسلسلة الاجتماعات التي تنسقها «بروميديشن»، وينتهي يوم الثلاثاء، ويهدف إلى تقريب المسافات بين القوى المناهضة للحرب وتلك التي انحازت لأحد طرفي القتال، في إشارة إلى الجيش.

ووفقاً للقيادي في «تقدم»، فإن الاجتماعات تعمل على تحقيق توافق على إنهاء الحرب عبر الحلول السلمية التفاوضية، والتي تبدأ بالوصول إلى وقف العدائيات بغرض إيصال المساعدات الإنسانية للمحتاجين، وفتح مسارات آمنة، باعتبارها خطوات تمهيدية لوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب سلمياً.

اجتماع سابق للهيئة القيادية لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية السودانية «تقدم» (فيسبوك)

مشاركة واسعة

وأوضح عثمان أن طيفاً واسعاً من المدنيين يشارك في الاجتماع وعلى رأسهم قيادات تحالف القوى الديمقراطية المدنية الأكبر في البلاد «تقدم»، ويمثلها كل من رئيس حزب «المؤتمر السوداني» عمر الدقير، ورئيس حزب «التجمع الاتحادي» بابكر فيصل، ورئيس «حركة تحرير السودان – المجلس الانتقالي» الهادي إدريس. كما يشارك في الاجتماعات «حزب الأمة القومي»، و«الحزب الاتحادي الأصل» بقيادة جعفر الميرغني، و«التحالف الديمقراطي للعدالة» بقيادة مبارك أردول، و«حركة تحرير السودان - جناح مناوي»، ويمثلها علي ترايو، إضافة لممثلين عن حزب «المؤتمر الشعبي» الإسلامي المنشق عن حزب الرئيس المعزول عمر البشير، و«حزب الأمة – جناح مبارك الفاضل».

وتوقع عثمان توصل المجتمعين لبيان ختامي متوافق عليه بشأن قضيتي إنهاء الحرب سلمياً، ووقف عدائيات إنساني يسهل وصول المساعدات الإنسانية.

وكانت العاصمة المصرية القاهرة قد شهدت في أكتوبر (تشرين الأول) اجتماعاً مماثلاً، توصل إلى بيان ختامي وقعته القوى المشاركة، باستثناء حركة تحرير السودان – مناوي، وحركة العدل والمساواة – جبريل إبراهيم اللتين رفضتا توقيع بيان القاهرة رغم مشاركتهما في الاجتماعات.

و«بروميديشن» منظمة فرنسية مدعومة من الخارجية الفرنسية والخارجية السويسرية، ظلت تلعب أدواراً مستمرة في الشأن السوداني، وعقدت عدداً من اجتماعات المائدة المستديرة بين الفرقاء السودانيين، بدأتها منذ يونيو (حزيران) 2022 بمفاوضات بين حركات مسلحة دارفورية، ثم طورت اجتماعاتها لتشمل القوى السياسية والمدنية السودانية بعد الحرب.