«هدنة غزة»: حراك «مفصلي» لإنهاء «النقاط العالقة» بالمفاوضات

ترقب لاجتماعات وفود إسرائيلية وأميركية في القاهرة

دخان تصاعد في وقت سابق بعد غارات إسرائيلية على رفح بالقرب من الحدود الفلسطينية المصرية (أ.ف.ب)
دخان تصاعد في وقت سابق بعد غارات إسرائيلية على رفح بالقرب من الحدود الفلسطينية المصرية (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: حراك «مفصلي» لإنهاء «النقاط العالقة» بالمفاوضات

دخان تصاعد في وقت سابق بعد غارات إسرائيلية على رفح بالقرب من الحدود الفلسطينية المصرية (أ.ف.ب)
دخان تصاعد في وقت سابق بعد غارات إسرائيلية على رفح بالقرب من الحدود الفلسطينية المصرية (أ.ف.ب)

بين القاهرة والدوحة، حراك يتصاعد من جانب الوسطاء، لإنهاء «نقاط عالقة» بمفاوضات وقف إطلاق النار بقطاع غزة، وسط مخاوف من «عراقيل» قد يضعها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لإطالة أمد التفاوض وتعطيل صفقة تنهي الحرب التي دخلت شهرها العاشر.

ويرى خبراء أن مستجدات مساعي الهدنة تشهد حراكاً «هاماً ومفصلياً» من الوسطاء لسد الفجوات ونقاط الخلاف، ومن بينها «ضمانات وتعهدات الالتزام بأي اتفاق، وأسماء الأسرى وعددهم، والانسحاب الإسرائيلي، وترتيبات اليوم التالي للحرب».

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إيهود أولمرت، في مقابلة مع «القناة 12» الإسرائيلية، الأحد، إن نتنياهو «لا يريد إعادة المخطوفين»، ولا يريد التوصّل لصفقة تبادل، «لكن ليس ثمة شك لدي أنه بعد يوم من خطابه أمام مجلسي الشيوخ والنواب الأميركي (25 يوليو «تموز» الجاري) (سيقوم بتفجير المفاوضات)»، وإلى ذلك الحين سيدير المفاوضات «دون دفع أي ثمن».

وبعد فترة من الجمود، تحدثت حركة «حماس» في 24 يونيو (حزيران) الماضي، عن تلقّي تعديلات أميركية - لم يجرِ الإعلان عن تفاصيلها - على مقترح الرئيس جو بايدن، وسلّمت الحركة، في 3 يوليو الجاري، ردها الجديد عبر الوسطاء لإسرائيل، ولقي قبولاً بين الأجهزة الأمنية والجيش، ما دفع نتنياهو لعقد اجتماع مع مجلس الوزراء الأمني، ومن ثم الموافقة على إرسال رئيس الموساد، ديفيد برنيع، إلى قطر لاستئناف المفاوضات. وعقب عودة برنيع من قطر، أعلن مكتب نتنياهو، انضمام وفد التفاوض الإسرائيلي لمحادثات بالدوحة، الأسبوع الجاري، مؤكداً أنه «لا تزال هناك فجوات بين الطرفين»، دون مزيد من التفاصيل.

دبابات إسرائيلية بجوار المباني المدمرة خلال عملية برية في جنوب قطاع غزة (رويترز)

ومساء السبت، أعلنت القاهرة أنها «تستضيف وفوداً إسرائيلية وأميركية للتباحث حول النقاط العالقة في اتفاق التهدئة بقطاع غزة، وعقد مشاورات مع (حماس) ولقاءات مكثفة هذا الأسبوع»، وفق ما نقلته فضائية «القاهرة الإخبارية» عن ‏مصدر مصري رفيع المستوى.

وظهر الحديث عن «النقاط العالقة»، و«الفجوات»، بعد حديث مصادر إسرائيلية وأميركية بوسائل إعلام عبرية وغربية، عن «فرصة» لإبرام صفقة بعد تراجع «حماس» المؤقت عن مطلبها بوقف الحرب الدائم مع تنفيذ المرحلة الأولى من مقترح بايدن، الذي يمتد إلى 3 مراحل.

وفسر مستشار «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر، الدكتور عمرو الشوبكي، ظهور هذه التباينات عقب التفاؤل بإبرام صفقة، لـ«عدم اقتناع نتنياهو بإبرام صفقة، وأنه لم يكن يرغب في استئناف المفاوضات لولا ضغوط الاحتجاجات في تل أبيب».

بينما رأى السفير الفلسطيني السابق، بركات الفرا، أنه سيكون هناك «حراك هام ومفصلي» من الوسطاء لتفادي أي محاولات لإفساد الصفقة، في ظل ما يعانيه القطاع من أزمات إنسانية كبيرة تحتاج لهدنة.

وتحدثت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، الأحد، عن أن حكومة نتنياهو قدمت مطالب جديدة الجمعة عبر رئيس الموساد، قد تؤدي إلى «عرقلة المفاوضات»، منها أهمية مضي «حماس» في صفقة التبادل بناء على مقترح بايدن، من دون أن تطالب بوضع ضمانات لوقف الحرب.

فلسطينيون ينظرون إلى الدمار بعد غارة إسرائيلية على رفح بقطاع غزة (أ.ب)

ونقلت وكالة «أسوشيتد برس» الأميركية عن مسؤول في «حماس»، السبت، أن الحركة لا تزال تريد «ضمانات مكتوبة» من الوسطاء بأن «إسرائيل سوف تواصل التفاوض على اتفاق وقف إطلاق نار دائم بمجرد دخول المرحلة الأولى حيز التنفيذ».

ووفق الشوبكي فإن «الضمانات» هي أول البنود المحتملة في النقاط العالقة بين طرفي حرب غزة، حيث ترغب «حماس» في ضمانات من الوسطاء بعدم عودة إسرائيل للعمليات العسكرية.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: ثاني البنود المحتملة، «تتعلق بالأسرى والمحتجزين، فهناك خلاف بشأن الأسماء وعددهم»، فبينما تريد «حماس» طرح أسماء الأسرى المحررين في السجون الإسرائيلية، لا تقبل أيضاً بالإفراج عن جميع المحتجزين لديها كما ترغب تل أبيب، وستكون هناك نقاشات في هذه النقطة، موضحاً: «ستكون ترتيبات اليوم التالي أيضاً أحد البنود العالقة في تلك المفاوضات»، فإسرائيل لا ترغب بوجود «حماس» بعد انتهاء الحرب، والحركة ترفض استبعادها، ويمكن بالنقاش الوصول لحلول وسط.

دخان تصاعد في وقت سابق بعد غارات إسرائيلية على رفح بالقرب من الحدود الفلسطينية المصرية (أ.ف.ب)

أما الفرا فقال لـ«الشرق الأوسط» إنه بخلاف بند الوقف الدائم للحرب الذي تم تجاوزه من جانب «حماس» مؤقتاً، فهناك نقاط عالقة، أهمها «الانسحاب الإسرائيلي من القطاع، وخطط اليوم التالي من الحرب، التي قد تتضمن طرح نزع سلاح (حماس) وليس استبعادها فقط، في ظل رفض الحركة ذلك». ورأى أن بند عودة المواطنين لمنازلهم في شمال غزة دون عراقيل «سيكون إحدى النقاط العالقة».

وكانت تقارير عربية وغربية، تحدثت عن أن رد «حماس» الأخير تضمن مطالبة بأن يكون الانسحاب من محور «فيلادلفيا» ومعبر رفح ضمن المرحلة الأولى.

وبشأن احتمال أن تعرقل تلك النقاط العالقة مسار المفاوضات؛ يتوقع السفير الفلسطيني السابق أن «ينجح الوسطاء في إبرام أولى مراحل تلك الصفقة». وأرجع ذلك إلى «ضغوط ضد نتنياهو من داخل إسرائيل عبر المعارضة والاحتجاجات والمؤسسة العسكرية التي ترغب في إنجاز الصفقة، بجانب أن إدارة بايدن تريد إتمامها بوصفها مكسباً انتخابياً مهماً قبيل الانتخابات الرئاسية». وهو ما يؤيده الشوبكي الذي أشار إلى أن نتنياهو سيذهب إلى توقيع هذه الصفقة «مضطراً» هذه المرة رغم عدم اقتناعه.


مقالات ذات صلة

18 قتيلاً على الأقل في قصف إسرائيلي على دير البلح وسط غزة

المشرق العربي فلسطينيون بجوار جثث أقاربهم الذين قتلوا في غارة إسرائيلية في مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح (أرشيفية - رويترز)

18 قتيلاً على الأقل في قصف إسرائيلي على دير البلح وسط غزة

قالت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا)، إن 18 شخصاً على الأقل لقوا حتفهم وأصيب عشرات آخرون في غارة جوية إسرائيلية على مسجد في غزة صباح اليوم الأحد.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شمال افريقيا فلسطينيون يتفقدون موقع الغارات الإسرائيلية على المنازل في خان يونس بجنوب قطاع غزة (رويترز)

«وساطة غزة» في عام... هدنة واحدة وجولات «متعثرة»

تحركات واتصالات واجتماعات على مدار عام، منذ 7 أكتوبر 2023، لإنهاء الحرب في غزة، لم تسفر إلا عن هدنة واحدة لمدة أسبوع.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شؤون إقليمية البرلمان التركي (أرشيفية)

تركيا: جلسة برلمانية خاصة لحرب غزة وتطورات الشرق الأوسط

يعقد البرلمان التركي جلسة خاصة لمناقشات التطورات في منطقة الشرق الأوسط بعد عام من الحرب في غزة، وتصعيد إسرائيل عدوانها وتوسيعه إلى لبنان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي عائلات إسرائيليين محتجزين في غزة ترفع صورهم خلال احتجاج قرب مقر إقامة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في القدس يوم 30 سبتمبر (إ.ب.أ)

عائلات إسرائيليين محتجزين في غزة تنفّذ إضراباً عن الطعام

بدأ أفراد في عائلات الإسرائيليين المحتجزين في أنفاق حركة «حماس» بقطاع غزة إضراباً عن الطعام، متهمين حكومة بنيامين نتنياهو بأنها أهملت قضيتهم في ظل حرب لبنان.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
رياضة عربية ستُكلّف لجنة الانضباط بالفيفا ببدء تحقيق في جرائم تمييز ضد إسرائيل (د.ب.أ)

«فيفا»: تكليف لجنة الانضباط بالتحقيق في مزاعم تمييز بسبب حرب غزة

أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم اليوم الخميس أنه سيطلب من لجنة الانضباط التابعة له النظر في مزاعم تمييز أثارها الاتحاد الفلسطيني للعبة على صلة بالحرب في غزة.

«الشرق الأوسط» (زيوريخ)

«وساطة غزة» في عام... هدنة واحدة وجولات «متعثرة»

فلسطينيون يتفقدون موقع الغارات الإسرائيلية على المنازل في خان يونس بجنوب قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقدون موقع الغارات الإسرائيلية على المنازل في خان يونس بجنوب قطاع غزة (رويترز)
TT

«وساطة غزة» في عام... هدنة واحدة وجولات «متعثرة»

فلسطينيون يتفقدون موقع الغارات الإسرائيلية على المنازل في خان يونس بجنوب قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقدون موقع الغارات الإسرائيلية على المنازل في خان يونس بجنوب قطاع غزة (رويترز)

تحركات واتصالات واجتماعات على مدار عام، منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023؛ لإنهاء الحرب في غزة، لم تسفر إلا عن هدنة واحدة لمدة أسبوع، في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، تلاها عديد من الجولات التفاوضية، تعثرت جميعها في وقف إطلاق النار.

دول الوساطة (قطر ومصر والولايات المتحدة) قادت جهوداً، واجهت خلالها «عقبات» لا تنتهي في ظل اتهامات متبادلة بين طرفي الحرب «حماس» وإسرائيل بعرقلة اتفاق هدنة غزة، قبل أن تدخل الوساطة مرحلة الجمود مع إعلان إسرائيلي - أميركي في أغسطس (آب) الماضي، العثور على 6 رهائن قتلى، بينهم شخص يحمل الجنسية الأميركية في قطاع غزة.

جولات التفاوض بشأن الهدنة في غزة كانت في 4 عواصم، هي القاهرة والدوحة وباريس وروما، بحسب رصد «الشرق الأوسط»، وأسفرت بعد أكثر من شهر على اندلاع الحرب عن إبرام هدنة وحيدة تضمنت الإفراج عن 109 رهائن لدى «حماس»، و240 معتقلاً فلسطينياً لدى إسرائيل، بالإضافة إلى السماح بدخول مزيد من المساعدات للقطاع.

4 مقترحات رئيسية

تلاها على مدار نحو 11 شهراً مساعٍ للوسطاء لإبرام هدنة ثانية، عبر تقديم 4 مقترحات رئيسية، غير أن شروطاً متعددة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أبرزها عدم الانسحاب من «محور فيلادلفيا»، والجانب الفلسطيني من معبر رفح المتاخمين مع حدود مصر، كان عقبة رئيسية أمام إبرام الاتفاق.

واستضافت باريس أول محادثات ما بعد الهدنة الأولى، في 28 يناير (كانون الثاني) الماضي، وشهدت تقديم مقترح لإبرام صفقة هدنة على 3 مراحل، دون الوصول إلى نتائج، وبعد أقل من شهر استضافت القاهرة في 13 فبراير (شباط) محادثات ناقشت مسودة مقترح ثانٍ لوقف إطلاق النار لمدة 6 أسابيع، دون تقدم.

وعادت المحادثات إلى باريس في 23 فبراير الماضي دون تحقيق انفراجة، قبل أن تستضيف الدوحة في 18 مارس (آذار) الماضي، مفاوضات جديدة، استكملت في القاهرة في 7 أبريل (نيسان) الماضي، وانتهت دون تقدم مع تمسك «حماس» بوقف إطلاق نار دائم ورفض نتنياهو.

شاب فلسطيني أصيب في غارة إسرائيلية قتلت أقاربه يحتضن ابنة أخته التي أصيبت معه في خان يونس (رويترز)

شهد شهر مايو (أيار) 2024 مرحلة جديدة من جهود الوسطاء، بحديث إعلامي عن مقترح مصري يقوم على 3 مراحل، كل واحدة منها تتراوح بين 40 و42 يوماً، تنتهي بوقف إطلاق نار نهائي وعودة النازحين الفلسطينيين إلى بيوتهم، قبلته «حماس» في 6 من الشهر ذاته، ورفضه نتنياهو الذي شنت قواته هجوماً على مدينة رفح في جنوب القطاع، رغم التحذيرات المصرية والأميركية والغربية.

مقترح بايدن

طرحت واشنطن، 31 مايو الماضي، في إعلان للرئيس جو بايدن، خريطة طريق لوقف تام لإطلاق النار، بناءً على مقترح إسرائيلي، تتضمن 3 مراحل، وتصل في النهاية إلى وقف الحرب وإعادة إعمار غزة، رحبت بها «حماس»، فيما تمسك نتنياهو مجدداً باستمرار الحرب، معللاً ذلك بأن «حماس» أضافت شروطاً جديدة، لم يحددها.

في 2 يوليو (تموز) الماضي، أعلنت «حماس» موافقتها على إطار اتفاق مقدم من الوسطاء يستند إلى خريطة طريق بايدن، وسط محادثات تنقلت بين الدوحة والقاهرة في 10 و11 يوليو، وروما في 27 من الشهر ذاته، دون التوصل إلى حل للعقبات الرئيسية.

وعقب محادثات في الدوحة، أعلن الوسطاء في 16 أغسطس الماضي، تقديم واشنطن مقترحاً جديداً بهدف سد الفجوات المتبقية، مع جولة في القاهرة، انطلقت أواخر الشهر ذاته، دون حلول، قبل أن يقود العثور على 6 رهائن قتلى بينهم أميركي، في أواخر الشهر لـ«جمود بالمفاوضات»، مع تصعيد إسرائيلي في جبهة لبنان، واهتمام أكبر من واشنطن بالانتخابات الرئاسية التي تنطلق الشهر المقبل.