نداءات سودانية لإنقاذ الآلاف من نازحي سنار

نشطاء: رضع وعجائز عالقون في العراء بلا ماء أو طعام

سودانيون فارون من بلدة سنجة جنوب شرقي السودان يستريحون الثلاثاء في مخيم بعد وصولهم إلى القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)
سودانيون فارون من بلدة سنجة جنوب شرقي السودان يستريحون الثلاثاء في مخيم بعد وصولهم إلى القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)
TT

نداءات سودانية لإنقاذ الآلاف من نازحي سنار

سودانيون فارون من بلدة سنجة جنوب شرقي السودان يستريحون الثلاثاء في مخيم بعد وصولهم إلى القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)
سودانيون فارون من بلدة سنجة جنوب شرقي السودان يستريحون الثلاثاء في مخيم بعد وصولهم إلى القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)

أطلق ناشطون سودانيون نداءات عبر مواقع التواصل الاجتماعي تدعو إلى إنقاذ الآلاف من الأسر النازحة من مدن ولاية سنار (جنوب شرقي السودان) العالقة في العراء دون طعام أو ماء.

وأكد النشطاء، أن أعداداً كبيرة من الأطفال والرجال الكبار السن لا يقوون على السير، ودعوا المجتمعات المحلية والخيرين إلى التحرك العاجل لإغاثتهم وإجلائهم.

وقالت مصادر محلية إن «أعداداً كبيرة جداً من الفارين بينهم رضع عالقون في مناطق بين شرق الدندر والقضارف (شرق السودان)، وسط مخاوف من تواصل هطول أمطار غزيرة تعزلهم وتعيق تحركاتهم من مواصلة النزوح».

وأضافت المصادر أن «النازحين قطعوا مسافات طويلة بالسيارات وسيراً على الأقدام لأيام وأنهكم الجوع والعطش وهم في طريقهم إلى ولاية القضارف (شرق البلاد)»، وذلك بعد اجتياح «قوات الدعم السريع» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار، وتمددها في المدن الأخرى، وسط تراجع لقوات الجيش السوداني.

وناشد نشطاء المجتمعات المحلية في المساهمة بتوفير عربات النقل الكبيرة لإجلاء العالقين في ظروف إنسانية قاسية، وعلى وجه الخصوص المرضى بالأمراض المزمنة.

وانفصل كثير من الأسر في أثناء فرارهم من الاشتباكات التي جرت في مدينتي سنجة والدندر، وأفاد نشطاء وأسر بفقدان أطفال في أعمار صغيرة ما بين عام إلى 11 عاماً، بالإضافة إلى كبار السن من النساء والرجال.

وتشير التقديرات إلى أن أعداد المفقودين بحسب ما رصدت «الشرق الأوسط» قد تصل إلى مئات انقطع التواصل معهم بسبب انقطاع خدمات الاتصالات والإنترنت في مناطق واسعة من الولاية.

ودشن عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي حملات مكثفة للبحث عن مفقودين، مصحوبة بصور ومعلومات كاملة نشرها أقاربهم، فيما لا يزال مصير أعداد كبيرة منهم مجهولاً.

ومع تجدد الاشتباكات (الأربعاء) بين الجيش السوداني و«الدعم السريع» في الدندر والمناطق حولها يتوقع فرار المزيد من المدنيين إلى ولايات الشرق الثلاث: بورتسودان، وكسلا، والقضارف.

وتحدث عدد من النشطاء الذين انخرطوا فيما سمي «مبادرة القضارف لإنقاذ الفارين» عن تحديات إسكان الفارين في ظل عدم أي توفير ملاجئ لهم من قبل السلطات المحلية مع امتلاء مراكز ودور إيواء بآلاف من النازحين السابقين.

ووفق آخر تحديث لمكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في السودان «أوتشا» مطلع الأسبوع الحالي، فر أكثر من 55 ألف شخص من مدينة سنجة مع امتداد النزاع إلى ولايات شرق السودان.

وأفاد «أوتشا» بأن العاملين في المجال الإنساني بولاية القضارف يخططون لتوفير مواد غذائية تكفي لتلبية احتياجات أكثر من 50 ألف نازح من سنار.

بدورها توقعت «مفوضية العون الإنساني» بالقضارف فرار أكثر من 130 ألفاً من كل مدن ولايات سنار، ويشمل ذلك 80 ألفاً لجأوا سابقاً إلى سنار من ولايات الخرطوم والجزيرة وكردفان ودارفور منذ اندلاع الحرب في البلاد قبل 14 شهراً.

ووفق «أوتشا» يجري نزوح المدنيين من سنار في الوقت الذي تقوم فيه حكومات الولايات في كسلا والقضارف والبحر الأحمر بإعادة فتح المدارس ونقل النازحين من بعض المدارس إلى مبان مدرسية أخرى ومواقع للتجمع.


مقالات ذات صلة

الإمارات تؤكد استهداف الجيش السوداني مقر رئيس بعثتها في الخرطوم

الخليج مقر وزارة الخارجية الإماراتية (الشرق الأوسط)

الإمارات تؤكد استهداف الجيش السوداني مقر رئيس بعثتها في الخرطوم

أكد سالم الجابري، مساعد وزير الخارجية للشؤون الأمنية والعسكرية، استهداف الجيش السوداني مقر رئيس بعثة دولة الإمارات في الخرطوم.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
شمال افريقيا رئيس مجلس الوزراء المصري خلال لقاء عدد من المفكرين والكُتاب (مجلس الوزراء المصري)

«سد النهضة»: مصر تلوح بـ«توجه آخر» حال نقص حصتها المائية

لوّحت الحكومة المصرية باتخاذ «توجه آخر» تجاه قضية «سد النهضة» الإثيوبي حال نقص حصة القاهرة من مياه النيل.

أحمد إمبابي (القاهرة )
شمال افريقيا الدخان يتصاعد نتيجة القتال في العاصمة السودانية الخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)

السودان: اتهامات لكتائب موالية للجيش بـ«إعدام العشرات» جماعياً

وجه نشطاء حقوقيون سودانيون اتهامات لكتائب موالية للجيش وأفراد يرتدون الزي العسكري له بارتكاب ما وصفوه بـ«انتهاكات جسيمة» تضمنت عمليات «إعدام جماعي لعشرات».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا الرئيس الصيني يرحب بقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان خلال «قمة منتدى التعاون الصيني - الأفريقي» في بكين مطلع سبتمبر الماضي (مجلس السيادة)

بكين تدعو إلى احترام سيادة ووحدة السودان وعدم التدخل بشؤونه

«الشركات الصينية تهتم بالسودان، وتتابع تطورات الأحداث أولاً بأول، وترغب بعد وقف الحرب العودة مرة أخرى واستئناف عملها في الاقتصاد التجاري».

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا أعمدة الدخان تتصاعد خلال اشتباكات بين «قوات الدعم السريع» والجيش في الخرطوم يوم 26 سبتمبر (رويترز)

الجيش السوداني ينفي قصف سفارة الإمارات بالخرطوم

قال الجيش السوداني في بيان إنه «لا يستهدف مقار البعثات الدبلوماسية، أو مقار ومنشآت المنظمات الأممية أو الطوعية».


مع اقتراب الانتخابات التونسية... معارضون يرسمون مشهداً حقوقياً قاتماً في البلاد

معارضون وقضاة في مظاهرة ضد ترشح الرئيس قيس سعيد وسط العاصمة (أ.ف.ب)
معارضون وقضاة في مظاهرة ضد ترشح الرئيس قيس سعيد وسط العاصمة (أ.ف.ب)
TT

مع اقتراب الانتخابات التونسية... معارضون يرسمون مشهداً حقوقياً قاتماً في البلاد

معارضون وقضاة في مظاهرة ضد ترشح الرئيس قيس سعيد وسط العاصمة (أ.ف.ب)
معارضون وقضاة في مظاهرة ضد ترشح الرئيس قيس سعيد وسط العاصمة (أ.ف.ب)

جمعيات ممنوعة من مراقبة الانتخابات، ومعارضون خلف القضبان، وصحافة وقضاء في خدمة السياسة... هكذا تصف منظمات حقوقية غير حكومية تونسية وأجنبية مناخ الحقوق والحريات في تونس قبيل الانتخابات الرئاسية المقررة بعد غد (الأحد).

المعارضة تتهم الرئيس قيس سعيد بـ«التضييق على الصحافة وخنق الحريات» (رويترز)

ويرسم رئيس «الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان»، بسام الطريفي، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» مشهداً حقوقياً قاتماً في البلاد، مستنكراً «التضييق على الصحافة الحرّة والمستقلة، مع وجود صحافيين في السجون بسبب آرائهم، وتوظيف العدالة لاستبعاد المرشحين والسياسيين والناشطين». ويؤكد أنه مع وجود وضع «مخيف وكارثي» لحقوق الإنسان، «يمكننا القول إن الانتخابات الرئاسية لن تكون ديمقراطية ولا شفافة».

خطوة غير مسبوقة

رفضت «الهيئة العليا المستقلة للانتخابات»، وفي خطوة غير مسبوقة منذ ثورة 2011، اعتماد منظمتي «أنا يقظ» و«مراقبون» لمراقبة سير العملية الانتخابية، علماً بأن هاتين الجمعيتين التونسيتين دأبتا على مراقبة الانتخابات منذ سقوط نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، ودخول البلاد في عملية الانتقال الديمقراطي.

وتتهم الهيئة، التي لم تستجب لطلب الردّ على أسئلة «وكالة الصحافة الفرنسية»، المنظمتين بالحصول على «تمويلات أجنبية مشبوهة». وأقرّت منظمة «أنا يقظ» بتلقّي مساعدات خارجية، لكن «في إطار القانون ومن جهات مانحة تعترف بها الدولة التونسية، مثل الاتحاد الأوروبي»، وفق ما أوضح أحد مديريها سهيب الفرشيشي للوكالة.

لافتة عليها صورة المرشح المعتقل العياشي زمال (إ.ب.أ)

يقول الفرشيشي: «الهيئة تتهمنا بعدم الحياد. ولا نعرف كيف»، مؤكداً أن منظمته «طلبت توضيحات من الهيئة، ولكن لم تحصل على أي إجابة». ونفت منظمة «مراقبون»، التي لم ترغب في التحدّث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، في بيان، الشكوك حول شفافية أموالها، وأكدت أن «مراقبتها تتم بنزاهة ودون الانحياز إلى أي طرف سياسي». وبالنسبة للطريفي، فإن «القرار التعسفي الذي اتخذته الهيئة» بشأن منظمتين غير حكوميتين معترف بهما «يوضح تقييد وتقلّص الفضاء المدني».

ويواجه الرئيس قيس سعيّد، المنتخب ديمقراطياً في سنة 2019، اتهامات من معارضيه والمدافعين عن الحقوق بـ«الانجراف السلطوي»، منذ أن قرّر في 25 يوليو (تموز) 2021، احتكار الصلاحيات الكاملة في البلاد.

وبهذا الخصوص، يقول الناطق الرسمي باسم «المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية»، رمضان بن عمر، إن الرئيس سعيّد «يرفض أي جهة مستقلة أو منتقدة لمراقبة هذه الانتخابات»، مشيراً إلى أن «الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تحوّلت إلى أداة لترسيخ هذه الرؤية بحجج وهمية، وهذا أمر خطير».

وفي الأشهر الأخيرة، أحكمت السلطات سيطرتها على مصادر التمويل الأجنبي للمنظمات غير الحكومية، وهددت باعتماد قانون لتقييدها. وفي منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي، ندّد الرئيس سعيّد، من دون أن يسميها، بجمعيات تتلقى «مبالغ ضخمة» من الخارج «لها رغبة واضحة في التدخّل بالشؤون الداخلية لتونس».

خطوة إلى الوراء

وفقاً لبن عمر، فإن تونس «دخلت في مسار قمعي قد يؤدي خلال عام إلى اختفاء المنظمات المستقلة» من المجتمع المدني.

ومن جهته، يقول نائب رئيس «الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان»، ألكسيس ديسوايف، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن هناك «خطوة إلى الوراء» مع تركيز السلطات «في يد رجل واحد، يريد الاستغناء عن منظمات وسيطة».

ويتابع الخبير في شؤون تونس، الذي يسعى إلى دعم المجتمع المدني في تونس، إن سعيّد «همّش دور النقابات والمنظمات غير الحكومية، وأحزاب المعارضة والصحافيين»، مضيفاً: «لقد عملت هذه السلطة بشكل استراتيجي في فترة زمنية قصيرة إلى حدّ ما للعودة إلى نظام، يمكن وصفه بأنه ديكتاتوري»، قائلاً إنه «صُدم لرؤية الحريّات والحقوق الأساسية، مثل حرية التعبير تتعرّض للهجوم».

راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة» المعتقل في السجن (أ.ف.ب)

وتمّ توقيف العشرات من المعارضين منذ عام 2023، بما في ذلك شخصيات مثل المحافظ الإسلامي راشد الغنوشي، أو الناشط السياسي جوهر بن مبارك، وغيرهما، بتهمة «التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي».

كما سُجن كثير من الصحافيين منذ بداية عام 2024 على خلفية مواقف عدّت ناقدة للرئيس سعيّد، بموجب مرسوم مثير للجدل حول «الأخبار الزائفة».

وقالت منظمة «هيومن رايتس ووتش» في بيان الاثنين: «يُحتجز أكثر من 170 شخصاً في تونس لأسباب سياسية، أو لممارسة حقوقهم الأساسية».

مؤيدون لعبير موسي رئيسة «الدستوري الحر» يتظاهرون وسط العاصمة للمطالبة بإطلاق سراحها (إ.ب.أ)

ويخلص ديسوايف إلى أن «السلطة السياسية خلقت مناخاً من الخوف مع مجتمع مدني يكافح من أجل أداء وظيفته، وهناك غياب للضوابط والتوازنات، وبرلمان في اتفاق كامل مع الرئيس، وسلطة قضائية متدهورة، مع فصل القضاة أو نقلهم حال إصدارهم أحكاماً لا تروق» للسلطة القائمة.