ترقب في مصر لتشكيل الحكومة الجديدة

وسط مطالب بالاهتمام بملفات الاقتصاد والتعليم والصحة

السيسي خلال استقبال مدبولي بداية الشهر الجاري وتكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة (الرئاسة المصرية)
السيسي خلال استقبال مدبولي بداية الشهر الجاري وتكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة (الرئاسة المصرية)
TT

ترقب في مصر لتشكيل الحكومة الجديدة

السيسي خلال استقبال مدبولي بداية الشهر الجاري وتكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة (الرئاسة المصرية)
السيسي خلال استقبال مدبولي بداية الشهر الجاري وتكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة (الرئاسة المصرية)

يترقب المصريون إعلان تشكيل الحكومة المصرية الجديدة، برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي، الذي كلفه الرئيس عبد الفتاح السيسي بـ«الحكومة الجديدة»، وسط مطالب للاهتمام بملفات الاقتصاد والتعليم والصحة.

وشهدت الأيام الماضية تكهنات حول التشكيل الوزاري الجديد، مع تداول أسماء عدة على مواقع التواصل الاجتماعي، وهي الأسماء التي جرى نفي صحتها من جانب مصدر مطّلع نهاية الأسبوع الماضي، مع تأكيده في تصريحات نقلتها قناة «إكسترا نيوز» الفضائية المصرية، أن «أداء اليمين الدستورية للحكومة الجديدة مقرَّر بعد العودة من إجازة عيد الأضحى»، الأحد المقبل، أول أيام العمل رسمياً بعد انتهاء الإجازة.

وستعمل الحكومة الجديدة على «وضع ملف بناء الإنسان المصري على رأس قائمة الأولويات، خصوصاً في مجالات الصحة والتعليم، ومواصلة جهود تطوير المشاركة السياسية»، وفق بيان الرئاسة المصرية، الذي صدر عقب تكليف مدبولي بتشكيل حكومته الجديدة.

وتُراهن عضو مجلس النواب المصري (البرلمان)، النائبة إيرين سعيد، على تنفيذ الحكومة الجديدة «سياسات اقتصادية واضحة تعتمد على توطين الصناعة، ووضع سقف للدين العام، وتوفير موارد بعيداً عن الاقتراض، مع تقديم برنامج عملي قابل للتطبيق على أرض الواقع، يحدد آليات واضحة لتسديد الديون الخارجية».

وأوضحت إيرين لـ«الشرق الأوسط» أن برنامج الحكومة الجديدة «يجب أن يتضمن بشكل واضح آليات الاهتمام بالتعليم والصحة، بوصفهما من أكثر قطاعات الموازنة حصولاً على مخصصات مالية، وبما يضمن تحسين جودتهما»، لافتةً إلى أن الارتقاء بالاقتصاد «سينعكس بدوره على وجود موارد مالية يمكن إنفاقها في قطاعي الصحة والتعليم».

ووفق الخبير بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر، الدكتور عمرو هاشم ربيع، فإن الحكومة الجديدة «تنتظرها أمور مهمة بحاجة لتدخلات حاسمة»، وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن الوضع الاقتصادي سيكون على رأس الأولويات العاجلة للحكومة الجديدة، مع «ضرورة ضغط الإنفاق الحكومي»، و«العمل على تطبيق الضرائب المتصاعدة» لصالح الفئات الأولى بالرعاية. مشيراً إلى أن الإجراءات المطلوبة من الحكومة الجديدة «ستكون بمثابة ركيزة أساسية لتنفيذ إصلاح اقتصادي حقيقي، حتى لا يتكرر إجراء تحرير جديد لسعر الصرف»، مع العمل على تعزيز منظومة «الحماية الاجتماعية»، بما يضمن تخفيف الأعباء على الطبقات الأقل دخلاً، مع قيام الحكومة بدورها في التصدي لعمليات الاحتكار والاستغلال التي تحدث في أسعار السلع.

وواجه الاقتصاد المصري خلال الشهور الأخيرة صعوبات بشأن توفير النقد الأجنبي، أدت إلى تراجع سعر العملة المحلية أمام الدولار، وارتفاع الأسعار في الأسواق، مما دفع إلى سن إجراءات بشأن تحرير سعر الصرف (الجنيه) في مارس (آذار) الماضي (الدولار الأميركي يساوي 47.71 جنيه في البنوك المصرية).

أبراج وفنادق ومكاتب شركات على نهر النيل في العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

من جهته، عبَّر عضو مجلس النواب المصري، النائب عبد المنعم إمام، عن أمله في «تغيير شامل» بمختلف الوزارات، مع تعيين نواب لرئيس الوزراء «تكون لديهم قدرة على التدخل لحل التداخلات الموجودة بين الوزارات المختلفة».

وكُلف مدبولي بتشكيل الحكومة للمرة الأولى في يونيو (حزيران) 2018، خلفاً لشريف إسماعيل، فيما أجرى 4 تعديلات وزارية على حكومته، كان آخرها في 2022، وشملت 13 حقيبة وزارية.

ووفق لائحة مجلس النواب (البرلمان)، فإنه يتعين على رئيس الوزراء المكلف تقديم «برنامج الحكومة» لمجلس النواب خلال 20 يوماً من تاريخ تشكيلها، أو في أول اجتماع لها، إذا كان غير قائم، على أن تعمل اللجان الخاصة المكلفة بدراسة بيان الحكومة خلال 10 أيام، من أجل حصول الحكومة على ثقة أغلبية أعضاء المجلس في غضون 30 يوماً على الأكثر من تاريخ تقديم برنامج الحكومة.

ويأتي نص اللائحة مكملاً للمادة 146 من الدستور، التي تنص على «نيل الحكومة ثقة البرلمان خلال ثلاثين يوماً على الأكثر».

ويتوقع إمام أن «يمد البرلمان فترة انعقاده لحين عرض برنامج الحكومة الجديدة، بدلاً من فض دور الانعقاد، الذي يكون عادةً في نهاية يونيو (حزيران) أو مطلع يوليو (تموز) من كل عام، لتحصل على الثقة، ويبدأ الوزراء في تنفيذ برامج وزاراتهم».


مقالات ذات صلة

مصر تُسرّع إجراءات تعويضات أهالي منطقة «رأس الحكمة»

شمال افريقيا مدبولي خلال تفقد المشروعات في العلمين الجديدة (مجلس الوزراء المصري)

مصر تُسرّع إجراءات تعويضات أهالي منطقة «رأس الحكمة»

تُسرّع الحكومة المصرية من «إجراءات تعويض أهالي منطقة (رأس الحكمة) في محافظة مرسى مطروح (شمال البلاد)».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مناقشات «الحوار الوطني» في مصر لملف «الحبس الاحتياطي» (الحوار الوطني)

«الحوار الوطني» لعرض تعديلات «الحبس الاحتياطي» على الرئيس المصري

يراجع «مجلس أمناء الحوار الوطني» في مصر مقترحات القوى السياسية وتوصياتها على تعديلات بشأن ملف «الحبس الاحتياطي»، عقب مناقشات موسعة.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا وزير التموين خلال جولته في الإسكندرية (وزارة التموين)

مسؤولون مصريون يواجهون «الغلاء» بجولات مفاجئة على الأسواق

يواصل مسؤولون مصريون جولاتهم المفاجئة على الأسواق للتأكد من توافر السلع بـ«أسعار مناسبة»، عقب زيادة أسعار الوقود.

أحمد عدلي (القاهرة)
شمال افريقيا مصري يسير بالقرب من المتاجر المتضررة في الحريق الذي شهدته منطقة «الموسكي» (رويترز)

تحقيقات تؤكد تسبب «ماس كهربائي» في حرائق أسواق بالقاهرة

حلّ الماس الكهربائي بوصفه «متهماً أول» في الحرائق التي اندلعت أخيراً بأسواق تجارية «شهيرة» في وسط القاهرة.

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق «الحضرة» تنشد على المسرح (الشرق الأوسط)

فرقة «الحضرة» المصرية تدخل عامها العاشر بطموحات كبيرة

تحتفل فرقة «الحضرة» المصرية للإنشاد الديني بعيد ميلادها التاسع خلال فعاليات الموسم الصيفي للموسيقى والغناء في دار الأوبرا؛ بإحيائها حفلاً على «المسرح المكشوف».

نادية عبد الحليم (القاهرة)

بوارج إريترية في سواحل السودان... رسائل في بريد إثيوبيا

رئيس إريتريا آسياس أفورقي مستقبِلاً الفريق عبد الفتاح البرهان في أسمرا سبتمبر 2023 (مجلس السيادة السوداني «فيسبوك»)
رئيس إريتريا آسياس أفورقي مستقبِلاً الفريق عبد الفتاح البرهان في أسمرا سبتمبر 2023 (مجلس السيادة السوداني «فيسبوك»)
TT

بوارج إريترية في سواحل السودان... رسائل في بريد إثيوبيا

رئيس إريتريا آسياس أفورقي مستقبِلاً الفريق عبد الفتاح البرهان في أسمرا سبتمبر 2023 (مجلس السيادة السوداني «فيسبوك»)
رئيس إريتريا آسياس أفورقي مستقبِلاً الفريق عبد الفتاح البرهان في أسمرا سبتمبر 2023 (مجلس السيادة السوداني «فيسبوك»)

في خطوة مفاجئة، رست الجمعة بوارج إريترية في السواحل السودانية، أثارت جدلاً كبيراً بشأن دواعيها في هذا التوقيت الذي تشهد فيه البلاد قتالاً بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، وبعد قرار أسمرا المفاجئ طرد دبلوماسي سوداني، وهي خطوة عدّها محللون سياسيون تعبيراً عن العلاقات القوية بين البلدين، ورسائل لدول إقليمية بوقوف إريتريا إلى جانب الجيش السوداني.

وفي سياق آخر، علمت «الشرق الأوسط»، من مصادر عليمة، أن رئيس مجلس السيادة، قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، أوفد مسؤولاً رفيع المستوى إلى القاهرة، يحمل رسالة إلى الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي لزيارة بورتسودان، وشملت الدعوات أيضاً الرئيس الإريتري آسياس أفورقي والأوغندي يوري موسيفيني.

واستقبلت القوات البحرية السودانية القطع الإريترية التي جاءت بتوجيهات من الرئيس أفورقي، للتأكيد على «وقوفه مع الشعب السوداني الشقيق في هذه الظروف التي تمر بها البلاد»، وتوطيداً للعلاقات الراسخة بين الشعبين، وفق مسؤولين عسكريين سودانيين. وكان في استقبال الوفد الإريتري كبار قادة القوات البحرية السودانية.

وتأتي هذه الخطوة بعد أن أعلنت الحكومة الإريترية أن القائم بالأعمال السوداني، خالد حسن، شخصاً غير مرغوب فيه، وأمهلته 3 أيام للمغادرة، انتهت بالتزامن مع وصول بوارجها إلى بورتسودان.

وقال وكيل وزارة الخارجية السودانية، حسين الأمين، في مؤتمر صحافي الخميس الماضي بمدينة بورتسودان العاصمة المؤقتة، إن بلاده تنتظر توضيحاً من أسمرا على قرار طرد سفيرها.

ويتمتع الجيش السوداني بعلاقات جيدة مع أفورقي، وسبق وأشاد بمواقفه مساعد القائد العام للجيش، الفريق ياسر العطا، بعدما هاجم زعماء دول عدد من الجوار السوداني، واتهمها صراحة بدعم ومساندة «قوات الدعم السريع» في الحرب ضد الجيش.

وقال رئيس وفد البحرية الإريترية في تسجيل مصور: «وصلنا في هذا الظرف الصعب لنؤكد أننا مع قضية السودان العادلة، ونقف دوماً مع قادة الجيش والبحرية والمشاة وسلاح الطيران»، مضيفاً: «نأمل في أن يتعدى السودان هذه المرحلة، وموقفنا ثابت في رفض التدخلات الأجنبية». وأكد المسؤول الإريتري تواصل العلاقات والزيارات بين البلدين التي تؤكد على الحلف الاستراتيجي القوي الذي يصب في مصلحة البلدين.

ويقول المحلل السياسي السوداني، صالح عمار، إن «العلاقة بين الرئيس الإريتري وقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان تطورت وقويت بشكل أكبر بعد أشهر قليلة من اندلاع الحرب في السودان بين الجيش والدعم السريع»، مضيفاً أن «هذا الأمر معلن مسبقاً».

رسالة إلى إثيوبيا

وعدّ خطوة إرسال إريتريا قطعاً من سلاح البحرية إلى السواحل السودانية «رسالة في بريد إثيوبيا ودول إقليمية أخرى»، مفادها أن العلاقات بين إريتريا والسودان قوية، و«أنها على استعداد لحمايته». وأرجع صالح الموقف الإريتري إلى ما يتردد من مزاعم عن وجود علاقات وثيقة تربط إثيوبيا ودولاً أخرى بـ«قوات الدعم السريع»، وهو ما تراه يشكل خطراً عليها.

ويوضح المحلل السياسي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن توتر العلاقات بين البلدين، الذي أدى إلى اتخاذ الحكومة الإريترية قراراً مفاجئاً بطرد السفير السوداني، جاء رد فعل على الزيارة التي أجراها رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد إلى بورتسودان، ولقائه قائد الجيش السوداني.

وقال إن «الموانئ السودانية على ساحل البحر الأحمر استقبلت خلال السنوات الماضية سفناً حربية وتجارية من روسيا وإيران وغيرهما من الدول في إطار التعاون المشترك مع السودان، لكن إريتريا ربما قصدت من هذه الزيارة في هذا التوقيت أن تشير إلى قوة تحالفها مع الجيش السوداني».

واستبعد أن يكون التحرك بتنسيق بين إريتريا وروسيا، أو ذا صلة بالصراع الدولي في منطقة البحر الأحمر، منوهاً بأن إريتريا لن تقدم على أي فعل يمكن أن يلحق الضرر بحلفائها الأساسيين في الإقليم.

بدوره، رأى المحلل السياسي، الجميل الفاضل، أن وجود القطع الحربية البحرية الإريترية ببورتسودان، في ھذا التوقيت، يعطي مؤشراً لمؤازرة الجيش معنوياً على الأقل في حربه ضد «الدعم السريع».

وقال: «منذ الطرد المفاجئ للقائم بالأعمال السوداني من أسمرا طرأت تطورات اتخذت طابعاً دراماتيكياً من خلال بث صور للقاء تم بين الرئيس آسياس أفورقي، وزعيم قبائل البجا السودانية، محمد الأمين ترك، وتبع ذلك بالطبع مباشرة زيارة البوارج الإريترية إلى ميناء بورتسودان».

وأضاف أن «ما يربط بين تلك الأحداث أنها جاءت في أعقاب الزيارة الغامضة لرئيس الحكومة الإثيوبية، آبي أحمد لبورتسودان». وأشار إلى أن «أسمرا بدأت تشعر بأنها مبعدة عن مساعي التسوية في السودان، وتحركها الأخير يعبر عن تململ ورفض لإبعادها عن الجهود الإقليمية والدولية الجارية حالياً على قدم وساق لإنجاح المبادرة الأميركية الساعية لإنهاء الحرب في السودان».