عودة ملاحقات «تجار العملة» في مصر

ضبط 24 مليون جنيه خلال يوم واحد

إحدى شركات الصرافة في مصر (رويترز)
إحدى شركات الصرافة في مصر (رويترز)
TT

عودة ملاحقات «تجار العملة» في مصر

إحدى شركات الصرافة في مصر (رويترز)
إحدى شركات الصرافة في مصر (رويترز)

عادت ملاحقة السلطات المصرية لـ«تجار العملة» إلى الواجهة من جديد، بغرض تقويض «السوق السوداء» للعملة الأجنبية، بعد أسابيع من الهدوء الذي أعقب تخفيض البنك المركزي المصري قيمة العملة المحلية في مارس (آذار) الماضي، وتداولها عند متوسط 47.5 جنيه للدولار، بعدما كان سعر الدولار قد وصل في السوق السوداء إلى 70 جنيهاً، مطلع فبراير (شباط) الماضي.

وأعلنت وزارة الداخلية المصرية ضبط مبالغ مالية تصل إلى 24 مليون جنيه متحصلة من قضايا «الاتجار في العملة» على خلفية تداول هذه المبالغ وإخفائها خارج نطاق السوق المصرفية، خلال 24 ساعة فقط.

ووفق بيان أصدرته «الداخلية»، الجمعة، فإن القضايا التي ضبط أصحابها خلال «اتجارهم» في العملات الأجنبية، اتخذت الإجراءات القانونية تجاهها، مع التأكيد على «استمرار الضربات الأمنية لجرائم الاتجار غير المشروع بالنقد الأجنبي والمضاربة بأسعار العملات».

وينص القانون المصري على معاقبة من يمارس «الاتجار في العملة» بالحبس مدة لا تقل عن 3 سنوات، ولا تزيد على عشر سنوات، وبغرامة لا تقل عن مليون جنيه، ولا تجاوز 5 ملايين جنيه أو المبلغ محل الجريمة، أيهما أكبر، بينما تصل عقوبة شركات الصرافة المخالفة إلى إلغاء الترخيص وشطب القيد من السجل.

«وفرة الدولار بشكل كامل في الأسواق هي السبيل الوحيد للقضاء على تجارة العملة»، وفق الخبير الاقتصادي الدكتور ماجد عبد العظيم الذي يؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن «عودة السوق السوداء مرة أخرى سببها عدم توفير الدولار بالشكل الكافي من المصادر الشرعية المحددة قانوناً عبر شركات الصرافة أو البنوك».

وأضاف أن «القيود التي تفرضها البنوك على المسافرين بمنحهم مبالغ محدودة عند تقديم مستندات السفر لا تتجاوز في بعض الأحيان 400 دولار، مما يدفع البعض للبحث عن المبالغ التي يحتاجها خارج الأطر الرسمية».

ووفق ضوابط الحصول على العملة الأجنبية من البنوك والصرافات، يُشترط توافر تذكرة سفر مؤكدة قبل السفر بـ48 ساعة، بجانب بعض المستندات الإضافية التي تختلف من بنك لآخر، مع تباين الحد المسموح بصرفه من بنك لآخر، ويبدأ من مائتي دولار في بعض البنوك، مع وجود حد أقصى يختلف حسب نوعية حساب العميل، مع وضع بعض البنوك بنوداً إضافية ترتبط بحصول العميل على العملة من البنك مرتين فقط في العام».

لكن النائبة السابقة لرئيس بنك مصر الدكتورة سهر الدماطي تؤكد «محدودية عمليات الضبط في السوق السوداء مقارنة بالمعدلات التي كان يجري ضبطها قبل ذلك»، لافتة لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «هناك بعض الفترات التي يزيد فيها الطلب على العملة الأجنبية من بينها الفترة التي تسبق موسم الحج، بجانب مواسم الإجازات».

وكان «المركزي» قد أعلن ارتفاع صافي احتياطات النقد الأجنبي إلى 46.125 مليار دولار في نهاية مايو (أيار) الماضي، مسجلاً زيادة بنحو 5 مليارات دولار عن شهر أبريل (نيسان)، وأشار تقرير بنك الاستثمار الأميركي غولدمان ساكس في تقريره الصادر قبل أيام إلى «تحسن التدفقات إلى سوق الصرف بمصر من عوائد صفقة رأس الحكمة الاستثمارية، وتحويلات العاملين في الخارج، وتحويل الدولار إلى العملة المحلية، التي خففت قيود العرض في السوق إلى حد كبير».

وأوضحت الدماطي أن «تحركات السوق السوداء ليست بعيدة بشكل كبير عن السعر الرسمي لتداول العملة في البنوك، وهو ما يعني أن الطلب عليها محدود للغاية»، متوقعة «إلغاء بعض الإجراءات المطبقة على الإنفاق بالعملات الأجنبية عبر كروت المشتريات قبل نهاية العام الحالي».

وتفرض البنوك المصرية 10 في المائة رسوم تدبير عملة على أي عملية تنفذ بالعملة الأجنبية من خلال «كروت المشتريات»، مع منع تنفيذ المعاملات بالعملات الأجنبية من البطاقات الخاصة بالحسابات البنكية.

وحذر عبد العظيم من «عودة السوق السوداء بشكل أكثر شراسة عن السابق، ما لم يكن هناك توفير (مقنن) للدولار بالمنافذ الرسمية لمن يحتاجونه سواء لأغراض السفر أو غيرها من الأمور، من دون تعقيدات في الإجراءات».

وتشير الدماطي إلى أن «تغطية البنوك للاعتمادات المستديمة من أجل الاستيراد وإتاحة الدولار بالصرافات أمر يؤكد توافره»، متوقعة أن «تشهد الفترة المقبلة، مع استمرار وصول التدفقات النقدية التي جرى الإعلان عنها من الخارج، مزيداً من الاستقرار الاقتصادي».


مقالات ذات صلة

السعودية تروّج في لاس فيغاس لفرصها التعدينية الواعدة

الاقتصاد الوزير بندر الخريف يتحدث خلال افتتاح فعالية «الليلة السعودية» في لاس فيغاس (واس)

السعودية تروّج في لاس فيغاس لفرصها التعدينية الواعدة

استضافت لاس فيغاس فعالية «الليلة السعودية» التي تهدف إلى ترويج الفرص الاستثمارية التعدينية الواعدة بالمملكة أمام مجموعة مستثمرين أميركيين وعالميين.

«الشرق الأوسط» (لاس فيغاس)
الاقتصاد عمال في مصنع للسيارات الكهربائية بمدينة نانشانغ الصينية (رويترز)

الصين تخفّض «الاحتياطي الإلزامي» في محاولة لتحفيز الاقتصاد

خفّضت الصين، الجمعة، معدّل الاحتياطي الإلزامي المفروض على المصارف الاحتفاظ به في محاولة لتحفيز الاقتصاد.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد أعلام أوروبية ترفرف أمام مقر المصرف المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

انخفاض التضخم بأكبر اقتصادات اليورو يعزز الدعوات لخفض الفائدة

شهد اثنان من أكبر اقتصادات منطقة اليورو، فرنسا وإسبانيا، انخفاضاً أكبر من المتوقع في معدلات التضخم، بينما استمر ضعف سوق العمل في ألمانيا هذا الشهر.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت)
الاقتصاد مشاة يسيرون أمام لوحة تُظهر تحركات الأسهم في بورصة هونغ كونغ (أ.ف.ب)

الأسهم الصينية تسجل أفضل مكسب أسبوعي في 16 عاماً

سجلت أسهم الصين أفضل أسبوع لها في 16 عاماً، يوم الجمعة، بعد طرح بكين حزمةَ التحفيز الأكثر قوةً منذ الوباء هذا الأسبوع قبل عطلة الأسبوع الذهبي.

«الشرق الأوسط» (عواصم)
الاقتصاد رئيس الوزراء الياباني الجديد شيغيرو إيشيبا في مؤتمر صحافي في العاصمة طوكيو يوم الجمعة عقب إعلان فوزه بانتخابات الحزب الحاكم (إ.ب.أ)

اليابان تترقب التخلص من الانكماش الاقتصادي في عهد إيشيبا

أكد رئيس الوزراء الياباني الجديد شيغيرو إيشيبا يوم الجمعة على ضرورة ضمان خروج اقتصاد البلاد بالكامل من الانكماش.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

«الطماطم» تعاند موائد المصريين وتواصل الارتفاع

أسعار الطماطم سجلت مستويات قياسية في مصر (المصدر: موقع سوق العبور)
أسعار الطماطم سجلت مستويات قياسية في مصر (المصدر: موقع سوق العبور)
TT

«الطماطم» تعاند موائد المصريين وتواصل الارتفاع

أسعار الطماطم سجلت مستويات قياسية في مصر (المصدر: موقع سوق العبور)
أسعار الطماطم سجلت مستويات قياسية في مصر (المصدر: موقع سوق العبور)

«طبق السلطة أغلى من السوشي»... قالتها المصرية إسراء عبد الجواد، ساخرة من تقلبات أسعار الخضراوات بشكل عام، والطماطم بشكل خاص، خلال الأيام الأخيرة، في البلاد.

وسجلت أسعار الطماطم، التي تُعد غذاء أساسياً للمصريين يدخل في الوجبات والأكلات كافة، مستويات غير مسبوقة، حيث تراوحت أسعارها بين 40 و50 جنيهاً بالقاهرة والمحافظات المصرية، بينما تخطت 60 جنيهاً في صعيد البلاد، حسب وسائل إعلام مصرية. (الدولار يساوي 48.37 جنيه في البنوك المصرية)، وسط تفسيرات من الحكومة والتجار لأسباب الارتفاع.

وقالت إسراء عبد الجواد، التي تعمل محاسبة في إحدى الشركات الخاصة بالقاهرة، لـ«الشرق الأوسط»: «مع ارتفاع سعر الطماطم الجنوني توقفت عن استهلاك الطماطم بكثرة، ومنها طبق السلطة اليومي، حيث قررت الاستغناء عنه من على مائدة الطعام، حتى تهدأ أسعار الطماطم، كما قررت الاعتماد على الصلصة (معجون الطماطم) في الطهي بدلاً من ثمار الطماطم الطازجة».

واحتلت مصر في عام 2023 المركز الخامس عالمياً في إنتاج الطماطم بـ6 ملايين طن سنوياً، وفق تقرير حديث لمنظمة الأغذية والزراعة «الفاو». وذكرت المصرية الأربعينية: «دائماً ما نصف الطماطم بأنها مجنونة بسبب أسعارها المتقلبة، لكن أن تصل لمثل هذه الأسعار، فهو أمر يثير دهشتي ودهشة المحيطين بي، ولا نعرف ما الأسباب الحقيقية وراء ذلك». وقالت إن «الطماطم غابت من موائد بعض الأسر لاستمرار ارتفاع سعرها، بعدما كانت ضيفاً دائماً على أغلب موائد الطعام في البيوت».

مصر احتلت المركز الخامس عالمياً من حيث إنتاج الطماطم في عام 2023 (الجهاز التنفيذي لسوق العبور)

أحد أسباب الأزمة أوضحها رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، الأسبوع الماضي، بقوله إن «هناك كميات كبيرة من إنتاجية محصول الطماطم تضررت بشكل كبير بسبب ارتفاع درجة الحرارة، مما تسبب في قلة المعروض بالسوق، وبالتالي تسبب في ارتفاع أسعارها». وبيّن أنه في القريب سيكون هناك ضخّ للمنتج خلال منتصف الشهر المقبل مع دخول العروات الجديدة.

وقال نقيب الفلاحين المصريين، حسين أبو صدام، في تصريحات متلفزة، مساء الخميس، إن ارتفاع أسعار الطماطم في الفترة الحالية له عدة أسباب، «التضخم الذي أدى لتدني سعر الجنيه، وارتفاع تكلفة الطماطم قلل المساحات، وارتفاع درجات الحرارة خفض الإنتاجية».

وحسب نقيب الفلاحين، فإنه يتم زراعة 500 ألف فدان بالطماطم، موزعة على 3 عروات، أكبرها العروة الصيفية التي تنتهي حالياً، والتي زُرعت في يونيو (حزيران) في ذروة ارتفاع درجات الحرارة.

بينما أرجع الرئيس التنفيذي لـ«جهاز سوق العبور» (تجمع التجار والمنتجين والمستهلكين)، محمد شرف، في تصريحات صحافية، الجمعة، أسباب ارتفاع أسعار الخضار والفاكهة في الأسواق الصغيرة على الرغم من انخفاضها بسوق العبور، إلى «استغلال بعض تجار التجزئة في تلك الأسواق».

جميع تلك الأسباب دفعت إلى تساؤل «عن سعر كيلو الطماطم اليوم؟»، بعدما تردد بكثرة على ألسنة المصريين، وأصبح الشغل الشاغل للكثيرين في الأسواق والمنازل، ومنهما انتقل إلى منصات التواصل الاجتماعي، باحثاً عن إجابته.

وقال نائب رئيس «شعبة الخضراوات والفاكهة» بالاتحاد العام للغرف التجارية في مصر، حاتم النجيب، لـ«الشرق الأوسط»، إن سعر كيلو الطماطم في سوق العبور، الجمعة، سجل من 18 إلى 25 جنيهاً، مبيناً أن سعر التجزئة وحلقات التداول حتى الوصول للمستهلك تعمل على زيادة السعر.

إلى ذلك، أعلنت «شعبة الخضراوات والفاكهة» بالغرف التجارية، الجمعة، بدء تسلم 20 منفذاً تابعين ‏للشركة القابضة للصناعات الغذائية، التي تتبع وزارة التموين والتجارة الداخلية لعرض ‏الخضراوات والفاكهة بسعر التكلفة، في إطار مبادرة الشعبة «من الغيط للبيت». وهي المبادرة الهادفة لخفض أسعار الخضراوات والفاكهة، التي أعلنت عنها «التموين المصرية» بالتعاون مع «الشعبة» لتخفيض الأسعار بنسب تتراوح بين 25 و30 في المائة.

وهي المبادرة التي يعلّق عليها النجيب بقوله إن الهدف من هذا التعاون هو «توفير الخضراوات والفاكهة، وفي مقدمتها الطماطم، بأسعار التكلفة الفعلية، ما يسهم في تقليل الأعباء المالية على الأسر المصرية». وأوضح أنه ‏سيتم الافتتاح الرسمي لهذه المنافذ أمام المواطنين، الاثنين المقبل،‏ بأسعار التكلفة الفعلية، لافتاً إلى أن ذلك «سيسهم في أن يكون سعر الطماطم أقل من الأسواق».

وأشار النجيب إلى أن المبادرة ستعمل على زيادة التنافسية ما يؤدي إلى ضبط الأسواق وعمل توازن بين العرض والطلب، ما سيكون رادعاً لمن يرفع الأسعار على المواطن، موضحاً أن المبادرة تبدأ بـ20 منفذاً كمرحلة أولى لضخ الخضراوات والفاكهة في القاهرة الكبرى، وهناك مراحل تالية تستهدف الوصول إلى نحو 150 منفذاً على مستوى المحافظات المصرية، مؤكداً أنه في خلال 20 يوماً ستنخفض أسعار الطماطم، وسيكون سعرها وفق آليات العرض والطلب.

ولم تكتفِ «السوشيال ميديا» المصرية بالسؤال عن سعر الطماطم، بل تندّرت من حالها «الجنوني». وحوّل كثيرون ارتفاع سعرها، الذي يمثل عبئاً مضافاً إليهم، إلى مادة للفكاهة، بالتعبير عن شعورهم عند وصول الطماطم إليهم.