طوارئ في الجزائر لـ«تفكيك قنبلة العطش» قبل حلول الصيف

السلطات تسعى لتفادي أزمة حادة في شرق البلاد بعد احتجاجات شهدها غربها

مظاهرات في تيارت بسبب ندرة المياه (حسابات ناشطين بالإعلام الاجتماعي)
مظاهرات في تيارت بسبب ندرة المياه (حسابات ناشطين بالإعلام الاجتماعي)
TT

طوارئ في الجزائر لـ«تفكيك قنبلة العطش» قبل حلول الصيف

مظاهرات في تيارت بسبب ندرة المياه (حسابات ناشطين بالإعلام الاجتماعي)
مظاهرات في تيارت بسبب ندرة المياه (حسابات ناشطين بالإعلام الاجتماعي)

عاد عضوان من الحكومة الجزائرية، صباح الثلاثاء، إلى مكتبيهما في العاصمة، بعد زيارة طارئة إلى ولاية تيارت (300 كلم غرب)، الاثنين، لتفكيك ما سماه سكان محليون «قنبلة العطش»، التي كادت تنفجر بسبب الجفاف الذي ضرب السد الرئيسي بالمنطقة. وفي غضون ذلك، طلب سكان بمناطق من ولاية سطيف (شرق) من ممثليهم في البرلمان «الضغط» على الحكومة لاستباق أزمة مياه يرونها وشيكة مع اقتراب فصل الحر.

صهريج مياه وفرته ولاية تيارت لإحدى بلدياتها التي تعاني العطش (ناشطون)

وشهدت غالبية بلديات تيارت في الأيام الأخيرة احتجاجات كبيرة بسبب انقطاع المياه الصالحة للشرب لمدة شهر تقريباً. وتفادياً لخروج الوضع عن السيطرة بعد وقوع أعمال عنف وشغب بالمنطقة، أوفد الرئيس عبد المجيد تبون وزيري الداخلية إبراهيم مراد، والموارد المائية طه دربال إلى تيارت، حيث التقيا نشطاء التنظيمات والجمعيات المحلية بغرض حثهم على مساعدة الحكومة لتهدئة «ثورة الغضب»، التي قامت في الأيام الأخيرة، بسبب ندرة المياه التي طالت مليوناً و300 ألف نسمة.

وزيرا الداخلية والري تنقلا إلى تيارت بشكل مستعجل لتفكيك «قنبلة العطش» (وزارة الداخلية)

ووفق منتخبين من مجلس ولاية تيارت، تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بخصوص «أزمة العطش»، فقد تم رفع تقارير من الولاية إلى الحكومة «منذ أشهر طويلة لحثها على التحرك عاجلاً لاستباق الأزمة، بعد الجفاف الذي يضرب سد بخدة المحلي منذ عامين، والذي يزود سكان بلديات المهدية والرحوية ومشرع الصفا والدحموني وملاكو، وعدة بلديات أخرى، بالماء الصالح للشرب».

وأكد أحد المنتخبين أن مشروعاً تم إطلاقه منذ عام يخص حفر بئر بالمنطقة لسد العجز الناجم عن جفاف السد. وعهد لمديرية الري والموارد المائية، حسبه، متابعة الأشغال بها، «غير أن المشروع لم يعرف أي تقدم لأسباب غير معروفة، وها نحن اليوم نواجه الأزمة بكل ما تحمله من خطورة على الأمن بالمنطقة، بعد أن كنا حذّرنا منها»، وفق المنتخب ذاته.

وزير الداخلية إبراهيم مراد تعهد حل أزمة ندرة المياه قبل عيد الأضحى (الداخلية)

وتعهد وزير الداخلية بتيارت، حسبما نقلته الصحافة، «التكفل باحتياجات الساكنة فيما يتعلق بالتزويد بالمياه الصالحة للشرب، وذلك باستكمال مشروع تقوية ضخ المياه لفائدة السكان، وتسريع وتيرة الأشغال به»، مؤكداً أنه اطلع على مشروع أعده مسؤولون محليون، يخص جلب المياه من حقل عجرماية ببلدية سرقين إلى البلديات التي تعاني العطش.

وبسبب «أحداث تيارت»، نشر ناشطون بتنظيمات من المجتمع المدني بسطيف (300 كلم شرق) بحساباتهم بالإعلام الاجتماعي «مطلباً عاجلاً» رفعوه إلى ممثلي الولاية بالبرلمان، للضغط على الحكومة بغرض إتمام مشروع قديم، يتعلق بتحويل المياه من سد ذراع الديس إلى مدينة العلمة، ذات الكثافة السكانية العالية والنشاط التجاري الضخم، لاستباق أزمة تلوح في الأفق، حسبهم، مع اقتراب فصل الصيف، حيث تلامس درجات الحرارة عادة الـ50.

من اجتماع وزيري الداخلية والموارد المائية مع ممثلي المجتمع المدني في تيارت لاحتواء أزمة المياه (الداخلية)

وكانت الحكومة أعلنت العام الماضي عن «خطة لمواجهة شح الأمطار»، تتمثل في إنجاز محطات جديدة لتحلية مياه البحر، بهدف التخفيف من مشكلة الندرة التي تضرب أيضاً الصناعة والزراعة. وأمر الرئيس تبون في اجتماع لمجلس الوزراء مطلع 2023 بوضع «مخطط لتعميم محطات تحلية مياه البحر عبر كامل الشريط الساحلي للبلاد، تجنباً لتداعيات الأوضاع المناخية الصعبة». كما طالب تبون الحكومة بـ«استنفار مصالح وزارات الداخلية والموارد المائية والزراعة والصناعة والبيئة، على أوسع نطاق، لإنشاء مخطط استعجالي، يهدف إلى سن سياسة جديدة، لاقتصاد المياه وطنياً، والحفاظ على الثروة المائية الجوفية».

وتعد محطة تحلية مياه البحر بالعاصمة من أهم المشروعات التي أُنجزت في عهد الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة (1999 - 2019). ويجري حالياً بناء خمس محطات مشابهة في «كاب بلان» (وهران)، و«محطة الجزائر غرب» (فوكة بولاية تيبازة)، و«محطة الجزائر شرق» (كاب جنات بولاية بومرداس)، ومحطة بجاية ومحطة الطارف، بالشرق. وتقول الحكومة إنها «ستقضي على أزمة ندرة المياه» بعد إنجاز هذه المشروعات.


مقالات ذات صلة

فرنسا تطرد مسؤولين جزائريين تطبيقاً لمبدأ «المعاملة بالمثل»

شمال افريقيا مصافحة بين الرئيسين الجزائري والفرنسي قبل تدهور العلاقات بين البلدين (أ.ف.ب)

فرنسا تطرد مسؤولين جزائريين تطبيقاً لمبدأ «المعاملة بالمثل»

استدعت وزارة الخارجية الفرنسية الأربعاء دبلوماسياً جزائرياً رفيع المستوى لإبلاغه بأن باريس قررت طرد جزائريين يحملون جوازات سفر دبلوماسية.

«الشرق الأوسط» (باريس)
شمال افريقيا الرئيس تبون خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع نظيرته السلوفينية ناتاشا بيرتس موسار (أ.ف.ب)

تبون: الجزائر دولة مسالمة وشغلها تحقيق السلم في المنطقة

قال الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، إن بلاده «مسالمة»، وأن شغلها الشاغل هو تحقيق السلم في المنطقة وفي البحر الأبيض المتوسط.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا عناق أخوي بين الرئيسين الجزائري والفرنسي قبل تفاقم الأزمات بين البلدين (الرئاسة الجزائرية)

كيف ينظر الجزائريون إلى تفاقم أزمة بلادهم مع فرنسا؟

هل باتت العلاقات الجزائرية - الفرنسية على وشك القطيعة، في ظل تصاعد التوترات بين البلدين؟

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيسان الفرنسي والجزائري على هامش قمة «مجموعة السبع» في إيطاليا يوم 13 يونيو 2024 (أرشيفية - الرئاسة الجزائرية)

الجزائر تطرد مزيداً من موظفي السفارة الفرنسية... وباريس سترد «بشكل فوري»

استدعت الجزائر القائم بأعمال السفارة الفرنسية لإبلاغه نيّتها طرد مزيد من الموظفين الرسميين الفرنسيين من أراضيها.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الخارجية الجزائرية استدعت القائم بالأعمال بعد «تسجيل تجاوزات جسيمة ومتكررة» من الجانب الفرنسي (إ.ب.أ)

الجزائر تطلب من السفارة الفرنسية ترحيل موظفين تم تعيينهم بالمخالفة «للإجراءات»

أفادت وكالة الأنباء الجزائرية بأن السلطات طلبت من القائم بأعمال السفارة الفرنسية لدى الجزائر ترحيل الموظفين الذين تم تعيينهم بالمخالفة «للإجراءات المتبعة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

قادة سودانيون: خطاب ولي العهد السعودي «دفعة جديدة» لإحياء «منبر جدة»

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال القمة الخليجية - الأميركية في الرياض الأربعاء (واس)
ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال القمة الخليجية - الأميركية في الرياض الأربعاء (واس)
TT

قادة سودانيون: خطاب ولي العهد السعودي «دفعة جديدة» لإحياء «منبر جدة»

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال القمة الخليجية - الأميركية في الرياض الأربعاء (واس)
ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال القمة الخليجية - الأميركية في الرياض الأربعاء (واس)

استحسن العديد من القادة السياسيين السودانيين إعلان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في القمة الخليجية - الأميركية بالعاصمة الرياض، الأربعاء، مواصلة المملكة جهودها في إنهاء الأزمة في السودان من خلال «منبر جدة»، الذي يحظى برعاية سعودية - أميركية، وصولاً لوقف إطلاق نار كامل في السودان، معتبرين أن ذلك يعطي قوة دفع جديدة لإنهاء النزاع المستمر في السودان.

وفي مايو (أيار) الماضي، أي بعد اندلاع الحرب بأسابيع قليلة، استضافت مدينة جدة، بمبادرة سعودية - أميركية، محادثات بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع»، أفضت إلى توقيع ما عُرف بـ«إعلان جدة الإنساني»، ونصّ على حماية المدنيين والمرافق الخاصة والعامة، والامتناع عن استخدامها لأغراض عسكرية.

وقال رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان «التيار الثوري» ياسر سعيد عرمان إن حديث ولي العهد السعودي بشأن إحياء منبر جدة، «جاء في وقت مهم، وفي أعلى مستويات الاتصالات بين السعودية والولايات المتحدة الأميركية في قمة الرياض، وهذا يعطي ملف الحرب في السودان زخماً كبيراً في الفترة المقبلة».

وأضاف عرمان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن السودان «يحتاج بشكل عاجل إلى وقف إطلاق نار إنساني»، مشيراً إلى أن الجهود السابقة في منبر جدة، وما تم من تنسيق بين الشركاء الإقليميين والدوليين ودول الجوار يجب أن تخلق قوة دفع جديدة.

وقال رئيس التيار الثوري: «نتطلع إلى أن تشكل الزيارة المهمة للرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى الرياض والاتصالات بين مختلف الأطراف في الخليج ودول الجوار قوة دفع جديدة تقود إلى وقف إطلاق نار إنساني، يتيح الفرصة للسودانيين، وإبعاد القوة المتحكمة بواسطة البندقية في مصير الشعب السوداني، وتفتح الطريق للوصول إلى حكم مدني ديمقراطي وسلام دائم».

كما عبّر عرمان عن تفاؤله في أن تسهم دول الجوار والمجتمع الدولي في الوصول إلى سلام في السودان «يخدم مسار الأمن والسلم في المنطقة».

بدوره، قال المنسق السياسي لحركة «تضامن من أجل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية»، المحبوب عبد السلام، إن «البشارة الوحيدة التي أحيت الأمل في نفوس السودانيين هي ما ورد في خطاب ولي العهد السعودي حول منبر جدة، فهو لا يزال رغم مرور عامين من الحرب الوثيقة الشرعية الأساسية لبداية تفاوض جديد بذات الرعاية السعودية - الأميركية، التي أثبتت جدواها في حل أعقد الأزمات العالمية».

وأشار المحبوب، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن غياب الوظيفة السياسية للحكومة السودانية «يعقّد المشهد»، مبرزاً أن تجاوز الحرب السودانية في الخطاب المطول الذي قدمه الرئيس الأميركي في قمة الرياض والذي تحدث فيه عن الحروب في غزة ولبنان واليمن وأوكرانيا وحتى كشمير جعل السودانيين يتساءلون عن معنى وصف الأمم المتحدة للحرب في السودان بأنها أكبر مأساة إنسانية في العالم.

وأضاف المحبوب أنه مهما «تعددت المنابر، من الاتحاد الأفريقي إلى (إيغاد) والأمم المتحدة والجامعة العربية، فإن الرؤية السودانية هي التي ستقود تلك الجهود، وفي غيابها ستنتهي إلى التيه كما هو واقع اليوم».

بدوره، ثمّن رئيس حزب الأمة «الإصلاح والتجديد» مبارك الفاضل المهدي استراتيجية السعودية تجاه السودان، التي تقوم على استقراره والحفاظ على مؤسساته الوطنية، وجهودها الحثيثة التي بذلتها في سبيل تعزيز السلام ووقف الحرب.

ورأى المهدي، في بيان، أن «منبر جدة» هو «المبادرة الأكثر تأهيلاً وتأثيراً لوقف الحرب، لأنه يلامس قضايا جوهرية تخص المدنيين، كما أنه جدي في التعامل مع الحرب في السودان، بدليل توصله إلى اتفاق بعد 3 جولات، إلا أنه لم ينفذ»، لأن طرفي الحرب لم يلتزما بما تم الاتفاق عليه في جدة، ثم عادا للتفاوض مجدداً في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، بيد أن هذه الجولة واجهت تعنتاً من طرفي النزاع، وعدّت تراجعاً عما تم توقيعه في «إعلان جدة»، ما اضطر الوسيطين، الرياض وواشنطن، إلى تعليق المفاوضات.