«البناء» الجزائري يحمل بشدة على عنصرية «الجمهوريون» الفرنسي

جدل حاد حول «قضية استرجاع ممتلكات الحقبة الاستعمارية»

الرئيسان الجزائري والفرنسي في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)
الرئيسان الجزائري والفرنسي في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)
TT

«البناء» الجزائري يحمل بشدة على عنصرية «الجمهوريون» الفرنسي

الرئيسان الجزائري والفرنسي في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)
الرئيسان الجزائري والفرنسي في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)

حمل حزب «حركة البناء الوطني» الجزائري، المشارك في الحكومة، بشدة على زعيم حزب «الجمهوريون» اليميني الفرنسي، بعد أن طالب الجزائر بـ«استرداد كل شيء يخصها في فرنسا: مجرميها وجانحيها ومهاجريها السريّين». وكان هذا الموقف رداً على طلب الجزائر من باريس، تسليمها ممتلكات وأغراضاً أخذتها خلال فترة الاستعمار.

وقال رئيس الحزب عبد القادر بن قرينة، في بيان، الاثنين، إن ما كتبه إيريك سيوتي رئيس «الجمهوريون» بحسابه بمنصة «إكس» يوم 30 مايو (أيار) المنصرم، هو «نسخة متجددة لليمين الفرنسي المتطرف والعنصري، عبر أحد أطرافه، الفاشل سياسياً، الذي يحاول إنقاذ حزبه من التقهقر الذي ينتظره في الانتخابات الأوروبية»، مشيراً إلى أن سيوتي «يسعى من خلال محاولة بائسة، إلى تصدر الترند الانتخابي لكسب أصوات لإنقاذ حزبه من الفضيحة الانتخابية المتوقعة».

إيريك سيوتي رئيس «الجمهوريون» اليميني (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

وجاءت تغريدة سيوتي المسيئة للجزائر، بحسب مراقبين، رداً على نتائج اجتماع «لجنة الذاكرة» المشتركة بين الجزائر وفرنسا لتسوية قضايا مرتبطة بمخلفات الاستعمار، عُقد بالجزائر بين 20 و24 من الشهر الماضي.

وتضمنت النتائج، طلباً رفعته الحكومة الجزائرية لنظيرتها الفرنسية، يشمل لائحة مفتوحة للممتلكات التاريخية الثقافية والأرشيفية المحفوظة في مختلف المؤسسات والمتاحف الفرنسية، بهدف استرجاعها وتسليمها بصفة رمزية للجزائر. وتعود هذه الأغراض إلى فترة الاستعمار (1830-1962)، نقلها الفرنسيون على مر هذه الفترة، إلى فرنسا، وفق مؤرخين.

عبد القادر بن قرينة رئيس «حركة البناء» (الحزب)

واتهم بن قرينة، الذي كان وزيراً، رئيس «الجمهوريون»، بـ«إثارة الكراهية والعنصرية تجاه الجالية الجزائرية بفرنسا، وهي التي أعطت أحسن الأمثلة على احترام البلد المضيف، بل وقدمت أحسن النماذج للنجاح والتميز والمساهمة بقيمة مضافة يشهد لها الفرنسيون قبل غيرهم». كما اتهمه بـ«الدفع نحو تأزيم العلاقات الجزائرية - الفرنسية، وتعطيل مسار إعادة بناء الثقة بين البلدين على أسس صحيحة تمنع تكرار أخطاء الماضي الأليم».

ولما زار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الجزائر في نهاية أغسطس (آب) 2022، اتفق مع الرئيس عبد المجيد تبّون على إطلاق مبادرات لـ«تهدئة آلام الذاكرة»، على أن يتم ذلك بناء على اقتراحات 10 باحثين في التاريخ من البلدين، يشتغلون على هذا الملف في إطار «لجنة مشتركة».

ويعد بيان «حركة البناء» أول موقف يصدر من الجزائر على تغريدة زعيم اليمين الفرنسي، علماً أن الحزب الجزائري يملك وزيراً في الحكومة، وهو من أكبر المؤيدين لسياسات الرئيس تبون. والأسبوع الماضي أعلن أنه يرشحه لدورة رئاسية ثانية، بمناسبة الانتخابات المقررة في 7 سبتمبر (أيلول) المقبل.

ريمة حسن الناشطة الفرنكو - فلسطينية (من حسابها بالإعلام الاجتماعي)

وقام سجال حاد، في الأيام الأخيرة، عبر وسائط الإعلام الاجتماعي، بين ريمة حسن الناشطة الفرنكو - فلسطينية والمرشحة للانتخابات الأوروبية عن حزب «فرنسا الأبية» اليساري، وماريون مارشال المرشحة للانتخابات والقيادية في حزب «الاسترداد» اليميني المتطرف، بزعامة إريك زمور، وذلك حول «قضية الذاكرة الجزائرية والماضي الاستعماري الفرنسي بالجزائر»... وأثارت حسن «جرائم التعذيب التي مارسها جان ماري لوبان في الجزائر»، وهو جد ماريون. وشبهت الجرائم الإسرائيلية الحالية في غزة، بالاستعمار الفرنسي بالجزائر.

ماريون لوبان قيادية حزب «الاسترداد» اليميني (حسابها بالإعلام الاجتماعي)

وردت ماريون على ريمة بأنها «مثال محزن لسياسة الهجرة المفرطة في السخاء». وقالت: «إننا نرحب بوالديها، ونجد أنفسنا مع الفتاة التي تدافع عن المصالح الأجنبية والتي تبصق في وجهنا»، مؤكدة أنها «على استعداد لدعم طلبها للجوء في الجزائر».

ولـ«الجمهوريون» الفرنسي «سوابق» غير إيجابية مع «موضوع الجزائر». ففي نهاية 2023 مارسَ نوابه في البرلمان، ضغطاً على الحكومة لإلغاء «اتفاق الهجرة مع الجزائر» الذي يعود إلى 1968، بذريعة أنه «يعوق تطبيق قانون الهجرة الجديد»، فيما يخص «لمّ الشمل العائلي» والدراسة في الجامعات والعمل. غير أن المسعى لم يؤخذ به برلمانياً.


مقالات ذات صلة

الجزائر: تبون يهاجم فترة حكم بوتفليقة في ملف «محاسبة المسيرين النزهاء»

شمال افريقيا تبون يلقي خطاباً أمام القضاة (الرئاسة)

الجزائر: تبون يهاجم فترة حكم بوتفليقة في ملف «محاسبة المسيرين النزهاء»

تبون: «مؤسسات الجمهورية قوية بالنساء والرجال المخلصين النزهاء، ومنهم أنتم السادة القضاة… فلكم مني أفضل تحية».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)

لائحة الخلافات بين الجزائر وفرنسا في اتساع متزايد

يقول صنصال إن «أجزاء كبيرة من غرب الجزائر تعود إلى المغرب»، وإن قادة الاستعمار الفرنسي «كانوا سبباً في اقتطاعها، مرتكبين بذلك حماقة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

يواجه الكاتب الجزائري - الفرنسي الشهير بوعلام صنصال، عقوبة سجن تتراوح بين 12 شهراً و5 سنوات، بسبب تصريحات مستفزة بالنسبة للسلطات، أطلقها في فرنسا.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الروائي المثير للجدل كمال داود (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

«قضية الروائي داود» تأخذ أبعاداً سياسية وقضائية في الجزائر

عقوبة سجن بين 3 و5 سنوات مع التنفيذ ضد «كل من يستعمل، من خلال تصريحاته أو كتاباته أو أي عمل آخر، جراح المأساة الوطنية، أو يعتدّ بها للمساس بمؤسسات الجمهورية».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس تبون مع قائد الجيش (وزارة الدفاع)

الجزائر: شنقريحة يطلق تحذيرات بـ«التصدي للأعمال العدائية»

أطلق قائد الجيش الجزائري الفريق أول سعيد شنقريحة، تحذيرات شديدة اللهجة، في أول ظهور إعلامي له.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

تشكيلة جديدة للهيئات الإعلامية بمصر وسط ترقب لتغييرات

مبنى التلفزيون المصري في ماسبيرو (الهيئة الوطنية للإعلام)
مبنى التلفزيون المصري في ماسبيرو (الهيئة الوطنية للإعلام)
TT

تشكيلة جديدة للهيئات الإعلامية بمصر وسط ترقب لتغييرات

مبنى التلفزيون المصري في ماسبيرو (الهيئة الوطنية للإعلام)
مبنى التلفزيون المصري في ماسبيرو (الهيئة الوطنية للإعلام)

وسط ترقب وانتظار لما ستسفر عنه الأيام المقبلة، استقبلت الأوساط الإعلامية والصحافية المصرية، التشكيلة الجديدة للهيئات المنظمة لعملهم، آملين في أن تحمل معها تغييرات إيجابية بالمشهد الإعلامي.

وتصدر قرار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الاثنين، بإعادة تشكيل الهيئات الإعلامية والصحافية، الترند في مصر عبر «هاشتاغات» عدة، حمل بعضها أسماء ضمها التشكيل الجديد، لا سيما وزير الشباب والرياضة السابق خالد عبد العزيز الذي ترأس «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام»، والإعلامي أحمد المسلماني رئيس «الهيئة الوطنية للإعلام»، وعبد الصادق الشوربجي رئيس «الهيئة الوطنية للصحافة».

وأعيد تشكيل «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام»، لمدة 4 سنوات، بموجب القرار الجمهوري «رقم 518 لسنة 2024»، «برئاسة خالد عبد العزيز، وعضوية كل من: المستشار عبد السلام النجار، نائب رئيس مجلس الدولة، والدكتور محمود ممتاز، رئيس جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، والدكتور حسام عبد المولى، ممثلاً للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، والصحافيين عبد المحسن سلامة وعادل حمودة، من الشخصيات العامة وذوي الخبرة، والصحافية علا الشافعي، والإعلامي عصام الأمير، والدكتورة منى الحديدي، ممثلاً للمجلس الأعلى للجامعات».

ونص القرار الجمهوري رقم 520 لسنة 2024 على «تشكيل الهيئة الوطنية للإعلام، لمدة أربع سنوات، برئاسة أحمد المسلماني، وعضوية كل من: المستشار حماد مكرم، نائب رئيس مجلس الدولة، وخالد نوفل، ممثلاً لوزارة المالية، والمهندس وليد زكريا، ممثلاً للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، والإعلاميين أسامة كمال وريهام الديب، من الشخصيات العامة وذوي الخبرة، وهالة فاروق حشيش، ممثلاً لنقابة الإعلاميين، وسامي عبد السلام، ممثلاً للنقابة العامة للعاملين بالصحافة والطباعة والإعلام، والكاتبة صفية مصطفى أمين، من الشخصيات العامة وذوى الخبرة».

كما أعيد تشكيل «الهيئة الوطنية للصحافة» لمدة 4 سنوات أيضاً، بموجب القرار الجمهوري رقم 519 لسنة 2024، حيث احتفظ عبد الصادق الشوربجي، بمنصبه رئيساً للهيئة التي ضمت في عضويتها كلاً من: المستشار محمود عمار، نائب رئيس مجلس الدولة، وياسر صبحي، ممثلاً لوزارة المالية، والصحافيين علاء ثابت وعمرو الخياط، من الشخصيات العامة وذوي الخبرة، والصحافيين حمدي رزق، وسامح محروس، ممثلين للصحافة القومية، وأسامة سعيد أبو باشا، ممثلاً للعاملين بالمؤسسات الصحفية القومية، والكاتبة سحر الجعارة من الشخصيات العامة وذوي الخبرة».

ومن المتوقع أن تشهد الجلسات العامة لمجلس النواب المصري (البرلمان)، الأسبوع المقبل، أداء رؤساء الهيئات الإعلامية الجدد اليمين أمام النواب.

وتعهد الشوربجي، في مداخلة لقناة «إكسترا نيوز» المصرية، الاثنين، بـ«استكمال مسيرة التطوير»، مشيراً إلى أن «الهيئة تعمل على مواجهة التحديات والاهتمام بالصحافة الورقية ومواكبة التطورات».

وقال إن «الفترة السابقة شهدت مصاعب كثيرة جداً، من بينها جائحة كورونا والحرب الروسية - الأوكرانية، ما أثر في صناعة الصحافة بمصر».

وأضاف أنه «استطاع تحويل التحديات إلى إيجابيات، حتى بدأت مؤسسات صحافية تنهض»، متعهداً بأن «تشهد الفترة المقبلة تحقيق المؤسسات الصحافية التوازن المالي، إلى جانب تطوير المحتوى التحليلي، دون إهمال الصحافة الورقية».

ويأتي تشكيل هذه الهيئات بموجب المواد 211 و212 و213 من الدستور المصري لعام 2014، وتعديلاته عام 2019، التي تنص على تشكيل «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» باعتباره «هيئة مستقلة تختص بتنظيم شؤون الإعلام المسموع والمرئي، وتنظيم الصحافة المطبوعة، والرقمية، وغيرها»، إلى جانب هيئتي الصحافة والإعلام، حيث «تختص الأولى بإدارة المؤسسات الصحفية المملوكة للدولة»، بينما تعمل الثانية على «إدارة المؤسسات الإعلامية المرئية والإذاعية والرقمية المملوكة للدولة».

وحظي خالد عبد العزيز بالنصيب الأكبر من الاحتفاء على مواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما بين الصحافيين والنقاد الرياضيين، والمتابعين للشأن الرياضي بشكل عام، كونه شغل في وقت سابق منصب وزير الشباب والرياضة.

وأعرب الفنان نبيل الحلفاوي، عبر حسابه على «إكس»، عن «تفاؤله» بإعادة تشكيل الهيئات الإعلامية، وعدّ اختيار عبد العزيز لرئاسة «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام»، بمثابة «بشرى خير واختيار صادف أهله ورضا المتطلعين للأفضل».

وكذلك أكد الناقد الرياضي إكرامي الرديني، عبر «إكس»، أن عبد العزيز هو «الرجل المناسب في المكان المناسب»، معرباً عن أمله في أن يسهم التشكيل الجديد في «وضع المعايير المناسبة لهذه الفترة المنفلتة إعلامياً».

وأشار الصحافي والناقد الرياضي رضوان الزياتي، عبر «إكس»، إلى أن التشكيل الجديد للهيئات الإعلامية «لاقى نسبة كبيرة من القبول الشعبي»، معرباً عن أمله في أن «يكون هناك إعلام محترم وموضوعي ينحاز للوطن والشعب».

وبينما أكد العميد الأسبق لكلية الإعلام بجامعة القاهرة، الدكتور حسن عماد مكاوي، أنه «من المبكر الحديث عن دلالات أو انعكاسات التغيير على المشهد الإعلامي»، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «التغيير كان مطلوباً بدرجة كبيرة، لا سيما أن المجالس السابقة لم تؤدِّ ما عليها من دور، ولم تحقق أهدافها بالشكل المرغوب».

وأعرب عن أمله في أن «يحمل التشكيل الجديد تغييراً ملحوظاً في المشهد الإعلامي».

وجاء قرار إعادة تشكيل الهيئات متأخراً بضعة شهور، حيث صدر قرار تشكيل الهيئات السابقة في 24 يونيو (حزيران) 2020، لمدة 4 سنوات، وأدى الصحافي كرم جبر، اليمين أمام مجلس النواب، رئيساً لـ«المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» في 5 يوليو (تموز) من العام نفسه. وتزامناً مع موعد انتهاء مدة ولاية الهيئات السابقة، نشرت وسائل إعلام محلية أسماء مرشحين لرئاستها، مع الإشارة إلى قرب صدور قرار بتعيينهم.