الجزائر تطالب فرنسا بإعادة ممتلكاتها التاريخية من الحقبة الاستعمارية

صورة تجمع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بنظيره الجزائري عبد المجيد تبون في شهر أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)
صورة تجمع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بنظيره الجزائري عبد المجيد تبون في شهر أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)
TT

الجزائر تطالب فرنسا بإعادة ممتلكاتها التاريخية من الحقبة الاستعمارية

صورة تجمع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بنظيره الجزائري عبد المجيد تبون في شهر أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)
صورة تجمع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بنظيره الجزائري عبد المجيد تبون في شهر أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)

قدمت الحكومة الجزائرية لنظيرتها الفرنسية لائحة مفتوحة للممتلكات التاريخية الثقافية والأرشيفية المحفوظة في مختلف المؤسسات والمتاحف الفرنسية، بهدف استرجاعها وتسليمها بصفة رمزية للجزائر.

الطلب الذي تقدمت به الجزائر جاء خلال عقد اللجنة المشتركة الجزائرية الفرنسية للتاريخ والذاكرة الخامس بالعاصمة الجزائر، حيث اتفقا على مواصلة المفاوضات حول ملف الذاكرة ومسألة الأرشيف، وفقاً لما نشرته وكالة الأنباء الجزائرية.

ودعت اللجنة الجزائرية نظيرتها الفرنسية إلى التركيز على استرجاع الممتلكات الثقافية والأرشيفية في القائمة المرفقة إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، التي وافقت عليها اللجنة الفرنسية بالإجماع، والتزمت بتقديمها للإليزيه، من أجل عودة جميع الممتلكات في أسرع وقت ممكن إلى الجزائر.

وتأمل اللجنة الجزائرية الفرنسية للتاريخ والذاكرة أن «ترقى معالجة ملف الذاكرة إلى ما يتطلع إليه الشعبان الجزائري والفرنسي».

وتسعى الجزائر من خلال هذه اللجنة المشتركة إلى التعاون العلمي في عدة مجالات، على غرار الترميم والرقمنة وتبادل التجارب والمكتبات لتخليد أماكن الذاكرة في الجزائر وفرنسا، و رقمنة مقابر الفرنسيين في الجزائر ومقابر الجزائريين خلال القرن التاسع عشر بفرنسا.

يأتي طلب الجزائر عقب تسلمها، في عام 2020، رفات 24 مقاوِماً قُتِلوا في بداية الاستعمار الفرنسي للجزائر، لكن الحكومة الجزائرية تطالب أيضاً باسترجاع جميع الجماجم الموجودة في المتاحف الفرنسية لدفنها في الجزائر.

يُشار إلى أن اللجنة المشتركة عقدت، منذ تأسيسها في عام 2022، 5 لقاءات بمشاركة 10 مؤرخين؛ 5 من كل جانب، للنظر معاً من بداية الاستعمار سنة 1830 إلى نهاية حرب الاستقلال عام 1962.


مقالات ذات صلة

مناكفات انتخابية فرنسية بظل جزائري

شمال افريقيا الرئيسان الجزائري والفرنسي خلال قمة مجموعة السبع بإيطاليا في يونيو الحالي (الرئاسة الجزائرية)

مناكفات انتخابية فرنسية بظل جزائري

بينما تتخوّف الجزائر من مصير ملفات مشتركة مع فرنسا حال تحقيق اليمين المتطرف فوزاً عريضاً تجدّدت مناكفات بين متنافسين فرنسيين على خلفية حرب غزة وجرائم الاستعمار.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا من العاصمة الجزائرية (مواقع التواصل)

الجزائر: مؤشرات على قرب إعلان تبون ترشحه لدورة رئاسية ثانية

بدعوتها تبون علناً لتجديد ولايته على رأس الدولة تُبقي «جبهة التحرير الوطني» - حسب المراقبين - قليلاً من الشكوك بشأن احتمال ترشحه لولاية ثانية

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا أفيش المرشحة لانتخابات الرئاسة المحامية زبيدة عسول (حساب حزبها بالإعلام الاجتماعي)

مرشحة لـ«رئاسية» الجزائر تنتقد غياب «ظروف إجراء انتخابات حرة»

انتقدت زبيدة عسول مرشحة انتخابات الرئاسة الجزائرية «عدم توفر الحد الأدنى من الشروط اللازمة لتنظيم انتخابات في جو هادئ»

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا عبد العالي حساني مرشح إخوان الجزائر للانتخابات (حساب الحزب)

تململ في صفوف «إخوان الجزائر» بسبب «رئاسية» 2024

مقرّي كرّس نهج مغالبة السلطة خلال السنوات العشر التي قضاها على رأس «حمس»، والتي غطت 7 السنوات الأخيرة من حكم بوتفليقة ونحو 3 سنوات ونصف من الولاية الأولى لتبون.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا تبون مع رئيس الحكومة على يمينه ومدير الديوان بالرئاسة على يساره خلال لقائه بالأحزاب (الرئاسة)

الرئيس الجزائري يرفض «وجود معتقلي رأي» بالبلاد

الرئيس عبد المجيد تبون يؤكد أنه «لا يعترف بوجود معتقلي رأي في سجون البلاد» على عكس ما تقوله المعارضة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

ما دلالات العقوبات الأوروبية ضد مسؤولين سودانيين؟

أطفال لاجئون سودانيون يتلقون العلاج أبريل الماضي في مخيم حدودي بتشاد (أ.ب)
أطفال لاجئون سودانيون يتلقون العلاج أبريل الماضي في مخيم حدودي بتشاد (أ.ب)
TT

ما دلالات العقوبات الأوروبية ضد مسؤولين سودانيين؟

أطفال لاجئون سودانيون يتلقون العلاج أبريل الماضي في مخيم حدودي بتشاد (أ.ب)
أطفال لاجئون سودانيون يتلقون العلاج أبريل الماضي في مخيم حدودي بتشاد (أ.ب)

استهدفت عقوبات، فرضها الاتحاد الأوربي، قبل أيام، 6 شخصيات سودانية تمتلك قدرات سياسية وعسكرية ومالية، الأمر الذي أثار تساؤلات بشأن دلالتها وما تعنيه لمستقبل الحرب الممتدة لأكثر من 14 شهراً بين الجيش وقوات «الدعم السريع».

وتُظهر النظرة المدققة على أسماء ومسؤوليات مَن شملتهم العقوبات، جانباً من أهدافها، إذ عوقب مدير منظومة الدفاعات الصناعية العسكرية، ميرغني إدريس، والذي يُعد المسؤول الأول عن توريد السلاح للجيش السوداني، بما في ذلك الأسلحة والذخائر، فضلاً عما يُنسب إليه من دور في الحصول على مُسيّرات إيران، وصفقات السلاح في «السوق السوداء».

فريق أمن ميرغني إدريس مدير المنظومة الدفاعية السودانية

العقوبات طالت كذلك من جانب الجيش، قائد القوات الجوية، الطاهر محمد العوض، الذي سبق أن أدانه «الأوروبي» بشن غارات جوية عشوائية أوقعت مئات القتلى والجرحى في مختلف جبهات القتال، وعلى وجه الخصوص في الفاشر؛ عاصمة ولاية شمال دارفور.

قائد سلاح الطيران السوداني الطاهر محمد العوض

وفي خطوة لافتة بسبب توجيهها ضد شخصية سياسية، عاقب «الأوروبي» الأمين العام لما يسمى «الحركة الإسلامية»، علي أحمد كرتي؛ لكن الرجل تتهمه قوى سياسية مناوئة بإشعال الحرب التي بدأت، في 15 أبريل (نيسان) من العام الماضي، بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع»، وينسب إليه البعض دوراً كبيراً في التأثير على قرار الجيش بمواصلة الحرب، وتعطيل المُضي نحو محادثات سلام.

علي كرتي الأمين العام لـ«الحركة الإسلامية» في السودان (غيتي)

وعلى مستوى «الدعم السريع»، طالت العقوبات قائدها في غرب دارفور، عبد الرحمن جمعة، والمتهم بارتكاب «فظائع وانتهاكات»، والتحريض على القتل بدوافع عِرقية، كما ضمت القائمة مستشاراً مالياً وزعيم قبيلة بارزاً لم يُذكر اسمه، من عشيرة المحاميد المتعاطفة مع «الدعم السريع» في غرب إقليم دارفور.

دبلوماسي رفيع في الاتحاد الأوروبي، مطّلع على الملف السوداني، تحدّث إلى «الشرق الأوسط»، شريطة عدم ذكر اسمه، وقال إن «سياق العقوبات يستهدف إعطاء فرصة للحلول التفاوضية لحل أزمة السودان».

وأضاف الدبلوماسي أنه من «الصعب جداً» إيقاف الحرب، في ظل تلقي طرف لإمداد عسكري متواصل، في حن يبحث الطرف الآخر عن التزود بعتاد عسكري من مصادر متعددة.

ورأى الدبلوماسي أن «العقوبات الأوروبية على الأفراد وسيلة ضغط وردع لمنع وقوع مزيد من الانتهاكات ضد المدنيين حالياً ومستقبَلاً». وعدّ أنها كذلك «تنبيه إلى القدرة الأوروبية على رفع مستوى العقوبات لتطول قيادات عليا في الجيش السوداني و(الدعم السريع)، ولا يريد أن يلجأ إليها في الوقت الراهن، بما يصعّب أو يُعرقل مساعي عملية التفاوض السلمي».

وبشأن دلالة معاقبة القيادي الإسلامي كرتي، قال الدبلوماسي الأوروبي: «هذه رسالة تحذير للكف عن تصعيد القتال عبر كتائبه واختراقه للجيش السوداني، وقد تطول العقوبات المقبلة قيادات أخرى بارزة في الحركة الإسلامية».

بدوره قال المتحدث الرسمي باسم تحالف القوى الديمقراطية المدنية «تقدم»، بكري الجاك، لــ«الشرق الأوسط»، إن العقوبات الأوروبية، إضافة إلى العقوبات الأميركية التي وجهتها لشركات تابعة للجيش و«الدعم»، تمثل سياسة «العصا والجزرة»، لكن لم يكن لها تأثير كبير على المجهود الحربي لدى الطرفين.

وأعرب الجاك عن ترحيب «تقدم» ودعمها آليات الضغط عبر العقوبات، وذلك على الرغم من إقراره بصعوبة الحديث عن فاعليتها وتأثيرها على الواقع الميداني.

ورأى الجاك أن «مخاطبة مخاوف ومصالح أطراف القتال ليست كافية، ومن المفترض أن تكون هناك رؤية واضحة من المجتمع الدولي للترتيبات المستقبلية، وهذا يتطلب مقاربة مختلفة، لكن هذه العقوبات في المرحلة الحالية نعدُّها (تحركاً إيجابياً) قد يسهم في وقف الحرب».

بدوره قال المحلل السياسي، الجميل الفاضل، إنه «يجب النظر لهذه العقوبات من زوايا عدة؛ لكونها استهدفت قائد سلاح الجو الذي يعتمد عليه الجيش السوداني بشكل أساسي في الحرب، وما يخلفه من وقوع ضحايا وسط المدنيين جراء الغارات الجوية».

قائد الجيش عبد الفتاح البرهان (يسار) وقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي» (أرشيفية)

وأضاف الفاضل أن إدراج القائد العسكري ميرغني إدريس ضمن العقوبات الأوروبية يرجع إلى «عدِّه المسؤول الأول عن التصنيع الحربي المرتبط بمصادر تمويل الحرب، ويقع عليه العبء الكبير في توفير السلاح للجيش السوداني».

كما لفت إلى أن معاقبة القيادي الإسلامي كرتي بمثابة «رسالة ذات مغزي، تودُّ من خلالها القوى الأوروبية أن تؤكد معرفتها الدقيقة وإلمامها التام بالصراع الدائر في السودان، وتورطه في الحرب وتأجيجها».

ووفق المحلل السياسي، فإن العقوبات الأوروبية على «الإسلاميين السودانيين» جرت بعناية بوصفهم «العقل المدبر للصراع في السودان، من أجل العودة إلى الحكم مرة أخرى».

وذكر الفاضل أن «الأوروبي يسعى، من خلال تلك العقوبات، لردع الفاعلين ومن يقفون وراء الحرب».

وعدّ أن العقوبات كذلك رسائل تحذيرية لبعض الأفراد الذين يموّلون الحرب.

لكن مسؤولاً عسكرياً سابقاً في الجيش السوداني ينظر إلى تلك العقوبات على أنها تُوجه في الأساس إلى قادة عسكريين فاعلين للكف عن الاستمرار في أفعال قد تُوقعهم تحت طائلة «جرائم الحرب»، وتعرِّضهم للمساءلة القانونية داخلياً، أو ملاحقة جنائية في المحاكم الدولية.

وقال المسؤول، الذي شغل رتبة رفيعة سابقاً، إنه «ربما لا تؤثر هذه العقوبات على المؤسسات العسكرية حالياً، لكنها قد تردع الأفراد المسؤولين في الطرفين من التورط بشكل فاضح في انتهاكات قد تجرُّهم إلى دائرة المساءلة القانونية، في وقت لاحق».