حمل حزب «حركة البناء الوطني» الجزائري، المشارك في الحكومة، بشدة على زعيم حزب «الجمهوريون» اليميني الفرنسي، بعد أن طالب الجزائر بـ«استرداد كل شيء يخصها في فرنسا: مجرميها وجانحيها ومهاجريها السريّين». وكان هذا الموقف رداً على طلب الجزائر من باريس، تسليمها ممتلكات وأغراضاً أخذتها خلال فترة الاستعمار.
وقال رئيس الحزب عبد القادر بن قرينة، في بيان، الاثنين، إن ما كتبه إيريك سيوتي رئيس «الجمهوريون» بحسابه بمنصة «إكس» يوم 30 مايو (أيار) المنصرم، هو «نسخة متجددة لليمين الفرنسي المتطرف والعنصري، عبر أحد أطرافه، الفاشل سياسياً، الذي يحاول إنقاذ حزبه من التقهقر الذي ينتظره في الانتخابات الأوروبية»، مشيراً إلى أن سيوتي «يسعى من خلال محاولة بائسة، إلى تصدر الترند الانتخابي لكسب أصوات لإنقاذ حزبه من الفضيحة الانتخابية المتوقعة».
وجاءت تغريدة سيوتي المسيئة للجزائر، بحسب مراقبين، رداً على نتائج اجتماع «لجنة الذاكرة» المشتركة بين الجزائر وفرنسا لتسوية قضايا مرتبطة بمخلفات الاستعمار، عُقد بالجزائر بين 20 و24 من الشهر الماضي.
وتضمنت النتائج، طلباً رفعته الحكومة الجزائرية لنظيرتها الفرنسية، يشمل لائحة مفتوحة للممتلكات التاريخية الثقافية والأرشيفية المحفوظة في مختلف المؤسسات والمتاحف الفرنسية، بهدف استرجاعها وتسليمها بصفة رمزية للجزائر. وتعود هذه الأغراض إلى فترة الاستعمار (1830-1962)، نقلها الفرنسيون على مر هذه الفترة، إلى فرنسا، وفق مؤرخين.
واتهم بن قرينة، الذي كان وزيراً، رئيس «الجمهوريون»، بـ«إثارة الكراهية والعنصرية تجاه الجالية الجزائرية بفرنسا، وهي التي أعطت أحسن الأمثلة على احترام البلد المضيف، بل وقدمت أحسن النماذج للنجاح والتميز والمساهمة بقيمة مضافة يشهد لها الفرنسيون قبل غيرهم». كما اتهمه بـ«الدفع نحو تأزيم العلاقات الجزائرية - الفرنسية، وتعطيل مسار إعادة بناء الثقة بين البلدين على أسس صحيحة تمنع تكرار أخطاء الماضي الأليم».
ولما زار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الجزائر في نهاية أغسطس (آب) 2022، اتفق مع الرئيس عبد المجيد تبّون على إطلاق مبادرات لـ«تهدئة آلام الذاكرة»، على أن يتم ذلك بناء على اقتراحات 10 باحثين في التاريخ من البلدين، يشتغلون على هذا الملف في إطار «لجنة مشتركة».
ويعد بيان «حركة البناء» أول موقف يصدر من الجزائر على تغريدة زعيم اليمين الفرنسي، علماً أن الحزب الجزائري يملك وزيراً في الحكومة، وهو من أكبر المؤيدين لسياسات الرئيس تبون. والأسبوع الماضي أعلن أنه يرشحه لدورة رئاسية ثانية، بمناسبة الانتخابات المقررة في 7 سبتمبر (أيلول) المقبل.
وقام سجال حاد، في الأيام الأخيرة، عبر وسائط الإعلام الاجتماعي، بين ريمة حسن الناشطة الفرنكو - فلسطينية والمرشحة للانتخابات الأوروبية عن حزب «فرنسا الأبية» اليساري، وماريون مارشال المرشحة للانتخابات والقيادية في حزب «الاسترداد» اليميني المتطرف، بزعامة إريك زمور، وذلك حول «قضية الذاكرة الجزائرية والماضي الاستعماري الفرنسي بالجزائر»... وأثارت حسن «جرائم التعذيب التي مارسها جان ماري لوبان في الجزائر»، وهو جد ماريون. وشبهت الجرائم الإسرائيلية الحالية في غزة، بالاستعمار الفرنسي بالجزائر.
وردت ماريون على ريمة بأنها «مثال محزن لسياسة الهجرة المفرطة في السخاء». وقالت: «إننا نرحب بوالديها، ونجد أنفسنا مع الفتاة التي تدافع عن المصالح الأجنبية والتي تبصق في وجهنا»، مؤكدة أنها «على استعداد لدعم طلبها للجوء في الجزائر».
ولـ«الجمهوريون» الفرنسي «سوابق» غير إيجابية مع «موضوع الجزائر». ففي نهاية 2023 مارسَ نوابه في البرلمان، ضغطاً على الحكومة لإلغاء «اتفاق الهجرة مع الجزائر» الذي يعود إلى 1968، بذريعة أنه «يعوق تطبيق قانون الهجرة الجديد»، فيما يخص «لمّ الشمل العائلي» والدراسة في الجامعات والعمل. غير أن المسعى لم يؤخذ به برلمانياً.