تونس تدعم «العودة الطوعية» للمهاجرين بعد مواجهات دامية مع السكان

الرئيس سعيد وصف تدفقهم على البلاد بـ«غير الطبيعي»

التونسيون يشتكون من كثرة عدد المهاجرين الأفارقة في شوارع العاصمة (أ.ف.ب)
التونسيون يشتكون من كثرة عدد المهاجرين الأفارقة في شوارع العاصمة (أ.ف.ب)
TT

تونس تدعم «العودة الطوعية» للمهاجرين بعد مواجهات دامية مع السكان

التونسيون يشتكون من كثرة عدد المهاجرين الأفارقة في شوارع العاصمة (أ.ف.ب)
التونسيون يشتكون من كثرة عدد المهاجرين الأفارقة في شوارع العاصمة (أ.ف.ب)

قال متحدث باسم الحرس الوطني في تونس إن السلطات تقوم بالتنسيق مع المنظمة الدولية للهجرة لمجابهة الوضع الصعب للمهاجرين في مزارع العامرة وجبنيانة بولاية صفاقس، عبر دعم وتيسير عمليات «العودة الطوعية» لهم.

وقال المتحدث حسام الجبابلي، اليوم الخميس، للتلفزيون الرسمي، إن المنظمة الدولية ومنظمة الهلال الأحمر قامتا بمعاينة الوضع في غابات الزيتون بالعامرة وجبنيانة، وتسجيل بيانات عدد من المهاجرين المرابطين هناك منذ عدة أشهر في العراء وتحت خيام عشوائية، والذين يرغبون في العودة إلى بلدانهم، وذلك بعد تسجيل مواجهات دامية بين المهاجرين الأفارقة والسكان الذين خرجوا للاحتجاج على الأعداد الكبيرة للمهاجرين الوافدين.

مهاجرون أفارقة أوقفهم حرس الحدود التونسي خلال رحلة سرية إلى إيطاليا انطلاقا من تونس (أ.ف.ب)

وعرضت المنظمة الدولية للهجرة برنامجاً للعودة، وإعادة الإدماج للراغبين في المغادرة بتقديم مساعدات لهم لبدء حياة جديدة في أوطانهم. ووفق وزارة الداخلية التونسية، فقد غادر بالفعل 7100 مهاجر من دول أفريقيا جنوب الصحراء تونس، ضمن البرنامج، في الفترة الممتدة بين مارس (آذار) 2023 ومايو (أيار) الجاري.

وفي التاسع من الشهر الجاري، أعلن مكتب المنظمة الدولية للهجرة في تونس عن تسهيل العودة الطوعية لـ161 مهاجراً من غامبيا إلى بلادهم. وقالت المنظمة إنها بدأت بالتعاون مع السلطات المحلية ومنظمة الهلال الأحمر التونسي بصفاقس، بتسجيل المهاجرين الذين يرغبون في العودة الطوعية إلى بلدانهم الأصلية «بطريقة آمنة وكريمة بشكل يومي، من خلال برنامج العودة الطوعية وإعادة الإدماج». موضحة أن المهاجرين المسجلين سيحصلون على العناية الواجبة، بما في ذلك الاستشارة الفردية، والدعم الطبي المستمر ومساعدة إعادة الإدماج لبناء حياة جديدة في أوطانهم.

ومن جهته، وصف الرئيس التونسي قيس سعيد تدفق المهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء على البلاد بـ«غير الطبيعي»، داعياً في اجتماع لمجلس الأمن القومي إلى مواجهة الوضع بـ«طريقة مختلفة».

جل المهاجرين الأفارقة في تونس يعيشون داخل خيام تفتقر لأدنى مقومات العيش الكريم (أ.ف.ب)

وقال الرئيس سعيد في كلمة له خلال اجتماع بثته الرئاسة التونسية على صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، إن المئات يدخلون البلاد يومياً، وقد تمت إعادة 400 مهاجر على الحدود الشرقية، المتاخمة لليبيا.

وتدفق عدد قياسي من المهاجرين جنوبي الصحراء على تونس في 2023 بنية عبور البحر المتوسط إلى السواحل الأوروبية. وقالت الداخلية إن أكثر من 32 ألف مهاجر في البلاد، من بينهم 23 ألفاً يتواجدون بصفة غير قانونية.

وتضغط إيطاليا الوجهة الأقرب للسواحل التونسية، والاتحاد الأوروبي للحد من التدفقات، ومكافحة أنشطة مهربي البشر بتقديم دعم مالي واقتصادي لتونس.

بدوره، قال خالد الغالي، رئيس الاتحاد الجهوي للشغل، أكبر المنظمات الوطنية التونسية في مدينتي جبنيانة والعامرة بولاية صفاقس، التي تشهد تركيزاً كبيراً للمهاجرين في غابات الزيتون، إنه يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يشارك في تحمل أعباء الأزمة.

وتابع الغالي، في تصريحه لوكالة «الأنباء الألمانية»: «يجب أن تكون هناك حلول وتعاون بين جميع الأطراف. إذا كان التفكير في مخيم للإخوة المهاجرين فمن سيشرف عليه. يتعين على الاتحاد الأوروبي والمنظمات الدولية تحمل مسؤولياتهم».

وتكثف إيطاليا والاتحاد الأوروبي عمليات التنسيق مع تونس للحد من التدفقات بمساعدات مالية ولوجيستية. لكن الأعداد الكبيرة للمهاجرين تنذر بأزمة اجتماعية مع السكان المحليين في عدة ولايات، في وقت تواجه فيه البلاد صعوبات اقتصادية.


مقالات ذات صلة

مصر لمكافحة «الهجرة غير المشروعة» عبر جولات في المحافظات

شمال افريقيا مشاركون في ندوة جامعة أسيوط عن «الهجرة غير المشروعة» تحدثوا عن «البدائل الآمنة» (المحافظة)

مصر لمكافحة «الهجرة غير المشروعة» عبر جولات في المحافظات

تشير الحكومة المصرية بشكل متكرر إلى «استمرار جهود مواجهة الهجرة غير المشروعة، وذلك بهدف توفير حياة آمنة للمواطنين».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الولايات المتحدة​ تعيينات دونالد ترمب في إدارته الجديدة تثير قلق تركيا (رويترز)

ترمب يؤكد عزمه على استخدام الجيش لتطبيق خطة ترحيل جماعي للمهاجرين

أكد الرئيس المنتخب دونالد ترمب أنه يعتزم إعلان حالة طوارئ وطنية بشأن أمن الحدود واستخدام الجيش الأميركي لتنفيذ عمليات ترحيل جماعية للمهاجرين غير الشرعيين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا مهاجرون عبر الصحراء الكبرى باتجاه أوروبا عبر ليبيا وتونس (رويترز)

السلطات التونسية توقف ناشطاً بارزاً في دعم المهاجرين

إحالة القضية إلى قطب مكافحة الإرهاب «مؤشر خطير لأنها المرة الأولى التي تعْرض فيها السلطات على هذا القطب القضائي جمعيات متخصصة في قضية الهجرة».

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا من عملية ضبط مهاجرين في صبراتة قبل تهريبهم إلى أوروبا (مديرية أمن صبراتة)

السلطات الليبية تعتقل 90 مهاجراً قبل تهريبهم إلى أوروبا

عثرت السلطات الأمنية في مدينة صبراتة الليبية على «وكر» يضم 90 مهاجراً غير نظامي، تديره إحدى عصابات الاتجار بالبشر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية أحد اليهود الأرثوذكس في القدس القديمة يوم 5 نوفمبر الحالي (إ.ب.أ)

الهجرة إلى إسرائيل ترتفع في عام الحرب

أظهرت أرقام جديدة أن 11700 يهودي أميركي قدموا طلبات من أجل الهجرة إلى إسرائيل بعد بداية الحرب في قطاع غزة يوم السابع من أكتوبر العام الماضي.

كفاح زبون (رام الله)

مصر للحد من «فوضى» الاعتداء على الطواقم الطبية

تسعى الحكومة لتوفير بيئة عمل مناسبة للأطباء (وزارة الصحة المصرية)
تسعى الحكومة لتوفير بيئة عمل مناسبة للأطباء (وزارة الصحة المصرية)
TT

مصر للحد من «فوضى» الاعتداء على الطواقم الطبية

تسعى الحكومة لتوفير بيئة عمل مناسبة للأطباء (وزارة الصحة المصرية)
تسعى الحكومة لتوفير بيئة عمل مناسبة للأطباء (وزارة الصحة المصرية)

تسعى الحكومة المصرية للحد من «فوضى» الاعتداءات على الطواقم الطبية بالمستشفيات، عبر إقرار قانون «تنظيم المسؤولية الطبية وحماية المريض»، الذي وافق عليه مجلس الوزراء أخيراً، وسوف يحيله لمجلس النواب (البرلمان) للموافقة عليه.

وأوضح نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة المصري، خالد عبد الغفار، أن مشروع القانون يهدف إلى «تحسين بيئة العمل الخاصة بالأطباء والفريق الصحي، ويرتكز على ضمان توفير حق المواطن في تلقي الخدمات الطبية المختلفة بالمنشآت الصحية، وتوحيد الإطار الحاكم للمسؤولية المدنية والجنائية التي يخضع لها مزاولو المهن الطبية، بما يضمن عملهم في بيئة عمل جاذبة ومستقرة»، وفق إفادة وزارة «الصحة» المصرية، الجمعة.

وأشار الوزير المصري إلى تضمن القانون «توحيد الإطار الحاكم للمسؤولية المدنية والجنائية التي يخضع لها مزاولو المهن الطبية، بما يكفل الوضوح في هذا الشأن ويراعي صعوبات العمل في المجال الطبي»، مع الحرص على «منع الاعتداء على مقدمي الخدمة الصحية، وتقرير العقوبات اللازمة في حال التعدي اللفظي أو الجسدي أو إهانة مقدمي الخدمات الطبية، أو إتلاف المنشآت، وتشديد العقوبة حال استعمال أي أسلحة أو عصي أو آلات أو أدوات أخرى».

جانب من العمل داخل أحد المستشفيات (وزارة الصحة المصرية)

وحسب عضوة «لجنة الصحة» بمجلس النواب، النائبة إيرين سعيد، فإن «هذه الخطوة تأخرت كثيراً»، مؤكدة لـ«الشرق الأوسط» أن مشروع القانون كان يفترض جاهزيته منذ عامين في ظل مناقشات مستفيضة جرت بشأنه، لافتة إلى أن القانون سيكون على رأس أولويات «لجنة الصحة» فور وصوله البرلمان من الحكومة تمهيداً للانتهاء منه خلال دور الانعقاد الحالي.

لكن وكيل نقابة الأطباء المصرية، جمال عميرة، قال لـ«الشرق الأوسط» إن مشروع القانون «لا يوفر الحماية المطلوبة للأطباء في مقابل مضاعفة العقوبات عليهم حال الاشتباه بارتكابهم أخطاء»، مشيراً إلى أن المطلوب قانون يوفر «بيئة عمل غير ضاغطة على الطواقم الطبية».

وأضاف أن الطبيب حال تعرض المريض لأي مضاعفات عند وصوله إلى المستشفى تتسبب في وفاته، يحول الطبيب إلى قسم الشرطة ويواجه اتهامات بـ«ارتكاب جنحة وتقصير بعمله»، على الرغم من احتمالية عدم ارتكابه أي خطأ طبي، لافتاً إلى أن النقابة تنتظر النسخة الأخيرة من مشروع القانون لإصدار ملاحظات متكاملة بشأنه.

وشهدت مصر في الشهور الماضية تعرض عدد من الأطباء لاعتداءات خلال عملهم بالمستشفيات من أقارب المرضى، من بينها واقعة تعدي الفنان محمد فؤاد على طبيب مستشفى «جامعة عين شمس»، خلال مرافقته شقيقه الذي أصيب بأزمة قلبية الصيف الماضي، والاعتداء على طبيب بمستشفى «الشيخ زايد» في القاهرة من أقارب مريض نهاية الشهر الماضي، وهي الوقائع التي يجري التحقيق فيها قضائياً.

وقائع الاعتداء على الطواقم الطبية بالمستشفيات المصرية تكررت خلال الفترة الأخيرة (وزارة الصحة المصرية)

وينص مشروع القانون الجديد، وفق مقترح الحكومة، على تشكيل «لجنة عليا» تتبع رئيس مجلس الوزراء، وتعد «جهة الخبرة الاستشارية المتعلقة بالأخطاء الطبية، والمعنية بالنظر في الشكاوى، وإصدار الأدلة الإرشادية للتوعية بحقوق متلقي الخدمة بالتنسيق مع النقابات والجهات المعنية»، حسب بيان «الصحة».

وتعوّل إيرين سعيد على «اللجنة العليا الجديدة» باعتبارها ستكون أداة الفصل بين مقدم الخدمة سواء كان طبيباً أو صيدلياً أو من التمريض، ومتلقي الخدمة المتمثل في المواطن، لافتةً إلى أن تشكيل اللجنة من أطباء وقانونيين «سيُنهي غياب التعامل مع الوقائع وفق القوانين الحالية، ومحاسبة الأطباء وفق قانون (العقوبات)».

وأضافت أن مشروع القانون الجديد سيجعل هناك تعريفاً للمريض بطبيعة الإجراءات الطبية التي ستُتخذ معه وتداعياتها المحتملة عليه، مع منحه حرية القبول أو الرفض للإجراءات التي سيبلغه بها الأطباء، وهو «أمر لم يكن موجوداً من قبل بشكل إلزامي في المستشفيات المختلفة».

وهنا يشير وكيل نقابة الأطباء إلى ضرورة وجود ممثلين لمختلف التخصصات الطبية في «اللجنة العليا» وليس فقط الأطباء الشرعيين، مؤكداً تفهم أعضاء لجنة «الصحة» بالبرلمان لما تريده النقابة، وتوافقهم حول التفاصيل التي تستهدف حلاً جذرياً للمشكلات القائمة في الوقت الحالي.