اتهامات لـ«الدعم السريع» بارتكاب «تطهير عرقي» في دارفور

منظمة حقوقية أشارت إلى «إبادة جماعية»

نازحون سودانيون غرب دارفور (أرشيفية - أ.ب)
نازحون سودانيون غرب دارفور (أرشيفية - أ.ب)
TT

اتهامات لـ«الدعم السريع» بارتكاب «تطهير عرقي» في دارفور

نازحون سودانيون غرب دارفور (أرشيفية - أ.ب)
نازحون سودانيون غرب دارفور (أرشيفية - أ.ب)

اتهمت منظمة «هيومن رايتس ووتش» «قوات الدعم السريع» في السودان بارتكاب «تطهير عرقي»، وعمليات قتل؛ «ما قد يشير إلى أن إبادة جماعية حدثت أو تحدث»، ضدّ جماعة المساليت العرقية الأفريقية في مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور.

ونشرت المنظمة الحقوقية ومقرها في نيويورك، الخميس، تقريراً من 186 صفحة بعنوان «المساليت لن يعودوا إلى ديارهم: التطهير العرقي والجرائم ضد الإنسانية في الجنينة»، في إشارة إلى ما تتعرض له المجموعة العرقية غير العربية الأبرز في غرب دارفور، والتي تتخذ من مدينة الجنينة عاصمتها التاريخية.

ويوثّق التقرير، وفقاً لـ«هيومن رايتس ووتش» استهداف «(قوات الدعم السريع) مع الميليشيات العربية لأحياء الجنينة التي تسكنها أغلبية من المساليت، في موجات متواصلة من الهجمات خلال العام الماضي في الفترة من أبريل (نيسان) إلى يونيو (حزيران)، وتصاعد الانتهاكات مرة أخرى في أوائل نوفمبر (تشرين الثاني)».

سوق مدمرة في مدينة الفاشر عاصمة ولاية دارفور جراء المعارك (أ.ف.ب)

وبحسب التقرير، فإن «الهجمات التي شنّتها (الدعم السريع) والميليشيات المتحالفة معها في الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور السودانية (...) أدّت إلى مقتل ما لا يقلّ عن آلاف الأشخاص وتركت مئات الآلاف لاجئين»، مشيراً إلى فرار أكثر من نصف مليون لاجئ من غرب دارفور إلى تشاد بين أبريل وأواخر أكتوبر (تشرين الأول)، 75 في المائة منهم من الجنينة».

وأكدت المنظمة غير الحكومية أن «استهداف المساليت وغيرهم من المجتمعات غير العربية (...) بهدف واضح هو دفعهم إلى مغادرة المنطقة بشكل دائم، يشكّل تطهيراً عرقياً».

إبادة جماعية

ونقل التقرير عن المديرة التنفيذية للمنظمة الحقوقية تيرانا حسن، قولها: «إن السياق الخاص الذي وقعت فيه عمليات القتل الواسعة النطاق يثير أيضاً احتمالاً أن تكون لدى (الدعم السريع) وحلفائها نية تدمير المساليت كلياً أو جزئياً في غرب دارفور على الأقل، ما قد يشير إلى أن إبادة جماعية حدثت أو تحدث هناك».

وأضافت المنظمة في تقريرها أن «احتمال ارتكاب جرائم إبادة جماعية في دارفور يتطلب تحركاً عاجلاً من جميع الحكومات والمؤسسات الدولية لحماية المدنيين، وينبغي لها ضمان التحقيق فيما إذا كانت الوقائع تظهر نيّة محددة من جانب قيادة (الدعم السريع) وحلفائها لتدمير المساليت وغيرهم من المجتمعات العرقية غير العربية في غرب دارفور».

وناشدت حسن «الحكومات والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة التحرك الآن لحماية المدنيين».

وبدأت أعمال العنف في الجنينة بعد تسعة أيام من اندلاع الحرب في السودان في 15 أبريل 2023 بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان و«الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو (الشهير بحميدتي). وأدّت هذه الحرب إلى سقوط آلاف القتلى بينهم ما يصل إلى 15 ألف شخص في الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور، وفق خبراء الأمم المتحدة.

كذلك، دفعت الحرب البلد البالغ عدد سكانه 48 مليون نسمة إلى حافة المجاعة، ودمّرت البنى التحتية المتهالكة أصلاً، وتسبّبت بتشريد أكثر من 8.5 مليون شخص، بحسب الأمم المتحدة.

وبحسب التقرير، فإنّ العنف «بلغ ذروته بمذبحة واسعة النطاق في 15 يونيو، عندما فتحت (الدعم السريع) وحلفاؤها النار على قافلة من المدنيين الذين كانوا يحاولون الفرار ويمتدّ طولها لكيلومترات، برفقة مقاتلين من المساليت».

شهادات مفزعة

وفي نوفمبر، قامت «قوات الدعم السريع»، بحسب التقرير، مجدّداً بـ«استهداف المساليت (...) الذين لجأوا إلى ضاحية أردماتا بالجنينة، واعتقلت رجالاً وأولاداً، وقتلت ما لا يقلّ عن ألف شخص، وفق الأمم المتحدة».

وأورد تقرير المنظمة إفادة فتى يبلغ من العمر 17 عاماً كان شاهداً على مقتل 12 طفلاً و5 بالغين من عدة عائلات.

وقال الفتى، وفقاً للتقرير: «قامت قوتان من (الدعم السريع)... بشدّ الأطفال من ذويهم، وعندما بدأ الآباء بالصراخ، أردتهم قوتان أخريان قتلى بالرصاص، ثم جمعوا الأطفال وأطلقوا النار عليهم. وألقوا جثثهم وأمتعتهم في النهر».

رجل هرب من الاشتباكات في دارفور يجلس خارج ملجئه المؤقت في أدري بتشاد (رويترز)

كذلك، وثّقت «هيومن رايتس ووتش»، من جهة أخرى، قيام المساليت بقتل بعض السكان العرب في دارفور ونهب أحيائهم السكنية، وطلبت من المجتمع الدولي أن «يدعم التحقيقات التي تجريها المحكمة الجنائية الدولية (...) لتمكينها من الاضطلاع بمهمتها في دارفور وفي مختلف أجندتها».

وكانت المحكمة الجنائية الدولية باشرت في 14 يوليو (تموز) تحقيقاً حول جرائم حرب محتملة في دارفور، ولا سيّما أعمال عنف جنسية واستهداف مدنيين استناداً إلى انتمائهم العرقي.


مقالات ذات صلة

البرهان عن صراعات حزب البشير: لن نقبل ما يُهدد وحدة السودان

شمال افريقيا قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان يخاطب حضور مؤتمر اقتصادي في مدينة بورتسودان اليوم الثلاثاء (الجيش السوداني)

البرهان عن صراعات حزب البشير: لن نقبل ما يُهدد وحدة السودان

أعلن قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان رفضه للصراعات داخل حزب «المؤتمر الوطني» (المحلول) الذي كان يقوده الرئيس السابق عمر البشير.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا رئيس وفد التفاوض في «قوات الدعم السريع» عمر حمدان خلال مؤتمر صحافي بنيروبي يوم 18 نوفمبر (الشرق الأوسط)

«قوات الدعم السريع» السودانية: خياراتنا مفتوحة لتشكيل حكومة في مناطق سيطرتنا

أكد رئيس وفد التفاوض في «قوات الدعم السريع» السودانية، عمر حمدان، في مؤتمر صحافي أنهم لا يرفضون السلام، لكن هذا يتوقف على مبادرة جادة وبضمانات دولية.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا مناقشات أممية موسعة لوقف النار فوراً في السودان

مناقشات أممية موسعة لوقف النار فوراً في السودان

انخرط مجلس الأمن في نقاشات حول مشروع قرار بريطاني لمطالبة القوات المسلحة السودانية و«قوات الدعم السريع» بوقف القتال فوراً والسماح بتسليم المساعدات الإنسانية.

علي بردى (واشنطن) محمد أمين ياسين (نيروبي)
تحليل إخباري محمد حمدان دقلو (حميدتي) في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»

تحليل إخباري بعد خطاب «حميدتي»... هل بدأت الموجة الثانية من الحرب السودانية؟

العنوان الأبرز لخطاب قائد «قوات الدعم السريع»، هو «الانتقال للحرب الشاملة، على عكس ما ذهب البعض لتفسيره بأنه إقرار بالهزيمة».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا أرشيفية لحميدتي (رويترز)

مصر تنفي اتهامات حميدتي بشن غارات على قواته

نفت مصر اتهامات قائد «قوات الدعم السريع» في السودان محمد حمدان دقلو (حميدتي)، لها بشن ضربات جوية على قوات مجموعته.

«الشرق الأوسط» (لندن)

حوادث مرورية متكرّرة تفجع مصريين

الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)
الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)
TT

حوادث مرورية متكرّرة تفجع مصريين

الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)
الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)

شهدت مناطق متفرقة في مصر حوادث مرورية مفجعة، أخيراً؛ مما أثار تساؤلات حول أسباب تكرارها، في حين رأى خبراء أن «غالبية تلك الحوادث تقع نتيجة لأخطاء من العنصر البشري».

وشهدت مصر، الجمعة، حادثاً أُصيب خلاله نحو 52 شخصاً، إثر انقلاب حافلة (أتوبيس رحلات) على طريق «الجلالة - الزعفرانة» (شمال محافظة البحر الأحمر - جنوب مصر)، قبل توجهها إلى دير الأنبا أنطونيوس بالمحافظة.

وأعلنت وزارة الصحة المصرية «خروج جميع المصابين من المستشفى، بعد تحسّن حالاتهم»، وقالت في إفادة لها، الجمعة، إن «الحادث أسفر عن إصابة 52 راكباً؛ نُقل 31 منهم إلى مستشفى (رأس غارب) التخصصي، في حين تم إسعاف 21 مصاباً آخرين بموقع الحادث».

واحتجزت الأجهزة الأمنية سائق «الحافلة» المتسبّب في الحادث، في حين كلّفت السلطات القضائية لجنة فنية بفحص أسباب وقوع الحادث حول ما إذا كان عطلاً فنياً أم خطأ بشرياً نتيجة للقيادة الخاطئة، حسب وسائل إعلام محلية.

وأعاد انقلاب الحافلة بطريق «الجلالة - الزعفرانة» إلى الأذهان حادث انقلاب حافلة تابعة لجامعة «الجلالة الأهلية»، على الطريق السريع «الجلالة - العين السخنة»، في منتصف شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي؛ مما أدّى إلى وفاة 7 أشخاص، وإصابة نحو 25 آخرين.

وشهدت منطقة الشيخ زايد بمحافظة الجيزة (غرب القاهرة) حادث «دهس» سيارة، دراجةً نارية كان يستقلها عامل «دليفري» (التوصيل المنزلي)؛ مما أدى إلى مقتله.

كما شهدت محافظة الفيوم (جنوب القاهرة) حادث انقلاب سيارة نقل ركاب، الخميس، على الطريق الصحراوي السريع؛ مما أدى إلى إصابة 14 شخصاً.

وأظهرت التحريات الأولية للحادث أن السيارة تعرّضت للانقلاب، نتيجة السرعة الزائدة، وفقدان السائق السيطرة عليها.

وسجّلت إصابات حوادث الطرق في مصر ارتفاعاً بنسبة 27 في المائة، على أساس سنوي، بواقع 71016 إصابة عام 2023، في حين بلغ عدد المتوفين في حوادث الطرق خلال العام نفسه 5861 حالة وفاة، بنسبة انخفاض 24.5 في المائة، وفقاً للنشرة السنوية لنتائج حوادث السيارات والقطارات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري، في شهر مايو (أيار) الماضي.

طريق الجلالة (وزارة النقل المصرية)

وباعتقاد رئيس الجمعية المصرية لرعايا ضحايا الطرق (منظمة مدنية)، سامي مختار، أن «نحو 80 في المائة من حوادث الطرق يحدّث نتيجة لأخطاء من العنصر البشري»، مشيراً إلى أن «تكرار الحوادث المرورية يستوجب مزيداً من الاهتمام من جهات حكومية؛ للحد من وقوعها، وتعزيز السلامة على الطرق».

ودعا مختار، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى «ضرورة تكثيف حملات التوعية بالسلامة المرورية، لجميع مستخدمي الطرق، من سائقي السيارات والركاب»، قائلاً إن حملات التوعية يجب أن تشمل «التعريف بقواعد وآداب السير على الطرق، وإجراءات السلامة، والكشف على تعاطي المخدرات للسائقين في أثناء السير»، ومشدداً على ضرورة «تكثيف حملات الرقابة بخصوص تعاطي المخدرات في أثناء القيادة».

ولقي حادث انقلاب حافلة طريق «الجلالة» تفاعلاً من رواد منصات التواصل الاجتماعي في مصر؛ حيث دعوا إلى «مراجعة الحالة الفنية للطريق، بعد تكرار حوادث انقلاب حافلات الركاب عليه».

بينما يستبعد أستاذ هندسة الطرق بجامعة عين شمس، حسن مهدي، فرضية أن يكون وقوع الحوادث بسبب الحالة الفنية للطريق، مرجعاً ذلك إلى «عدم تكرار الحوادث في مكان واحد على الطريق»، ومشيراً إلى أن «وقوع الحوادث المرورية في مناطق متفرقة يعني أن السبب قد يكون فنياً؛ بسبب (المركبة)، أو لخطأ بشري من السائق».

وأشار مهدي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى ضرورة «تطبيق منظومة النقل الذكي، للحد من الحوادث، خصوصاً على الطرق السريعة»، مضيفاً أن «التوسع في المراقبة الذكية لحركة السير سيقلّل من الأخطاء، ويُسهم في التزام السائقين بإجراءات السلامة في أثناء القيادة»، وموضحاً أن «مشروع قانون المرور الجديد، المعروض أمام البرلمان ينص على تطبيق هذه المنظومة بشكل موسع».

وتضع الحكومة المصرية «قانون المرور الجديد» ضمن أولوياتها في الأجندة التشريعية لدور الانعقاد الحالي للبرلمان، وناقش مجلس النواب، في شهر أكتوبر الماضي «بعض التعديلات على قانون المرور، تضمّنت عقوبات مغلظة على مخالفات السير، والقيادة دون ترخيص».