أي مصير ينتظر «المؤتمر الوطني للمصالحة الليبية»؟

بعد اعتقال ممثل سيف القذافي ونقله إلى بنغازي

جانب من أعمال الاجتماع العادي الثالث للجنة التحضيرية للمصالحة الوطنية في ليبيا (المجلس الرئاسي)
جانب من أعمال الاجتماع العادي الثالث للجنة التحضيرية للمصالحة الوطنية في ليبيا (المجلس الرئاسي)
TT

أي مصير ينتظر «المؤتمر الوطني للمصالحة الليبية»؟

جانب من أعمال الاجتماع العادي الثالث للجنة التحضيرية للمصالحة الوطنية في ليبيا (المجلس الرئاسي)
جانب من أعمال الاجتماع العادي الثالث للجنة التحضيرية للمصالحة الوطنية في ليبيا (المجلس الرئاسي)

انعكست الأوضاع المتوترة في ليبيا، والفراغ الذي خلفته استقالة المبعوث الأممي عبد الله باتيلي، على فرص عقد «المؤتمر الوطني الجامع للمصالحة الوطنية»، الذي كان مقرراً عقده في سرت قبل نهاية أبريل (نسيان) الحالي.

وأمام حالة الترقب، بات مصير المؤتمر، الذي يرعاه المجلس الرئاسي الليبي، محاطاً بالغموض، في ظل ما تعانيه البلاد من تجاذبات سياسية وانقسام حكومي؛ الأمر الذي يعيد طرح تساؤلات عدة حول إن كان المجلس سيحدد موعداً جديداً لانعقاد المؤتمر، أم أن الأمر مرتبط بقدوم مبعوث أممي جديد إلى البلاد؟

باتيلي المبعوث الأممي إلى ليبيا المستقيل (البعثة الأممية)

وزاد منسوب التوتر في ليبيا، بعد اعتقال أجهزة أمنية بجنوب ليبيا الشيخ علي أبو سبيحة، رئيس فريق سيف الإسلام القذافي في اجتماعات «المصالحة الوطنية» ونجله زكريا، في ظل تقارير تتحدث عن نقلهما بطائرة عسكرية إلى مدينة بنغازي، واتهام أنصار النظام السابق للمشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني»، بالوقوف وراء اعتقاله.

وعبر خالد الغويل، مستشار اتحاد القبائل الليبية للعلاقات الخارجية، عن اعتقاده بأن الظروف التي تمر بها ليبيا «لا تسمح بعقد مؤتمر المصالحة الذي دعا إليه عبد الله اللافي، النائب بالمجلس الرئاسي». وتحدث الغويل عما أسماه بتعرض البلاد لـ«موجة من الاعتقالات في فريق المصالحة الوطنية (للدكتور) سيف الإسلام، وعلى رأسهم الشيخ علي أبو سبيحة».

وتشكلت اللجنة التحضيرية لمؤتمر المصالحة بواقع أربع شخصيات من مجالس «الرئاسي» و«النواب» و«الأعلى للدولة»، والقيادة العامة لـ«الجيش الوطني» وحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، ولجنة «5+5» العسكرية المشتركة، بالإضافة إلى 6 شخصيات للمرشح للانتخابات الرئاسية الدكتور سيف الإسلام القذافي، بوصفه ممثلاً للنظام السابق.

صورة أرشيفية لسيف الإسلام القذافي (الشرق الأوسط)

وتساءل الغويل: «كيف نتحدث عن مصالحة وطنية وعملية تكميم الأفواه تجري لمجرد إبداء الرأي حول بيان أصدرته مدينة الزنتان، يدعم (الدكتور) سيف الإسلام للانتخابات الرئاسية المقبلة».

وكان موالون لسيف القذافي بالزنتان قد نظّموا استعراضاً عسكرياً مهيباً، نهاية الأسبوع الماضي، وأكدوا تمسكهم مجدداً بدعم سيف القذافي للترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة؛ الأمر الذي أيّده أبو سبيحة.

ورحب أبو سبيحة، بصفته أيضاً رئيس المجلس الأعلى لقبائل ومدن فزان، بمطالبة الزنتان بالإسراع في إجراء الانتخابات الرئاسية، كما دعم موقفها لجهة دعم سيف القذافي للانتخابات «أسوة ببقية المترشحين».

وعبّر الغويل عن أسفه لما أسماه «عدم تحرك اللافي بخصوص اعتقال أبو سبيحة ونجله»، ورأى أنه لتحقيق أهداف المؤتمر «لا بد من إطلاق سراح المعتقلين ورد المظالم». مبرزاً أن البيان الذي صدر في الزنتان حمل نفس أهداف (الدكتور) سيف، وهي «المطالبة بحكومة مصغرة وصولاً للانتخابات البرلمانية والرئاسية؛ حتى نتمكن من إنقاذ البلاد من المؤامرات المحاكة له في الخارج».

علي أبو سبيحة (الشرق الأوسط)

وسارع اللافي، فور الإعلان عن اعتقال أبو سبيحة ونجله، بالقول إن «الحرية غير المشروطة هي ما نطالب به، ونعمل عليه للشيخ علي مصباح أبو سبيحة، عضو اللجنة العليا للمصالحة الوطنية». مضيفاً أن «اختلافنا السياسي أمر طبيعي، ودليل تعافٍ وقوة في اتجاه بناء الدولة المدنية المنشودة، وحق التعبير والانتماء السياسي مكفول للجميع في إطار القوانين المنظمة للعمل السياسي».

وسبق للفريق الممثل لسيف القذافي أن انسحب من جلسات اجتماع اللجنة التحضيرية لمؤتمر المصالحة، الذي عُقد بسبها في 13 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وأرجع ذلك إلى أسباب عدة، من بينها عدم الإفراج عن بعض رموز النظام السابق الذين لا يزالون بالسجن.

وسبق أن أعلن «المجلس الرئاسي» أن المؤتمر سيُعقد بمدينة سرت في 28 أبريل، كما عمل على تشكيل اللجنة التحضيرية لتنظيمه، واختصاصاتها ونظامها الداخلي، برعاية أممية وأفريقية.

ويتخوف سياسيون ليبيون من «حدوث انتكاسة في مسار المصالحة الوطنية»، التي يعدّون أن المجلس الرئاسي «قطع شوطاً باتجاه تفعيلها في ليبيا»، مشيرين إلى ضرورة «عدم انتظار تعيين مبعوث أممي جديد كي يتم التئام مؤتمر المصالحة، والاتجاه للعمل على عقده سريعاً».

ويأمل مصدر ليبي مسؤول بغرب ليبيا، تحدث إلى «الشرق الأوسط»، أن «يسفر لقاء رؤساء المجالس الثلاثة في ليبيا: (الرئاسي والنواب والأعلى للدولة) في اجتماعهم القريب في جامعة الدول العربية عن تحرك ملموس لجهة إحياء العملية السياسية؛ بدلاً من إضاعة الفرص واحدة تلو الأخرى».


مقالات ذات صلة

الدبيبة يتعهد بمكافحة «الفساد» في القطاع الصحي الليبي

شمال افريقيا الدبيبة خلال اجتماع بمسؤولي القطاعات الصحية في غرب ليبيا مساء الأحد (حكومة «الوحدة»)

الدبيبة يتعهد بمكافحة «الفساد» في القطاع الصحي الليبي

حذر رئيس الحكومة الليبية المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، من أي تورط في أعمال فساد، خصوصاً بالقطاع الصحي، وذلك رداً على اتهامات وُجّهت لوزارة الصحة بحكومته.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا عامل ليبي في موقع إنتاج بأحد الحقول النفطية (المكتب الإعلامي للمؤسسة الوطنية للنفط)

انتقادات برلمانية تلاحق عروض التنقيب عن النفط الليبي

تتصاعد الانتقادات البرلمانية في ليبيا لعروض التنقيب عن النفط التي أعلنت عنها «المؤسسة الوطنية للنفط» وسط مطالب بتأجيلها لحين انتخاب «حكومة موحدة».

علاء حموده (القاهرة)
شمال افريقيا رئيس حكومة «الوحدة» عبد الحميد الدبيبة في اجتماع مع عضو المجلس الرئاسي عبد الله اللافي مساء الأحد (المجلس الرئاسي)

«قلق وترقب» في طرابلس الليبية غداة اغتيال قائد عسكري

طالب رئيس الحكومة الليبية المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، الادعاء العام العسكري بفتح تحقيق «عاجل وشامل» لكشف ملابسات مقتل العميد علي الرياني في هجوم مسلح.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا قوات تابعة للحدود في مناطق الحدود بليبيا (وزارة الداخلية)

تجدد الاشتباكات في ليبيا واغتيال مسؤول عسكري

تصاعَد التوتر الأمني في ليبيا، وشهدت مدينة الزاوية إلى الغرب من العاصمة، أمس (الأحد)، اشتباكات مسلحة بين مجموعات متنازعة على النفوذ، مما أدى إلى سقوط قذائف.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مهاجرون غير نظاميين من نيجيريا قبيل ترحيلهم (جهاز مكافحة الهجرة غير المشروعة)

السلطات الليبية تعلن عن ترحيل المزيد من المهاجرين غير النظاميين

أعلن جهاز مكافحة الهجرة غير المشروعة في ليبيا ترحيل 70 مهاجراً غير نظامي من جنسيات مصرية وسودانية وتشادية، عبر منافذ برية وجوية مختلفة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

أكثر من 20 قتيلاً في قصف مدفعي لـ«الدعم السريع» على مخيم للنازحين غرب السودان

أشخاص يسيرون أمام مركبات مدمرة في الخرطوم يوم 28 أبريل 2025 (أ.ف.ب)
أشخاص يسيرون أمام مركبات مدمرة في الخرطوم يوم 28 أبريل 2025 (أ.ف.ب)
TT

أكثر من 20 قتيلاً في قصف مدفعي لـ«الدعم السريع» على مخيم للنازحين غرب السودان

أشخاص يسيرون أمام مركبات مدمرة في الخرطوم يوم 28 أبريل 2025 (أ.ف.ب)
أشخاص يسيرون أمام مركبات مدمرة في الخرطوم يوم 28 أبريل 2025 (أ.ف.ب)

قُتل أكثر من 20 مدنياً وجُرح 40 آخرون في الأيام الثلاثة الأخيرة في قصف لـ«قوات الدعم السريع» على مخيم للنازحين تضربه المجاعة في غرب السودان، وفق ما أعلن مسعفون الاثنين.

وفق بيان لـ«غرفة طوارئ معسكر أبوشوك»، قصفت «قوات الدعم السريع» المنخرطة في حرب مع الجيش السوداني منذ أبريل (نيسان) 2023، مخيم أبوشوك للنازحين قرب الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور بـ«المدفعية والرصاص الطائش»، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية».

يؤوي «أبوشوك» عشرات آلاف الفارين من عنف نزاعات سابقة في دارفور والحرب الدائرة حالياً.

في الأسابيع الأخيرة، كثّف مقاتلو «قوات الدعم السريع» هجماتهم على الفاشر التي تُعد آخر مدينة كبرى في إقليم دارفور (غرب) ما زال الجيش يسيطر عليها، وكذلك على مخيمي أبوشوك وزمزم المجاورين.

وجاء ذلك بعد استعادة الجيش السيطرة على الخرطوم في الشهر الماضي.

وفق مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان قُتل 481 مدنياً على الأقل في شمال دارفور منذ العاشر من أبريل.

الحصيلة تشمل «129 مدنياً على الأقل» قتلوا خلال خمسة أيام في مدينة الفاشر ومنطقة أم كدادة ومخيم أبوشوك للنازحين، وفق المفوضية.

وأوضحت الوكالة الأممية أن «ما لا يقل عن 210 مدنيين، بينهم تسعة من العاملين في المجال الطبي» قُتلوا في مخيم زمزم للنازحين بين 11 و13 أبريل.

وفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، أصبح مخيم زمزم للنازحين في غرب السودان «شبه خال»، بعد أقل من أسبوعين على سيطرة «قوات الدعم السريع» عليه في خضم الحرب الدائرة بينها وبين الجيش.

وأسفرت الحرب عن سقوط عشرات آلاف القتلى، وعن أكثر من 13 مليون نازح ولاجئ، وأغرقت البلاد البالغ عدد سكانها 50 مليون نسمة، في أزمة إنسانية حادة، بحسب الأمم المتحدة.

النزاع الذي دخل عامه الثالث قسّم السودان بين معسكر الجيش الذي يسيطر على الشمال والشرق والوسط، ومعسكر «قوات الدعم السريع» التي تسيطر على نحو شبه كامل على دارفور وأنحاء من الجنوب.

ووفق تقرير مدعوم من الأمم المتحدة، تضرب المجاعة خمس مناطق في السودان، بما في ذلك مخيما زمزم وأبوشوك وأنحاء في جنوب البلاد.