الجزائر وفرنسا لاستغلال فرص الاستثمار بغرض تجاوز عقبات التطبيع
عقود في الطاقة بعد فشل مسعى استرجاع أغراض الأمير عبد القادر
التوقيع على مذكرة تفاهم بين «سوناطراك» و«توتال إنيرجي» (سوناطراك)
الجزائر:«الشرق الأوسط»
TT
الجزائر:«الشرق الأوسط»
TT
الجزائر وفرنسا لاستغلال فرص الاستثمار بغرض تجاوز عقبات التطبيع
التوقيع على مذكرة تفاهم بين «سوناطراك» و«توتال إنيرجي» (سوناطراك)
أمام تعثر محاولات إيجاد تسوية لـ«مشكلة الذاكرة»، لتوفير ظروف نجاح زيارة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون المرتقبة إلى باريس الخريف المقبل، تحاول الحكومتان الجزائرية والفرنسية استغلال الفرص المتاحة في مجال الاستثمار والأعمال لتجاوز المطبات التي تعترض التطبيع الكامل للعلاقات الثنائية.
وفي حين يحتدم خلاف كبير بين القيادتين الجزائرية والفرنسية، حول «قضية استرجاع سيف وبرنس الأمير عبد القادر»، قائد أكبر ثورة شعبية ضد الاستعمار في القرن الـ19، وجد الكوادر المسيرون للاقتصاد، وتحديداً الطاقة في البلدين، طرقاً أخرى للتقارب قد تكون من أهم مفاتيح نجاح زيارة تبون إلى باريس، المقررة نهاية سبتمبر (أيلول) أو بداية الشهر التالي، بحسب اتفاق سابق بين العاصمتين. علماً بأن الجزائر ستشهد انتخابات رئاسية في 7 سبتمبر، ويرجح أن الرئيس الحالي سيترشح وسيفوز بنتيجتها، وفق توقعات غالبية المراقبين، وذلك لاعتبارات عدة، أهمها أنه يحظى بدعم قيادة الجيش.
وضمن المنظور الجديد للعلاقات الثنائية، وقّعت شركة «سوناطراك» الجزائرية للنفط والغاز، و«توتال إنيرجي» الفرنسية، الاثنين، بالجزائر العاصمة، مذكرة تفاهم تخص خطة عمل لتطوير موارد النفط والغاز في منطقة الشمال الشرقي لولاية تيميمون، بجنوب الجزائر، اعتماداً على منشآت المعالجة القائمة بالمنطقة. وأكدت الشركة الجزائرية على حساباتها بالإعلام الاجتماعي، أن التفاهمات مع الشريك الفرنسي، «تهدف إلى وضع أطر للتعاون بين الطرفين، بغرض إبرام عقد محروقات في رقعة الاهتمام المحدد، وذلك في ظل القانون (الجزائري) رقم 19 - 13 المنظم لأنشطة المحروقات».
وتدير «سوناطراك» أعمال تطوير «حقل تيميمون» بحصة 51 في المائة، و«توتال» بنسبة 37.75 في المائة، فيما تصل حصة «سيبسا» الإسبانية 11.25في المائة، حسب ما نشرته منصة «الطاقة» المتخصصة. وينتج حقل تيميمون الغاز من 37 بئراً، متصلة بمنشأة لمعالجة الغاز ترتبط بخط أنابيب يُستعمل في نقل الغاز، من حقول جنوب غربي الجزائر إلى حاسي الرمل بالجنوب.
ووقّعت «توتال» و«سوناطراك» العام الماضي 3 صفقات، من بينها عقدان في مجال المحروقات، وعقد لتمديد شراء الغاز المسال الجزائري حتى عام 2024، بإجمالي 2 مليون طن سنوياً، ومذكرة تفاهم في مجال الانتقال الطاقوي والطاقات المتجددة؛ حسب منصة «الطاقة»، التي أكدت أن العقود بين الشركتين تتضمن ضخ استثمارات بقيمة 332 مليون دولار، في منطقة «تي إف تي 2»، بتيميمون بما يسمح باسترجاع 43 مليار متر مكعب من الغاز، و4.3 مليون طن من المكثفات، و5.7 مليون طن من غاز النفط المسال.
أما الاستثمارات في المنطقة الثانية بـ«تي إف تي» جنوب الجزائر، فتقدر بنحو 407 ملايين دولار، بما يسمح باسترجاع 11.5 مليار متر مكعب من الغاز، و1.3 مليون طن من المكثفات، و1.6 مليون طن من غاز النفط المسال، وفق المنصة الإخبارية المتخصصة ذاتها.
في مقابل الانتعاشة في التعاون الطاقوي بين الجزائر وفرنسا، عرفت المباحثات حول الملفات السياسية تعثراً، خصوصا حول «مسألة الذاكرة وأوجاع الماضي الاستعماري». ففي نهاية 2023 صرح وزير الخارجية أحمد عطاف، أن بلاده طلبت من فرنسا أن تعيد لها برنس وسيف الأمير عبد القادر، وبقية أغراضه الموجودة بقصر أمبواز بوسط فرنسا، حيث كان محتجزاً من 1848 إلى 1852، لكنّ الفرنسيين رفضوا بذريعة أن الموافقة على الطلب تستدعي استصدار قانون، حسب عطاف. وعدت الجزائر هذا الموقف غير مشجع على إجراء زيارة تبون إلى فرنسا، عندما كانت أول مرة في مايو (أيار) 2023.
ولا تتوقف مطالب الجزائر بخصوص أغراض «الأمير»، فهي تريد استعادة أرشيف حرب التحرير، وجماجم المقاومين المحتفظ بها في متاحف باريس. كما تطالب من فرنسا «تطهير المناطق الصحراوية من مخلفات تجاربها النووية (أجرتها مطلع ستينات القرن الماضي) ودفع تعويضات لضحاياها...»، وهي مطالب محل تحفظ من جانب باريس.
عقوبة سجن بين 3 و5 سنوات مع التنفيذ ضد «كل من يستعمل، من خلال تصريحاته أو كتاباته أو أي عمل آخر، جراح المأساة الوطنية، أو يعتدّ بها للمساس بمؤسسات الجمهورية».
أجرى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الاثنين، تعديلاً حكومياً احتفظ فيه وزراء الحقائب السيادية بمناصبهم، بعد أن كان الوزير الأول نذير عرباوي قدم استقالة…
القاهرة تعزز مشاركتها في قوات حفظ السلام بأفريقياhttps://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/%D8%B4%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A7/5084416-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D9%87%D8%B1%D8%A9-%D8%AA%D8%B9%D8%B2%D8%B2-%D9%85%D8%B4%D8%A7%D8%B1%D9%83%D8%AA%D9%87%D8%A7-%D9%81%D9%8A-%D9%82%D9%88%D8%A7%D8%AA-%D8%AD%D9%81%D8%B8-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85-%D8%A8%D8%A3%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A7
بدر عبد العاطي يلتقي كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في حفظ السلام بالكونغو (الخارجية المصرية)
القاهرة :«الشرق الأوسط»
TT
القاهرة :«الشرق الأوسط»
TT
القاهرة تعزز مشاركتها في قوات حفظ السلام بأفريقيا
بدر عبد العاطي يلتقي كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في حفظ السلام بالكونغو (الخارجية المصرية)
تأكيدات مصرية على لسان وزير الخارجية، بدر عبد العاطي، بشأن «الدور النبيل» الذي تقوم به القوات المصرية ضمن بعثات حفظ السلام عبر «تعزيز السلم والأمن» في أفريقيا، وأنها تعكس «الالتزام المصري التاريخي بدعم الاستقرار في القارة السمراء».
تصريحات وزير الخارجية جاءت خلال زيارته للكتيبة المصرية ضمن قوات حفظ السلام في الكونغو الديمقراطية، التي تأتي أيضاً قبيل أسابيع من مشاركة جديدة مرتقبة مطلع العام المقبل في الصومال ضمن قوات حفظ سلام أفريقية، وسط تحفظات إثيوبية التي أعلنت مقديشو استبعاد قواتها رسمياً، وأرجعت ذلك إلى «انتهاكها الصارخ لسيادة واستقلال الصومال».
الزيارة المصرية للقوات التي يمر على وجودها نحو 25 عاماً، تعد بحسب خبراء تحدثوا مع «الشرق الأوسط»، تأكيداً على «الحضور المتنامي للقاهرة، وتعزيزاً لمشاركاتها بالقارة السمراء»، مستبعدين أن تتحول أي تحفظات إثيوبية تجاه الوجود المصري بمقديشو لمواجهات أو تصعيد عسكري.
وبحسب ما كشفته «الخارجية المصرية» في أواخر مايو (أيار) 2024، «فمنذ عام 1960، عندما أرسلت مصر قواتها إلى عمليات الأمم المتحدة في الكونغو، خدم ما يزيد على 30 ألفاً من حفظة السلام المصريين في 37 بعثة لحفظ السلام في 24 دولة، وبصفتها واحدة من كبريات الدول التي تسهم بقوات نظامية في عمليات حفظ السلام، تنشُر مصر حالياً 1602 من حفظة السلام من النساء والرجال المصريين في عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام في الكونغو الديمقراطية والسودان وجنوب السودان والصحراء الغربية».
ووفق تقديرات نقلتها «هيئة الاستعلامات» المصرية الرسمية، منتصف يونيو (حزيران) 2022، تسترشد مصر في عمليات حفظ السلام بثلاثة مبادئ أممية أساسية، وهي «موافقة الأطراف والحياد، وعدم استعمال القوة إلا دفاعاً عن النفس، ودفاعاً عن الولاية».
وتاريخياً، شاركت مصر في قوات حفظ السلام بأفريقيا في «الكونغو أثناء فترة الحرب الأهلية من 1960 إلى 1961، ثم من نوفمبر (تشرين الثاني) 1999، وكوت ديفوار لمساعدة الأطراف الإيفوارية على تنفيذ اتفاق السلام الموقع بينهما في يناير (كانون الثاني) 2003، والصومال في الفترة من ديسمبر (كانون الأول) 1992 إلى فبراير (شباط) 1995، وأفريقيا الوسطى من يونيو 1998 إلى مارس (آذار) 2000، وأنغولا من 1991 وحتى 1999، وموزمبيق من فبراير 1993 إلى يونيو 1995، وجزر القمر من 1997 وحتى 1999، وبوروندي منذ سبتمبر (أيلول) 2004، وإقليم دارفور بالسودان منذ أغسطس (آب) 2004».
وضمن متابعة مصرية لقواتها، التقى بدر عبد العاطي، الجمعة، مع أعضاء كتيبة الشرطة المصرية المُشاركة في مهام حفظ السلام ضمن بعثة الأمم المتحدة لحفظ الاستقرار في الكونغو الديمقراطية خلال زيارته التي بدأت الخميس، واستمرت ليومين إلى العاصمة كينشاسا، لتعزيز التعاون بكل المجالات، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».
وقال عبد العاطي إن «مصر إحدى كبرى الدول المساهمة في قوات حفظ السلام الأممية»، مؤكداً أن «وجود الكتيبة المصرية في الكونغو الديمقراطية يعكس عمق العلاقات التاريخية بين البلدين وأهمية الشراكة الاستراتيجية مع دول حوض النيل الجنوبي». كما نقل وزير الخارجية، رسالة إلى رئيس الكونغو الديمقراطية، فيليكس تشيسيكيدي، من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تتضمن سبل تعزيز العلاقات، وإحاطة بما تم توقيعه من اتفاقيات تعاون خلال زيارته وتدشين «مجلس أعمال مشترك».
ووفق الخبير في الشؤون الأفريقية، عبد الناصر الحاج، فإن كلمة السر في مشاركة مصر بشكل معتاد ضمن قوات حفظ السلام في أفريقيا بشكل عام هي «طبيعة القوات المصرية حيث تتجلى الإمكانات العالية والخبرات التاريخية المتراكمة، ما جعل مصر دائمة المشاركة والحضور ضمن قوات حفظ السلام منذ أزمان بعيدة»، مؤكداً أن لمصر تجارب عدة في العمل ضمن بعثات حفظ السلام في كثير من دول أفريقيا التي شهدت نزاعات وأوضاع أمنية بالغة التعقيد، مثل ساحل العاج، والكونغو، وأفريقيا الوسطى، وأنغولا، وموزمبيق، وليبيريا، ورواندا، وجزر القمر، ومالي وغيرها.
الحاج أشار إلى أنه رغم أن الاضطرابات السياسية التي تشهدها كثير من دول أفريقيا «تزيد من تعقيد» عمل بعثات الأمم المتحدة الخاصة بحفظ السلام في أفريقيا، وعدم قدرة هذه البعثات على إحراز أي تقدم في ظل نقص المؤسسات الديمقراطية الفعالة في عدد من البلدان الأفريقية؛ فإن مصر تدرك جيداً مدى أهمية تكثيف حضورها الأمني في القارة السمراء، باعتبار أن «العدول عن المشاركة المصرية ضمن بعثات حفظ السلام، سوف يترك فراغاً عريضاً» ربما تستغله دول أخرى تنافس مصر في خارطة التمركز الفاعل في أفريقيا.
الخبير الاستراتيجي المصري، اللواء سمير فرج، أوضح أن هناك قوات لحفظ السلام تتبع الأمم المتحدة، وأخرى تتبع الاتحاد الأفريقي، وكل له ميزانية منفصلة؛ لكن يتعاونان في هذا المسار الأمني لحفظ الاستقرار بالدول التي تشهد اضطرابات ومصر لها حضور واسع بالاثنين، مؤكداً أن مشاركة القاهرة بتلك القوات يتنامى ويتعزز في القارة الأفريقية بهدف استعادة الحضور الذي عرف في الستينات بقوته، وكان دافعاً ومساهماً لتأسيس الاتحاد الأفريقي والحفاظ على استقرار واستقلال دوله.
وهو ما أكده وزير الخارجية المصري خلال زيارته للكتيبة المصرية بالكونغو الديمقراطية بالقول إن «المشاركة في بعثات حفظ السلام تعكس الالتزام المصري التاريخي بدعم الاستقرار في أفريقيا، والمساهمة الفاعلة في صون السلم والأمن الدوليين».
هذا التأكيد المصري يأتي قبل نحو شهر من المشاركة المصرية في قوات حفظ السلام الأفريقية، بالصومال، حيث أكد سفير مقديشو لدى مصر، علي عبدي أواري، في إفادة، أغسطس الماضي، أن «القاهرة في إطار اتفاقية الدفاع المشترك مع الصومال ستكون أولى الدول التي تنشر قوات لدعم الجيش الصومالي من يناير 2025 وتستمر حتى عام 2029. بعد انسحاب قوات الاتحاد الأفريقي الحالية»، قبل أن تعلن مقديشو، أخيراً «استبعاد القوات الإثيوبية رسمياً من المشاركة في عمليات البعثة الجديدة؛ بسبب انتهاكها الصارخ لسيادة واستقلال الصومال».
ولم تعلق أديس أبابا رسمياً على هذا الاستبعاد، لكن تحدّث وزير الخارجية الإثيوبي السابق، تاي أصقي سيلاسي، في أغسطس الماضي، عن الموقف الإثيوبي بشأن البعثة الجديدة لقوات حفظ السلام في الصومال، حيث طالب بـ«ألا تشكّل تهديداً لأمننا القومي، هذا ليس خوفاً، لكنه تجنّب لإشعال صراعات أخرى بالمنطقة»، مؤكداً أن بلاده «أصبحت قوة كبرى قادرة على حماية مصالحها».
وعدَّ الخبير الاستراتيجي المصري أن استمرار الوجود المصري في قوات حفظ السلام على مدار السنوات الماضية والمقبلة، لاسيما بالصومال له دلالة على قوة مصر وقدرتها على الدعم الأمني والعسكري وتقديم كل الإمكانات، لاسيما التدريب وتحقيق الاستقرار، مستبعداً حدوث أي تحرك إثيوبي ضد الوجود المصري في الصومال العام المقبل.
فيما يرى الخبير في الشؤون الأفريقية أن الاستعداد القوي الذي أظهرته مصر للمشاركة ضمن بعثة حفظ السلام في الصومال، يأتي من واقع الحرص المصري على استتباب الأمن في هذه البقعة الاستراتيجية في القرن الأفريقي؛ لأن استتباب الأمن في الصومال يعني تلقائياً تأمين حركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر، ومن ثم ضمان انسياب الحركة التجارية الدولية عبر قناة السويس. فضلاً عن أن مصر لن تنزوي بعيداً وتترك الصومال ملعباً مميزاً للقوات الإثيوبية، خصوصاً بعدما أبرمت إثيوبيا اتفاقاً مطلع العام مع إقليم «أرض الصومال» لاستغلال منفذ «بربرة» البحري المطل على ساحل البحر الأحمر.
وفي تقدير عبد الناصر الحاج فإن نجاح مصر في أي مشاركة فاعلة ضمن قوات حفظ السلام في أفريقيا، يتوقف في المقام الأول، على مدى قدرة مصر في انتزاع تفويضات واسعة من مجلس السلم والأمن الأفريقي لطبيعة عمل هذه البعثات، بحسبان أن إحدى المشكلات التي ظلت تسهم في إعاقة عمل بعثات حفظ السلام، هي نوعية التفويض الممنوح لها؛ وهو الذي ما يكون دائماً تفويضاً محدوداً وقاصراً يضع هذه البعثات وكأنها مُقيدة بـ«سلاسل».
وأوضح أنه ينبغي على مصر الاجتهاد في تقديم نماذج استثنائية في أساليب عمل قواتها ضمن بعثات حفظ السلام، بحيث يصبح الرهان على مشاركة القوات المصرية، هو خط الدفاع الأول لمدى جدواها في تحقيق غاية حفظ السلام.