«هدنة غزة»: تحركات مكثفة للوسطاء لحلحلة جمود المفاوضات

بيرنز إلى مصر سعياً لتعزيز الجهود بشأن «صفقة الأسرى»

أطفال يسيرون بكيس كبير يحتوي على البلاستيك المجمع بالقرب من أنقاض مبنى مدمر في رفح بجنوب قطاع غزة 5 أبريل 2024 (أ.ف.ب)
أطفال يسيرون بكيس كبير يحتوي على البلاستيك المجمع بالقرب من أنقاض مبنى مدمر في رفح بجنوب قطاع غزة 5 أبريل 2024 (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: تحركات مكثفة للوسطاء لحلحلة جمود المفاوضات

أطفال يسيرون بكيس كبير يحتوي على البلاستيك المجمع بالقرب من أنقاض مبنى مدمر في رفح بجنوب قطاع غزة 5 أبريل 2024 (أ.ف.ب)
أطفال يسيرون بكيس كبير يحتوي على البلاستيك المجمع بالقرب من أنقاض مبنى مدمر في رفح بجنوب قطاع غزة 5 أبريل 2024 (أ.ف.ب)

كثّف وسطاء التهدئة في قطاع غزة تحركاتهم من أجل تجاوز «حالة الجمود» التي تعتري المفاوضات الجارية حالياً في القاهرة، نتيجة اتساع الفجوة بين مطالب إسرائيل وحركة «حماس»، ومن المنتظر أن يبدأ مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وليام بيرنز، هذا الأسبوع، زيارة إلى العاصمة المصرية؛ في محاولة لدفع الجولة الراهنة من المفاوضات قدماً، وذلك ضمن مساع يصفها مراقبون بأنها «تُسابق الزمن» لإقرار اتفاق لوقف القتال قبيل عيد الفطر، بعد فشل الجهود الرامية للتوصل إلى هدنة خلال شهر رمضان.

ونقل موقع «أكسيوس» الإخباري عن مصدرين مطّلعين، الجمعة، القول إن وليام بيرنز سيسافر إلى العاصمة المصرية القاهرة، مطلع الأسبوع؛ لعقد مباحثات مع مدير الاستخبارات الإسرائيلية «الموساد» ومسؤولين قطريين ومصريين كبار؛ في مسعى للتوصل لصفقة لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين المحتجَزين لدى حركة «حماس» الفلسطينية في قطاع غزة.

تأتي هذه المباحثات بعد الاتصال الهاتفي بين الرئيس الأميركي جو بايدن، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. ووفقاً لـ«أكسيوس»، فإن مسؤولاً أميركياً أفاد بأن موقف بايدن لا يزال يتمسك بضرورة التوصل لوقف لإطلاق النار على الفور.

أطفال ينقلون دلواً مملوءاً بالمياه في رفح بجنوب قطاع غزة 5 أبريل 2024 (أ.ف.ب)

في السياق نفسه، نقلت وكالة «بلومبرغ»، عن مسؤولين إسرائيليين، أن مفاوضات وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس»، «تعثرت»، مع وجود «فجوات كبيرة» بين الجانبين، وهي التصريحات التي أكدتها «حماس»، وكشفت، من جانبها، أنه لا تقدم يُذكَر في التفاوض.

وكانت مفاوضات التهدئة قد استؤنفت بالقاهرة، مطلع الأسبوع الماضي، بمشاركة وفد أمني إسرائيلي، بينما لم يشارك وفد من «حماس» في المفاوضات.

وقال رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، إسماعيل هنية، يوم الأربعاء، إن الحركة متمسكة بمطالبها، وعلى رأسها الوقف الدائم لإطلاق النار، والانسحاب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة، وعودة النازحين إلى مناطقهم، وإدخال المساعدات إلى القطاع.

وانتقد هنية، في كلمة بمناسبة «يوم القدس العالمي»، موقف إسرائيل، خلال مفاوضات التوصل لوقف إطلاق النار، قائلاً إنها «تُراوغ وتُعاند ولا تستجيب لمطالبنا العادلة من أجل وقف الحرب والعدوان».

«مجرد إدارة علاقات عامة»

في غضون ذلك، أكد القيادي في حركة «حماس»، محمود مرداوي، أن نتنياهو لم يتخذ بعدُ أي قرار بعقد صفقة مع الحركة بشأن وقف القتال وإطلاق سراح الأسرى والمحتجَزين، ما يعني عدم حدوث أي تقدم في سير المفاوضات حتى اللحظة.

وقال مرداوي، في تصريحات نقلتها «وكالة أنباء العالم العربي»، أن كل ما يجري في المشهد التفاوضي «مجرد إدارة علاقات عامة»، متهماً رئيس الوزراء الإسرائيلي بـ«التضليل عبر بث معلومات غير صحيحة لوسائل الإعلام، لإظهار أنه مهتم ويعطي ملف الأسرى الإسرائيليين أولوية ليصدِّر هذه الصورة للجمهور الإسرائيلي والمجتمع الدولي بأنه يريد عقد صفقة».

في المقابل تُحمّل إسرائيل حركة «حماس» المسؤولية عن تعثر مفاوضات التهدئة، إذ سبق أن اتهم بيان لمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي الحركة الفلسطينية بطرح مطالب وصفها بـ«الوهمية» في المفاوضات غير المباشرة بشأن هدنة في غزة. وشدد البيان على أن «إسرائيل لن ترضخ لمطالب (حماس) الوهمية، وستواصل العمل من أجل تحقيق أهداف الحرب كاملة».

من جانبه، وصف أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، والسياسي الفلسطيني الدكتور أيمن الرقب، زيارة بيرنز إلى القاهرة بأنها «محاولة أميركية جديدة من أجل تحقيق إنجاز سياسي»، مشيراً إلى أن الزيارة تعكس وجود رغبة من جانب إدارة الرئيس بايدن لإقرار «هدنة» تسبق إجراء الانتخابات الرئاسية الأميركية، خصوصاً في ظل حديث المرشح المنافس دونالد ترمب عن قدرته على «وقف الحرب».

وأضاف الرقب، لـ«الشرق الأوسط»، أن مساعي الوسطاء تزداد وتيرتها بشكل لافت لإحداث اختراق قبيل عيد الفطر، وهو ما يجعل جهود الوساطة «تخوض سباق زمن»، في ظل ظروف وصفها بـ«الصعبة وبالغة التعقيد» لتفتيت المواقف المتصلبة وتباعد الرؤى المطروحة من جانب الحكومة الإسرائيلية وحركة «حماس».

ورأى الأكاديمي والسياسي الفلسطيني أن عملية «اغتيال» ناشطي الإغاثة في منظمة «المطبخ المركزي العالمي» تُلقي بظلالها على المواقف الإسرائيلي، في ظل ما تسببت فيه العملية من حرج للإدارة الأميركية، وهو ما يمكن أن يسهم في إعادة تقديم رؤية جديدة للتعاطي مع جهود الوساطة، والسماح بدخول كميات مساعدات أكبر، وفتح المعابر الإسرائيلية المغلقة.

وأعلنت إسرائيل، الجمعة، أنها ستفتح مزيداً من طرق المساعدات إلى القطاع المحاصَر، وسمحت حكومة الحرب الإسرائيلية بإمدادات مساعدات «مؤقتة»، عبر ميناء أشدود، ومعبر إيريز البري، وزيادة المساعدات من الأردن عبر معبر كرم أبو سالم، وفق ما أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي.

بدوره، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير حسين هريدي، أن استمرار إسرائيل في عملية التفاوض دون وجود ضغوط حقيقية عليها، يمثل «إهداراً للوقت»، مشيراً إلى أن الإدارة الأميركية «لا تضغط على تل أبيب بالقدر الكافي»، لإجبار نتنياهو على التجاوب مع مساعي التهدئة.

ولفت هريدي، في تصريحاته، لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن استمرار الحرب يمثل «مصلحة خاصة لنتنياهو»، ومن غير المتصور أن يتجاوب مع جهود إنهائها دون وجود «ضغوط حقيقية ومؤلمة للجيش الإسرائيلي» من جانب الولايات المتحدة، وتحديداً بوقف إمدادهم بالأسلحة والذخائر.

يُذكر أن جهوداً مكثفة بذلتها قطر ومصر، بالتنسيق مع الولايات المتحدة، على مدى الأسابيع الماضية، من أجل التوصل إلى اتفاق بشأن التهدئة في قطاع غزة الذي يشهد حرباً متواصلة منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ومنذ ذلك الحين لم يتوقف القتال سوى لأسبوع واحد في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بعد التوصل إلى هدنة مؤقتة بوساطة من الدول الثلاث، جرى خلالها تبادل عشرات الأسرى والمحتجَزين بين إسرائيل و«حماس».


مقالات ذات صلة

قبيلة «الترابين»: مقتل «أبو شباب» يمثل «نهاية صفحة سوداء» في غزة

المشرق العربي ياسر أبو شباب (وسائل التواصل) play-circle 01:18

قبيلة «الترابين»: مقتل «أبو شباب» يمثل «نهاية صفحة سوداء» في غزة

أكدت قبيلة «الترابين» في قطاع غزة وقوف أبنائها دائماً في صف شعبهم الفلسطيني وقضيته العادلة، ورفضهم تماماً «أي محاولة لزج اسم القبيلة في مسارات لا تمثل تاريخها».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي أزواج فلسطينيون يشاركون في حفل زفاف جماعي في مدينة حمد في خان يونس بقطاع غزة (أ.ب) play-circle 01:19

على أنقاض الحرب.... زفاف جماعي في غزة يعيد الأمل (صور)

وسط ركام عامين من الحرب التي غيّرت ملامح غزة، تحدّى أكثر من مائة رجل وامرأة الدمار والفقد وأقاموا عرساً جماعياً في خان يونس الثلاثاء سموه «ثوب الفرح».

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فيليب لازاريني المفوض العام لوكالة «الأونروا» في غزة (أ.ف.ب) play-circle

مفوض «الأونروا»: الوكالة توسع نطاق خدماتها في غزة بشكل كبير

قال المفوض العام لوكالة (الأونروا) فيليب لازاريني إن الوكالة استغلت فرصة وقف إطلاق النار في قطاع غزة وتعمل على توسيع نطاق خدماتها بشكل كبير.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية عراقجي مصافحاً فيدان خلال استقباله في طهران (الخارجية التركية)

تركيا وإيران تؤكدان ضرورة الحفاظ على وقف إطلاق النار في غزة

أكدت تركيا وإيران ضرورة الحفاظ على وقف إطلاق النار في غزة ووقف التوسع الإسرائيلي الذي يهدف إلى زعزعة الاستقرار في كل من سوريا ولبنان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شمال افريقيا السيسي مستقبلاً عباس في القاهرة 8 يناير 2024 (إ.ب.أ) play-circle

السيسي لأبو مازن: مأساة الفلسطينيين تفرض على المجتمع الدولي دعمهم بكل السبل

قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن معاناة الشعب الفلسطيني لا تقتصر فقط على ما يحدث في غزة، رغم الفظائع التي شهدها العالم هناك، بل تمتد إلى الضفة الغربية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

بريطانيا تنهي تقييد حركة ناشط مصري تصدى لـ«حصار السفارات»

أحمد عبد القادر (ميدو) رئيس اتحاد شباب المصريين في الخارج (صفحته على فيسبوك)
أحمد عبد القادر (ميدو) رئيس اتحاد شباب المصريين في الخارج (صفحته على فيسبوك)
TT

بريطانيا تنهي تقييد حركة ناشط مصري تصدى لـ«حصار السفارات»

أحمد عبد القادر (ميدو) رئيس اتحاد شباب المصريين في الخارج (صفحته على فيسبوك)
أحمد عبد القادر (ميدو) رئيس اتحاد شباب المصريين في الخارج (صفحته على فيسبوك)

أنهت السلطات البريطانية تقييد حركة رئيس «اتحاد شباب المصريين في الخارج»، أحمد عبد القادر (ميدو)، الذي سبق توقيفه على ذمة اشتباكات أمام السفارة المصرية في لندن خلال تصديه لما عرف بحملة «حصار السفارات المصرية بالخارج»، في أغسطس (آب) الماضي.

وأعلن الشاب المصري عبر حسابه على «فيسبوك»، الخميس، «إلغاء قرار منعه من السفر وتحديد إقامته والمراقبة، واتخاذه قرار بالعودة إلى مصر»، مشيراً إلى إسقاط غالبية التهم الموجهة ضده، فيما تتبقى أمامه قضية واحدة مرتبطة بـ«تهديد المتظاهرين» ستنظر في أغسطس 2026.

وترجع وقائع القضية إلى إيقاف ميدو من جانب الشرطة البريطانية برفقة نائبه أحمد ناصر عدة ساعات على خلفية الاشتباك مع محتجين مصريين وعرب أمام سفارة مصر في لندن اتهموا خلالها السلطات المصرية بمنع إدخال المساعدات إلى قطاع غزة، قبل الإفراج عن الموقفين إثر اتصال بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ومستشار الأمن القومي البريطاني جوناثان باول.

ورغم عودة ناصر بعدها إلى مصر على الفور، ظل ميدو ممنوعاً من مغادرة بريطانيا لحين نظر المحكمة في قضيته التي بدأت في 20 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، واستكملت في جلسة الخميس الرابع من ديسمبر (كانون الأول).

ومنذ نهاية يونيو (حزيران) الماضي، شهدت سفارات وبعثات دبلوماسية مصرية حول العالم احتجاجات ومحاولات «حصار وإغلاق»، بدعوى مطالبة القاهرة بفتح «معبر رفح» على الحدود مع غزة، وإيصال المساعدات لأهالي القطاع الذين يعانون «التجويع»، وذلك رغم تأكيدات مصرية رسمية متكررة على عدم إغلاق المعبر من الجانب المصري، وأن منع دخول المساعدات يعود للقوات الإسرائيلية المسيطِرة على الجانب الفلسطيني من المعبر.

وقال مسؤولون وبرلمانيون مصريون إن حصار السفارات المصرية في الخارج يأتي ضمن «حملات تحريضية» تدبرها جماعة «الإخوان المسلمين»، المحظورة في مصر، بهدف «تشويه الدور المصري في دعم القضية الفلسطينية».

وفي رسالته على «فيسبوك»، الخميس، وجه ميدو الشكر إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ووزير الخارجية عبد العاطي الذي قال إنه لم يتأخر عن الوقوف بجانبه خلال الفترة الماضية.

جانب من استقبال الشاب المصري أحمد ناصر بعد عودته من لندن في أغسطس الماضي (صفحته على فيسبوك)

وقال نائبه ناصر لـ«الشرق الأوسط» إن هناك بلاغات متبادلة بينهما واثنين ممن هاجموا السفارة وإنها ستُنظر أمام القضاء في مايو (أيار) المقبل، بينما ستُنظر بلاغات أخرى مقدمة ضد ميدو في أغسطس، متوقعاً الحصول على براءة من الادعاءات التي ينظرها القضاء البريطاني كونها «احتوت على معلومات غير صحيحة».

وأضاف: «ميدو لا يواجه أي مشكلات قانونية في العودة إلى بريطانيا خلال الفترة المقبلة»، مشيراً إلى أنه سيعود معه لاستكمال مشاريعهما ونشاطهما التجاري مع استمرار سريان إقامتهما الدائمة.

وعَدَّ عضو مجلس النواب مصطفى بكري القرار البريطاني «متوقعاً» ويعكس نجاح جهود الدبلوماسية المصرية في الدفاع عن المواطنين المصريين بالخارج.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «ميدو لم يرتكب أي جريمة يعاقَب عليها، وإنما الجريمة هي التي ارتكبها المتطرفون الذين ذهبوا إلى السفارة لمحاصرتها».


عشرات «الطعون» الجديدة تلاحق انتخابات «النواب» المصري

مصريون يستعدون لدخول أحد مراكز الاقتراع في انتخابات مجلس النواب (المنظمة المصرية لحقوق الإنسان)
مصريون يستعدون لدخول أحد مراكز الاقتراع في انتخابات مجلس النواب (المنظمة المصرية لحقوق الإنسان)
TT

عشرات «الطعون» الجديدة تلاحق انتخابات «النواب» المصري

مصريون يستعدون لدخول أحد مراكز الاقتراع في انتخابات مجلس النواب (المنظمة المصرية لحقوق الإنسان)
مصريون يستعدون لدخول أحد مراكز الاقتراع في انتخابات مجلس النواب (المنظمة المصرية لحقوق الإنسان)

تلاحق عشرات الطعون القضائية نتائج المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب المصري، لتضاف إلى سلسلة الطعون التي رافقت المرحلة الأولى، وأدت إلى إعادة الانتخابات في عدة دوائر، وسط جدل سياسي حول إجراءات الاستحقاق البرلماني.

وصوت المصريون، الخميس، في اليوم الثاني (الأخير) للانتخابات في الدوائر الـ19 الملغاة، بالإضافة إلى دائرة إعادة بالفيوم، ضمن المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب.

وجرت عمليات التصويت في 1775 لجنة فرعية على مستوى الـ20 دائرة في 7 محافظات، والتي يتنافس فيها 455 مرشحاً على 43 مقعداً.

وتوالت الطعون على المحكمة الإدارية العليا ضد قرارات الهيئة الوطنية للانتخابات بإعلان نتائج الجولة الأولى للمرحلة الثانية، حيث بلغ عددها حتى منتصف اليوم 200 طعن من مختلف المحافظات المشمولة بالمرحلة، وفق وسائل إعلام محلية.

وتحفظت الهيئة الوطنية للانتخابات عن التعليق على هذا العدد من الطعون، فيما قال المستشار أحمد بنداري، مدير الجهاز التنفيذي بالهيئة الوطنية للانتخابات، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الهيئة ما زالت تنتظر نهاية يوم الخميس، وهو آخر موعد قانوني لتقديم الطعون، وفق الجدول الزمني المعتمد».

وأوضح مصدر قضائي مصري أن الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا ستبدأ فحص ملفات الطعون، وحددت الجلسة الأولى لنظرها في 7 ديسمبر (كانون الأول) الحالي. كما يحق للمرشحين غير الفائزين التقدم بطعونهم خلال 48 ساعة من إعلان النتيجة.

لقطة من أمام إحدى اللجان الانتخابية بمحافظة الجيزة (المنظمة المصرية لحقوق الإنسان)

ونظراً لتزايُد الطعون المرتبطة بالمرحلة الثانية للانتخابات، يرجح أستاذ القانون الدستوري عبد الله المغازي احتمال إعادة الانتخابات في عدد من دوائر المرحلة الثانية، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن هذا الاحتمال «يتوقف على طبيعة الأسباب التي يستند إليها المرشحون في طعونهم، ومدى اقتناع المحكمة بصلابة الحجج القانونية المقدَّمة».

وشدّد المغازي على أن المحكمة تعتمد معياراً رئيسياً يتمثل في التحقق من سلامة العملية الانتخابية، وضمان الالتزام الصارم بالأطر القانونية المنظمة لها قبل إصدار أي قرار بإعادة الاقتراع.

وتوزعت الطعون على المرحلة الثانية للانتخابات على 10 محافظات هي: القاهرة، والدقهلية، والقليوبية، والشرقية، وكفر الشيخ، والغربية، وشمال سيناء، والمنوفية، والإسماعيلية، ودمياط، بحسب وسائل إعلام محلية.

يأتي هذا وسط حالة من الجدل السياسي والقانوني، عقب سلسلة المخالفات التي رافقت التصويت في المرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية، ودفعت الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى مطالبة الهيئة الوطنية للانتخابات بمراجعة التجاوزات.

وبعد إلغاء نتائج 19 دائرة في سبع محافظات دفعة واحدة، أصدرت المحكمة الإدارية العليا قرارات أبطلت فيها نتائج 30 دائرة أخرى؛ لتقفز نسبة الدوائر الملغاة في النظام الفردي إلى ما يتجاوز 60 في المائة.

وتؤكد الهيئة الوطنية للانتخابات أن الإجراءات المتخذة لتصحيح المسار «تعكس قوة مجلس النواب المقبل»، وفقاً للمستشار بنداري الذي قال في تصريحات متلفزة إن كل الإجراءات القانونية والرقابة القضائية اتُّخذت لضمان أن يكون المجلس منتخباً بإرادة الناخبين.

لكن الكاتب الصحافي عبد الله السناوي يرى أن حجم الدوائر الملغاة والأحكام القضائية التي انتقدت امتناع الجهة المشرفة عن تقديم محاضر الفرز في المرحلة الأولى، «لا يمكن اعتبارهما مجرد خلل إجرائي عابر».

وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن الطعون المتزايدة وإعادة الانتخابات في هذا العدد الكبير من الدوائر «ليستا دليلاً على تصحيح المسار، بل هما مؤشر على اضطراب أعمق في البيئة القانونية والتنظيمية»، مشدداً على أن أنصاف الحلول «لا تبني شرعية مستقرة للبرلمان»، ودعا إلى «إصلاح عميق للبنية القانونية للانتخابات، وفتح المجال العام، وإطلاق الحريات السياسية؛ كخطوة أولى لإصلاح هذا المشهد».

ومن المقرر إعادة التصويت في الدوائر الثلاثين الملغاة بحكم «الإدارية العليا» للمرحلة الأولى، بحيث تُجرى الجولة الأولى يومي 8 و9 ديسمبر الحالي للمصريين بالخارج، ويومي 10 و11 ديسمبر للداخل، على أن تعلن النتيجة يوم 18 من الشهر.

وفي حالة الإعادة، تُجرى الانتخابات في الخارج يومي 31 ديسمبر و1 يناير (كانون الثاني)، وفي الداخل يومي 3 و4 يناير، وتُعلن النتيجة النهائية يوم 10 يناير.


تصاعد التوتر المصري - الإثيوبي في النزاع المائي

سد النهضة الإثيوبي (أ.ف.ب)
سد النهضة الإثيوبي (أ.ف.ب)
TT

تصاعد التوتر المصري - الإثيوبي في النزاع المائي

سد النهضة الإثيوبي (أ.ف.ب)
سد النهضة الإثيوبي (أ.ف.ب)

صعّدت إثيوبيا لهجتها ضد مصر على خلفية نزاع «سد النهضة»، متهمة إياها بالسعي إلى «احتكار نهر النيل» استناداً لاتفاقيات أُبرمت خلال «الحقبة الاستعمارية»، وعرقلة المفاوضات بين البلدين، وهو ما عدَّه خبراء ومحللون «لغة تصعيدية» قد تضاعف الخلافات القائمة.

وفي بيان صدر، الأربعاء، قالت الخارجية الإثيوبية إن المسؤولين المصريين «يدَّعون احتكار مياه النيل تحت ذريعة معاهدات تم إبرامها خلال الحقبة الاستعمارية». وأثار البيان حفيظة المصريين.

ورغم استمرار المفاوضات بين البلدين بمشاركة السودان لأكثر من 12 عاماً بحثاً عن التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم بشأن بناء «سد النهضة» وتشغيله، اتهم البيان الإثيوبي مصر بـ«عرقلة المفاوضات»، ودعت أديس أبابا الجهات المعنية إلى إدانة ما وصفته بـ«السلوك غير المسؤول من جانب مصر بالتظاهر بالانخراط في التفاوض والحوار دون جدوى».

وصدر البيان بعد ساعات من تحذير وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي من «الممارسات الإثيوبية غير المسؤولة» على حوض نهر النيل الشرقي، مؤكداً خلال مؤتمر صحافي في برلين مع وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول، الثلاثاء، أنها «تُشكل خطراً داهماً على مصالح مصر المائية وأمنها القومي».

مؤتمر صحافي بين وزيري الخارجية المصري بدر عبد العاطي والألماني يوهان فاديفول الثلاثاء تحدث فيه عن موقف مصر من سد النهضة (الخارجية المصرية)

وكانت إثيوبيا قد افتتحت سد النهضة رسمياً في سبتمبر (أيلول) الماضي، بعد 14 عاماً من بدء أعمال البناء، وهو أكبر سد لتوليد الطاقة الكهرومائية في أفريقيا.

واتفق خبراء مصريون في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على أن بيان إثيوبيا «حمل لغة تصعيدية» قد تضاعف من خلافات البلدين فيما يتعلق بالتعامل مع الملف المائي، ويفتح الباب أمام إقدام القاهرة على اتخاذ إجراءات قانونية إزاء ما تراه عدم التزام بالقوانين المنظمة لاستخدامات المياه في الأنهار الدولية، دون استبعاد أي حلول حال تعرض مصالحها للضرر.

وأبدت إثيوبيا من خلال البيان تمسكها بما تعده حقها في «استخدام مواردها المائية»، مؤكدة أنها «غير ملتزمة مطلقاً بأن تطلب الإذن من أي جهة لاستخدام الموارد الطبيعية الموجودة داخل حدودها».

والنيل الأزرق الذي بنت عليه إثيوبيا «سد النهضة» هو المنبع الرئيسي لنهر النيل في مصر.

القانون الدولي

وقال رئيس لجنة الشؤون الأفريقية في مجلس النواب المصري، شريف الجبلي، إن البيان «تجاوز الأعراف الدبلوماسية، ويزيد صعوبة العودة إلى الحوار البناء بين إثيوبيا ومصر والسودان».

وأضاف: «البيان لا يعترف بالاتفاقيات المعمول بها سابقاً بشأن الحقوق المائية التاريخية لدولتي المصب، ويتجاوز قوانين إدارة الأنهار الدولية التي تنص على الاستخدام العادل والمعقول للمياه».

وأكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن البيان «يتجاهل مسألة عدم الإضرار بالدول الأخرى، وهو ما يشير إلى إصرار إثيوبيا على اتخاذ موقف أحادي بشأن استخدامات مياه النهر، ما يفتح الباب أمام إقدام مصر على اتخاذ إجراءات قانونية لمواجهة انتهاكات القانون الدولي».

وتابع قائلاً: «لدى مصر حقوق تاريخية وقانونية لا يمكن تجاهلها»، مشيراً إلى أن البيان الإثيوبي «يهدد الأمن المائي، ويتطلب خططاً استراتيجية تعمل على مواجهة أي تصعيد غير محسوب في قضية المياه قد يضر بالأمن في منطقة القرن الأفريقي».

رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد لدى افتتاحه سد النهضة (الخارجية الإثيوبية)

وتتمسَّك القاهرة بما تعده «الحق التاريخي» لها في مياه النيل وفقاً لاتفاقيات دولية تضمن لها حصة تقدر بـ55.5 مليار متر مكعب من المياه.

وأكد الجبلي أهمية استمرار المطالبات المصرية بتطبيق القانون الدولي والتوصل إلى اتفاق قانوني بشأن «سد النهضة» بإشراف جميع الأطراف الدولية بما فيها الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، «لضمان إدارة الموارد المائية بشفافية واستحداث آلية مراقبة مشتركة تتضمن الرقابة التقنية الدقيقة لتتبع تدفقات مياه النيل ومنع الإجراءات الأحادية».

الخيارات المتاحة

مساعد وزير الخارجية المصري لشؤون السودان السابق، حسام عيسى، قال إن البيان الإثيوبي جاء رداً على النشاط الدبلوماسي المصري الرافض لتصرفات أديس أبابا «الأحادية» بشأن تشغيل السد، «التي أدت إلى فيضانات في السودان وصلت تأثيراتها إلى مصر».

وقبل أيام فندت وزارة الري المصرية إجراءات إثيوبيا التي أدت إلى «عدم انتظام تصريف المياه»، ما دفعها إلى إعلان إجراءات حمائية لاستيعاب المياه الزائدة.

وقال عيسى لـ«الشرق الأوسط»: «مصر تضع الآن جميع أوراقها على الطاولة، ولديها الوسائل المتاحة كافة لحماية مصالحها وأمنها المائي، ولن تقبل بنقص قطرة مياه واحدة، وسعيها إلى تجنب المشاكل والصراعات لا يعني عدم سلكها الطرق كافة التي تضمن أمنها».

وأضاف: «الخلاف المصري مع إثيوبيا يتركز في نهجها القائم على عدم وضع اعتبار للأضرار التي قد يتعرض لها جيرانها، سواء كان ذلك بشأن سد النهضة أو سعيها إلى الوصول لمنفذ بحري على البحر الأحمر».

ويرى الخبير في الشأن الأفريقي، رامي زهدي، أن مصر يمكنها التحرك لحفظ الحقوق المائية عبر استخدام «الوسائل الدبلوماسية، أو اللجوء إلى المحاكم الدولية، أو استخدام وسائل خشنة حالة الضرورة».

وأوضح في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن حالات الضرورة تتمثل في «وجود مهددات لاستقرار الدولة المصرية، أو التأثير سلباً على الأمن في منطقة البحر الأحمر، أو الاستمرار في إجراءات تهديد الأمن المائي عبر تصريف كميات هائلة من المياه بما يشكل خطراً داهماً أو شح المياه».

وسبق أن أعلنت مصر انتهاء مسار التفاوض بشأن السد، متهمة إثيوبيا بالتعنت وإفشال المفاوضات، مؤكدة أنها تحتفظ بحقها في الحفاظ على مصالحها الوجودية وفقاً للقانون الدولي، على أساس أن نهر النيل شريان الحياة في البلاد ومصدرها الوحيد للمياه.