لماذا أقال الرئيس التونسي وزير التربية؟

عيّن مكانه مفتشة كشفت عمليات تزوير شهادات تعليمية

الشهادة المزورة التي كشفتها الوزيرة الجديدة (موقع الصحافيين التونسيين في صفاقس)
الشهادة المزورة التي كشفتها الوزيرة الجديدة (موقع الصحافيين التونسيين في صفاقس)
TT

لماذا أقال الرئيس التونسي وزير التربية؟

الشهادة المزورة التي كشفتها الوزيرة الجديدة (موقع الصحافيين التونسيين في صفاقس)
الشهادة المزورة التي كشفتها الوزيرة الجديدة (موقع الصحافيين التونسيين في صفاقس)

خلف قرار الرئيس التونسي المفاجئ بإقالة وزير التربية محمد علي البوغديري، القيادي النقابي المنسلخ عن النشاط النقابي في اتحاد الشغل، تساؤلات متعددة حول دواعي تعيينه على رأس هذه الوزارة التي تعيش بعد ثورة 2011، عدة اضطرابات واحتجاجات مطلبية، وأسباب إقالته السريعة من بعد توليه هذا المنصب في أعقاب تعديل وزاري جزئي بتاريخ 29 يناير (كانون الثاني) 2023.

وزير التربية المقال محمد علي البوغديري (مواقع التواصل)

وكان تعيينه قد ترافق مع انتقادات كثيرة لهذا القرار، الذي فسّر على أنه «محاولة للتأثير على قرار اتحاد الشغل في مفاوضات وزارة التربية مع الحكومة وتهدئة جبهة التربية»، وبخاصة أن البوغديري شكك في شرعية المكتب التنفيذي لاتحاد الشغل برئاسة نور الدين الطبوبي، ورفع قضية قضائية لإبطال المؤتمر الاستثنائي الذي عقد قبل نحو سنتين في مدينة سوسة (وسط تونس)، وتمخض عن تولي الطبوبي رئاسة الاتحاد للمرة الثالثة على التوالي، في الوقت الذي يحدد فيه الفصل 20 من النظام الداخلي دورتين فحسب على رأس الاتحاد.

ولئن خفت بريق العمل النقابي في قطاع التربية منذ تعيين البوغديري، نتيجة معرفته بقطاع التربية وعلاقاته الكثيرة مع القيادات النقابية، فإن عدة أحزاب سياسية مناصرة للرئيس التونسي قيس سعيد، دعت إلى تقييم العمل الوزاري في عدد من الوزارات من بينها وزارة التربية، إلا أن النتائج كانت محدودة، وبخاصة بعد الانتهاء من إجراء استشارة وطنية حول قطاع التربية وما أفرزته من دعوات للإصلاح.

وزيرة التربية التونسية الجديدة سلوى العباسي (موقع الصحافيين التونسيين في صفاقس)

وفي مفاجأة ثانية، عين الرئيس التونسي التونسية سلوى العباسي، وزيرة للتربية خلفاً للبوغديري. وتناقلت وسائل التواصل الاجتماعي خبر الرسالة التي توجهت بها إلى سعيد في شكل «كشف عن الفساد في وزارة التربية»، متهمة الوزير السابق بتجاهل ملف الشهادات العلمية المزورة، كما تداولوا فيديو يظهرها وهي تؤدي زيارة ميدانية إلى أحد المعاهد، بما رسخ «نشاطها ودفاعها عن المدرسة العمومية».

والوزيرة الجديدة هي مفتشة عامّة للتعليم الثانوي بوزارة التربية التونسية، وكانت وجّهت بتاريخ 18 مارس (آذار) 2023، رسالة إلى سعيّد، أكّدت فيها أنّها «تمتلك ملفاً موثقاً بالحجج والبراهين على تزوير شهادات مدرسية».

جانب من اجتماع للحكومة التونسية (الحكومة)

وكتبت العباسي في تدوينتها: «بصفتي مفتشة عامة للتعليم الثانوي، فقدت كل معنى وكلّ قيمة للعمل في مجال التربية والتعليم، بعد اطلاعي بالحجج والبراهين على ملف تدليس شهادات مدرسية، منها شهادة بكالوريا تورط فيه مندوب جهوي حالي للتربية... أوجه من حسابي هذا إنذاراً أخيراً لهذا المندوب حتى يسارع إلى تقديم استقالته، أو تتم إقالته، أو سيكون الملف صبيحة الثلاثاء عند النيابة العامة مع إدلاء بتصريح لوسائل الإعلام». وأضافت قائلة: «لا يمكنني أن أواصل العمل مع استمرار هذه الجريمة».

كما نشرت العباسي صورة أكدت أنها مموّهة، لشهادة بكالوريا مزيّفة بتقنيات رقمية عالية، وأكدت أنها سُلمت من المندوب الجهوي إلى تلميذ رسب بمعدل 4 على 20، وأنّ «التلميذ أصبح بقدرة قادر، ناجحاً بمعدل يناهز 12 على 20 وبملاحظة متوسط».


مقالات ذات صلة

تونس: توجيه تهمة «تبديل هيئة الدولة» إلى رئيسة «الحزب الدستوري الحر»

شمال افريقيا رئيسة «الحزب الدستوري الحر» عبير موسي (أرشيفية - الإعلام التونسي)

تونس: توجيه تهمة «تبديل هيئة الدولة» إلى رئيسة «الحزب الدستوري الحر»

هيئة الدفاع عن موسي: «التحقيقات في مرحلة أولى كانت قد انتهت إلى عدم وجود جريمة... وقرار القضاة كان مفاجئاً».

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا مظاهرة نظمها حقوقيون تونسيون ضد التضييق على الحريات (أرشيفية - إ.ب.أ)

20 منظمة حقوقية في تونس تنتقد توقيفات لنشطاء ونقابيين

شملت توقيفات جديدة بتونس نشطاء وصحافيين وعمالاً ونقابيين شاركوا في احتجاجات ضد طرد 28 عاملاً، بينهم نساء، من مصنع للأحذية والجلود لمستثمر أجنبي بمدينة السبيخة.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا مهاجرون عبر الصحراء الكبرى باتجاه أوروبا عبر ليبيا وتونس (رويترز)

السلطات التونسية توقف ناشطاً بارزاً في دعم المهاجرين

إحالة القضية إلى قطب مكافحة الإرهاب «مؤشر خطير لأنها المرة الأولى التي تعْرض فيها السلطات على هذا القطب القضائي جمعيات متخصصة في قضية الهجرة».

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي (أ.ف.ب)

تونس: إحالة ملف الرئيس الأسبق المرزوقي إلى الإرهاب بـ20 تهمة

إحالة ملف الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي إلى القضاء المكلف بالإرهاب، في 20 تهمة جديدة.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا المرشح لرئاسية تونس العياشي زمال (الشرق الأوسط)

أحكام إضافية بسجن مرشح سابق للانتخابات الرئاسية في تونس

مجموع الأحكام الصادرة في حق الزمال «ارتفعت إلى 35 عاماً» وهو يلاحق في 37 قضية منفصلة في كل المحافظات لأسباب مماثلة.

«الشرق الأوسط» (تونس)

الدبيبة يسعى لاستعادة «أكبر مزرعة» ليبية في غينيا

وفد حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة في غينيا (محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار)
وفد حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة في غينيا (محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار)
TT

الدبيبة يسعى لاستعادة «أكبر مزرعة» ليبية في غينيا

وفد حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة في غينيا (محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار)
وفد حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة في غينيا (محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار)

تسعى حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة في ليبيا، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، إلى استعادة ملكية مزرعة موالح كبرى من دولة غينيا، توصف بأنها «الأكبر في غرب أفريقيا».

المزرعة التي تبلغ مساحتها 2150 هكتاراً، وفق بيانات «محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار»، مخصصة لزراعة المانجو والأناناس، وملحق بها مصنع للعصائر وسبع بحيرات. وتعد المزرعة المستهدفة من بين الأصول الليبية، التي تديرها «محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار»، وهي عبارة عن صندوق استثماري ليبي، وتتوزع في أكثر من 430 شركة، و200 عقار في كل من أفريقيا وأوروبا وأميركا الشمالية.

وأجرى وفد رفيع من حكومة «الوحدة»، برئاسة وزير الشباب فتح الله الزني، الذي وصل غينيا مساء (الاثنين)، مباحثات مع مسؤوليها حول كيفية استرجاع المزرعة لليبيا.

وتأتي زيارة وفد الحكومة في طرابلس، عقب جدل وشكوك بشأن انتحال الغيني أمادو لامين سانو صفة «وزير ومستشار خاص لرئيس جمهورية غينيا بيساو»، خلال لقائه مسؤولين في حكومة أسامة حماد، المكلفة من مجلس النواب.

وكانت غينيا قد صادرت المزرعة الليبية عام 2020 بموجب مرسوم رئاسي أصدره الرئيس الغيني السابق، إلا أن المحكمة العليا الغينية قضت مؤخراً بإبطال ذلك المرسوم، ومن ثم إعادتها إلى ليبيا.

وفد حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة إلى غينيا (محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار)

وضم الوفد الذي ترأسه الزني، بصفته مبعوثاً للدبيبة إلى غينيا، أيضاً مصطفى أبو فناس، رئيس مجلس إدارة «محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار»، وعضو مجلس إدارة المحفظة خليفة الشيباني، والمدير العام لـلشركة الليبية للاستثمارات الأفريقية (لايكو)، محمد محجوب.

واستقبل الوفد الليبي وزير الشباب الغيني فرنسواه بوقولا، بالإضافة إلى عدد من المسؤولين الغينيين. وشارك في اللقاء القائمون بأعمال سفارتي البلدين.

ورأت «محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار» أن هذه الزيارة «خطوة تمثل تطوراً مهماً في سياسة حكومة (الوحدة) لاستعادة وتسوية الملفات العالقة، المتعلقة بالاستثمارات الليبية في القارة الأفريقية، كما تعكس حرص مجلس إدارة (محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار) على استعادة جميع ممتلكات المحفظة».

فيما يرى ليبيون أن الانقسام السياسي الليبي أثر على متابعة الأصول الخارجية المملوكة للبلاد.

وكانت أفريقيا الوسطى قد أقدمت على عرض أحد الفنادق الليبية في مزاد علني، ما أعاد السؤال حول مصير الأصول المجمدة بالخارج، التي تديرها «المؤسسة الليبية للاستثمار»، وكيفية الحفاظ عليها من الضياع.

وسبق أن قضت محكمة في عاصمة أفريقيا الوسطى بانغي ببيع أملاك للدولة الليبية في المزاد العلني، وهي: «فندق فخم»، قدرت قيمته بـ45 مليون يورو، وعمارتان تضمان شققاً بـ80 مليون يورو، بالإضافة إلى قطعة أرض قدرت قيمتها بـ6 ملايين يورو، وخاطبت المحكمة النائب العام ووزير العدل بأفريقيا الوسطى لعقد المزاد العلني. وقالت «الشركة الليبية للاستثمارات الأفريقية» إن الدولة الليبية حصلت على هذه العقارات مقابل قروض منحتها للدولة الأفريقية، بموجب اتفاقية موقعة بين البلدين عام 2007؛ لحماية وتشجيع الاستثمار.

وفي مايو (أيار) 2023 قالت «محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار» إنها نجحت في رفع الحجز عن فندق «ليدجر بلازا بانغي»، وهو من فئة 5 نجوم ومملوك لليبيا في عاصمة أفريقيا الوسطى بانغي.

وتُعنى «لايكو» بإدارة الفنادق والمنتجعات المملوكة للشركة الليبية للاستثمارات الأفريقية، والتي تعمل تحت مظلة «محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار»، والمؤسسة الليبية للاستثمار المعروفة بـ«الصندوق السيادي الليبي». وتضم «لايكو» مجموعة من 11 منشأة، بها أكثر من 2200 غرفة من فئة 4 إلى 5 نجوم، وتطل على المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط.

وسبق أن ناقش النائب بالمجلس الرئاسي عبد الله اللافي مع رئيس جمهورية أفريقيا الوسطى، فوستين تواديرا، خلال لقائهما في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، ملف الاستثمارات الليبية وكيفية حمايتها.

عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة (الوحدة)

وكانت الأموال الليبية المجمدة في الخارج تُقدر بقرابة 200 مليار دولار، وهي عبارة عن استثمارات في شركات أجنبية، وأرصدة وودائع وأسهم وسندات، تم تجميدها بقرار من مجلس الأمن الدولي في مارس (آذار) عام 2011، لكن الأرصدة النقدية تناقصت على مدار السنوات الماضية إلى 67 مليار دولار، وفق فائز السراج، رئيس حكومة «الوفاق الوطني» السابقة.