لقاء صالح ونجل حفتر بشخصيات «إخوانية» يثير جدلاً في ليبيا

خلال إفطار في درنة مع وفد «الأعلى للدولة»

بلقاسم حفتر مصافحاً منصور الحصادي عضو المجلس الأعلى للدولة خلال حفل إفطار بدرنة (صندوق إعادة إعمار درنة)
بلقاسم حفتر مصافحاً منصور الحصادي عضو المجلس الأعلى للدولة خلال حفل إفطار بدرنة (صندوق إعادة إعمار درنة)
TT

لقاء صالح ونجل حفتر بشخصيات «إخوانية» يثير جدلاً في ليبيا

بلقاسم حفتر مصافحاً منصور الحصادي عضو المجلس الأعلى للدولة خلال حفل إفطار بدرنة (صندوق إعادة إعمار درنة)
بلقاسم حفتر مصافحاً منصور الحصادي عضو المجلس الأعلى للدولة خلال حفل إفطار بدرنة (صندوق إعادة إعمار درنة)

أثارت مصافحة مدير صندوق إعادة إعمار درنة، بلقاسم، نجل قائد «الجيش الوطني» الليبي، المشير خليفة حفتر، وعدد من أعضاء المجلس الأعلى للدولة، لشخصيات من تنظيم «الإخوان» جدلاً واسعاً بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي وشخصيات سياسية بالساحة الليبية. وجاء هذا الجدل الذي أحدثته المصافحة على هامش مراسم الاستقبال لوفد «الأعلى للدولة» على مائدة إفطار جماعي بمدينة درنة (شرق)، وحضره أيضاً رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح.

ورأى عضو «ملتقى الحوار السياسي» الليبي، أحمد الشركسي، أن «التنديد الواسع» بهذه الزيارة يعود لأسباب سياسية خاصة لدى أغلب المعارضين لها، سواء بشرق البلاد أو غربها، مشيراً إلى أن الأمر «يتعدى كونه مجرد انزعاج أو رفض جهوي أو آيديولوجي لهذا التقارب بين أطراف سياسية كانت تتصارع قبل سنوات».

وأوضح الشركسي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك نشطاء وشخصيات بالمنطقة الشرقية، التي تديرها الحكومة المكلفة من البرلمان برئاسة أسامة حماد، «لم تعد ضمن دائرة صنع القرار. ولذا قام بعضهم بمهاجمة الزيارة كنوع من التوظيف السياسي والانتقاد المبطن للقائمين عليها». وقال موضحاً: «لقد سلطوا الضوء على وجود شخصيتين أو 3 شخصيات ينتمون لتنظيم (الإخوان)، بالرغم من أن حضورهم لحفل الإفطار جاء في إطار دعوة وفد كبير من أعضاء المجلس الأعلى للدولة، وليس بشكل شخصي». مشيراً أيضاً إلى أن البعض في الغرب الليبي «سارع لمهاجمة الزيارة، وخاصة من المجموعة التي لديها خلاف مع أعضاء المجلس الأعلى للدولة».

وانتقدت أصوات عدة معروفة بخصومتها لـ«الجيش الوطني» بالمنطقة الغربية زيارة وفد «الأعلى للدولة» لدرنة، ولقاء قيادات المنطقة الشرقية السياسية والعسكرية. وكتب المحلل السياسي صلاح البكوش على منصة «إكس»، أن «(الإخوان) تصور التقارب مع معسكر حفتر كعمل وطني»، فيما وصفت أصوات أخرى الزيارة بكونها «محاولة لشق الصف السياسي بالمنطقة الغربية».

أما بالشرق فتصدرت عبارة «قيادي (إخواني) بارز في ضيافة نجل حفتر» التعليقات الواردة على صورة مصافحة بلقاسم حفتر لعضو «الأعلى للدولة»، منصور الحصادي، كما عمد بعض النشطاء هناك لوضع مقاطع مصورة للأخير تتضمن هجوماً عنيفاً سابقاً على قيادات الجيش ودعوات لمحاربته.

ولفت الشركسي إلى عدم انزعاج تلك الأصوات المعارضة، وخاصة بشرق البلاد، «عندما زار السفير التركي بنغازي ودرنة، رغم معرفة الجميع بأن علاقة تركيا الوثيقة بتنظيم (الإخوان)، وكيف يعدّها البعض راعية له بالمنطقة».

وعلى موقعها بصفحة التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، أشارت حكومة حماد لمأدبة الإفطار التي نظمتها بالتنسيق مع صندوق إعمار درنة، والتي ضمت إلى جوار وفد «الأعلى للدولة»، رئيس مجلس النواب، وعدداً من أعضاء مجلسه، وقيادات بالجيش الوطني، يتقدمهم صدام حفتر.

تنوع الحضور بمأدبة الإفطار دفع المحلل السياسي الليبي، أحمد المهدوي، إلى انتقاد تركيز البعض على الوجود الإخواني بمفرده، و«تغافل كثير من الآراء التي امتدحت الزيارة كونها جسراً للمصالحة وسداً لأي ثغرة قد تعود بالبلاد للاحتراب».

وقال المهدوي لـ«الشرق الأوسط» إن الدعوة كانت رسالة واضحة من القيادة العامة للجيش والبرلمان، مفادها «أنه حان الوقت للتصالح مع الأطراف والقوى السياسية كافة»، وأن مشروع بناء الدولة لدى أيّ منهما «مشروع جامع لا إقصاء فيه»، لافتاً إلى أن البعض تناسى أن الحصادي من مدينة درنة، ويمثلها في المجلس الأعلى للدولة.

وانتقد بعض النشطاء ما وصفوه بحفاوة الاستقبال لوفد الأعلى للدولة، بجانب الحديث عن تأجير طائرات خاصة لنقله إلى درنة، «في وقت يعاني فيه سكان تلك المدينة مشقة الاصطفاف في طوابير طويلة للحصول على أسطوانة غاز للطهي».

إلا أن المهدوي أرجع الاستعانة بطائرات شركة ليبية خاصة لعدم وجود رحلات داخلية حالياً بين مطار مرتوبة والعاصمة طرابلس، مشيراً إلى أن تلك الطائرات «صغيرة الحجم، ويتكرر الاعتماد عليها لنقل العاملين بشركات النفط».

أما الباحث في مؤسسة «غلوبال أنيشاتيف»، جلال حرشاوي، فقلل من أهمية زيارة شخصيات مرتبطة بتنظيم «الإخوان» ولقائهم بالقيادات السياسية والعسكرية في الشرق الليبي، وذلك في إطار تبعيتهم «للحزب الديمقراطي بقيادة محمد صوان، المعروف بمواقفه المتماهية مع قيادات الشرق منذ سنوات قليلة».


مقالات ذات صلة

«النفوذ الروسي» في ليبيا يلاحق زيارة المبعوث الأميركي للجنوب

شمال افريقيا زيارة وفد السفارة الأميركية في ليبيا إلى سبها (السفارة الأميركية على إكس)

«النفوذ الروسي» في ليبيا يلاحق زيارة المبعوث الأميركي للجنوب

يعتقد ليبيون بأن «نفوذاً روسياً يتمدد في جنوب البلاد ليس بمنأى عن توجهات الاستراتيجية الأميركية للمناطق الهشة وزيارة نورلاند الأخيرة إلى سبها».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وفد حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة في غينيا (محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار)

الدبيبة يسعى لاستعادة «أكبر مزرعة» ليبية في غينيا

المزرعة الليبية في غينيا تبلغ مساحتها 2150 هكتاراً ومخصصة لإنتاج المانجو والأناناس وملحق بها مصنع للعصائر وسبع بحيرات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع المنفي ولجنة الحدود (المجلس الرئاسي الليبي)

مقتل 3 مواطنين في اشتباكات بالزاوية الليبية

توقفت الاشتباكات التي جرت بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة، في جزيرة الركينة، بالقرب من مصفاة الزاوية الليبية مخلفة 3 قتلى و5 جرحى.

خالد محمود (القاهرة)
يوميات الشرق بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)

مهرجان للفيلم الأوروبي في العاصمة طرابلس لكسر حاجز الانقسام

في خطوة عدّها الاتحاد الأوروبي «علامة فارقة في الشراكة الثقافية مع ليبيا»، يواصل مهرجان للأفلام الأوروبية عرض الأعمال المشاركة في العاصمة طرابلس حتى الخميس.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا يرى ليبيون أن «خطاب الكراهية يعد عاملاً من العوامل المساهمة في النزاع الاجتماعي» (البعثة الأممية)

ليبيون يتخوفون من تصاعد «خطاب الكراهية» على خلفية سياسية

قالت سميرة بوسلامة، عضو فريق حقوق الإنسان في بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، إنه «يجب على أصحاب المناصب اختيار كلماتهم بعناية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

أفورقي يبلغ البرهان بوقوف بلاده مع استقرار ووحدة السودان

أفورقي والبرهان لدى لقائهما الثلاثاء (موقع مجلس السيادة السوداني على إكس)
أفورقي والبرهان لدى لقائهما الثلاثاء (موقع مجلس السيادة السوداني على إكس)
TT

أفورقي يبلغ البرهان بوقوف بلاده مع استقرار ووحدة السودان

أفورقي والبرهان لدى لقائهما الثلاثاء (موقع مجلس السيادة السوداني على إكس)
أفورقي والبرهان لدى لقائهما الثلاثاء (موقع مجلس السيادة السوداني على إكس)

أعلن الرئيس الإريتري آسياس أفورقي وقوف حكومته مع السودان لتحقيق الأمن والاستقرار، في أعقاب جولة مباحثات أجراها في العاصمة أسمرة مع رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان، الذي وصل إلى بلاده في زيارة رسمية.

وتأتي زيارة البرهان إلى إريتريا، بعد وقت قصير من إعلان أفورقي دعمه المباشر للجيش السوداني في حربه ضد قوات «الدعم السريع»، وعدّ أفورقي الحرب الدائرة بأنها حرب إقليمية تهدد أمن بلاده، وهدد بالتدخل بجيشه وإمكانياته لنصرة الجيش السوداني، حال اقتراب الحرب من ولايات «البحر الأحمر، وكسلا، والقضارف، والنيل الأزرق»، كونها امتداداً للأمن القومي لبلاده.

وأجرى البرهان جولة مباحثات مع أفورقي، تناولت علاقات البلدين، وتطور الأوضاع في السودان، وجهود إحلال الأمن والاستقرار، واستمع خلالها المضيف لتنوير من البرهان بشأن مستجدات الأوضاع في السودان، والانتهاكات التي «ارتكبتها الميليشيا الإرهابية المتمردة ضد المواطنين، والتدمير الممنهج للدولة السودانية ومؤسساتها»، وعزمه على «القضاء على الميليشيا ودحرها وهزيمتها»، وذلك وفقاً لنص إعلام مجلس السيادة.

أفورقي لدى استقباله البرهان في مطار أسمرة الثلاثاء (موقع مجلس السيادة السوداني على إكس)

ونقل إعلام السيادة عن الرئيس أفورقي، أن بلاده تقف بثبات ورسوخ إلى جانب السودان من أجل تحقيق الأمن والاستقرار، وهو ما يعد امتداداً للعلاقات الأزلية بين شعبي البلدين: «سنعمل على تعزيز آفاق التعاون المشترك بما يخدم مصالح البلدين والشعبين».

إريتريا لن تقف على الحياد

وكان الرئيس آسياس أفورقي قد هدد قبل أيام، بأن بلاده ستتدخل لصالح الجيش السوداني إذا اقتربت الحرب من أربع ولايات حدودية، هي: القضارف وكسلا والبحر الأحمر والنيل الأزرق، وأضاف في تصريحات نقلتها صحيفة «التيار» السودانية: «إذا وصلت الحرب إلى هذه الولايات، فإن إريتريا لن تقف مكتوفة الأيدي، وستصبح طرفاً في الحرب بكل ما تملك من جيوش وإمكانيات، لأن أمنها القومي سيصبح في المحك».

ووفق عثمان ميرغني رئيس تحرير صحيفة «التيار» السودانية، الذي زار أسمرة، ضمن وفد صحافي سوداني، الشهر الماضي، فإن الرئيس الإريتري أبلغهم بأن بلاده «تنظر إلى الحرب الدائرة بوصفها حرباً إقليمية تستهدف السودان»، داعياً للتعامل معها بالجدية الكافية، وقال أيضاً: «ما كان يجب السماح بقيامها (الحرب) ابتداءً، سواء كان ذلك سلماً أو حرباً، وعدم السماح باستمرارها لأكثر من عام ونصف العام، وكان يجب توجيه ضربة استباقية لـ(الدعم السريع)».

وأوضح ميرغني على «فيسبوك»، أن أفورقي أبلغهم بأهمية بلوغ الدولة السودانية ما سماه «بر الأمان»، عادّاً ذلك «أولوية الأولويات»، وقال أفورقي أيضاً: «الدولة السودانية تواجه تحدي البقاء أو الفناء، وإنقاذها من هذا المصير يتطلب اتحاد كلمة الشعب السوداني مع الجيش».

دعوة بوتين لزيارة بورتسودان

من جهة أخرى، سير مئات السودانيين في العاصمة الإدارية «بورتسودان» موكباً إلى السفارة الروسية، تأييداً وشكراً على «الفيتو» الروسي في مجلس الأمن، وإسقاط مشروع القرار الذي تقدمت به بريطانيا وسيراليون، لوقف الحرب وإيصال المساعدات الإنسانية، وحملوا لافتات كتب عليها: «شكراً روسيا، روسيا تدعم السلام والاستقرار في السودان».

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان لدى لقائهما في منتجع سوتشي على البحر الأسود أكتوبر 2019 (أ.ب)

وقال السفير الروسي في بورتسودان، أندريه تشيرنوفول، لدى استقباله المسيرة، إن حكومته صديقة وستظل صديقة للشعب السوداني، وأضاف: «الكل يعرف الوضع الداخلي في السودان، وأن الشعب يقف مع الجيش ومع الحكومة الشرعية، وهذا واقع معروف في كل العالم».

وأوضح أن استخدام بلاده لحق النقض «فيتو» يأتي احتراماً لخيار الشعب السوداني، وأضاف: «نحترم خيار الشعب السوداني، ومن أجل ذلك رفعنا صوتنا في مجلس الأمن ضد الوجود الأجنبي على أراضي السودان». ووجهت «المبادرة السودانية الشعبية»، وهي الجهة التي نظمت الموكب الدعوة للرئيس الروسي «فلاديمير بوتين»، لزيارة السودان لتكريمه من قبل الشعب، وكرّمت سفير بلاده في بورتسودان.