السودان: تحشيد وتأهب لـ«معارك فاصلة» في الخرطوم والجزيرة

الجيش وفصائل مسلحة ينظمون صفوفهم لمواجهة «الدعم السريع»

أطفال سودانيون نازحون يحملون مساعدات إنسانية قرب مدينة القضارف (أ.ف.ب)
أطفال سودانيون نازحون يحملون مساعدات إنسانية قرب مدينة القضارف (أ.ف.ب)
TT

السودان: تحشيد وتأهب لـ«معارك فاصلة» في الخرطوم والجزيرة

أطفال سودانيون نازحون يحملون مساعدات إنسانية قرب مدينة القضارف (أ.ف.ب)
أطفال سودانيون نازحون يحملون مساعدات إنسانية قرب مدينة القضارف (أ.ف.ب)

يستعد الجيش السوداني لتوسيع نطاق العمليات العسكرية بعد انضمام قوات من الفصائل الدارفورية للقتال إلى جانبه في المعارك ضد «قوات الدعم السريع»؛ إذ واصل، الأربعاء، حشد المقاتلين وإرسال المزيد من التعزيزات إلى العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة، فيما كثف الغارات الجوية في إقليم دارفور.

بدورها، أعلنت «الدعم السريع» أنها في «حالة تحضير مستمر للدفاع والتصدي لأي هجمات من قبل الجيش وحلفائه من الحركات المسلحة».

ويتجه طرفا النزاع في السودان، بحسب الاستعدادات الجارية ورفع حالة التأهب المنظورة ميدانياً، إلى «معارك فاصلة»، من المتوقع أن ترسم واقعاً جديداً على الأرض.

وبدأت المناوشات فعلياً بين الطرفين، حيث نشرت «الدعم السريع» تسجيلات مصورة على منصات التواصل الاجتماعي، تؤكد استعادتها «جسر ود البشير» في مدينة أم درمان من قوات الجيش.

وأصدر الجيش السوداني، ليل الثلاثاء، بياناً تحذيرياً دعا فيه المواطنين إلى «الابتعاد عن مناطق تجمعات (ميليشيا الدعم السريع) بمختلف أنحاء البلاد»، وأكد أنها «أهداف عسكرية مشروعة لضربات القوات الجوية».

وبينما قال الجيش إنه حريص على «تفادي إلحاق أي أضرار يمكن أن تطال المواطنين والأعيان المدنية طبقاً للمعايير الدولية للاستهداف»، فإنه اتهم «الدعم السريع» بـ«اتخاذ المدنيين دروعاً بشرية من خلال استخدامها الأعيان المدنية والمنازل مواقعَ عسكرية في جنوب كردفان، وشمال شرقي دارفور وكل مناطق وجودها».

القوة الصلبة

وأمضى الجيش السوداني أشهراً عدة لحشد قواته، في محاولة لإحكام الحصار على المناطق التي تسيطر عليها «الدعم السريع»، ومنعها من التقدم إلى مناطق أخرى.

ويتوقع أن تغطي العمليات العسكرية المرتقبة للجيش السوداني مناطق واسعة، بما ذلك إقليم دارفور، مع الاستخدام المكثف للطيران الحربي؛ لحرمان «الدعم السريع» من الغطاء في المناطق السكنية.

وذكر قادة بالجيش السوداني في أكثر من مناسبة أنهم «استخدموا خلال الفترة الماضية تكتيكات لتدمير القوة الصلبة لـ(الدعم السريع)، وأن التجهيزات للمراحل المقبلة التي تنتشر فيها القوات العسكرية في عدد من المحاور بالعاصمة وخارجها».

وتعتمد المرحلة المقبلة - بحسب الخطط المعلن عنها - شق الطريق من مدينة أم درمان إلى قلب الخرطوم لاستعادة السيطرة الكاملة على العاصمة الخرطوم، في وقت لا تزال فيه «الدعم السريع» تسيطر على أكثر من 80 في المائة من مدينتي (الخرطوم، والخرطوم بحري).

عناصر من «قوات الدعم السريع» السودانية (أ.ف.ب)

وقال خبير عسكري، لــ«الشرق الأوسط» إنه «من الناحية التكتيكية والاستخباراتية يفتقد الجيش السوداني عنصر المفاجأة؛ إذ إن المعارك تدار في مناطق مكشوفة وكل طرف يعلم تحركات الآخر»، ومضيفاً: «في مثل هذه المواجهات من الصعب التكهن بمسارات المعارك التي قد تؤدي إلى انتصار حاسم، وفي بعض الحالات خلخلة الدفاعات».

وأشار الخبير الذي فضل حجب هويته إلى أن «التنسيق بين الجيش والفصائل المسلحة هو بسبب حاجة الجيش للمقاتلين والعتاد، وقد يشكل تدخل هذه القوى العسكرية وانخراطها في القتال تحولاً نوعياً، يمكن أن يحدث تغييراً في موازين القوى لصالح الجيش».

إسلاميون ودارفوريون

وكانت حركتا «تحرير السودان»، بقيادة حاكم إقليم دارفور مني آركو مناوي، و«العدل والمساواة» بزعامة جبريل إبراهيم، أعلنتا في وقت سابق انضمام قواتهما إلى جانب الجيش في قتاله ضد «الدعم السريع».

ووصلت قوات مناوي، الأحد الماضي، إلى القاعدة العسكرية بمنطقة كرري شمالي أم درمان، حيث المقر الرئيسي للجيش السوداني الذي يدير منه العمليات العسكرية، وبالتوازي حشدت «العدل والمساواة» عناصرها في مدينة كسلا شرقي البلاد، ومن المتوقع أن يكون مسار تحركاتها تحت قيادة الجيش نحو ولاية الجزيرة.

ويشارك في المعارك العسكرية المرتقبة كتائب وفرق الإسلاميين الموالية للجيش وقوات من المتطوعين المدنيين أو من يعرفون بـ«المستنفرين».

وبعد ما يقرب العام من اندلاع الحرب، لم يتمكن الجيش السوداني من استعادة الولايات والمواقع العسكرية التي تسيطر عليها «الدعم السريع»، لكنه حقق بعض الانتصارات في أم درمان بفضل المسيّرات التي حصل عليها.

ولا تزال «الدعم السريع» تشن هجمات على قيادة سلاح الإشارة التابع للجيش بمدينة الخرطوم بحري، كما تُحكم الحصار على (الفرقة 22) مشاة في مدينة بابنوسة بولاية غرب كردفان (غربي البلاد)، وتناوش في الوقت ذاته للدخول إلى مدينة سنار جنوب ولاية الجزيرة.

وكان مساعد القائد العام للجيش السوداني، ياسر العطا، كشف في أكثر من لقاء عن تجهيز عشرات الآلاف لقوات الجيش والفصائل المسلحة والمستنفرين لخوض المعارك المقبلة ضد «قوات الدعم السريع» في كافة أنحاء البلاد.

ومنذ إعادة الجيش سيطرته على مقر الإذاعة والتلفزيون، وعدد من الأحياء التاريخية بمدينة أم درمان، يكثف قادته زيارة المنطقة عبر محاولة إعادة خدمات المياه والكهرباء؛ للتأكيد على بسط نفوذهم على العاصمة.


مقالات ذات صلة

السودان: 40 قتيلاً في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

شمال افريقيا عائلة تستريح بعد مغادرة جزيرة توتي التي تسيطر عليها «قوات الدعم السريع» في أم درمان بالسودان يوم 10 نوفمبر 2024 (رويترز)

السودان: 40 قتيلاً في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

أفاد طبيب بمقتل 40 شخصاً «بالرصاص» في السودان، بهجوم شنّه عناصر من «قوات الدعم السريع» على قرية بولاية الجزيرة وسط البلاد.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان يخاطب حضور مؤتمر اقتصادي في مدينة بورتسودان اليوم الثلاثاء (الجيش السوداني)

البرهان عن صراعات حزب البشير: لن نقبل ما يُهدد وحدة السودان

أعلن قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان رفضه للصراعات داخل حزب «المؤتمر الوطني» (المحلول) الذي كان يقوده الرئيس السابق عمر البشير.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان توم بيرييلو (رويترز)

المبعوث الأميركي للخرطوم: هناك حاجة إلى ممرات إنسانية وهدن في السودان

قال المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان، توم بيرييلو، الثلاثاء، إن هناك حاجة إلى مزيد من المساعدات في البلاد فضلاً عن تسريع وصولها من خلال تنفيذ ممرات إنسانية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جلسة مجلس الأمن الدولي بخصوص الأوضاع في السودان (د.ب.أ)

حكومة السودان ترحب بـ«الفيتو» الروسي ضد «مشروع وقف النار»

رحّبت الحكومة السودانية باستخدام روسيا حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي، اليوم (الاثنين)، ضد مشروع القرار البريطاني في مجلس الأمن بشأن السودان.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا مجلس الأمن (أ.ف.ب)

روسيا تستخدم «الفيتو» ضد «النكهة الاستعمارية» للحل في السودان

أحبطت روسيا جهود مجلس الأمن لإصدار قرار يطالب بوقف فوري للأعمال العدائية في السودان وبدء عملية سياسية انطلاقاً من محادثات جدة معتبرة أن فيه «نكهة استعمارية».

علي بردى (واشنطن)

تونس: توجيه تهمة «تبديل هيئة الدولة» إلى رئيسة «الحزب الدستوري الحر»

رئيسة «الحزب الدستوري الحر» عبير موسي (أرشيفية - الإعلام التونسي)
رئيسة «الحزب الدستوري الحر» عبير موسي (أرشيفية - الإعلام التونسي)
TT

تونس: توجيه تهمة «تبديل هيئة الدولة» إلى رئيسة «الحزب الدستوري الحر»

رئيسة «الحزب الدستوري الحر» عبير موسي (أرشيفية - الإعلام التونسي)
رئيسة «الحزب الدستوري الحر» عبير موسي (أرشيفية - الإعلام التونسي)

قال محامون تونسيون، الأربعاء، إن القضاء وجَّه تهمة «التخطيط لتبديل هيئة الدولة» إلى رئيسة «الحزب الدستوري الحر»، عبير موسي الموقوفة في السجن منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وتعود هذه التهمة إلى قضية «مكتب الضبط» للقصر الرئاسي حين توجهت رئيسة الحزب إليه لإيداع تظلم ضد مراسيم أصدرها الرئيس قيس سعيد، وأصرت على إيداعه لدى المكتب، قبل أن يوقفها الأمن ويودعها لاحقاً السجن.

وقال محامون عن هيئة الدفاع عن موسي إن قضاة التحقيق وجهوا إلى رئيسة الحزب تهمة «الاعتداء، القصد منه تبديل هيئة الدولة» المضمَّنة في الفصل 72 من المجلة الجزائية، والتي تصل عقوبتها إلى الإعدام.

الرئيس التونسي يؤدي اليمين الدستورية (رويترز)

وقال المحامون في مؤتمر صحافي: «إن التحقيقات في مرحلة أولى كانت قد انتهت إلى عدم وجود جريمة، وأن قرار القضاة كان مفاجئاً».

وأوضحت هيئة الدفاع أنها طالبت بالعودة إلى كاميرات المراقبة لكنَّ طلبها رُفض. وهي تستعد للطعن ضد قرار القضاة.

كانت عبير موسي، وهي من بين المعارضين البارزين للرئيس قيس سعيد، مرشحة «الحزب الدستوري الحر» للانتخابات الرئاسية التي أُجريت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وفاز بها سعيد. لكنَّ هيئة الانتخابات رفضت ملف ترشحها. وهي ملاحَقة أيضاً في قضايا أخرى من بينها قضية حرّكتها هيئة الانتخابات ضدها بتهمة نشر «معلومات مضللة» عن الانتخابات التشريعية بعد إطاحة الرئيس سعيد بالنظام السياسي السابق في 2021.