ما المعوقات أمام تشكيل «حكومة موحدة» في ليبيا؟

بعد توافق المنفي وصالح وتكالة على حل «النقاط الخلافية»

باتيلي يبحث مع عدد من أعضاء مجلسي النواب والدولة تشكيل «حكومة موحدة» (البعثة الأممية)
باتيلي يبحث مع عدد من أعضاء مجلسي النواب والدولة تشكيل «حكومة موحدة» (البعثة الأممية)
TT

ما المعوقات أمام تشكيل «حكومة موحدة» في ليبيا؟

باتيلي يبحث مع عدد من أعضاء مجلسي النواب والدولة تشكيل «حكومة موحدة» (البعثة الأممية)
باتيلي يبحث مع عدد من أعضاء مجلسي النواب والدولة تشكيل «حكومة موحدة» (البعثة الأممية)

استقبل الليبيون الاتفاق الذي انتهى إليه رؤساء مجالس (الرئاسي، والنواب، والأعلى للدولة) بجامعة الدول العربية، ما بين «ترحيب وتجاهل»، كلٌّ حسب جبهته السياسية.

وقبيل عودة الأطراف الثلاثة إلى ليبيا لاحت تساؤلات عديدة حول كيفية تنفيذ بعض بنود هذا الاتفاق، التي ظلت محور جدل بينهم خلال العامين الماضيين، وما إمكانية الاتجاه نحو تشكيل «حكومة موحدة» في ظل تمسك الأجسام السياسية كافة «بمكتسباتها».

أبو الغيط يتوسط صالح والمنفي وتكالة في الجامعة العربية (مجلس الدولة الليبي)

الاجتماع، الذي لم يحضره عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، واقتصر فقط على رؤساء مجالس: «الرئاسي» محمد المنفي، و«النواب» عقيلة صالح، و«الدولة» محمد تكالة، تجاهلته جبهة غرب ليبيا، فيما عدّه آخرون في شرقها «تحركاً جيداً» بالنظر إلى أنه تطرق إلى بحث النقاط الخلافية.

وانتهى الحضور في الاجتماع، الذي احتضنته الجامعة العربية، الأحد، إلى التوافق على سبعة بنود، أهمها تشكيل لجنة فنية خلال فترة زمنية محددة للنظر في التعديلات المناسبة لتوسيع قاعدة التوافق والقبول بما انتهت إليه لجنة (6+6) بخصوص قوانين الانتخابات، وحسم الأمور العالقة حيال النقاط الخلافية حسب التشريعات النافذة.

كما اتفق رؤساء المجالس الثلاثة على «وجوب تشكيل حكومة موحدة مهمتها الإشراف على العملية الانتخابية وتقديم الخدمات الضرورية للمواطن»، وهو البند الذي تتمحور حوله الخلافات الجسام منذ الانقسام الذي ضرب ليبيا عام 2014.

وينظر محللون وسياسيون إلى أن توحيد الحكومة في ليبيا، يحتاج إلى توافق أكبر يضم جميع الأطراف الفاعلة في البلاد من بينها الدبيبة، الذي يبسط سيطرته على العاصمة، إضافةً إلى ضرورة البحث في إشكالية الميليشيات المسلحة بطرابلس وضمان عدم عرقلتها أي تحرك.

ويعتقد الكاتب الصحافي الليبي عيسى عبد القيوم، أن أبرز المعوقات التي تقف أمام تشكيل «حكومة جديدة موحدة»، تتمثل في «الأجسام السياسية منتهية الولاية»، ويرى في حديث إلى «الشرق الأوسط» أن «إشراكها في الحل، بل وضع القرار في يدها، لن يؤدي إلى أي نتيجة، لأنها صاحبة مصلحة في الاستمرار وقد دخلت الآن عامها العاشر في السلطة».

وسبق ودعت ستيفاني ويليامز، المستشار السابق للأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا، مجلسَي النواب و«الدولة» إلى «التوقف عن لعبة الكراسي الموسيقية للبقاء في السلطة». وتحدثت عن «عدم شرعية الأجسام الموجودة حالياً» بالنظر إلى أن انتخابها جرى منذ سنوات طويلة.

ويسعى الممثل الخاص للأمين العام رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عبد الله باتيلي، لدى الأطراف جميعها في البلاد، للتوافق على حكومة واحدة. وعادةً ما يحض قادة ليبيا على أن يكونوا عند مستوى التحدي الذي يواجه بلادهم، وأن يتفقوا على تلك الحكومة الموحدة، لكن تمسك الأطراف المنقسمة بما تراه «صحيحاً» دفعه غير مرة إلى القول: إن «هنالك حكومة في غرب ليبيا وأخرى في الشرق تتنازعان الشرعية؛ والواقع أنه ليست هنالك أي مؤسسة تتمتع بالشرعية في ليبيا»، مكرراً تحذيراته من خطورة استمرار الوضع الراهن.

وإلى جانب حكومة الدبيبة التي ترفض التخلي عن السلطة إلا بإجراء انتخابات عامة، هناك الحكومة المكلفة من مجلس النواب وتبسط سيطرتها على شرق وبعض مناطق من جنوب ليبيا بقيادة أسامة حمّاد، وتحظى بدعم «الجيش الوطني» برئاسة المستشار خليفة حفتر.

ولعل المُعوّق الأكبر، وفق تقدير عبد القيوم، أمام تشكيل الحكومة المستهدفة، هو «فقدان الثقة بين المكونات السياسية»... يقول: «كل طرف بات يفرض كومة من الاشتراطات التي يظن أنها تحمي امتيازاته وتُعفيه من الملاحقة، مما تسبب في صياغات مشوهة ومبادرات غير قابلة للحياة».

ومع أن رؤساء المجالس الثلاثة اتفقوا على عقد جولة ثانية بشكل عاجل لإتمام هذا الاتفاق ووضعه حيز التنفيذ، فإن كثيراً من المحللين يستبعدون ذلك، لما قد تستغرقه مخرجات الاجتماع الأول من وقت وجهد، لافتين إلى أن تطرقهم إلى بند «توحيد المناصب السيادية» سوف يعيد فتح باب الجدل مجدداً بين مجلسَي النواب و«الدولة»، بعد أشهر من المداولات في هذا الملف.

وفي العامين الماضيين أُثير كثير من الجدل والخلاف بين مجلسي النواب و«الدولة» حول تقاسم المناصب السيادية السبعة. وهي: محافظ المصرف المركزي، ورؤساء ديوان المحاسبة، وجهاز الرقابة الإدارية، وهيئة مكافحة الفساد، والمفوضية العليا للانتخابات، والمحكمة العليا، والنائب العام.

المبعوث الأممي باتيلي (البعثة)

وأمام جهود المبعوث الأممي، ولقاءات مع الدبيبة، يؤكد الأخير دعمه جهود باتيلي الرامية لجمع الأطراف الليبية لـ«وضع خريطة طريق تصل بليبيا إلى الانتخابات، وفق قوانين عادلة ونزيهة»، والأخيرة هذه تمثل من وجهة نظر متابعين، عودة لمساحة شاسعة من الجدل غير المنتهي، حتى الآن.

وفي سبيل إقناع الأطراف الليبية بسرعة إنجاز تشكيل حكومة موحدة، التقى باتيلي مساء الأحد وفداً مشتركاً من أعضاء مجلس النواب والمجلس الأعلى، وناقش معهم التوافق الذي جرى التوصل إليه في اجتماع تونس الأخير. وجدد تأكيد موقف الأمم المتحدة الداعي إلى التوصل إلى «اتفاق أوسع لتشكيل حكومة موحدة من شأنها أن تسير بليبيا إلى الأمام على درب إجراء انتخابات وطنية شفافة وشاملة في أقرب وقت ممكن».

وإضافةً إلى ما سبق من معوقات في طريق تشكيل حكومة جديدة، يرى عبد القيوم أن «تغول الميليشيات في طرابلس يظل هو الآخر معوقاً بالنظر إلى أنها تسيطر على طرابلس تماماً، وبالتالي لا يمكن لأي حكومة ممارسة مهامها هناك، مما يجعل فكرة إيجاد حكومة فقط من دون إنهاء الكثير من المظاهر السياسية والميليشياوية، تقابل بفتور من الشارع الليبي».


مقالات ذات صلة

وزاري عربي - إسلامي الأحد تمهيداً لـ«قمة المتابعة»

الخليج ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال ترؤسه القمة العربية - الإسلامية في الرياض السنة الماضية (واس)

وزاري عربي - إسلامي الأحد تمهيداً لـ«قمة المتابعة»

تسعى القمة العربية - الإسلامية، الاثنين، للوقوف على تداعيات العدوان الغاشم، وتنسيق المواقف، واتخاذ ما يلزم من إجراءات لحماية الشعب الفلسطيني.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي الأمين العام لجامعة الدول العرببة أحمد أبو الغيط خلال لقائه رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي مؤخراً (الجامعة العربية)

تصريحات أبو الغيط في لبنان تثير انتقادات «سوشيالية»

أثارت تصريحات الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، خلال زيارته الأخيرة إلى لبنان، انتقادات واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
العالم العربي اجتماع المندوبين الدائمين لبحث الوضع في غزة (الشرق الأوسط)

«الجامعة العربية» تطالب بوقف «الإبادة الجماعية» في غزة

جددت جامعة الدول العربية، الثلاثاء، مطالبتها بوقف «الإبادة الجماعية»، في قطاع غزة، مشددة على «ضرورة تمكين المنظمات الإغاثية الدولية من القيام بواجباتها».

فتحية الدخاخني (القاهرة)
الخليج أحمد أبو الغيط خلال لقائه غروندبرغ في القاهرة (جامعة الدول العربية)

الجامعة العربية تدعم جهود السعودية لاستعادة استقرار اليمن

أكدت جامعة الدول العربية دعمها جهود المملكة العربية السعودية لاستعادة الاستقرار في اليمن.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
المشرق العربي أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط (رويترز)

أبو الغيط يدعو لوقف فوري لإطلاق النار في لبنان

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، اليوم (الاثنين)، إن أولوية الجامعة هي الوقف الفوري لإطلاق النار في لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

تشاد تلمح إلى ضلوع السودان في مقتل رئيسها السابق


أرشيفية للرئيس الراحل إدريس ديبي وبجانبه السفيرة الأميركية سامنثا باور في القصر الرئاسي بنجامينا أبريل 2016 (أ.ب)
أرشيفية للرئيس الراحل إدريس ديبي وبجانبه السفيرة الأميركية سامنثا باور في القصر الرئاسي بنجامينا أبريل 2016 (أ.ب)
TT

تشاد تلمح إلى ضلوع السودان في مقتل رئيسها السابق


أرشيفية للرئيس الراحل إدريس ديبي وبجانبه السفيرة الأميركية سامنثا باور في القصر الرئاسي بنجامينا أبريل 2016 (أ.ب)
أرشيفية للرئيس الراحل إدريس ديبي وبجانبه السفيرة الأميركية سامنثا باور في القصر الرئاسي بنجامينا أبريل 2016 (أ.ب)

لمّحت الحكومة التشادية إلى ضلوع السودان في مقتل رئيسها السابق، إدريس ديبي أتنو، واتهمته بتمويل جماعات إرهابية وتسليحها بغرض زعزعة استقرار تشاد.

وقال وزير الدولة في الخارجية التشادية والمتحدث الرسمي باسم الحكومة، عبد الرحمن غلام الله، في بيان، أمس، إن النظام السوداني لم يتوقف على مدى عقود عن خلق وتدريب وتمويل وتسليح حركات التمرد لزعزعة استقرار بلاده، محملاً السلطات العسكرية في السودان المسؤولية عن تمرد جماعة (فاكت) الذي قال إنه كان السبب في مقتل الرئيس التشادي السابق في 20 أبريل (نيسان) 2021 بعد إصابته في هجوم شنه متمردون شمال البلاد غداة انتخابه رئيساً للبلاد للمرة السادسة.

ونفى غلام الله، اتهامات ما سماها «السلطات العسكرية» السودانية لتشاد بدعم قوات الدعم السريع، وتابع: «ترفض تشاد هذه الادعاءات الكاذبة، وتذكّر بقوة أنها عملت من أجل السلام في السودان».