«معبر رفح»... جدل متكرر رغم «الإنزال الجوي»

السيسي: لن نخون دماء الغزيين... ولن نفرط في أرض

شاحنات تحمل مساعدات خلال اصطفافها في وقت سابق عند معبر رفح قبل عبورها لغزة (أ.ب)
شاحنات تحمل مساعدات خلال اصطفافها في وقت سابق عند معبر رفح قبل عبورها لغزة (أ.ب)
TT

«معبر رفح»... جدل متكرر رغم «الإنزال الجوي»

شاحنات تحمل مساعدات خلال اصطفافها في وقت سابق عند معبر رفح قبل عبورها لغزة (أ.ب)
شاحنات تحمل مساعدات خلال اصطفافها في وقت سابق عند معبر رفح قبل عبورها لغزة (أ.ب)

جدّدت مصر تأكيدها على فتح معبر رفح بشكل دائم لإدخال المساعدات إلى قطاع غزة، في وقت تتصاعد فيه مساعي أطراف إقليمية ودولية من أجل تدشين مسار بحري لإدخال المساعدات إلى غزة، فضلاً عن مشاركة دول عدة في عمليات «إنزال جوي» لمساعدات على مناطق بشمال ووسط القطاع، يأتي هذا وسط جدل يتكرر من وقت لآخر بشأن «المعبر».

التأكيد المصري جاء على لسان الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال كلمته بالندوة التثقيفية للقوات المسلحة المصرية، في ذكرى «يوم الشهيد»، (السبت). وشدد السيسي على أن مصر «لم تغلق معبر رفح نهائياً»، مؤكداً أن بلاده «حريصة على فتح معبر رفح 24 ساعة يومياً». وقال إن العالم يشهد منذ 5 أشهر مأساة إنسانية في غزة، مؤكداً أن «تكلفة إعادة إعمار غزة تصل إلى 90 مليار دولار».

وأضاف السيسي، خلال كلمته، «نقف بكل تقدير وإجلال للشعب الفلسطيني. نبذل أقصى ما نستطيع من جهد لحمايتهم وإغاثتهم»، وقال: «لا يمكن أن نخونهم أو أن نفرط في حقهم وأرضهم، وأرض سيناء أرضنا وبلادنا ومسؤولون عن حمايتها». وشدد على أن مصر لن تتوانى عن العمل لوقف إطلاق النار وإدخال المساعدات. واختتم السيسي حديثه بشأن الدعم المصري للفلسطينيين قائلاً: «لن تتوقف مصر عن العمل مهما كان الثمن من أجل حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة في دولته المستقلة».

شحنات من «الهلال الأحمر» المصري في طريقها لنظيره الفلسطيني (الهلال الأحمر المصري على «فيسبوك»)

وهذه ليست المرة الأولى التي يؤكد فيها الرئيس المصري فتح معبر رفح بشكل دائم لإدخال المساعدات الإغاثية إلى قطاع غزة، حيث سبق أن أكد ذلك في مناسبات عدة، محملاً إسرائيل المسؤولية عن «وضع عقبات أمام تدفق المساعدات بكميات كافية وبوتيرة منتظمة». وذكر السيسي في تصريحات له في يناير (كانون الثاني) الماضي، أن الإجراءات الإسرائيلية «جزء من كيفية ممارسة الضغط بخصوص مسألة إطلاق سراح الرهائن».

وكان فريق الدفاع الإسرائيلي أمام محكمة العدل الدولية، خلال نظر دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل بمخالفة اتفاقية منع الإبادة الجماعية، في يناير الماضي، قد حمّل مصر المسؤولية عن عدم دخول المساعدات إلى قطاع غزة، وهي ما وصفتها القاهرة في حينها بأنها «مزاعم وأكاذيب».

وفي فبراير (شباط) الماضي، قالت الرئاسة المصرية، في بيان، إن «القصف الإسرائيلي على معبر رفح الحدودي كان السبب في عدم تسليم المساعدات في البداية إلى غزة».

وصدر البيان رداً على تصريحات الرئيس الأميركي جو بايدن، بأن الرئيس المصري لم يرد «فتح البوابة للسماح بدخول المواد الإنسانية» لكنه «تحدث معه». وأردفت الرئاسة المصرية حينها أن «مصر - منذ اللحظة الأولى - فتحت معبر رفح من جانبها دون قيود أو شروط، وقامت بحشد مساعدات إنسانية بأحجام كبيرة... إلا أن استمرار قصف الجانب الفلسطيني من المعبر من قبل إسرائيل، الذي تكرر 4 مرات، حال دون إدخال المساعدات».

الجيش الأردني خلال تنفيذ عملية «إنزال جوي» (إ.ب.أ)

من جهته، أشار مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير حسين هريدي، إلى أن حديث الرئيس المصري يأتي للتأكيد على مجموعة من الحقائق المتعلقة باستمرار فتح معبر رفح وعدم إغلاقه منذ بداية الأزمة الراهنة في قطاع غزة، لافتاً إلى أن المعبر بالأساس مخصص للأفراد، وأنه لا يكفي لدخول احتياجات سكان القطاع كافة، لكنه كان الوسيلة المتاحة لإدخال الإغاثة لسكان قطاع غزة، في ظل إحكام إسرائيل الحصار عليهم ووضع العراقيل أمام دخول شاحنات المساعدات، وفرض إجراءات لتفتيشها في نقاط حدودية بعيدة عن معبر رفح، لعرقلة انتظام حركة المساعدات.

وأضاف هريدي لـ«الشرق الأوسط» أن اتجاه بعض الدول في المنطقة، وحتى من حلفاء إسرائيل للمشاركة في عمليات «الإنزال الجوي» أو تدشين خط بحري لتوصيل المساعدات إلى قطاع غزة يحمل رسالة وصفها بـ«الحازمة والصارمة» إلى إسرائيل، مفادها بأن تلك الدول ترفض الإجراءات والعقبات الإسرائيلية لعرقلة دخول المساعدات، وأنها ترفض استخدام المساعدات الإنسانية سلاحاً في الحرب الجارية في القطاع.

القوات الجوية المصرية خلال «إنزال» المساعدات على قطاع غزة (المتحدث العسكري المصري)

وكان الرئيس الأميركي أعلن، قبل يومين، أنه وجّه الجيش الأميركي إلى إنشاء ميناء مؤقت في غزة؛ لتقديم المساعدات، داعياً إسرائيل لعدم استخدام المساعدات الإنسانية ورقةَ ضغط. وقال بايدن خلال خطاب «حالة الاتحاد» إن الميناء سيكون الرصيف المؤقت، القادر على استقبال سفن كبيرة تحمل الغذاء والماء والدواء وملاجئ مؤقتة للناجين من الحرب.

وحول موافقة إسرائيل على تدشين الخط البحري، في مقابل وضع العراقيل أمام انتظام دخول المساعدات براً عبر معبر رفح، لفت مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق إلى أن إسرائيل «قبلت الأمر على مضض»، وأنه لولا انخراط الولايات المتحدة في تلك المبادرة لعملت إسرائيل على عرقلتها، لكن تل أبيب لا تريد أن تزيد من حدة التوتر مع واشنطن، خصوصاً بعد رفض حكومة نتنياهو التجاوب مع المناشدات الأميركية المتكررة بالسماح بدخول المساعدات بكميات أكبر، خصوصاً إلى مناطق شمال ووسط غزة، فلجأت إلى تنفيذ عمليات إنزال جوي. وسبق أن قامت دول عدة، من بينها بريطانيا وفرنسا ومصر والأردن والإمارات وانضمت إليها الولايات المتحدة، بإنزال مساعدات جوية على غزة، وركزت عمليات الإنزال على مناطق شمال ووسط القطاع التي حالت إسرائيل أكثر من مرة دون وصول المساعدات إليها، بحسب تقارير لمنظمات أممية وإغاثية.


مقالات ذات صلة

عائلات جنود إسرائيليين تناشد نتنياهو إنهاء الحرب في غزة

المشرق العربي نتنياهو يلتقي مجندين في الجيش (إكس)

عائلات جنود إسرائيليين تناشد نتنياهو إنهاء الحرب في غزة

دعت مجموعة من عائلات الجنود الإسرائيليين الخميس رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لإنهاء الحرب في قطاع غزة حفاظاً على حياة أبنائهم متّهمين إياه بإطالة أمد هذا النزاع

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
تحليل إخباري أشخاص يبحثون عن ممتلكاتهم وسط أنقاض مبانٍ مدمرة وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري «هدنة غزة»: حديث عن «تقدم» و«ضغوط» لتسريع الاتفاق

تحدثت واشنطن عن «تقدم» في المفاوضات وإمكانية أن يتم الاتفاق «قريباً جداً».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي أكد لازاريني أن «الأونروا» تحظى بدعم مالي وسياسي قوي من السعودية (صور الأمم المتحدة) play-circle 01:02

لازاريني: متمسكون بالأمل ونتطلع لاستئناف الدعم الأميركي لـ«الأونروا»

تواجه وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) تحديات غير مسبوقة، مع اقتراب موعد تنفيذ قرار الاحتلال الإسرائيلي منع عملها في الأراضي…

عبد الهادي حبتور (الرياض)
شمال افريقيا فلسطينيون يحملون جريحاً في موقع غارة جوية إسرائيلية على مأوى للنازحين وسط قطاع غزة (رويترز)

مشاورات «اليوم التالي» في غزة... مساعٍ مصرية للتوافق بين «فتح» و«حماس»

مشاورات «اليوم التالي» لحرب غزة عادت للقاهرة مجدداً، عقب تباين في وجهات النظر بين حركتي «حماس» و«فتح» التي تتولى السلطة، بشأن تشكيل «لجنة إدارة القطاع».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شؤون إقليمية آثار الدمار الواسع من جراء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ب)

إسرائيل تصنّف الضفة «ساحة رئيسية» للتهديدات

وسعت إسرائيل عمليتها في الضفة الغربية بعدما صنّفتها "ساحة رئيسية" في خريطة التهديدات، وقال وزير الدفاع إن الجيش يستعد للرد وفقاً لذلك.

كفاح زبون (رام الله)

تونس تسرّع وثيرة إقفال ملفات «الفساد والتآمر» على أمن البلاد

الرئيس التونسي عند استقباله وزيرة العدل لحثها على اختصار آجال البت في القضايا المحالة على المحاكم (الرئاسة)
الرئيس التونسي عند استقباله وزيرة العدل لحثها على اختصار آجال البت في القضايا المحالة على المحاكم (الرئاسة)
TT

تونس تسرّع وثيرة إقفال ملفات «الفساد والتآمر» على أمن البلاد

الرئيس التونسي عند استقباله وزيرة العدل لحثها على اختصار آجال البت في القضايا المحالة على المحاكم (الرئاسة)
الرئيس التونسي عند استقباله وزيرة العدل لحثها على اختصار آجال البت في القضايا المحالة على المحاكم (الرئاسة)

كثفت السلطات الأمنية والقضائية التونسية تحركاتها لإسدال الستار على الملفات المتراكمة المتعلقة بالأمن، وفي مقدمها «تفكيك مئات الألغام» الموروثة عن العقود والأعوام الماضية، والقضايا المرفوعة منذ مدة طويلة ضد عشرات المتهمين في قضايا ذات صبغة سياسية - أمنية، بينها «الضلوع في الإرهاب»، و«التآمر على أمن الدولة»، و«الفساد الإداري والمالي».

واجتمع الرئيس التونسي قيس سعيد مؤخراً مع رئيس الحكومة كمال المدوري، ووزيرة العدل ليلى جفال، ووزيري الدفاع والداخلية خالد السهيلي وخالد النوري، وطالب بتبسيط إجراءات التقاضي، وإقفال الملفات الأمنية والعدلية في «أقرب الآجال».

وحدة من قوات مكافحة الإرهاب التونسية (الشرق الأوسط)

كما أعلنت صفحات رئاسة الجمهورية والحكومة عن إصدار أوامر للحكومة «للتحرك بسرعة ونجاعة»، وتجنب «طول الإجراءات والتسويف»، وضمان «نجاعة المسؤولين». وشملت القرارات إدارات الأمن الداخلي والخارجي، وملفات محاربة الإرهاب والمخدرات، والتهريب والجريمة المنظمة.

تأجيل يليه تأجيل

حسب بلاغ نشرته صفحة رئاسة الجمهورية، فقد أمر الرئيس التونسي خلال جلسة عمل مع وزيرة العدل بـ«احترام الزمن القضائي في حسم القضايا المعروضة أمام المحاكم... حتى يأخذ كل ذي حق حقه، وفق القانون الذي يتساوى أمامه جميع المتقاضين»، منتقداً «التأجيل الذي يتلوه تأجيل في بعض القضايا المعروضة منذ أكثر من عشرة أعوام»، بما يوحي بقدر من «تمييع دور العدالة والقضاء».

عبير موسي المعتقلة بتهمة التآمر على أمن البلاد (موقع الحزب)

يُذكر أن دوائر الاتهام وقضاة التحقيق أنهوا مؤخراً الإجراءات التمهيدية لإقفال ملفات التحقيق في قضايا عشرات المتهمين بـ«التآمر على أمن الدولة»، و«الضلوع في الإرهاب»، و«الفساد»، بينهم رجال أعمال وسياسيون وبرلمانيون ووزراء، وأمنيون وعسكريون سابقون، وعدد من قادة الأحزاب السياسية، بينهم عبير موسي زعيمة الحزب «الدستوري»، وراشد الغنوشي وعلي العريض، ونور الدين البحيري والعجمي الوريمي، ومنذر الونيسي عن حزب «النهضة»، وعصام الشابي الأمين العام للحزب «الجمهوري»، وغازي الشواشي عن حزب «التيار الديمقراطي» اليساري، ورضا بالحاج وجوهر بن مبارك وشيماء عيسى ورياض الشعيبي عن جبهة «الخلاص» المعارضة، إضافة لرجلي الأعمال المثيرين للجدل والسياسيين المستقلين كمال اللطيف وخيام التركي. علماً بأن متهمين آخرين أحيلوا أمام محاكم أخرى، بعد أن وجهت إليهم اتهامات مختلفة، تصل عقوبتها للإعدام.

عسكريون ضحايا الإرهاب

في أعقاب جلسات عمل جديدة مع وزراء الدفاع والعدل والداخلية، أمر الرئيس التونسي بتسوية وضعيات عائلات ضحايا الإرهاب والعنف من الأمنيين والعسكريين والمدنيين، وتفعيل مؤسسة «فدا»، التي أحدثتها الدولة قبل نحو عامين لهذا الغرض.

راشد الغنوشي المعتقل بتهمة الإرهاب (د.ب.أ)

كما أمر الرئيس سعيد بتسوية ملفات مئات الجرحى، وعائلات شهداء انتفاضة 2010 -2011، خاصة من عرفوا بـ«شهداء الثورة وجرحاها»، وهم بضعة مئات ممن أصيبوا بالرصاص أثناء المواجهات مع قوات الأمن خلال الأسابيع الأخيرة من حكم الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي.

وكانت الحكومات والبرلمانات والمحاكم، ومنظمات المجتمع المدني، قد دخلت منذ عام 2011 في جدال سياسي قانوني حول العدد الحقيقي لمن يمكن وصفهم بـ«شهداء الثورة وجرحاها». كما ظلت عائلات عشرات الأمنيين الذين قتلوا، أو أصيبوا بجراح خطيرة خلال المواجهات مع المسلحين والعصابات الإرهابية منذ 2011 دون سند مالي واجتماعي، إلى أن أحدثت رئاسة الجمهورية قبل عامين مؤسسة «فدا»، وقررت التكفل بكل الحالات الإنسانية مالياً واجتماعياً.

تفكيك الألغام الموروثة

أعلن وزير الدفاع الوطني قبل أيام أمام البرلمان أن القوات المسلحة تابعت طوال عام 2014 تحركاتها لتفكيك الألغام القديمة والجديدة، من بينها «ألغام يدوية الصنع» موروثة عن مرحلة الصراع بين السلطات والمجموعات المسلحة الإرهابية في جبال المحافظات الغربية للبلاد، والتي تسببت مراراً في مقتل أمنيين وعسكريين وتفجير عرباتهم.

ورغم تنويه السلطات الأمنية بنجاحها خلال العشرية الماضية في القضاء على أكثر من 90 في المائة من نشطاء المجموعات المسلحة، التي تنتمي إلى «تنظيم داعش»، و«القاعدة» وغير ذلك، فقد ظلت ألغام تنفجر وتتسبب في سقوط قتلى وجرحى بين الرعاة والسكان والأمنيين خلال عبورهم تلك الجبال.

ولذلك نظمت حملة واسعة خلال الأشهر الماضية أسفرت عن تفجير حوالي 500 لغم، أغلبها يدوية الصنع.

عدد من المتهمين بالتآمر ضد أمن الدولة (الموقع الرسمي لغازي الشواشي)

وأعلنت مصادر أمنية أنه في سياق الجهود المتواصلة للتصدي للعناصر المتطرفة، تم في محافظة سوسة اعتقال تكفيرييْن، كانا في حالة فرار، بعد أن وجهت إليهما تهمة «الانتماء إلى تنظيم إرهابي»، دون الكشف عن اسم هذا التنظيم.

وأسفرت الحملات الأمنية خلال الأشهر الثلاثة الماضية عن إيقاف عشرات المتهمين في قضايا مماثلة تحال على دوائر مكافحة الإرهاب والفساد، وتبييض الأموال، وتهريب السلع والمهاجرين غير النظاميين. لكن طالبت عدة شخصيات حقوقية مستقلة، وقيادات سياسية، ومنظمات نقابية وحقوقية مواقف بالإفراج عن غالبية الموقوفين، وإحالتهم إن لزم الأمر على القضاء في حالة سراح.