ماذا تستهدف سلطات طرابلس من دعوة طرفَي الحرب في السودان؟

المنفي مستقبلاً البرهان في طرابلس (المجلس الرئاسي)
المنفي مستقبلاً البرهان في طرابلس (المجلس الرئاسي)
TT

ماذا تستهدف سلطات طرابلس من دعوة طرفَي الحرب في السودان؟

المنفي مستقبلاً البرهان في طرابلس (المجلس الرئاسي)
المنفي مستقبلاً البرهان في طرابلس (المجلس الرئاسي)

تتجه أنظار قوى دولية وإقليمية صوب ليبيا؛ ترقباً لزيارة استهلها رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، إلى طرابلس صباح الاثنين، والتي رافقه فيها وزير الخارجية، ومدير عام جهاز الاستخبارات العامة.

وزيارة البرهان التي تعد الأولى بشكل رسمي إلى ليبيا، تأتي على خلفية اتهامات توجهها أطراف غير رسمية، لمعسكر شرق ليبيا بدعم قائد «قوات الدعم السريع» في السودان محمد حمدان دقلو (حميدتي)، بالإضافة إلى أجواء سياسية ليبية غير مستقرة.

وكانت حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، أعلنت الأحد عن زيارة البرهان إلى ليبيا، وقالت إن رئيسها تحدث مع (حميدتي) خلال مكالمة هاتفية عن «مبادرة لإحلال السلام ووقف إطلاق النار في السودان»، ودعاه لزيارة ليبيا وسط ترحيب الأخير.

ويرى متابعون للأوضاع في البلدين الأفريقيين المتجاورين، أن هناك تشابهاً بينهما إلى حد ما، من حيث اندلاع الحروب والاشتباكات، وعدم الاستقرار، مما فتح باب التساؤلات حول ما يمكن أن تقدمه السلطات في طرابلس لجهة إنهاء الصراع ووقف الحرب الدائرة في السودان منذ أبريل (نيسان) 2023.

البرهان في طرابلس (المجلس الرئاسي)

وعقد البرهان اجتماعين منفردين مع المنفي والدبيبة، من دون الكشف عن أي تفاصيل تتعلق بحلحلة الأوضاع المتردية في السودان. وجاء الإعلان الرسمي في مجمله ليتحدث عن «تبادل الوفود بين البلدين، وتفعيل الاتفاقيات الموقعة بينهما، وإحلال السلام والاستقرار في السودان والمنطقة».

ويرى رمضان التويجر أستاذ القانون والباحث السياسي الليبي، أن «كل ما يحصل في السودان وليبيا مرتبط ارتباطاً وثيقاً بحالة النزاع القائمة بين الدول العظمى للسيطرة على العالم».

وذهب التويجر في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه «من المهم جداً التنسيق وتبادل وجهات النظر بين ليبيا والسودان، لما يربطهما من حدود مشتركة»، متمنياً «من أطراف الصراع كافة في البلدين إدراك التحركات الدولية راهناً، والتي تشكل خطورة وجودية لهما».

المنفي مستقبلاً البرهان في طرابلس (المجلس الرئاسي)

وعقب اندلاع الحرب في السودان زعمت تقارير إعلامية غربية، أن المشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني» يدعم قوات (حميدتي) بالسلاح، لكن القيادة العامة سارعت بنفي تقديم «أي نوع من الدعم لأي طرف من أطراف الاشتباكات الدائرة في السودان».

وقالت القيادة حينها على لسان المتحدث باسمها اللواء أحمد المسماري: «كنا وما زلنا وسنظل مع استقرار دولة السودان وأمنها وسلامة شعبها»، داعياً إلى ضرورة الوقف الفوري للاقتتال بين الأطراف السودانية.

البرهان مصافحاً الحداد رئيس أركان قوات حكومة «الوحدة» المؤقتة (المجلس الرئاسي)

وأمام تعقّد المشهد العسكري في البلدين، عدّ مصدر سياسي بغرب ليبيا، أن دعوة طرفي الصراع السوداني لزيارة طرابلس «تأتي في إطار مناكفات متبادلة بين جبهتي شرق ليبيا وغربها»، ويرى أن البرهان يسعى «لإحداث توازن عسكري».

وقال البرهان في مؤتمر صحافي مع المنفي، إنه اتفق معه على «تعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية والعسكرية بين البلدين».

ولم تخرج إلى العلن أي تصريحات تتعلق بالحرب السودانية، أو تشير إلى «مبادرة الدبيبة»، لكن رئيس حزب «صوت الشعب» الليبي، فتحي عمر الشبلي، يعد أنه إذا نجح رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» في الجمع بين البرهان و«حميدتي»، و«الوصول إلى الحد الأدنى من الاتفاق، على الأقل وقف النار في شهر رمضان، فإن هذا يعد خطوة جيدة».

ورأى في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن الأزمة السودانية «أثرت كثيراً في ليبيا، وأدت إلى نزوح كبير، وزادت الوضع سوءاً، بالنظر إلى أن ليبيا ليست في الحالة الجيدة التي تسمح لها بتقديم المساعدة المادية والغذائية لهذه الأعداد من النازحين، خاصة إلى مدينة الكفرة».

غير أن الشبلي قال: «سننظر لما قد يقوم به الدبيبة من هذه الزاوية؛ ونتمنى أن يتم الوصول إلى وقف لإطلاق النار».

وتشهد الكفرة (جنوب شرقي ليبيا) عملية نزوح متزايدة لمواطنين سودانيين، بأعداد تقارب الـ500 مواطن يومياً، مما اضطر فريق الإغاثة التابع للهلال الأحمر الليبي إلى توزيع مساعدات إنسانية عليهم بالشراكة مع منظمة «اليونيسف».

ولم يعول كثيراً المصدر السياسي، على «مبادرة الدبيبة»، ووصف الأخير بأنه «عاجز عن تقديم أي مبادرة لرأب الصدع في بلده... كان مأمولاً منه أن يترأس حكومة لـ(الوحدة الوطنية)، لكن الأمور مضت على نحو مغاير».

الدبيبة مستقبلاً البرهان في طرابلس 26 فبراير (حكومة الوحدة الليبي المؤقتة)

ورحب جمال الفلاح رئيس «المنظمة الليبية للتنمية السياسية»، بالخطوة التي اتخذها الدبيبة، لجهة دعوة البرهان و(حميدتي) إلى ليبيا، وما قد تسفر عنه الجهود المبذولة من حوار لوقف التصعيد العسكري في السودان، لكنه عبّر عن خشيته من «أي توظيف سياسي لهذه الدعوات».

وأشار الفلاح، إلى أن «هناك من انتقد الدبيبة، على اعتبار أن ليبيا تحتاج أصلاً إلى من يوفق بين الأطراف المتصارعة والمنقسمة فيها، في ظل تسريبات عن تحشيدات عسكرية لحرب جديدة قد تشن على طرابلس».

وانتهى الفلاح قائلا: «يتحتم على الدبيبة أن يأخذ خطوة باتجاه تحقيق السلام ورفع الراية البيضاء، ويجمع كل الأطراف المتخاصمة والمتصارعة في ليبيا، خصوصاً أن حكومته تحمل اسم الوحدة الوطنية».


مقالات ذات صلة

ليبيا تترقب مرحلة ثانية من انتخابات محلية «أكثر تعقيداً»

شمال افريقيا ليبيون يصطفون انتظاراً للإدلاء بأصواتهم في الجولة الأولى من الانتخابات البلدية نوفمبر الماضي (مفوضية الانتخابات)

ليبيا تترقب مرحلة ثانية من انتخابات محلية «أكثر تعقيداً»

يرجع متابعون أهمية خاصة لهذه الجولة الانتخابية كونها تستهدف «البلديات الأكبر وذات الأوزان السياسية المهمة وفي طليعتها طرابلس وبنغازي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا تدشين أولى رحلات الخطوط التركية بعد غياب دام سنوات (حكومة شرق ليبيا)

تركيا تواصل انفتاحها على شرق ليبيا بتدشين رحلات إلى بنغازي

دشنت وزارة الطيران المدني بحكومة شرق ليبيا وأعضاء بمجلس النواب وعدد من القيادات الأمنية والعسكرية مراسم عودة الرحلات الجوية بين تركيا وبنغازي بعد توقف دام سنوات

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا الدبيبة ووزيرة العدل في حكومته المؤقتة (وزارة العدل)

ليبيا: مطالب بالتحقيق في وقائع «تعذيب» بسجن خاضع لنفوذ حفتر

أدانت حكومة «الوحدة» الليبية على لسان وزارة العدل التابعة لها، «استمرار ممارسات التعذيب والإخفاء القسري» في إشارة إلى تسريبات سجن قرنادة في شرق ليبيا.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة مستقبلاً وزير القوات المسلحة السنغالي (حكومة الوحدة)

الدبيبة يبحث تعزيز التعاون العسكري مع السنغال

قالت حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة إن رئيسها عبد الحميد الدبيبة ناقش سبل تعزيز التعاون العسكري بين ليبيا والسنغال.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا النائب العام الليبي المستشار الصديق الصور (مكتب النائب العام)

تسريبات «قديمة» لتعذيب سجناء تعيد مطالب فتح ملف المعتقلات الليبية

تداول ليبيون على نطاق واسع مقاطع فيديو قالوا إنها من داخل سجن «قرنادة» بمدينة شحّات بشرق البلاد وتظهر الاعتداءات على سجناء شبه مجردين من ملابسهم بالضرب.

جمال جوهر (القاهرة)

وزير خارجية مصر يؤكد دعم بلاده الكامل للسودان ومؤسساته الوطنية

سودانيون في شوارع بورتسودان (أ.ف.ب)
سودانيون في شوارع بورتسودان (أ.ف.ب)
TT

وزير خارجية مصر يؤكد دعم بلاده الكامل للسودان ومؤسساته الوطنية

سودانيون في شوارع بورتسودان (أ.ف.ب)
سودانيون في شوارع بورتسودان (أ.ف.ب)

أكد وزير الخارجية والهجرة المصري، بدر عبد العاطي، اليوم الأربعاء، على دعم بلاده الكامل للسودان ومؤسساته الوطنية، مشدداً على ضرورة الحفاظ على وحدة وسلامة الأراضي السودانية.

جاء ذلك خلال جلسة مباحثات رسمية عقدت بين الوزير عبد العاطي وعلي يوسف الشريف، وزير خارجية السودان فى بورتسودان، اليوم، وفق المتحدث باسم الخارجية المصري تميم خلاف.

وصرح المتحدث، في بيان صحافي، بأن الوزير عبد العاطي أعرب عن تقديره لزيادة وتيرة اللقاءات مع نظيره السوداني بما يتناسب مع عمق وخصوصية العلاقات بين البلدين.

وأكد الوزير عبد العاطي أهمية تحقيق وقف إطلاق النار، والحرص على بذل كل الجهود لاستعادة أمن واستقرار السودان، معرباً عن التقدير للخطوات التي اتخذتها الحكومة السودانية لتسهيل نفاذ المساعدات الإنسانية، بما يعكس الحرص على رفع المعاناة عن المواطنين السودانيين.

وأضاف المتحدث أن الوزير عبد العاطي أعرب عن سعادته بعقد امتحانات الثانوية العامة لنحو 28 ألف طالب من أبناء الجالية السودانية في مصر مؤخراً، وذلك في إطار الأهمية التي توليها مصر لمساعدتهم في استكمال مسيرتهم التعليمية.

كما استعرض الوزير عبد العاطي مستجدات الجهود التي تبذلها مصر من أجل ضمان استئناف السودان لأنشطته في الاتحاد الأفريقي، بالإضافة إلى أوجه انخراطه بفاعلية في المساعي الإقليمية والدولية المختلفة في إطار الحرص على الحفاظ على أمن واستقرار السودان ووحدته وسلامة أراضيه.

كما تناول الوزيران ملف الأمن المائي، حيث أعربا عن تثمينهما التعاون والتنسيق المستمر بشأن هذه القضية الحيوية بغرض تأمين المصالح الوجودية المشتركة للشعبين، واتفقا على استمرار التنسيق بصورة وثيقة بما يضمن صون وحماية الأمن المائي لكلا البلدين بوصفه أمراً لا تهاون فيه.

ووفق وكالة السودان للأنباء (سونا)، وصل الوزير عبد العاطي إلى البلاد في زيارة رسمية تستغرق يوماً واحداً.