توافق مصري - إريتري على احترام سيادة الصومال و«أمن البحر الأحمر»

قمة السيسي وأفورقي بحثت العلاقات الثنائية والأزمتين في السودان وغزة

الرئيسان المصري والإريتري خلال مباحثاتهما في القاهرة (الرئاسة المصرية)
الرئيسان المصري والإريتري خلال مباحثاتهما في القاهرة (الرئاسة المصرية)
TT

توافق مصري - إريتري على احترام سيادة الصومال و«أمن البحر الأحمر»

الرئيسان المصري والإريتري خلال مباحثاتهما في القاهرة (الرئاسة المصرية)
الرئيسان المصري والإريتري خلال مباحثاتهما في القاهرة (الرئاسة المصرية)

أكدت مصر وإريتريا «ضرورة احترام سيادة الصومال»، وأعربتا عن «رفض الإجراءات كافة التي من شأنها الانتقاص من هذه السيادة».

وشدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظيره الإريتري أسياس أفورقي، خلال مباحثاتهما في القاهرة، (السبت)، على «أهمية عدم التصعيد، واحتواء الموقف في منطقة البحر الأحمر»، كما تم التأكيد على «ضرورة التوصل لوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة».

وأكد المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، أحمد فهمي، أن المباحثات أكدت اهتمام الجانبين بمواصلة تطوير العلاقات الثنائية بما يحقق نقلة في مستوى وعمق التعاون بين الجانبين في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والأمنية. وأضاف أن «المباحثات تناولت أيضاً الأوضاع الإقليمية، وعلى رأسها التطورات بالبحر الأحمر»، حيث ناقش الرئيسان ما تشهده المنطقة من «تطورات أمنية خطرة»، وأكدا «أهمية عدم التصعيد، واحتواء الموقف». وأشار بيان الرئاسة المصرية، (السبت)، إلى أنه تم التشديد خلال المباحثات على «ضرورة التوصل لوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة بشكل يُمهد للنفاذ الإنساني الكامل والمستدام للقطاع، وإطلاق مسار حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وفقاً للمرجعيات الدولية المعتمدة».

تطورات «القرن الأفريقي»

وأوضح بيان الرئاسة المصرية أن الرئيسين بحثا كذلك التطورات التي تشهدها منطقة القرن الأفريقي، حيث تم التوافق على «ضرورة احترام سيادة دولة الصومال، ودعمها في رفض الإجراءات كافة، التي من شأنها الانتقاص من هذه السيادة».

وأعلنت مصر رسمياً رفضها أي إجراءات تهدد وحدة وسلامة الأراضي الصومالية. وأكد بيان لوزارة الخارجية المصرية، مطلع يناير (كانون الثاني) الماضي، في أعقاب توقيع إثيوبيا اتفاقاً مبدئياً مع إقليم أرض الصومال الانفصالي، ضرورة الاحترام الكامل لسيادة الصومال، والتشديد على حق شعبه «دون غيره» في الانتفاع بموارده. وحذّر البيان من خطورة التحركات والإجراءات التي تقوّض الاستقرار في القرن الأفريقي.

في حين كانت إريتريا أول دولة يزورها الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود بعد أيام قليلة من توقيع اتفاق الحكومة الإثيوبية مع أرض الصومال، الذي تحصل أديس أبابا بموجبه على منفذ بحري على البحر الأحمر لإقامة ميناء وقاعدة عسكرية، وهو الاتفاق الذي رفضه الصومال، وأصدر شيخ محمود قراراً بإلغائه، كما استدعت مقديشو سفيرها لدى إثيوبيا.

السيسي وأفورقي خلال مراسم الاستقبال الرسمية بقصر الاتحادية في مصر (الرئاسة المصرية)

وأضاف بيان الرئاسة المصرية، (السبت)، أن مباحثات السيسي وأفورقي تطرّقت إلى الأوضاع في السودان، حيث تم تأكيد أهمية استمرار العمل المشترك بين مصر وإريتريا، في إطار مسار دول الجوار؛ من أجل التوصل إلى حلول جادة للأزمة تفضي إلى وقف إطلاق النار، بما «يضع حداً للمعاناة الإنسانية التي يمرّ بها الشعب السوداني، ويلبي تطلعاته وآماله في تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية».

وكان الرئيس الإريتري قد زار القاهرة في يوليو (تموز) الماضي؛ للمشاركة في قمة «دول جوار السودان» التي استضافتها مصر لبحث الأزمة في السودان. وبحسب تقرير لهيئة الاستعلامات المصرية، فقد زار الرئيس الإريتري مصر نحو 30 مرة منذ استقلال بلاده عام 1991، وهو ما «يعكس عمق العلاقات بين البلدين»، بحسب التقرير.

مصالح مترابطة

من جانبه، أشار خبير الشؤون الأفريقية، رامي زهدي، إلى أهمية اللقاءات المصرية - الأفريقية في هذا التوقيت، لافتاً إلى أن التوترات التي تشهدها منطقة شرق أفريقيا عموماً، ومنطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر على وجه الخصوص «تضاعف من أهمية زيارة الرئيس الإريتري إلى القاهرة». وأوضح زهدي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك «حالة من الترابط» بين المصالح المصرية والإريترية في منطقة القرن الأفريقي، خصوصاً في ظل «أزمات تفتعلها إثيوبيا» بالمنطقة و«تهدد السلم والأمن»، حسب قوله، لافتاً إلى أن الاتفاق الإثيوبي الذي وصفه بـ«غير الشرعي» مع إقليم أرض الصومال يتزامن مع توترات غير مسبوقة تواجه حركة الملاحة في البحر الأحمر، وهي منطقة ذات أهمية استراتيجية سواء لمصر أو لإريتريا، التي تمتلك أحد أطول السواحل على البحر الأحمر بامتداد قدره 1200 كيلومتر. وأضاف خبير الشؤون الأفريقية أن إريتريا دولة جوار لكل من الصومال وإثيوبيا وإقليم أرض الصومال، ما يجعلها «مرتكزاً حيوياً» لأي تحركات في المنطقة، فضلاً عن تأثير أي مهددات للسلم والأمن في تلك المنطقة على المصالح المصرية، ما يجعل التشاور بين القاهرة وأسمرة «ضرورياً وحتمياً» في هذه المرحلة.

وتحولت إثيوبيا إلى أكبر الدول الحبيسة في أفريقيا في أعقاب استقلال إريتريا عنها بعد حرب دامت 3 عقود. وقال بيان صادر عن رئاسة الوزراء الإثيوبية، في أعقاب توقيع الاتفاق مع أرض الصومال، إن أديس أبابا فقدت منفذها إلى البحر نتيجة «خطأ تاريخي وقانوني» بعد حرب أهلية ومؤامرات خارجية، وإن الحكومة الإثيوبية تعمل منذ سنوات «لتصحيح» هذا الخطأ.

في المقابل، شهدت العلاقات الصومالية - الإريترية تطوراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، حيث وقّع الرئيس شيخ محمود مذكرة تفاهم مع الرئيس أفورقي في يوليو 2022 تعلقت بتعزيز التعاون الدفاعي والأمني.

تأكيد مصري - إريتري على أهمية احترام سيادة الصومال (الرئاسة المصرية)

دفعة كبيرة

في السياق، أكد نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الأفريقية، السفير صلاح حليمة، على العلاقة القوية التي تجمع بين مصر وإريتريا منذ استقلال الأخيرة، مشيراً في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» إلى تنامي العلاقات الثنائية على أكثر من مستوى، خصوصاً التعاون الاقتصادي، والتنسيق السياسي خلال السنوات الأخيرة.

وتوقّع حليمة أن تشهد العلاقات بين البلدين «دفعة كبيرة»، خصوصاً في ظل التحديات التي تواجه منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر، وفي ظل إدراك القاهرة وأسمرة أن مصالحهما المشتركة تقتضي تحقيق السلم والأمن في تلك المنطقة، لا سيما مع تصاعد حدة التوتر بعد الاتفاق «المخالف للقانون الدولي ولمبادئ احترام سيادة الدول» بين إثيوبيا وأرض الصومال، أو مع استمرار الأزمة في السودان، فضلاً عن «مخاطر الإرهاب» التي تزداد في شرق أفريقيا، عادّاً أن التنسيق المصري - الإريتري «مصلحة ثنائية وإقليمية أيضاً».

يذكر أن وزير الخارجية المصري، سامح شكري، قد زار العاصمة الإريترية، أسمرة، بعد يوم واحد من زيارة الرئيس الصومالي لها، والتقى الرئيس أفورقي في 11 من يناير الماضي.


مقالات ذات صلة

رئيس جديد لـ«أرض الصومال»... هل يُغيّر مسار مذكرة التفاهم مع إثيوبيا؟

العالم العربي رئيس «أرض الصومال» المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

رئيس جديد لـ«أرض الصومال»... هل يُغيّر مسار مذكرة التفاهم مع إثيوبيا؟

بفوز رئيس جديد محسوب على المعارضة، لإقليم «أرض الصومال» الانفصالي، تتجه الأنظار نحو مصير مذكرة التفاهم الموقعة مع إثيوبيا والتي تعارضها الصومال.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي جانب من عملية التصويت بمركز اقتراع خلال الانتخابات الرئاسية بإقليم أرض الصومال لعام 2024 (أ.ف.ب)

مقديشو لتضييق الخناق دولياً على «أرض الصومال»

سلسلة إجراءات اتخذتها مقديشو تجاه رفض أي تدخل بشأن سيادتها على إقليم «أرض الصومال» الانفصالي، وصلت إلى محطة استدعاء السفير الدنماركي ستين أندرسن.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا ضابط شرطة صومالي يقف في حراسة احتجاجات ضد صفقة ميناء إثيوبيا - أرض الصومال بمقديشو (رويترز)

تلميح إثيوبيا لـ«عدم خروج قواتها من الصومال» يعمق التوتر في القرن الأفريقي

تلميح إثيوبي باحتمال عدم خروج قواتها المشاركة بـ«حفظ السلام» في مقديشو بعد قرار صومالي باستبعادها رسمياً بنهاية العام.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا التصويت في انتخابات الرئاسية بإقليم «أرض الصومال» (وكالة الأنباء الصومالية)

كيف تنعكس انتخابات «أرض الصومال» على توترات «القرن الأفريقي»؟

أجرى إقليم «أرض الصومال» الانفصالي، الأربعاء، انتخابات رئاسية مرتقبة، في ظل تساؤلات حول تأثير نتائجها على توترات منطقة القرن الأفريقي.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا مباحثات بين الوفد المصري برئاسة السفير إيهاب عوض والوفد التركي برئاسة السفيرة إليف أولغن بمشاركة السفير التركي في القاهرة صالح موتلو شن (الخارجية المصرية)

مشاورات مصر وتركيا بشأن أفريقيا وليبيا... «مساحات تفاهم وتعاون مشترك»

مشاورات دبلوماسية مصرية - تركية بشأن الوضع بالصومال ومنطقة القرن الأفريقي وليبيا في إطار السعي للتوصل لتفاهمات وتعاون مشترك بتلك المناطق

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

زيارة «وزير غيني» لحكومة حمّاد تفجر جدلاً في ليبيا

الحويج و«الوزير الغيني» (وزارة الخارجية بحكومة حماد)
الحويج و«الوزير الغيني» (وزارة الخارجية بحكومة حماد)
TT

زيارة «وزير غيني» لحكومة حمّاد تفجر جدلاً في ليبيا

الحويج و«الوزير الغيني» (وزارة الخارجية بحكومة حماد)
الحويج و«الوزير الغيني» (وزارة الخارجية بحكومة حماد)

أحدثت زيارة أجراها «وزير دولة في غينيا بيساو» لحكومة شرق ليبيا في الرابع من الشهر الحالي، حالة من الجدل في البلاد، بعدما وصف بأنه «مزيف».

«الوزير الغيني» يتوسط الحويج ودومة والفضيل (يسار) (وزارة الخارجية)

وكان وزير الخارجية بالحكومة المكلفة من مجلس النواب عبد الهادي الحويج، والنائب الثاني لرئيس مجلس النواب مصباح دومة استقبلا ما وصف بـ«وزير الدولة والمستشار الخاص لرئيس جمهورية غينيا بيساو أمادو لامين سانو»، قبل أكثر من أسبوعين، غير أن نشطاء وإعلاميين شككوا في شخصية الأخير، وعدوه «شخصاً مزيفاً».

وانتشر بيان منسوب لوزارة الخارجية الغينية، لم يتسن لـ«الشرق الأوسط» التأكد منه، ينفي صلة «أمادو لامين سانو» برئيس الجمهورية والحكومة الغينية، وأنه «ليس مستشاراً للرئيس، ولم يُكلَّف من طرفه بنقل أي رسالة».

وعدّ الإعلامي الليبي خليل الحاسي، الواقعة «اختراقاً أمنياً مذهلاً في حكومة حمّاد في قلب بنغازي»، كما وصفها بأنها «فضيحة دبلوماسية سياسية مزلزلة في خارجيته».

وقال الحاسي، الذي كان أول المتناولين للواقعة عبر حسابه على منصة «إكس»، إن «شخصاً اسمه أمادو لامين سانو استطاع أن ينتحل صفة وزير الدولة والمستشار الخاص لرئيس جمهورية غينيا بيساو، وأن يضحك على الحكومة، وحظي باستقبال رسمي ومراسم وأرتال وفنادق وجولات سياسية».

«الوزير الغيني» خلال استقباله في شرق ليبيا (وزارة الخارجية بحكومة حماد)

وأمام تصاعد الجدل حول حقيقة «الوزير المزعوم» خرج وزير الخارجية الحويج، في مداخلة لقناة «الحدث» الليبية (الخميس)، ليدافع عن موقف حكومته، ويؤكد أن أمادو لامين سانو هو «وزير غيني تم استقباله في ليبيا بشكل رسمي».

واتهم الحويج حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، بالوقوف وراء هذه «الشائعات»، وأرجع ذلك لأن حكومته «تحقق اختراقات» رغم الاعتراف الدولي بحكومة طرابلس، التي قال إن «لديها مشاكل».

بل إن الحويج قال إن أمادو لامين سانو يشغل أيضاً منصب وزير مكلف بشؤون الحج والعمرة لدولة غينيا بيساو، كما أنه مسؤول عن الشؤون الإسلامية والعربية في برلمانها.

وكان أمادو لامين سانو بحث في اللقاء الذي حضره أيضاً رئيس ديوان مجلس النواب عبد الله المصري الفضيل، سبل تعزيز التعاون المشترك بين البلدين الصديقين.

ومع تواصل أصداء هذه الواقعة، قال رئيس تحرير جريدة «الوسط»، بشير زعبية إن حادثة «(الوزير الغيني المزعوم) ليست الأولى».

وذكّر زعبية بحادثة مماثلة كانت أحداثها في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018 عندما استقبل عدد من مسؤولي حكومة «الوفاق الوطني» آنذاك شخصاً من مالطا وقد انتحل صفة مبعوث رئيس الوزراء المالطي جوزيف موسكات، قبل أن تكشف أمره الحكومة المالطية.

وقد قال خليل الحاسي: «لم يكتشف الأمن الداخلي ولا المخابرات في بنغازي ذلك الاختراق الأمني، بل دولة غينيا بيساو التي أرسلت مذكرة عاجلة رداً على احتجاج سفارة ليبيا على الزيارة؛ لأنها تعني الاعتراف بحكومة حماد وليس الدبيبة».

يُشار إلى أنه في مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أجرى حماد اتصالاً هاتفياً مع روي دوارتي دي باروس رئيس وزراء جمهورية غينيا بيساو.

وقالت الحكومة حين ذلك، إنهما تبادلا وجهات النظر حول تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، وسبل التعاون في المجالات ذات الأهمية المشتركة.