مصر والبرازيل تسعيان لتنسيق يخدم مصالح «دول الجنوب»

السيسي ولولا دا سيلفا وقعا اتفاقيات للتعاون في القاهرة

الرئيسان المصري والبرازيلي أكدا أهمية وقف إطلاق النار في قطاع غزة (الرئاسة المصرية)
الرئيسان المصري والبرازيلي أكدا أهمية وقف إطلاق النار في قطاع غزة (الرئاسة المصرية)
TT

مصر والبرازيل تسعيان لتنسيق يخدم مصالح «دول الجنوب»

الرئيسان المصري والبرازيلي أكدا أهمية وقف إطلاق النار في قطاع غزة (الرئاسة المصرية)
الرئيسان المصري والبرازيلي أكدا أهمية وقف إطلاق النار في قطاع غزة (الرئاسة المصرية)

بحثت قمة مصرية - برازيلية عقدت في القاهرة (الخميس)، التنسيق المشترك بين البلدين في المحافل الدولية «في ضوء الثقل الإقليمي لكل من الدولتين، وجهودهما المشتركة لتطوير وإصلاح منظومة الحوكمة الدولية، لتعكس بشكل أكثر عدالة مصالح دول الجنوب»، وكذلك في ضوء عضويتهما في مجموعة «بريكس».

واستقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بقصر الاتحادية، شرق القاهرة، نظيره البرازيلي، لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، وأفاد المتحدث باسم الرئاسة المصرية، أحمد فهمي، بأن «المباحثات بين الرئيسين تناولت العلاقات الثنائية، بالإضافة إلى رئاسة البرازيل لمجموعة العشرين لهذا العام ودعوتها مصر للمشاركة بوصفها ضيفاً في اجتماعات المجموعة».

وبدأ دا سيلفا زيارة إلى مصر، هي الأولى لرئيس برازيلي منذ نحو عشرين عاماً، بالتزامن مع مرور 100 عام على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وذلك ضمن جولة أفريقية تشمل أيضاً إثيوبيا.

وهذه الزيارة الرسمية الثانية للرئيس البرازيلي إلى أفريقيا منذ فوزره بالرئاسة في أكتوبر (تشرين الأول) 2022؛ إذ زار في أغسطس (آب) من العام الماضي، جنوب أفريقيا وأنغولا وساو تومي وبرينسيبي.

وشهد السيسي ولولا دا سيلفا توقيع عدد من الاتفاقيات بين البلدين في مجالات العلوم والتكنولوجيا والزراعة. وبحثا سبل تطوير العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، ورفع مستوى العلاقات إلى «الشراكة الاستراتيجية».

السيسي يصافح لولا دا سيلفا خلال لقائهما في القاهرة (الرئاسة المصرية)

وقال السيسي خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره البرازيلي، إن المباحثات عكست حجم التوافق بين الجانبين في المجالات المختلفة وفيما يخص القضايا الدولية.

وأضاف: «اتفقنا على تطوير العلاقات بين مصر والبرازيل، سياسياً وصناعياً وزراعياً وثقافياً، وسأقوم بزيارة البرازيل»، واتفقنا على «تشكيل لجنة مشتركة على مستوى البلدين لتنسيق موضوعات وملفات التعاون والأهداف التي سيتم تحقيقها من خلال هذه اللجنة».

شراكة استراتيجية

من جانبه، قال الرئيس البرازيلي إنه بحث مع الرئيس السيسي رفع العلاقات بين البلدين، لمستوى «الشراكة الاستراتيجية»، وأضاف: «ناقشت مع الرئيس المصري الموضوعات والإجراءات التي من شأنها جعل تعاوننا ينمو مرة أخرى في المجال الثنائي ويتوسع في المحافل متعددة الأطراف».

وبلغ حجم التبادل التجاري بين مصر والبرازيل 3.4 مليار دولار خلال عام 2023 مقابل 4.2 مليار دولار خلال عام 2022، بنسبة انخفاض 18 في المائة، وفقاً لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في مصر.

وأشار الرئيس البرازيلي إلى أن انضمام مصر إلى تجمع «بريكس» سيعزز الدول النامية في المجموعة.

وقال: «في إطار (بريكس) سوف نعمل على إصلاح الحوكمة الدولية وبناء السلام، وخاصة في ظل الوضع الراهن، وبالتالي فإن (بريكس) تمنح البلدان فرصة المشاركة في مسيرة التنمية، وهناك اهتمام من جانب البرازيل بتعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية في (بريكس)، كيلا يرتبط العالم بعملة واحدة».

وانضمت المملكة العربية السعودية ومصر وإيران والإمارات وإثيوبيا بداية من يناير (كانون الثاني) الماضي إلى تجمع «بريكس» الذي يضم روسيا والبرازيل والصين والهند وجنوب أفريقيا.

غزة

في غضون ذلك، أكد الرئيس البرازيلي «ضرورة أن تعمل الأمم المتحدة من أجل وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة»، لافتاً إلى أن «الأمم المتحدة لا تملك القوة الكافية لوقف الحرب في قطاع غزة»، موضحاً أن «إسرائيل انتهكت كل القرارات والقوانين والأعراف الدولية في عــدوانها على قطاع غزة»، مشيراً إلى أن البرازيل تدعم مبادرة مصر بأن «تكون منطقة الشرق الأوسط خالية من السلاح النووي».

ولفت إلى أنه «من المهم العمل مع مصر للتوصل إلى حل للصراع في قطاع غزة»، مشدداً على أنه لن يتحقق السلام سوى بوجود دولة فلسطينية.

قافلة مساعدات مصرية تغادر معبر رفح بعد توصيل الإغاثات للقطاع (الهلال الأحمر المصري)

من جانبها، أكدت سفيرة مصر لدى البرازيل، مي طه خليل، أن زيارة الرئيس لولا دا سيلفا إلى القاهرة؛ تعكس تقديراً برازيلياً لحجم وثقل الدور المصري المحوري والاستراتيجي في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.

وأضافت في تصريحات أوردتها وكالة أنباء «الشرق الأوسط» الرسمية في مصر، الخميس، أن «الزيارة تعد تقديراً من قبل البرازيل لجهود مصر من أجل إحلال الأمن والاستقرار في محيطها العربي والأفريقي»، لافتة إلى «تبني البرازيل موقف مصر الداعي للوقف الفوري لإطلاق النار، وضرورة إنفاذ المساعدات الإغاثية لأهل غزة للحد من الأوضاع الكارثية الإنسانية داخل القطاع، وكذا دعم المسار التفاوضي للوصول إلى حل الدولتين بوصفه سبيلاً وحيداً لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة».

ولفتت السفيرة المصرية إلى أن البرازيل «تثمن الجهود المصرية في الوساطة السياسية بين الجانبين للتوصل إلى اتفاق يقضي بوقف إطلاق النار في قطاع غزة وإطلاق سراح الرهائن والإفراج عن عدد كبير من الأسرى الفلسطينيين، في إطار خطوات ترضي جميع الأطراف، علاوة على مساعي مصر المضنية للحيلولة دون اتساع رقعة الصراع بالإقليم».


مقالات ذات صلة

مصر تطالب بخفض التوترات في المنطقة و«ضبط النفس»

شمال افريقيا جانب من محادثات وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع نظيره الإيراني في القاهرة الشهر الماضي (الخارجية المصرية)

مصر تطالب بخفض التوترات في المنطقة و«ضبط النفس»

أعرب وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، خلال اتصال هاتفي تلقاه من نظيره الإيراني، عباس عراقجي، مساء الخميس، عن قلق بلاده «من استمرار التصعيد في المنطقة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شؤون إقليمية وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير (رويترز)

ماذا نعرف عن «الخلية الفلسطينية» المتهمة بمحاولة اغتيال بن غفير؟

للمرة الثانية خلال ستة شهور، كشفت المخابرات الإسرائيلية عن محاولة لاغتيال وزير الأمن القومي الإسرائيلي، المتطرف إيتمار بن غفير، الذي يعيش في مستوطنة بمدينة…

نظير مجلي (تل ابيب)
تحليل إخباري فلسطينيون يبحثون عن ضحايا عقب غارة إسرائيلية وسط مدينة غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري حديث إسرائيلي عن «إدارة عسكرية» لغزة يعقّد جهود «الهدنة»

الحديث الإسرائيلي عن خطط لإدارة غزة يراه خبراء، تحدثوا مع «الشرق الأوسط»، بمثابة «تعقيد خطير لجهود التهدئة المتواصلة بالمنطقة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي المندوب الأميركي البديل لدى الأمم المتحدة روبرت وود يرفع يده لنقض مشروع قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة خلال اجتماع لمجلس الأمن (أ.ف.ب)

أميركا تحبط الإجماع الدولي على المطالبة بوقف إطلاق النار فوراً في غزة

خرجت الولايات المتحدة عن إجماع بقية أعضاء مجلس الأمن لتعطيل مشروع قرار للمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي فلسطينيون يتجمعون لتلقي مساعدات الطعام وسط أزمة الجوع مع استمرار الحرب في جنوب قطاع غزة (رويترز)

تنديد أممي بالسرقة «المنظمة» للمساعدات الإنسانية لغزة

ندّد المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة اليوم (الثلاثاء) بسرقة المساعدات الإنسانية في غزة، معتبرا أن هذه الظاهرة «أصبحت منظّمة ويجب أن تتوقف».

«الشرق الأوسط» (غزة)

السودان: توغل «الدعم السريع» في النيل الأزرق والجيش يستعيد بلدة

النيران تلتهم سوقاً للماشية نتيجة معارك سابقة في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أ.ف.ب)
النيران تلتهم سوقاً للماشية نتيجة معارك سابقة في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أ.ف.ب)
TT

السودان: توغل «الدعم السريع» في النيل الأزرق والجيش يستعيد بلدة

النيران تلتهم سوقاً للماشية نتيجة معارك سابقة في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أ.ف.ب)
النيران تلتهم سوقاً للماشية نتيجة معارك سابقة في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أ.ف.ب)

توغلت «قوات الدعم السريع» على نحو مفاجئ في ولاية النيل الأزرق، جنوب شرقي السودان، وفرضت سيطرتها على بلدتي (جريوة ورورو) بمحلية التضامن، فيما استعاد الجيش بلدة اللنكدي بولاية سنار المجاورة.

وبثت عناصر من «قوات الدعم» مقاطع فيديو على منصة «إكس»، يؤكدون فيها وجودهم داخل المناطق التي تبعد نحو 70 كيلومتراً من مدينة الدمازين عاصمة الولاية، التي تضم مقر الفرقة الرابعة للجيش السوداني.

من آثار القصف في الفاشر (مواقع التواصل)

وكانت «قوات الدعم السريع» تقدمت في سبتمبر (أيلول) الماضي، وبسطت سيطرتها على بلدة رورو، إلا أنها انسحبت، وعادت أدراجها لتنضم إلى قواتها الرئيسية المتمركزة في الدالي والمزوم داخل ولاية سنار.

ومن جهة ثانية، أعلنت منصات إعلامية استعادة الجيش بلدة اللكندي التي تقع على بُعد نحو 60 كيلومتراً من عاصمة ولاية سنار سنجة.

وكانت قوات الجيش استعادت، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مدينتي الدندر والسوكي بسنار، بالإضافة إلى عدد من البلدات الصغيرة المحيطة بهما.

وتشير أنباء متداولة إلى أن الجيش أحرز تقدماً كبيراً نحو مدينة سنجة التي سيطرت عليها «قوات الدعم السريع»، يونيو (حزيران) الماضي.

وفي الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (غرب البلاد)، تبدد الهدوء بتجدد المواجهات بين الجيش والقوة المشتركة للفصائل المسلحة المتحالفة معه من جهة، و«قوات الدعم السريع» من جهة أخرى. وأفادت مصادر محلية «الشرق الأوسط» بأن «قوات الدعم» قصفت بالمدفعية الثقيلة عدداً من الأحياء السكنية باتجاه قيادة الفرقة السادسة العسكرية.

الدمار الذي حل بمستشفى الفاشر في إقليم دارفور (صفحة حاكم الإقليم في «فيسبوك»)

وأضافت: «القصف جاء بعد أيام من حالة الهدوء التي شهدتها المدينة، وتراجع المواجهات البرية التي كانت تجري بين الأطراف المتحاربة».

وقالت الفرقة السادسة مشاة التابعة للجيش بالفاشر إن المدينة تشهد حالة من الهدوء بنسبة 80 في المائة مقارنة بالأيام الماضية.

وبحسب وكالة الأنباء السودانية الرسمية، فإن «ميليشيات (الدعم السريع) قصفت عشوائياً عدداً من الأحياء المتفرقة»، دون وقوع أي أضرار بالمدينة.

وقالت الفرقة إن الطيران الحربي شن ثلاث غارات جوية «استهدفت معاقل العدو، وحققت نجاحات كبيرة، وتراجعت الميليشيات إلى شرق المدينة».

وأكد الجيش «أن الأوضاع تحت السيطرة، وأن قواته متقدمة في كل المحاور القتالية».

بدورها قالت القوة المشتركة للفصائل المسلحة إنها «أحبطت خلال الأيام الماضية هجمات عنيفة شنتها (قوات الدعم السريع) من عدة محاور على الفاشر»، في حين تقول مصادر محلية إن «(قوات الدعم السريع) توغلت وأحكمت سيطرتها على المستشفى الرئيسي بالمدينة. وتحاول التقدم إلى داخل الفاشر، بعد أن تمكنت خلال المعارك الماضية من التوغل في الأحياء الطرفية، ونصبت خنادق دفاعية على مسافة قريبة من قيادة الفرقة لكنها تجد مقاومة شديدة من الجيش وقوات الفصائل المسلحة».

تسبب اندلاع القتال في الفاشر في نزوح مئات الآلاف إلى المحليات الآمنة شمال الولاية (أ.ف.ب)

وقال مقيمون في الفاشر إن آلاف الأسر يواصلون النزوح من المدينة؛ بسبب القصف المدفعي والصاروخي العشوائي الذي يستهدف المناطق المأهولة بالمدنيين.

وتشير الإحصاءات الرسمية إلى مقتل وإصابة أكثر من 1000 شخص على الأقل في صفوف المدنيين في القتال الدائر بالمدينة منذ العام الماضي.

ووفقاً لحصر الأمم المتحدة وشركاء العمل الإنساني في السودان، فقد قُتِل أكثر من 188 ألف شخص، وأصيب أكثر من 33 ألفاً منذ اندلاع الصراع في أبريل (نيسان) 2023.