تواصل انقطاع الاتصالات يُهدد حياة السودانيين

مرصد: انهيار جديد للشبكات وتوقف واسع في خدمات المحمول

أطفال سودانيون فروا من الصراع في دارفور بالسودان (رويترز)
أطفال سودانيون فروا من الصراع في دارفور بالسودان (رويترز)
TT

تواصل انقطاع الاتصالات يُهدد حياة السودانيين

أطفال سودانيون فروا من الصراع في دارفور بالسودان (رويترز)
أطفال سودانيون فروا من الصراع في دارفور بالسودان (رويترز)

للمرة الثانية خلال أسبوع، قطعت خدمة الاتصالات بشكل شبه كُلي في السودان، ودخلت البلاد في شبه عزلة تامة، بما في ذلك العاصمة البديلة بورتسودان (حيث تتمركز قيادات الجيش ومجلس السيادة).

وقال موقع مراقبة خدمة الإنترنت الدولي «نت بلوكرز»، إن «بيانات الشبكة أظهرت انهياراً جديداً للاتصال بالإنترنت مع انقطاع خدمة الهاتف المحمول، بتوقف شركة الاتصالات الوحيدة (زين السودان)، التي ظلت تعمل جزئياً منذ الجمعة الماضية، بسبب زيادة حدة التوتر بين الجيش و(قوات الدعم السريع)». فيما يخشى أن يؤدي قطع الاتصالات لتفاقم الكارثة الإنسانية التي يعيشها المدنيون جراء الحرب.

ويشل انقطاع الاتصالات والإنترنت أعمال الحكومة، وعلى رأسها البنوك والمصارف وخدمات والمطارات، والخدمات الطبية، وأعلنت «إدارة الجوازات والهجرة» توقف خدمة جوازات السفر، كما أعلنت سفارات عدة في السودان عن توقف خدمة الجوازات.

ويُخشى على نطاق واسع أن يتسبب قطع الاتصالات في «كارثة إنسانية» تضاف للكوارث الناجمة عن القتال، لا سيما وأن معظم المواطنين يعتمدون في شراء احتياجاتهم والحصول على المساعدات من ذويهم داخل البلاد وخارجها على «التطبيقات البنكية»، في ظل انعدام السيولة ومخاطر حملها، ويهدد توقف الخدمات البنكية أعداداً كبيرة من السكان بـ«المجاعة»، ويضاعف من حدة الأزمة الإنسانية الحادة التي تعيشها البلاد بسبب الحرب.

وتقول التقارير الأممية إن نحو 18 مليون مواطن سوداني مهددون بالجوع، وهم بحاجة ملحة وعاجلة للمساعدات الإنسانية.

ويوم الأحد الماضي، دخلت العاصمة السودانية البديلة بورتسودان في «عزلة كاملة» عن بقية أنحاء البلاد، جراء قطع الاتصالات عنها، وقالت «هيئة الاتصالات» وهي الجهة الرسمية المسؤولة عن الاتصالات وقتها، إن «(قوات الدعم السريع) أوقفت الخدمة كلياً عن مراكز البيانات لشركتي (سوداني، وMTN) للهاتف الجوال، احتجاجاً على قطع الخدمة عن إقليم دارفور الذي تسيطر عليه، وأمهلت شركة (زين السودان) ثلاثة أيام لإعادة الخدمة لولايات دارفور، أو قطعها عن ثلاث ولايات بينها مدينة بورتسودان التي تعد العاصمة الفعلية البلاد».

ووفقاً لشهود، فإن ولايات دارفور التي تسيطر على معظمها «الدعم السريع» منذ قرابة الشهرين، تعيش عزلة كاملة عن البلاد والعالم بسبب قطع خدمة الاتصالات، وتُرجع شركات الاتصالات انقطاعها إلى دمار بينتها التحتية بسبب الحرب هناك، بيد أن الخدمة ووفقاً للشهود عادت إلى مدينة الجنينة، مع عودة الخدمة إلى بورتسودان (الثلاثاء).

وصباح الثلاثاء، أجرت «الشرق الأوسط» اتصالات مع مواطنين في كل من بورتسودان والخرطوم وعدد من مدن البلاد، على هواتف شبكة «زين السودان»، بينما لم يتم الوصول إلى الهواتف التي تعمل على شركتي «سوداني، MTN».وسخر سودانيون موالون لـ«الدعم السريع» عبر تعليقات على منصات التواصل الاجتماعي، من حجة شركات الاتصالات بأن «قطع خدماتها من الإقليم تعود لأسباب فنية»، ورأوا أن عودة الخدمة لـمدينة الجنينة تدل على أن «الخدمة كانت مقطوعة عن دارفور بأوامر الجيش، وبناء على ذلك عادت الخدمة ليوم واحد إلى معظم أنحاء البلاد».

ويتبادل طرفا القتال في السودان الاتهامات بقطع الاتصالات، وفي حين اتهم الجيش صراحة «الدعم السريع»، نقلت «وكالة أنباء العالم العربي»، عن عضو المكتب الاستشاري للدعم السريع مصطفى إبراهيم أن «مسؤولية قطع الاتصالات تقع على الحكومة السودانية، وأن قواته لم تقطع الخدمة، بل إن هناك لجنة فنية تابعة له عملت على صيانة الأبراج التي خرجت عن الخدمة في الخرطوم ومدن أخرى».

وكانت شركتا «MTN، وسوداني» قد أعلنتا في بيانين مقتضبين أن خدمتيهما توقفتا لـ«ظروف خارجة عن إرادتيهما»، وأنهما تسعيا لإعادة الخدمة في أقرب وقت، لكن خدمة الشركتين لم تعد للمشتركين منذ السبت الماضي، فيما قالت شركة زين السودان، إنها تعمل على المحافظة على خدمة الاتصالات والإنترنت، للتقليل من آثار توقفها «الكارثية» على المواطنين، وقالت إن فرقها الفنية ومنتسبيها يعملون في «ظروف صعبة وقاسية وخطيرة للغاية»، وإن قطع الخدمة الحالي «يأتي لظروف خارج إرادتها».


مقالات ذات صلة

مقتل 10 جنود سودانيين في هجوم بالمسيّرات على قاعدة عسكرية

شمال افريقيا مشاهد الدمار في أحد أحياء أم درمان بالسودان في أغسطس الماضي (د.ب.أ)

مقتل 10 جنود سودانيين في هجوم بالمسيّرات على قاعدة عسكرية

لقي 10 جنود من الجيش السوداني في هجوم بطائرات مسيّرة شنته قوات «الدعم السريع» على قاعدة عسكرية بمدينة شندي (شمال) في توسع بنطاق استخدام المسيّرات الانتحارية

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا امرأة نازحة سودانية تستريح داخل ملجأ في مخيم زمزم شمال دارفور 1 أغسطس 2024 (رويترز) play-circle 01:57

مرصد عالمي يؤكد تفشي المجاعة في مناطق جديدة بالسودان

قال مرصد عالمي للجوع، الثلاثاء، إن نطاق المجاعة في السودان اتسع إلى خمس مناطق جديدة، ومن المرجح أن يمتد إلى خمس مناطق أخرى، بحلول مايو (أيار) المقبل.

«الشرق الأوسط» (لندن) محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان بين جنود القاعدة البحرية في بورتسودان (أ.ف.ب)

تسارع خطى تكوين حكومة سودانية «موازية» في مناطق «الدعم السريع»

تتسارع المشاورات بين «قوى سياسية» سودانية وحركات مسلحة من جهة، وممثلين عن «الدعم السريع» من الجهة الأخرى، في العاصمة الكينية نيروبي، لبحث تكوين حكومة «موازية».

أحمد يونس (كمبالا)
أفريقيا عبور أكثر من خمسة آلاف شخص الحدود من السودان إلى جنوب السودان حيث تستشري أعمال عنف مختلفة (أ.ب)

تحذيرات من وضع «صعب للغاية» عند حدود جنوب السودان مع تدفق اللاجئين

حذّرت منظمة أطباء بلا حدود الاثنين من أن الوضع عند حدود جنوب السودان «صعب للغاية»، مع فرار آلاف الأشخاص من السودان المجاور إثر اشتداد القتال.

«الشرق الأوسط» (نيروبي)
شمال افريقيا اندلع الصراع بين «الدعم السريع» والجيش في أبريل 2023 (أرشيفية - رويترز)

«الدعم السريع» تستعيد السيطرة على قاعدة رئيسية في دارفور

قالت «قوات الدعم السريع» السودانية إنها استعادت السيطرة على قاعدة لوجيستية رئيسية في شمال دارفور، اليوم (الأحد).

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

السلطات المصرية تحسم جدل «ضريبة» الجوالات المستوردة

مصر وضعت ضوابط لمنع تهريب الجوالات (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مصر وضعت ضوابط لمنع تهريب الجوالات (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

السلطات المصرية تحسم جدل «ضريبة» الجوالات المستوردة

مصر وضعت ضوابط لمنع تهريب الجوالات (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مصر وضعت ضوابط لمنع تهريب الجوالات (تصوير: عبد الفتاح فرج)

حسمت مصر إشاعات فرض ضريبة جديدة على الجوالات المستوردة من الخارج، بداية من يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكدت أنه لا جمارك جديدة ستفرض، لكن ستطرح منظومة جديدة لمواجهة التهريب، الذي كان يصل لنحو 95 في المائة من الواردات ويضر خزينة الدولة.

وأكد مسؤول مصري في تصريحات، الأربعاء، أن المنظومة ستطبق خلال أيام، بهدف مزيد من الحوكمة، وتطويق عمليات تهريب أجهزة الجوالات غير المسبوقة من الخارج، وسط تأكيد مختصين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن الإجراء سيحمي الاستثمارات الداخلية، ويشجع الصناعة المحلية دون أي تأثير على أسعار الهواتف داخل مصر.

وكشف نائب وزير المالية المصرية، للسياسات الضريبية، شريف الكيلاني، في مقطع مصور الأربعاء، عن أن هناك «إشاعات انتشرت في الآونة الأخيرة خاصة بفرض ضريبة جديدة على الجوّال»، مؤكداً أنه «لا فرض ضريبة إضافية على الجوالات».

هواتف «غوغل بيكسل» الجديدة (غوغل)

كما أوضح المسؤول المصري أن «كل ما في الأمر هو أن هناك حوكمة أكبر للجوالات القادمة من المنافذ الجمركية»، لافتاً إلى أن «الآونة الأخيرة شهدت للأسف الشديد ظاهرة تهريب الجوالات بطريقة فاقت التوقعات».

«ويتم تهريب 95 في المائة من الجوالات المستوردة، وتدفع فقط 5 في المائة الرسوم الجمركية المقررة منذ زمن»، بحسب الكيلاني، الذي شدد على أن التهريب أضر بالخزينة العامة للدولة، دون تحديد قيمة الخسائر.

وتعد رسوم استيراد أجهزة الاتصالات محددة وثابتة، وتشمل 14 في المائة ضريبة قيمة مضافة، و10 في المائة رسوم جمارك.

ولمواجهة آفة التهريب، قال نائب وزير المالية، إن الوزارة صممت تطبيقاً على الجوالات يسمح للقادمين من الخارج، سواء في المواني أو المطارات، بتسجيل جوالاتهم الشخصية عن طريق التطبيق بمجرد دخولهم إلى البلاد، دون أي جمارك أو رسوم إضافية، على أن يتم إرسال رسالة نصية للجوالات المهربة غير المسجلة على ذلك التطبيق، تنص على المطالبة بدفع الرسوم الجمركية المقررة خلال 90 يوماً، ليتم بعدها وقف تشغيل الجوالات المهربة غير المسددة للرسوم.

مصر لمواجهة تهريب الهواتف المحمولة (آبل)

ويوضح رئيس شعبة المحمول بالغرفة التجارية بالقاهرة، محمد طلعت، في حديث لـ«الشرق الأوسط» تفاصيل أخرى، مبرزاً أن هناك شكاوى قدمت للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، من صناع ومعنيين في السوق المحلية، من إدخال البعض جوالات مستوردة من الخارج، دون دفع جمارك أو ضرائب، مما يضر باستثماراتهم والسوق المحلية. وأكد أن التطبيق «سيواجه ذلك التهريب، وينتظر الإعلان عن موعد دخوله حيز التنفيذ، ولن يؤثر سلباً على السوق»، موضحاً أن تلك الجوالات كانت تدخل بطريقة غير رسمية للبلاد، وكانت تضر السوق.

وكانت النائبة مرثا محروس، وكيل لجنة الاتصالات بمجلس النواب، قد كشفت قبل أيام عن أن هناك بلبلة بشأن وقف إدخال الجوالات المستوردة من الخارج، ابتداء من يناير 2025.

وأوضحت أن «هناك مشكلة في الرقابة، ذلك أن دخول الجوالات من السوق الأوربية لمصر بشكل كبير أثر على عملية البيع المحلي في مصر»، لافتة إلى أن الجوالات «سيتم السماح بدخولها لكن سيتم دفع الرسوم المقررة».

وأكدت وكيل لجنة الاتصالات بمجلس النواب أن دخول الجوال المستورد من الخارج بالضريبة «سيجعل تكلفته أغلى من سعره في الداخل، ومن ثمّ سيساهم في تقليل الاستيراد، وتعزيز البيع المحلي، وعدم اللجوء للخارج»، مؤكدة أن التوجهات الرسمية تفيد بدخول جوال واحد كل سنة دون ضريبة، وإن زاد على ذلك فلابد من دفع الرسوم المقررة.

وانتقد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، استيراد كميات كبيرة من السلع، من بينها الجوالات؛ ما يسبب أزمة في توافر الدولار، وقال خلال افتتاحه مشروعات نقل جديدة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن «بلاده تستورد بنحو 9 مليارات دولار (الدولار الأميركي يعادل 49.30 جنيه مصري) جوالات سنوياً»، ودعا إلى «ضرورة الاتجاه للتصنيع المحلي؛ لتقليل فاتورة الاستيراد».

ويتوقع رئيس شعبة المحمول بالغرفة التجارية بالقاهرة، محمد طلعت، أن يعزز عمل المنصة الجديدة مواجهة الجوالات المهربة داخل السوق، مرجحاً أنها قد تتلاشى مع مخاوف من عدم عملها داخل مصر، خاصة أنها قد لا تدفع الجمارك المقررة عليها، مشدداً على أن تلك الخطوة «ستشجع الاستثمارات المحلية بشأن تصنيع الجوالات، ولن تؤدي إلى أي ارتفاع جديد في أسعار الجولات داخل البلاد».

هاتف «شاومي 14 ألترا» (إدارة الشركة)

ويصل إجمالي الطاقة الإنتاجية للشركات الأجنبية المصنعة للجوالات في مصر إلى نحو 11.5 مليون وحدة سنوياً، حسب إفادة من وزارة الاتصالات المصرية، أغسطس (آب) الماضي.

وارتفعت واردات مصر من الجوالات بنسبة 31.4 في المائة، خلال الخمسة الأشهر الأولى من العام الحالي 2024، حيث سجلت 1.828 مليون دولار مقابل 1.391 مليون دولار خلال الفترة نفسها من عام 2023، حسب إفادة من «الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء» بمصر في أغسطس الماضي.