تقلبات «الهدنة» تزيد الضغوط على معبر «رفح»

مقترح إسرائيلي لاستخدام «كرم أبو سالم» بديلاً

معبر رفح بين مصر وقطاع غزة (أ.ف.ب)
معبر رفح بين مصر وقطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

تقلبات «الهدنة» تزيد الضغوط على معبر «رفح»

معبر رفح بين مصر وقطاع غزة (أ.ف.ب)
معبر رفح بين مصر وقطاع غزة (أ.ف.ب)

تحول معبر رفح إلى بند حاضر دائماً في سجال سياسي يتعلق بواقع دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، أو فيما يتعلق بترتيبات ما بات يُعرف بـ«اليوم التالي» بعد انتهاء الحرب في قطاع غزة، إضافة إلى تأثر الحركة من وإلى المعبر بتقلبات «الهدنة» في القطاع الفلسطيني.

وتطلق إسرائيل من حين إلى آخر تسريبات بشأن مستقبل التعامل مع الجانب الفلسطيني من المعبر، كان أحدثها ما أوردته تقارير إعلامية إسرائيلية بشأن دراسة الحكومة في تل أبيب مقترحاً يقضي بنقل موقع المعبر إلى منطقة «كرم أبو سالم» التي تمثل «مثلثاً» حدودياً بين مصر وقطاع غزة وإسرائيل.

وكشفت «القناة 13» في هيئة البث الإسرائيلية، السبت، عن رغبة حكومة بنيامين نتنياهو «في نقل موقع معبر رفح ليكون قريباً من معبر كرم أبو سالم»، ومن ثم تستعيد إسرائيل سيطرتها الأمنية على المعبر والتي كانت قد تخلت عنها عام 2005 بموجب الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة، والذي شمل أيضا انسحاباً من «محور فيلادلفيا» بالكامل.

وزعمت القناة أن إسرائيل تبحث حالياً مع مصر إمكانية نقل معبر رفح إلى منطقة معبر «كرم أبو سالم» المخصص للنقل التجاري، اعتقاداً بأن هذا الأمر سيتفادى حدوث نزاع بين إسرائيل ومصر حول قضية المعبر ومحور فيلادلفيا، بينما ستتمكن إسرائيل من إجراء تفتيش أمني، وفرض رقابة على حركة المرور من المعبر الذي تسيطر عليه حالياً حركة «حماس». وأضافت أن المصريين «لم يُبدوا استجابة بعد»، لكن الولايات المتحدة «متحمسة للفكرة».

وسبق أن نفى مصدر أمني رفيع المستوى في مصر لقناة «القاهرة الإخبارية»، الخميس، وجود أي ترتيبات أمنية جديدة بشأن محور صلاح الدين «فيلادلفيا». كما نفى المصدر ما جرى تداوله حول اقتراب التوصل مع إسرائيل لاتفاق حول رفح ومحور «فيلادلفيا» أو تركيب أية وسائل تكنولوجية جديدة بالمحور. ونفى وجود أي ترتيبات أمنية جديدة بشأن فيلادلفيا.

نازحون فلسطينيون من شمال غزة بالقرب من الجدار الفاصل بين مصر والقطاع (وكالة الأنباء الألمانية)

ورغم ذلك لا يتوقف حديث المسؤولين الإسرائيليين عما يمكن فعله للسيطرة على حدود القطاع، وإنهاء سيطرة حركة «حماس» على معبر رفح، إذ سبق أن أعلن نتنياهو في أكثر من مناسبة منذ بدء الحرب على قطاع غزة رغبة إسرائيل في السيطرة على محور صلاح الدين، والمعروف أيضاً باسم محور فيلادلفيا والذي يقع فيه معبر رفح البري، وهو ما رفضه الجانب المصري بقوة.

ويقع محور فيلادلفيا على امتداد 14 كيلومتراً عند الحدود بين غزة ومصر، ويُصنَّف منطقة عازلة بموجب معاهدة كامب ديفيد الموقعة بين مصر وإسرائيل عام 1979.

شريان حياة

ومنذ اندلاع الحرب في قطاع غزة، تحول معبر رفح إلى «شريان حياة» لدخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، في ظل قرار إسرائيل إغلاق جميع معابرها مع غزة، والتي يبلغ عددها 6 معابر، وإعلان مسؤولين إسرائيليين رفضاً حاسماً لدخول أي مساعدات عبر أراضيهم.

وخصصت مصر معبر رفح، وهو بالأساس مجهز لعبور الأفراد بين الجانبين المصري والفلسطيني إلى وسيلة لتمرير المساعدات الإغاثية واستقبال الجرحى والمصابين والحالات الإنسانية وخروج الأجانب من قطاع غزة.

وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الشهر الماضي، إن معبر رفح بين مصر وقطاع غزة مفتوح 24 ساعة طوال أيام الأسبوع، لكن الإجراءات التي تتخذها إسرائيل للسماح بدخول المساعدات تعرقل العملية، وأضاف أن هذا جزء من كيفية ممارسة الضغط بخصوص مسألة إطلاق سراح الرهائن.

حديث الرئيس المصري جاء في سياق الرد المصري على ما وصفته القاهرة بأنه «مزاعم وأكاذيب» من جانب فريق الدفاع الإسرائيلي أمام محكمة العدل الدولية، والتي زعموا خلال الجلسة الثانية للمحكمة بأن القاهرة هي المسؤولة عن منع دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى قطاع غزة من الجانب المصري لمعبر رفح.

وقال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية ضياء رشوان إن تهافت وكذب الادعاءات الإسرائيلية يتضحان من أن كل المسؤولين الإسرائيليين، أكدوا عشرات المرات في تصريحات علنية منذ بدء العدوان على غزة، أنهم لن يسمحوا بدخول المساعدات لقطاع غزة خصوصاً الوقود، لأن هذا جزء من الحرب التي تشنها إسرائيل على القطاع.

ومع تصاعد وتيرة العمليات العسكرية في قطاع غزة، واقترابها من منطقة رفح الحدودية، ازدادت حدة التصريحات الإسرائيلية بشأن مستقبل المنطقة الحدودية، بما فيها معبر رفح، الذي استُخدم منفذاً لخروج المحتجزين في قطاع غزة خلال الهدنة الوحيدة التي جرى التوصل إليها إلى الآن في قطاع غزة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بوساطة مصرية وقطرية وأميركية.

استهلاك محلي

ويصف السفير محمد العرابي وزير الخارجية المصري الأسبق، ورئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية التسريبات الإسرائيلية والتصريحات التي تصدر من حين إلى آخر من جانب مسؤولين حكوميين في تل أبيب بأنها «لا تعدو أن تكون تصريحات للاستهلاك المحلي»، مشيراً إلى أن الأمر «أكبر كثيراً من أن يتحكم فيه قرار إسرائيلي منفرد».

وأضاف العرابي لـ«الشرق الأوسط» ترتيبات القضايا الحدودية «محكومة باتفاقات دولية وتفاهمات بين دول عدة»، وبالتالي فإن الأحاديث الإسرائيلية عن تغيير هذا الواقع من جانب واحد «أمر خطير وغير مقبول»، لكنه أشار إلى أن إسرائيل تحولت إلى «دولة بها رؤوس عدة»، وهناك مجموعة قيادات في الحكم، وكل منها يطرح أفكاراً، ويدعو إليها سعياً لتحقيق مصالحه، عادّاً ذلك «في منتهى الخطورة».

وحول الموقف المصري من تلك الدعاوى الإسرائيلية، أشار وزير الخارجية المصري الأسبق، إلى أن مصر دولة مسؤولة، ولديها رؤية واضحة في إدارة سياستها الخارجية، وحماية متطلبات أمنها القومي، وهي «قادرة على التصدي لأي محاولات للمساس بهذا الأمن».

وكان وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت قد قال، الخميس، خلال اجتماع مع جنود شاركوا في العمليات العسكرية في خان يونس إن القوات الإسرائيلية ستصل إلى مدينة رفح «للقضاء على نشطاء حركة (حماس) هناك».

ورفح إحدى المناطق القليلة التي لم يقتحمها الجيش الإسرائيلي في الحرب المستمرة منذ 4 أشهر، وتحدث مسؤولون إسرائيليون مراراً عن الحاجة إلى تدمير ما يقولون إنه «أنفاق تُستخدم لتهريب الأسلحة إلى كل أنحاء قطاع غزة».

قافلة مساعدات مصرية تغادر معبر رفح بعد توصيل الإغاثات للقطاع (الهلال الأحمر المصري)

وقال تلفزيون «آي 24 نيوز» الإسرائيلي، يوم الجمعة، إن غالانت يروج لبناء جدار تحت الأرض على طول محور فيلادلفيا، بهدف «القضاء على الأنفاق».

وكان المتحدث باسم حركة «فتح» عبد الفتاح دولة قد ذكر في بيان، السبت، أن ما يجري من مخطط ضد رفح «بالغ الخطورة». وأضاف دولة أن «إسرائيل تخطط لتغيير مكان معبر رفح، وهذا يشير لاستهداف قادم لرفح، والمضي في مخطط التهجير».

وتابع قائلاً: «أهداف الاحتلال غير المعلنة أشد خطورة مما يظهر في العلن، فالعدوان المتواصل على قطاع غزة يسعى لسيطرة كاملة على القطاع عبر فصله، وإقامة منطقة عازلة على طول القطاع، والسيطرة على محور صلاح الدين (فيلادلفيا)».

بينما حذر المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك من خطورة التصريحات الإسرائيلية بشأن عملية عسكرية وشيكة في رفح. وقال تورك على منصة «إكس» إن هذه التصريحات «تدق ناقوس الخطر بشأن وقوع أعداد كبيرة من الضحايا، ومزيد من النزوح لأكثر من 1.5 مليون فلسطيني أمرهم الجيش الإسرائيلي بالتوجه إلى رفح سابقاً».


مقالات ذات صلة

جيش إسرائيل يرجّح أن يكون قتل أحد سكان كيبوتس خلال التصدي لهجوم «حماس»

شؤون إقليمية مقاتلون فلسطينيون خلال الهجوم على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023 (أ.ب)

جيش إسرائيل يرجّح أن يكون قتل أحد سكان كيبوتس خلال التصدي لهجوم «حماس»

قال الجيش الإسرائيلي، الجمعة، إن تحقيقاً داخلياً خلص إلى أنه «من المرجح جداً» أن يكون قد قتل أحد سكان كيبوتس في قتال مع عناصر «حماس» خلال هجوم 7 أكتوبر 2023.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي أقارب وأصدقاء الرهينة الإسرائيلي حمزة الزيادنة خلال مراسم دفنه (أ.ف.ب)

الجيش الإسرائيلي يؤكد مقتل رهينة مع والده في غزة

أكدت إسرائيل، الجمعة، أن رفات رهينة عُثر عليه مقتولاً في غزة تعود لحمزة الزيادنة، نجل الرهينة يوسف الزيادنة، الذي عُثر على جثته بجانبه في نفق بالقرب من رفح.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي فلسطينيون يتفقدون الأضرار الناجمة عن غارة جوية إسرائيلية على دير البلح وسط قطاع غزة (د.ب.أ)

البيت الأبيض: التوصل لاتفاق في غزة «ممكن» لكنه يحتاج للكثير من العمل الجاد

أعرب البيت الأبيض، الجمعة، عن اعتقاده أن التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن في غزة «أمر ممكن»، لكنه لن يحدث دون قدر كبير من العمل الجاد.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي فلسطينيون يحملون جريحاً في موقع غارة جوية إسرائيلية على مأوى للنازحين وسط قطاع غزة (رويترز)

«هدنة غزة»: ازدياد فرص الوصول لـ«صفقة»

رغم تسريبات عن «شروط جديدة» فإن عدة مؤشرات تشي بأن الاتجاه نحو «صفقة» في قطاع غزة يزداد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
تحليل إخباري جنود إسرائيليون داخل قطاع غزة في وقت سابق (رويترز)

تحليل إخباري مصر ترفض وجود قوات أجنبية في غزة... ما البدائل؟

وسط حديث يتصاعد عن خطط «لليوم التالي» في غزة، جددت مصر رفضها وجود قوات أجنبية في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

تونس: نقابة الصحافيين تندد بمحاكمة 3 إعلاميين في يوم واحد

من تظاهرة سابقة نظمها إعلاميون احتجاجاً على ما عدوه «تضييقاً على الحريات» (أ.ف.ب)
من تظاهرة سابقة نظمها إعلاميون احتجاجاً على ما عدوه «تضييقاً على الحريات» (أ.ف.ب)
TT

تونس: نقابة الصحافيين تندد بمحاكمة 3 إعلاميين في يوم واحد

من تظاهرة سابقة نظمها إعلاميون احتجاجاً على ما عدوه «تضييقاً على الحريات» (أ.ف.ب)
من تظاهرة سابقة نظمها إعلاميون احتجاجاً على ما عدوه «تضييقاً على الحريات» (أ.ف.ب)

نددت نقابة الصحافيين التونسيين، الجمعة، بمحاكمة 3 صحافيين في يوم واحد، بحادثة غير مسبوقة في تاريخ البلاد. وتنظر المحاكم التونسية، الجمعة، في 3 ملفات تخص الصحافية شذى بن مبارك، الموقوفة منذ يوليو (تموز) 2023، والناشط والمدون غسان بن خليفة، والمحامية والمعلقة الإعلامية سنية الدهماني.

وقالت النقابة، في تصريحات نقلتها «وكالة الصحافة الألمانية»، إن هذا يحدث لأول مرة في الصحافة التونسية «في تواصل لسياسة التنكيل التي ينتهجها القضاء».

وتخضع شذى بن مبارك إلى الإيقاف على خلفية التحقيقات بشأن شركة «ستالينجو»، المتخصصة بنشر مضامين صحافية على الإنترنت، وتواجه اتهامات بغسل أموال وتهديد أمن الدولة.

ورفض القضاء مطالب سابقة بالإفراج عن شذى بن مبارك، التي تعاني من مشكلات صحية، أو الإبقاء عليها بحالة سراح. كما يلاحَق أيضاً بن خليفة بسبب تدوينات على وسائل التواصل الاجتماعي، ونفى أن يكون هو من نشرها. أما المحامية والمعلقة بوسائل الإعلام، سنية الدهماني، فقد صدر ضدها حكم بالسجن لمدة سنتين، بسبب تصريحات لها بوسائل الإعلام بتهمة الإساءة والتشهير ونشر إشاعات.

وتنظر المحكمة، الجمعة، في الطعن الذي تقدم به محاموها. وطالبت النقابة، الجمعة، الدولة التونسية بتعديل سياستها في التعامل مع حرية التعبير، واحترام المرسوم (115) الخاص بحرية الصحافة، والإفراج عن الصحافيين، الذين مارسوا حقهم الدستوري والمشروع في الإعلام والتعبير.

وتنتقد منظمات حقوقية دولية، من بينها «العفو الدولية» و«الاتحاد الدولي للصحافيين»، تدهور وضع الحريات في تونس، بما في ذلك حرية التعبير، منذ سيطرة الرئيس قيس سعيّد على الحكم بشكل كامل في عام 2021.