«الاستقرار» الليبية تمدد نفوذها جنوباً على حساب «الوحدة»

القاهرة تدعو لخروج «المرتزقة» واستكمال مسار الانتخابات

السيسي مستقبلاً المنفي في قصر الاتحادية (الرئاسة المصرية)
السيسي مستقبلاً المنفي في قصر الاتحادية (الرئاسة المصرية)
TT

«الاستقرار» الليبية تمدد نفوذها جنوباً على حساب «الوحدة»

السيسي مستقبلاً المنفي في قصر الاتحادية (الرئاسة المصرية)
السيسي مستقبلاً المنفي في قصر الاتحادية (الرئاسة المصرية)

بينما تكثّف الحكومة الليبية المكلفة من البرلمان، والتي يرأسها أسامة حمّاد، تمديد نفوذها الأمني، ووجودها على الأرض في جنوب البلاد، بمواجهة سلطات طرابلس، جدّدت القاهرة دعمها مؤسسات الدولة الليبية «بقصد تمكينها من إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية».

السيسي مستقبلاً المنفي في قصر الاتحادية (الرئاسة المصرية)

وبدا، بحسب متابعين ليبيين، أن حكومة حمّاد ماضية في بسط سيطرتها على مناطق الجنوب، التي يشتكي سكانها التهميش والإقصاء، وذلك بعدما أعلن وزير داخليتها، اللواء عصام أبو زريبة، عن «تشكيل قوة أمنية مشتركة تضم الأجهزة الأمنية والمديريات بالمنطقة الجنوبية؛ بهدف تعزيز الاستقرار».

واجتمع أبو زريبة مساء (الأربعاء) بمقر الغرفة الأمنية بمدينة سبها مع قيادات أمنية بمدن الجنوب، وتم الاتفاق على تشكيل قوّة أمنية لبسط الأمن في المنطقة، وحماية المواطنين والممتلكات العامة والخاصة، ومكافحة الإرهاب والجريمة بأنواعها، كما نوقشت أوضاع العناصر الأمنية الوظيفية وتسلسلها الإداري.

أسامة حماد رئيس حكومة «الاستقرار» الموازية (الاستقرار)

ويأتي هذا الإجراء من حكومة حمّاد، الذي عدّه البعض «خصماً من رصيد» سلطات طرابلس، عقب لقاءين آخرين عقدهما سالم الزادمة، نائب رئيس الحكومة، مع قيادات محلية وأمنية بالجنوب الليبي، بحث معهم «أهم الصعوبات والعراقيل التي تواجه سير العمل بوزارة الحكم المحلي، وفروع الحرس البلدي ببلديات الجنوب، وسبل تذليلها للرفع من مستوى الأداء العام لعناصر وأفراد الجهاز».

الزادمة خلال لقائه بأعضاء من الحرس البلدي ببلديات الجنوب الليبي (حكومة حمّاد)

ويرى سياسيون ليبيون، أن حكومة حمّاد «زادت من تحركاتها خلال الشهرين الماضيين على صُعد عدة، من بينها ملف إعمار درنة، بجانب تزايد نفوذها جنوباً؛ وهو ما يعد حصاراً لحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة».

وفي حين لا تزال الأزمة تراوح مكانها ما بين الجمود السياسي، وتمسك أطراف الصراع بمناصبهم، دعت القاهرة «إلى العمل على ترسيخ وحدة وأمن الدولة الليبية، وخروج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة من البلاد، ومواصلة العمل على تعزيز قدرات مؤسسات الدولة الليبية للقيام بدورها، واستكمال مسار الانتخابات».

جاء ذلك خلال استقبال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اليوم (الخميس)، رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، في قصر الاتحادية. وقال المتحدث باسم الرئاسة المصرية، المستشار أحمد فهمي إن السيسي أكد خلال محادثاته مع المنفي «دعم مصـر للجهود كافة، الرامية لحماية وحدة الأراضي الليبية، ودعم مؤسسات الدولة لتمكينها من القيام بدورها لتحقيق الانتخابات، بما يحقق مصالح الشعب الليبي الشقيق، ويدفع مسار الاستقرار والتنمية في البلاد»، موضحاً أن اللقاء شدد على «أهمية العمل على ترسيخ وحدة وأمن الدولة الليبية، وخروج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة من البلاد».

الرئيس المصري خلال استقباله رئيس المجلس الرئاسي الليبي (الرئاسة المصرية)

ونقل بيان الرئاسة المصرية عن المنفي أنه «ثمّن دور القاهرة الداعم لليبيا على جميع الصعد، وما يُقدم من مساندة صادقة لجهود المصالحة الوطنية الشاملة». كما استعرض تطورات المشهد السياسي الليبي، «وما يبذله المجلس الرئاسي من جهد لتوحيد رؤى مختلف الأطراف في البلاد».

الكوني مستقبلاً باتيلي في مكتبه بطرابلس (المجلس الرئاسي الليبي)

في غضون ذلك، يواصل عبد الله باتيلي، المبعوث الأممي إلى ليبيا، جهوده بين أطراف الأزمة؛ سعياً لحلحلة الأزمة المستعصية، حيث التقى موسى الكوني، النائب بالمجلس الرئاسي، وقدم إحاطة حول اللقاءات التي أجراها خلال الأيام الماضية مع الأطراف السياسية؛ بهدف تقريب وجهات النظر بينها للخروج من حالة الانسداد السياسي، وتهيئة الظروف لإجراء الاستحقاق الانتخابي.

وقال المجلس الرئاسي، في بيان، اليوم (الخميس): إن الكوني وباتيلي استعرضا آخر مستجدات الأوضاع في ليبيا، وسبل دعم العملية السياسية التي تمهد الطريق لإجراء الانتخابات. مجدداً دعم المجلس الرئاسي مساعي البعثة الأممية، ودعوة باتيلي «إلى عقد حوار وطني بين الأطراف الليبية للخروج بتوصيات، تساهم في تحقيق تطلعات أبناء الشعب الليبي بإجراء انتخابات نزيهة وفق قوانين عادلة».

كما تطرق لقاء الكوني وباتيلي إلى الوضع في الجنوب الليبي «الذي يعاني عدم الاستقرار؛ بسبب تدني مستوى الخدمات، وموجات نزوح المهاجرين غير النظاميين من دول الجوار، جراء الوضع الهش في المنافذ الحدودية؛ الأمر الذي ستكون له تداعيات كبيرة على ليبيا». وشدد الكوني على «حاجة ليبيا العاجلة إلى دعم جهود تأمين الحدود، والحد من تدفق المهاجرين؛ ومكافحة الجريمة المنظمة، لضمان استقرار الجنوب وإحداث تنمية مكانية فيه».

في شأن ذي صلة، قال سفير ألمانيا لدى ليبيا، ميخائيل أونماخت، اليوم (الخميس)، إنه عقد لقاءً وصفه بـ«المثمر» مع الطاهر الباعور، المكلف تسيير أعمال وزارة الخارجية بحكومة الدبيبة، وتناول اللقاء أموراً عدة من بينها آخر مستجدات الوضع السياسي.

في شأن مختلف، نفت وزارة الداخلية بحكومة «الوحدة الوطنية» الأخبار، التي تحدثت عن تعرض مقر مديرية أمن طرابلس لهجوم مسلح اليوم.

وكان سكان بطرابلس سمعوا دوي إطلاق نار بالقرب من مقر ديوان مديرية أمن طرابلس بمنطقة زناتة، وعلى أثر ذلك انتشرت أنباء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تفيد بحدوث هجوم على مديرية الأمن، وسارعت الوزارة اليوم (الخميس) إلى نفي هذه الأنباء، وقالت: إن «ما جرى هو عملية اعتقال أحد المطلوبين بالمنطقة، ولم يتعرض مقر المديرية ولا أي من مقارها لهجوم»، مشيرة إلى أن ما يتردد عكس ذلك «مجرد شائعات لا صحة لها».


مقالات ذات صلة

لماذا تنتهي الاحتجاجات ضد «الوحدة» الليبية إلى «لا شيء»؟

تحليل إخباري جانب من احتجاجات مواطنين في طرابلس ضد حكومة الدبيبة بعد تصريحات المنقوش (أ.ف.ب)

لماذا تنتهي الاحتجاجات ضد «الوحدة» الليبية إلى «لا شيء»؟

شهدت بعض مناطق بغرب ليبيا مظاهرات متكررة بعضها جاء الأسبوع الماضي على خلفية اتهام حكومة «الوحدة» المؤقتة بـ«التطبيع مع إسرائيل».

جاكلين زاهر (القاهرة)
شمال افريقيا  القائم بأعمال سفارة أميركا خلال لقائه مع مسؤول المنطقة الحرة بمصراتة (القائم بالأعمال)

البعثة الأممية تدعو لـ«تحقيق فوري» في تعذيب محتجزين شرق ليبيا

دعت بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، اليوم الأربعاء، للتحقيق في «مقاطع فيديو متداولة، تُظهر تعذيب وسوء معاملة لعدد من المحتجزين في سجن قرنادة».

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا إردوغان مستقبلاً الدبيبة بالقصر الرئاسي في أنقرة (الرئاسة التركية)

إردوغان يبحث مستجدات الأزمة الليبية مع رئيس «الوحدة»

أجرى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مباحثات مع رئيس الحكومة الليبية المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، تناولت المستجدات في ليبيا، والعلاقات التركية - الليبية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شمال افريقيا ليبيون يصطفون انتظاراً للإدلاء بأصواتهم في الجولة الأولى من الانتخابات البلدية نوفمبر الماضي (مفوضية الانتخابات)

ليبيا تترقب مرحلة ثانية من انتخابات محلية «أكثر تعقيداً»

يرجع متابعون أهمية خاصة لهذه الجولة الانتخابية كونها تستهدف «البلديات الأكبر وذات الأوزان السياسية المهمة وفي طليعتها طرابلس وبنغازي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا تدشين أولى رحلات الخطوط التركية بعد غياب دام سنوات (حكومة شرق ليبيا)

تركيا تواصل انفتاحها على شرق ليبيا بتدشين رحلات إلى بنغازي

دشنت وزارة الطيران المدني بحكومة شرق ليبيا وأعضاء بمجلس النواب وعدد من القيادات الأمنية والعسكرية مراسم عودة الرحلات الجوية بين تركيا وبنغازي بعد توقف دام سنوات

خالد محمود (القاهرة )

المتحدث باسم «الصليب الأحمر»: ظروف إنسانية مأساوية بسبب الحرب في السودان

المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في السودان عدنان حزام (متداولة)
المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في السودان عدنان حزام (متداولة)
TT

المتحدث باسم «الصليب الأحمر»: ظروف إنسانية مأساوية بسبب الحرب في السودان

المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في السودان عدنان حزام (متداولة)
المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في السودان عدنان حزام (متداولة)

قال المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في السودان، عدنان حزام، إن «الحرب أفرزت واقعاً إنسانياً مريراً»، وإن حجم الاحتياجات كبير جداً، لكن المساعدات الإنسانية التي يتم تقديمها متواضعة بسبب تعقيدات الوصول إلى المناطق المتضررة من الحرب، وإدخال المساعدات وحركتها داخل البلاد».

وأضاف في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»، أن الوضع الإنساني في السودان بات «مأساوياً»، إذ إن الملايين من السودانيين يحتاجون إلى مساعدات إنسانية عاجلة، مشيراً إلى أن «عشرات الآلاف قتلوا وأصيبوا جراء الحرب التي تسببت أيضاً في نزوح أكثر من 11 مليون داخل وخارج السودان، وتأثرت البنى التحتية بشكل كبير خصوصاً خدمات المياه والصحة والكهرباء».

وأوضح حزام «أن ما يقدم من مساعدات للاستجابة الإنسانية للواقع المأساوي في السودان يهدف إلى التخفيف من هذه المعاناة بقدر المستطاع».

وقال إن اللجنة الدولية «تركز هذا العام على الأنشطة والاحتياجات الأساسية المنقذة للحياة في مجالي الصحة والحماية، وتقديم الإغاثة والمساعدات الغذائية والمالية للمجتمعات الأكثر تضرراً والقريبة من مناطق الحرب، بالإضافة إلى عملها في ملفات لم شمل الأسر التي تفرقت بسبب القتال، والبحث عن المفقودين».

وأضاف أن اللجنة تعمل بالتنسيق مع «الهلال الأحمر السوداني» في معظم مناطق البلاد، وتتعاون أيضاً مع السلطات الصحية الرسمية. وأشار إلى أن ملف المساعدات الإنسانية في السودان «شائك، وحجم الاحتياجات كبير جداً، وهذا التحدي يواجه المنظمات الإنسانية، ونحاول من خلال العمل المشترك التخفيف من المعاناة، ولا نستطيع أن نقول إنهاءها، لأن الصراع أفرز واقعاً إنسانياً مريراً».

أجزاء كبيرة من جنوب السودان تعاني من الحرب والمجاعة (أرشيفية - رويترز)

وأشار إلى أن اللجنة الدولية تتواصل مع جميع الأطراف في السودان لتسهيل عملها في الوصول للمحتاجين إلى المساعدات الإنسانية. وقال: «نحاول تذكير أطراف الصراع بالوفاء بالتزاماتهم الأخلاقية والقانونية، وفقاً لقواعد القانون الدولي الإنساني التي تحرم استهداف المدنيين والأعيان المدنية، وتسهيل الخروج الآمن للمواطنين أثناء عمليات النزوح، وعدم استهداف المرافق الصحية والخدمية التي توقفت 80 في المائة منها عن العمل».

ورأى المتحدث باسم «الصليب الأحمر» أن «سوء الواقع الصحي والبيئي في السودان انعكس سلباً على المواطنين، ما صعب حصول الكثيرين منهم على الرعاية الصحية، وفي ظل تفشي بعض الأوبئة والأمراض الموسمية تتضاعف جهود المؤسسات الصحية التي لا تزال تعمل».

وقال: «نأمل في أن تتوقف الاعتداءات على المرافق الصحية والطواقم الصحية، وأن يكون هناك مزيد من الاحترام لقواعد القانون الدولي الإنساني».

دور الوسيط

وبشأن إجلاء المدنيين العالقين في مناطق الحرب، أفاد حزام، بأن «اللجنة الدولية للصليب الأحمر في حوار دائم مع طرفي القتال: الجيش السوداني و(قوات الدعم السريع) في ملف الحماية، وحضّهما على فتح ممرات آمنه في مناطق الصراع، وهذا التزام قانوني وأخلاقي يجب الوفاء به».

مخيم في مدينة القضارف بشرق السودان لنازحين فروا من ولاية الجزيرة وسط البلاد (أرشيفية - أ.ف.ب)

وقال إن اللجنة الدولية «لعبت في الفترة الماضية دورها بوصفها وسيطاً محايداً في إخلاء وتسهيل خروج المحتجزين من الطرفين، لكن هذا يتم بتنسيق وطلب مباشر منهما، مع ضرورة وجود ضمانات أمنية». وأضاف: «مَن أراد البقاء من المدنيين يحظون بالحماية لكونهم لا يشاركون في العمليات العدائية والقتالية».

وعبَّرَ عن أمله في «أن يعم الأمن والسلام في السودان، لأن ذلك سيخفف بشكل كبير من المعاناة الإنسانية»، وقال: «إن الشعب السوداني يستحق أن يعيش في أمان». وأكد أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر «محايدة وتعمل باستقلالية وفق مبدأ عدم التحيز، وتحاول من خلال عملها الوصول إلى مَن هم بحاجة إلى المساعدات الإنسانية».

نساء وأطفال في مخيم للنازحين أقيم في مدينة ود مدني بالسودان (أ.ف.ب)

وقال إن اللجنة «منفتحة على الاستماع لأي انتقادات والرد عليها، ونأمل إنصاف ما تقدمه المنظمات من عمل، لأن الأزمة الإنسانية في السودان لا تحتمل الكثير من الجدل، الذي يؤثر بشكل كبير على عمليات الاستجابة الإنسانية»، مشيراً إلى مقتل وإصابة عدد من الموظفين في الحرب الدائرة.

ووفقاً لأحدث تقارير وكالات الأمم المتحدة، فإن أكثر من 25.6 مليون شخص في السودان بحاجة إلى مساعدات إنسانية، من بينهم 755 ألفاً في خطر المجاعة الحاد.