تونس تنتظر تمويلات أوروبية لتطوير الطاقة ولجم الهجرة

خلال قمة «إيطاليا - أفريقيا» في العاصمة روما

قمة «إيطاليا - أفريقيا» بمشاركة كثير من مسؤولي الضفتين (موقع الرئاسة التونسية)
قمة «إيطاليا - أفريقيا» بمشاركة كثير من مسؤولي الضفتين (موقع الرئاسة التونسية)
TT

تونس تنتظر تمويلات أوروبية لتطوير الطاقة ولجم الهجرة

قمة «إيطاليا - أفريقيا» بمشاركة كثير من مسؤولي الضفتين (موقع الرئاسة التونسية)
قمة «إيطاليا - أفريقيا» بمشاركة كثير من مسؤولي الضفتين (موقع الرئاسة التونسية)

شارك الرئيس التونسي قيس سعيد في قمة «إيطاليا - أفريقيا» في روما المنعقدة تحت شعار «خطة ماتي من أجل أفريقيا»، وبحضور 27 رئيس دولة وحكومة، وفي ظل خلافات حول طريقة التعامل مع ملف الهجرة غير النظامية، ومطالبة دول الجنوب بتوفير مساعدات مالية قادرة على توفير فرص تشغيل بما يكبح ظاهرة تنامي الهجرة.

ويحدو الأمل كبار مسؤولي ضفتي المتوسط للاستفادة من هذا التجمع الدولي المهم؛ من أجل تحقيق أهداف التنمية في مجال الطاقة على المستويين البعيد والمتوسط، وإطلاق مرحلة جديدة من التعاون، كما أن هذه القمة تمعن النظر في بعض القضايا التي تؤثر في القارة الأفريقية ونظيرتها الأوروبية أيضاً، التي منها التغيرات المناخية، والأمن الغذائي، والهجرة غير النظامية، وتحويل الطاقة النظيفة بين الجهتين.

ويرى عدد من المراقبين أن الهدف من القمة هو «تأمين إمدادات الطاقة الاتحاد إلى أوروبا، وتسريع التنمية في الدول الأفريقية، لإبطاء تدفقات الهجرة نحو القارة الأوروبية».

ورغم ذلك فلا يأمل كثيرون أن تتمخض القمة عن عدد من القرارات الفورية، نتيجة تضارب المصالح بين الطرفين، وهذا قد ينطبق بصفة كبيرة على الجانب التونسي من خلال متابعة النقاشات التي دارت إثر توقيع اتفاقية للشراكة الاستراتيجية بين تونس وأوروبا؛ فإيطاليا التي تتزعم قائمة المفاوضين الأوروبيين تسعى بكل الوسائل إلى لجم تدفق المهاجرين إلى سواحلها، وتلوّح بحزمة مساعدات مالية مهمة لتحقيق هذا الهدف، لكنها، في الوقت نفسه، تعمل على ضمان تدفق الطاقة بعد الهزة التي عرفتها الأسواق، نتيجة اندلاع حرب روسيا على أوكرانيا.

الرئيس التونسي خلال القمة (موقع الرئاسة التونسية)

وقد أكد الرئيس قيس سعيد أهمية تطوير الطاقة، مبرزاً في تصريحات نشرتها رئاسة الجمهورية على الصفحة الرسمية حرص «تونس على توفير مناخ سليم وملائم لتشجيع رجال الأعمال والمستثمرين على الاستثمار في البلاد، وإرساء علاقات شراكة وتبادل مع نظرائهم التونسيين في قطاعات واعدة على غرار الطاقة المتجددة، وتحلية المياه والصحة والصناعات الدوائية».

وفي هذا السياق، قال غازي بن جميع، الخبير التونسي في مجال الطاقة والمحروقات في تصريح لوكالة الأنباء التونسية الرسمية، إن تونس بصدد التخطيط لتعزيز العمل على مزيد الاستثمار في مجال الطاقة المتجددة خلال السنوات المقبلة، موضحاً أن خطّة تونس في مجال الطاقة «تهدف إلى الحد من اعتماد البلاد على إنتاج الغاز»، مبرزاً أهمية «التغلب على التحديات الهيكلية التي تواجهها البلاد في هذا المجال، من خلال العمل على إنتاج الطاقات البديلة (الطاقة الشمسية وطاقة الرياح) في مناطق الاستهلاك مباشرة، والعمل على إنتاج الهيدروجين»، على حد قوله.

ويعد مشروع الربط الكهربائي بين تونس وإيطاليا (ألماد)، من بين أهم المشاريع، وتشترك في تمويله «الشركة التونسية للكهرباء والغاز»، والمشغل الإيطالي «تيرنا».

غير أن آمال السلطات التونسية من هذه القمة تتجاوز الاستثمار في مجال الطاقة إلى المطالبة بمعالجة جذرية لملف الهجرة غير النظامية المنطلقة من سواحل تونس نحو إيطاليا المجاورة، والتمسك بضرورة معالجة الأسباب الجذرية لهذه الظاهرة.

وسبق أن عُقد منتصف شهر يوليو (تموز) الماضي في العاصمة الإيطالية، مؤتمر تمخض عن اتفاق أولي لمواجهة تدفق الأعداد المتنامية من المهاجرين باتجاه أوروبا، واتُفق على توفير التمويل اللازم لتنمية دول انطلاق طالبي اللجوء وكذلك دول العبور.

قيس وميلوني رئيسة وزراء إيطاليا (موقع رئاسة تونس)

وعُقد المؤتمر آنذاك بمشاركة 20 دولة، بهدف الحد من الهجرة غير النظامية، وبناء شراكات لمشاريع في قطاعات الزراعة والبنية التحتية والصحة. ووعدت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني بعقد مؤتمر للمانحين بشأن الهجرة غير النظامية. وقال الرئيس التونسي قيس سعيد إنه لا يمكن حل قضية الهجرة غير النظامية من خلال تحركات منفردة، واصفاً إياها بأنها من «أشكال العبودية الحديثة».

ووقّع الاتحاد الأوروبي وتونس، قبل نحو 7 أشهر، اتفاق «شراكة استراتيجية»، يتضمن تضييق الخناق على مهربي البشر، وتشديد الرقابة على الحدود، وتعهدت أوروبا أيضاً بتقديم مساعدات قيمتها 1.1 مليار دولار لدعم الاقتصاد التونسي.

وتقول السلطات الإيطالية، إن نحو 80 ألف شخص عبروا البحر المتوسط، ووصلوا إلى سواحل إيطاليا خلال النصف الأول من السنة الماضية، مقابل 33 ألفاً خلال الفترة نفسها من سنة 2022، وقد انطلق معظمهم من الساحل التونسي.


مقالات ذات صلة

نقاشات سعودية - أوروبية تتناول جهود حل النزاعات الإقليمية والدولية

الخليج وزير الدولة السعودي خلال اجتماعه مع أعضاء اللجنة السياسية والأمنية والممثل الخاص للاتحاد الأوروبي (واس)

نقاشات سعودية - أوروبية تتناول جهود حل النزاعات الإقليمية والدولية

شهدت العاصمة الرياض، الأحد، مناقشات سعودية - أوروبية تناولت جهود الجانبين في حل النزاعات الإقليمية والدولية وأوجه التعاون والتنسيق المشترك في العديد من المجالات

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)

لائحة الخلافات بين الجزائر وفرنسا في اتساع متزايد

يقول صنصال إن «أجزاء كبيرة من غرب الجزائر تعود إلى المغرب»، وإن قادة الاستعمار الفرنسي «كانوا سبباً في اقتطاعها، مرتكبين بذلك حماقة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
الخليج م. وليد الخريجي وفروخ شريفزاده يترأسان الجولة الثالثة من المشاورات السياسية بين السعودية وطاجيكستان في الرياض (واس)

مشاورات سعودية - طاجيكية تناقش تعزيز التعاون في شتى المجالات

بحثت جولة المباحثات الثالثة من المشاورات السياسية بين وزارتي الخارجية السعودية والطاجيكستانية، الأربعاء، تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج م. وليد الخريجي ترأس الجانب السعودي في الجولة الثانية من المشاورات السياسية مع «الخارجية الصينية» (واس)

مشاورات سعودية – صينية تعزز التنسيق المشترك

بحثت الجولة الثانية من المشاورات السياسية بين وزارتي الخارجية السعودية والصينية في الرياض، الاثنين، تطوير العلاقات الثنائية، وأهمية تعزيز التنسيق المشترك.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا أعلام الجزائر ترفرف في أحد شوارع العاصمة (رويترز)

الخلافات السياسية تعرقل صادرات القمح الفرنسي إلى الجزائر

كانت الجزائر تستورد ما بين مليونين و6 ملايين طن قمح فرنسي سنوياً؛ مما جعلها من أكبر زبائن فرنسا. غير أن الكميات المستوردة انخفضت بشكل لافت في السنوات الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

مصر: رفع أسماء 716 شخصاً من «قوائم الإرهاب»

مقر النيابة العامة المصرية (النيابة العامة)
مقر النيابة العامة المصرية (النيابة العامة)
TT

مصر: رفع أسماء 716 شخصاً من «قوائم الإرهاب»

مقر النيابة العامة المصرية (النيابة العامة)
مقر النيابة العامة المصرية (النيابة العامة)

قرّرت محكمة الجنايات في مصر «رفع أسماء 716 شخصاً من قوائم الكيانات الإرهابية، والإرهابيين»، ووفق إفادة للنيابة العامة المصرية، الأحد، فإن إجراء رفع أسماء مدرجين بـ«قوائم الإرهاب» يأتي في إطار توجه للحكومة المصرية بـ«مراجعة موقف جميع قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين؛ تمهيداً لرفع كل من يثبت توقف نشاطه الإرهابي من تلك القوائم».

ويحق للأسماء التي تم رفعها من «قوائم الإرهاب» التمتع بكامل حقوقها القانونية، سواء في التصرف في أموالها، أو السفر والانتقال، وفق القانون المصري.

ويقضي قانون أقرّته السلطات المصرية في عام 2015 بفرض عقوبات على الأشخاص المدرجين على «قوائم الإرهاب»، تشمل وضعهم على قوائم ترقب الوصول، ومصادرة جوازات سفرهم، وتجميد أصولهم المالية. وكلفت النيابة العامة المصرية الجهات الأمنية بمراجعة الموقف الأمني للمدرجين على قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين، للوقوف على مدى استمرار نشاطهم الإرهابي؛ تمهيداً لرفع كل من يثبت توقف نشاطه من تلك القوائم، وفق إفادة النيابة العامة، الأحد.

وأشارت «النيابة» إلى أن «تحريات الجهات الأمنية، أسفرت عن توقف 716 شخصاً، من المدرجين بقوائم الإرهاب، عن أنشطتهم غير المشروعة، ضد الدولة ومؤسساتها»، وأضافت أن «محكمة الجنايات، وافقت على الطلب المقدم من النائب العام المصري، المستشار محمد شوقي، برفع أسمائهم من تلك القوائم».

وفي مايو (أيار) الماضي، قضت محكمة النقض المصرية، بإلغاء قرار قضائي، بإدراج نحو 1500 شخص، بينهم لاعب كرة القدم المصري السابق، محمد أبو تريكة، على «قوائم الإرهاب»، وإعادة النظر في قضيتهم.

ويرى عضو لجنة «العفو الرئاسي» في مصر، طارق العوضي، أن إجراء رفع أسماء مدرجين من قوائم الإرهاب «خطوة إيجابية تعزز مناخ الحريات بمصر»، وقال إنه «لأول مرة تقوم السلطات المصرية برفع هذا العدد الكبير من المدرجين على قوائم الإرهابيين»، داعياً الحكومة المصرية «لمواصلة إجراءات مراجعة موقف المدرجين كافة بتلك القوائم».

وأوضح العوضي لـ«الشرق الأوسط» أن «الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وجّه بالإفراج عن المحبوسين من الأشخاص الذين تم رفع أسمائهم من قوائم الإرهابيين». وربط بين خطوة رفع أسماء من «قوائم الإرهاب»، وإجراءات الحكومة المصرية لإنهاء ملف المحبوسين احتياطياً، قائلاً إن «تلك الإجراءات تعكس إرادة سياسية لإنهاء تلك الملفات، وتعزيز مناخ الحريات».

واستجاب السيسي لتوصيات «الحوار الوطني» بمصر (الذي ضم شخصيات عامة وحزبية وأكاديميين وسياسيين) بشأن قضية «الحبس الاحتياطي»، وأكد على «أهمية تخفيض الحدود القصوى لمدد الحبس الاحتياطي، وضرورة الحفاظ على طبيعته بوصفه إجراءً وقائياً تستلزمه ضرورة التحقيق، دون أن يتحول لعقوبة»، وفق إفادة للرئاسة المصرية في أغسطس (آب) الماضي.

جلسة محاكمة سابقة لعناصر من «الإخوان» بتهمة «الانضمام إلى جماعة على خلاف القانون» (أ.ف.ب)

وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ ديسمبر (كانون الأول) عام 2013، وعدّتها «جماعة إرهابية». ويخضع مئات من قادة وأنصار الجماعة، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا تعلّق معظمها بـ«التحريض على العنف»، وصدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن المشدد والمؤبد.

ورأى رئيس «لجنة حقوق الإنسان» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، طارق رضوان، أن «مراجعة موقف المدرجين على قوائم الكيانات الإرهابية، خطوة نحو تعزيز الأمن والاستقرار الداخلي»، مشيراً إلى أن «توجيه الرئيس المصري بمراجعة المدرجين على قوائم الإرهاب، يعكس التزامه بمبادئ العدالة وحقوق الإنسان».

وأوضح رضوان، في إفادة، الأحد، أن «ملف الكيانات الإرهابية والمدرجين على قوائم الإرهاب، من القضايا الحساسة التي تؤثر بشكل مباشر على الأمن والاستقرار الاجتماعي»، ورأى أن مراجعة الحكومة المصرية لهذا الملف «خطوة تعزز قيم التسامح ومصداقيتها في محاربة الإرهاب»، وأشار إلى أن «هذه الخطوة ستسهم في تحسين الصورة العامة لمصر محلياً وخارجياً، وتُظهر التزامها بمبادئ حقوق الإنسان وحكم القانون».