القاهرة تكثف اتصالاتها للحد من تأثير التوترات الأمنية في البحر الأحمر

رئيس قناة السويس بحث في الأزمة مع المنظمة البحرية الدولية

ربيع خلال اجتماعه مع الأمين العام للمنظمة البحرية الدولية عبر «الفيديو كونفرنس» (هيئة قناة السويس)
ربيع خلال اجتماعه مع الأمين العام للمنظمة البحرية الدولية عبر «الفيديو كونفرنس» (هيئة قناة السويس)
TT

القاهرة تكثف اتصالاتها للحد من تأثير التوترات الأمنية في البحر الأحمر

ربيع خلال اجتماعه مع الأمين العام للمنظمة البحرية الدولية عبر «الفيديو كونفرنس» (هيئة قناة السويس)
ربيع خلال اجتماعه مع الأمين العام للمنظمة البحرية الدولية عبر «الفيديو كونفرنس» (هيئة قناة السويس)

كثّفت القاهرة اتصالاتها للحد من تأثير التوترات الأمنية في البحر الأحمر على عائدات البلاد الدولارية، وحركة التجارة العالمية. وفي هذا السياق، بحث رئيس هيئة قناة السويس المصرية، الفريق أسامة ربيع، مع الأمين العام للمنظمة البحرية الدولية «IMO»، أرسينيو دومينغيز، «تطورات الأزمة، وآليات التعاون لتقليل تأثيراتها في سلاسل الإمداد العالمية وحركة الشحن البحري»، حسب إفادة رسمية لهيئة قناة السويس المصرية، الخميس.

وأكد ربيع خلال اجتماعه مع دومينغيز عبر تقنية «الفيديو كونفرنس»، «انتظام الملاحة في قناة السويس». وقال إن «الملاحة لم تتوقف على الإطلاق ولو ليوم واحد منذ اندلاع الأزمة»، إذ تستمر القناة في «تقديم خدماتها الملاحية بصورة طبيعية، بالتوازي مع استمرار جهود الهيئة في دعم عملائها لتقليل تأثير الأوضاع الراهنة عليهم».

بدوره، شدد الأمين العام للمنظمة البحرية الدولية على «دعم المنظمة الكامل لقناة السويس»، مشيراً إلى أن المنظمة أرسلت رسالة «واضحة» لأعضائها مفادها أن «الملاحة بالقناة ما زالت مفتوحة أمام الجميع، لا سيما في ظل التحديات اللوجيستية والأمنية التي تواجهها السفن التي تلجأ للالتفاف حول طريق رأس الرجاء الصالح، فضلاً عن التحديات البيئية التي يفرضها طريق رأس الرجاء الصالح بوصفه مساراً (غير مستدام) لحركة الملاحة، نظراً لافتقاره إلى الخدمات اللازمة»، حسب الإفادة الرسمية.

تهدد الهجمات في البحر الأحمر بإعاقة تدفق التجارة الدولية (أ.ف.ب)

وتستهدف جماعة «الحوثي» اليمنية، منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، سفناً في منطقة البحر الأحمر وباب المندب، تقول إنها «مملوكة أو تُشغّلها شركات إسرائيلية»، وتأتي الهجمات رداً على الحرب المستمرة في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. ودفعت تلك الهجمات شركات شحن عالمية لتجنب المرور في البحر الأحمر وتغيير مسار سفنها إلى طريق رأس الرجاء الصالح.

وقال رئيس هيئة قناة السويس، الخميس، إن «الوضع الراهن ينذر بتفاقم حجم الانبعاثات الكربونية الضارة مع استهلاك السفن مزيداً من الوقود عند اتخاذها طرقاً بديلة وإبحارها لمسافات ومدد زمنية أكثر من المعتاد». وأضاف أن «قناة السويس تحقق وفراً في الوقت والمسافة مقارنةً بالمسارات البديلة، مما يُسهم في خفض استهلاك الوقود بنسب تتراوح من 10 إلى 90 في المائة، وما يترتب عليه من خفض الانبعاثات الكربونية الضارة». وأشار في هذا الصدد إلى أن «قناة السويس أسهمت في خفض الانبعاثات الكربونية بمعدل 55.4 مليون طن خلال عام 2023، محققةً وفراً في استهلاك الوقود قدره 16.9 مليون طن».

في حين أوضح الأمين العام للمنظمة البحرية الدولية أن «الأوضاع الراهنة في منطقة البحر الأحمر تفرض تحديات عدة على حركة التجارة العالمية وسوق النقل البحري، فضلاً عن تأثيراتها السلبية في قناة السويس والموانئ الموجودة في المنطقة»، وثمّن «الجهود المبذولة من جانب هيئة قناة السويس في تحقيق التواصل الفعال مع جميع المعنيين بسوق النقل البحري بوصفه توجهاً ضرورياً للوقوف على ما يحتاج إليه مُلّاك ومشغلي السفن من احتياجات وخدمات وضمانات تكفل لهم العبور الآمن من قناة السويس».

ويأتي اجتماع ربيع ودومينغيز «استكمالاً لجهود هيئة قناة السويس في التواصل مع الأطراف الفاعلة كافة في المجتمع الملاحي الدولي»، حسب الإفادة الرسمية للهيئة، الخميس.

وخلال الاجتماع، استعرض ربيع «حزمة الخدمات الملاحية والبحرية الجديدة التي تتيحها قناة السويس، والتي لم تكن موجودة من قبل مثل خدمات التزود بالوقود، وخدمة الإسعاف البحري، فضلاً عن خدمات الإنقاذ البحري، ومكافحة التلوث، وخدمات الإصلاح وصيانة السفن بترسانات الهيئة وغيرها من الخدمات التي قد تحتاج إليها السفن المارة في الظروف الاعتيادية والظروف الطارئة». وأشار ربيع إلى تنفيذ شركة ترسانة السويس البحرية التابعة للهيئة أعمال صيانة وإصلاح سفينة الصب «ZOGRAFIA» بعد تعرضها لهجوم في البحر الأحمر.

كان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قد قال، في كلمة خلال الاحتفال بذكرى «عيد الشرطة»، الأربعاء، إن «بلاده بدأت تتأثر بالتهديدات الأمنية في البحر الأحمر».

حاويات شحن خلال مرورها في وقت سابق عبر قناة السويس (رويترز)

ومطلع الشهر الجاري أعلن رئيس هيئة قناة السويس «تراجع عائدات القناة بالدولار بنسبة 40 المائة منذ بداية العام مقارنةً بعام 2023». وقال حينها إن «حركة عبور السفن تراجعت بنسبة 30 في المائة في الفترة من الأول من يناير (كانون الثاني) الجاري حتى 11 من الشهر نفسه على أساس سنوي». وتعد قناة السويس أحد المصادر الرئيسية للعملة الصعبة في مصر، وبلغت إيراداتها العام الماضي 10.3 مليار دولار، حسب الإحصائيات الرسمية.

الخبير الاقتصادي المصري، الدكتور مصطفى بدرة، أكد أن «قناة السويس محور مهم لحركة الشحن العالمية، يمر عبر القناة ما بين 10 و15 في المائة من حركة التجارة الدولية، وبالتالي فإن أي تهديد له يؤثر في اقتصاديات العالم»، مشيراً إلى «الخسائر التي لحقت بالاقتصاد العالمي من قبل عندما تعطلت الملاحة بالقناة لمدة 6 أيام؛ إثر جنوح السفينة (إيفر غيفن) في مارس (آذار) عام 2021».

ولفت بدرة إلى أن «ما يحدث للملاحة في البحر الأحمر ليس مسؤولية مصر، وإن تحملت تداعياته، فهو نتيجة لدعم المجتمع الدولي لإسرائيل في حربها على قطاع غزة». وقال لـ«الشرق الأوسط»، إنه «على المجتمع الدولي أن يدرك أن تداعيات التهديدات الأمنية لا تؤثر فقط في الوضع الاقتصادي في مصر؛ بل يمتد تأثيرها إلى العالم أجمع».

وفي هذا السياق، أكدت مجموعة التعدين الأسترالية (بي إتش بي)، في إفادة رسمية، الخميس، أن «الاضطرابات في البحر الأحمر تُجبر بعض شركات الشحن على اتخاذ مسارات بديلة». ونقلت وكالة «رويترز» للأنباء عن رئيس قسم خام الحديد البحري في المجموعة، غيرارد أنج، قوله، خلال مؤتمر خاص في سنغافورة، الخميس، إن «نحو 320 مليون طن من السلع السائبة تُبحر عبر قناة السويس، وهو ما يمثل 7 في المائة من تجارة البضائع السائبة الجافة العالمية». وأضاف أنه «على المدى القصير، قد يحدث ضغط على إمدادات الحمولات في سوق شمال الأطلسي مما يجعل سوق شحن البضائع السائبة الجافة أكثر تقلباً».

بدورها، قالت شركة ناقلات النفط الكويتية، الخميس، إنها «تراقب وتقيّم الوضع الراهن في باب المندب والبحر الأحمر بشكل يومي». بينما أوضحت شركة «قطر للطاقة»، التي تعد من أكبر مصدّري الغاز الطبيعي المسال في العالم، الأربعاء، أن «الأزمة ربما تؤثر في تسليم بعض شحنات الغاز الطبيعي المسال لأنها ستسلك طرقاً بديلة».

وتحدّث الخبير الاقتصادي المصري عن «مبادرات وجهود تبذلها هيئة قناة السويس للحد من تأثيرات الأزمة». من بينها على سبيل المثال، «تقديم خصومات على رسوم العبور، وتقديم خدمات مختلفة للسفن مثل إصلاحها حال تعرضها للضرر»، مؤكداً أن «مثل هذه المبادرات وإن كانت تُسهم في تخفيف حدة الأزمة؛ فإنها لا تحلها بشكل جذري».

ولمواجهة التهديدات الأمنية في البحر الأحمر نفّذت الولايات المتحدة وبريطانيا هذا الشهر ضربات متكررة على مواقع للحوثيين في اليمن، قالت إنها «تستهدف تعطيل وإضعاف قدرة الجماعة على تهديد الملاحة وتقويض حركة التجارة العالمية».

من جهته أكد مصطفى بدرة أن «الحل ليس بيد مصر؛ بل بيد المجتمع الدولي»، مطالباً بتحرك الأمم المتحدة ومجلس الأمن لوقف الحرب في غزة. ودعا دول العالم لوقف التهديدات الأمنية في البحر الأحمر، لكنه شكك في الوقت ذاته، في نيات الولايات المتحدة من وجودها في البحر الأحمر عبر تحالف «حارس الازدهار» الذي شكّلته الشهر الماضي. وقال إن «واشنطن تسعى للوجود في المنطقة في إطار التنافس المستمر مع الصين، حيث يعد البحر الأحمر جزءاً من طريق مبادرة (الحزام والطريق) التي أطلقتها بكين إحياءً لطريق الحرير التجاري القديم».


مقالات ذات صلة

شؤون إقليمية مشاهد من حيفا لنظام القبة الحديدية الإسرائيلي خلال اعتراض صواريخ (أرشيفية - رويترز)

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن

أعلن الجيش الإسرائيلي، الأحد، أنه اعترض صاروخاً أطلق من اليمن، بعد وقت قصير من انطلاق صفارات الإنذار في مناطق من البلاد.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية مواطنون فلسطينيون يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية على منزل بغزة (رويترز)

اليوم التالي في غزة... دعوة «حماس» لتبني مقترح «الإسناد المجتمعي» تلقى «تحفظاً»

دعوات جديدة من «حماس» بشأن «لجنة إدارة قطاع غزة» في اليوم التالي من الحرب، تطالب حركة «فتح» والسلطة الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس بالتجاوب مع جهود تشكيلها

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا فلسطينيون يحملون جثة شخص قُتل في غارة إسرائيلية أصابت منزلاً بحي الشجاعية شمال غزة (أ.ف.ب)

«هدنة غزة»: «تفاؤل حذر» و«ضغوط» لإبرام «الصفقة»

جولة مفاوضات جديدة بالدوحة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة وإطلاق سراح الرهائن قوبلت بـ«تفاؤل حذر» في الإعلامين الإسرائيلي والأميركي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شؤون إقليمية متظاهرون يقطعون طريقاً في تل أبيب خلال احتجاج يطالب بالإفراج الفوري عن الرهائن في غزة (رويترز)

بسبب الحرب... الإسرائيليون يعانون من تكلفة المعيشة

أفاد تقرير إخباري، السبت، بأنه مع بداية 2025، يواجه الإسرائيليون فاتورة حرب تقدر بنحو 40 مليار شيقل (11 مليار دولار).

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

المنقوش: لقاء كوهين كان بتنسيق بين إسرائيل وحكومة الدبيبة

المنقوش في لقائها مع «منصة 360» التابعة لقناة «الجزيرة» القطرية
المنقوش في لقائها مع «منصة 360» التابعة لقناة «الجزيرة» القطرية
TT

المنقوش: لقاء كوهين كان بتنسيق بين إسرائيل وحكومة الدبيبة

المنقوش في لقائها مع «منصة 360» التابعة لقناة «الجزيرة» القطرية
المنقوش في لقائها مع «منصة 360» التابعة لقناة «الجزيرة» القطرية

كشفت وزيرة الخارجية المقالة بحكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، نجلاء المنقوش، عن أن لقاءها مع نظيرها الإسرائيلي إيلي كوهين الذي تمّ قبل أكثر من عام في روما، كان بتنسيق بين إسرائيل والحكومة، وقالت إنها ناقشت معه عدداً من القضايا «الأمنية الحساسة التي تهم استقرار ليبيا وفقاً لما كُلفت به».

صورة أرشيفية لنجلاء المنقوش (الوحدة)

وأضافت المنقوش لـ«منصة 360»، التابعة لقناة «الجزيرة» القطرية، مساء يوم الاثنين، في أول حديث لها منذ مغادرتها ليبيا، أن اللقاء مع كوهين كان سرياً لأغراض أمنية واستراتيجية، لكنها أوضحت أنه كان يتعلّق «بالبحر المتوسط، والمحافظة على الموارد الليبية النفطية والمائية بالإضافة إلى الطاقة».

وأشارت إلى أنها «لم تكن طرفاً في الترتيب لأجندة الاجتماع مع كوهين... الحكومة هي التي رتبت، وأنا دوري كان إيصال الرسائل إلى الجانب الإسرائيلي»، واصفة تنصل «الوحدة» من اللقاء بأنه «عدم حكمة أو فقد القدرة على معالجة الأزمة بعد تسريب خبر اللقاء».

وأبدت المنقوش استغرابها من تسريب الجانب الإسرائيلي اللقاء، بالنظر إلى أن «الاتفاق كان عدم إعلانه وإبقاءه سرياً... المشكلة بالنسبة لي لم تكن في تسريب الخبر؛ بل كانت في طريقة معالجته، لأن ما قمت به هو من صميم عملي الدبلوماسي، كنت أقود الدبلوماسية الليبية؛ وعملي مقابلة كل وزراء الخارجية».

وقالت إن لقاءها كوهين «لم يكن خطأ من ناحية المبدأ»، مشددة على أن مقابلة الطرف الإسرائيلي كانت محددة في موضوعات وإطار معين، وكما يقولون «رب ضارة نافعة»، فبداية حديثي مع الوفد الإسرائيلي أكدت لهم أن موقف الليبيين الشرفاء والعرب الشرفاء هو الاعتراض على السياسات الإسرائيلية تجاه الشعب الفلسطيني وقضيته.

احتجاجات سابقة في طرابلس على اللقاء بين المنقوش ونظيرها الإسرائيلي (أ.ب)

وسبق أن أثار اجتماع المنقوش - كوهين، الذي احتضنته إيطاليا في أغسطس (آب) الماضي، حالةً من الغضب في ليبيا تسببت في مغادرتها البلاد، في حين نفى عبد الحميد الدبيبة رئيس الحكومة علمه بلقائها كوهين.

ولُوحظ خروج الكثير من المواطنين في مصراتة (غرب ليبيا)، سعياً للتظاهر ضد الدبيبة الذي قالت تقارير إنه وجّه وزير الداخلية بتشديدات أمنية على طرابلس لمواجهة أي احتجاجات.

وصعّد رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب أسامة حمّاد، يوم الاثنين، أمام مجلس النواب، من هجومه ضد غريمه الدبيبة، وعدّ لقاء مسؤولين في «الوحدة» مع «العدو الصهيوني» سقوطاً أخلاقياً وقانونياً، يجرّمه القانون بشأن مقاطعة إسرائيل.

والمنقوش المولودة في بنغازي (54 عاماً) خرجت من ليبيا سراً، عقب حالة غضب عارمة ومظاهرات في بعض المدن، إثر وقوعها تحت طائلة القانون الليبي، الصادر في عام 1957 بشأن «مقاطعة إسرائيل».

ويقضي القانون بـ«الحبس لمدة لا تقل عن 3 سنوات، ولا تزيد على 10 سنوات، وبغرامة لا تتجاوز 5 آلاف دينار، عقاباً لكل مَن يعقد اتفاقاً مع أي نوع من هيئات أو أشخاص مقيمين في إسرائيل، أو منتمين إليها بجنسيتهم، أو يعملون لحسابها».

وأبدت المنقوش احترامها للقانون الليبي، وقالت إنها مستعدة للمثول أمام جهات التحقيق، لإثبات الحقيقة لليبيين الذين قالت «إنها تحبهم، وليس لديها ما تخفيه عنهم». وكان النائب العام أحالها إلى التحقيق منذ أغسطس 2023، لكنها تقول: «لم يتم استدعائي حتى اليوم».