محتجون ليبيون يواصلون تعطيل حقل «الشرارة» النفطي

المنفي يثمن دور البعثة الأممية في تسيير الحوار لحلحلة الأزمة السياسية

لطفي الحراري رئيس «جهاز الأمن الداخلي» يكرم عون وزير النفط بحكومة «الوحدة» (الوزارة)
لطفي الحراري رئيس «جهاز الأمن الداخلي» يكرم عون وزير النفط بحكومة «الوحدة» (الوزارة)
TT

محتجون ليبيون يواصلون تعطيل حقل «الشرارة» النفطي

لطفي الحراري رئيس «جهاز الأمن الداخلي» يكرم عون وزير النفط بحكومة «الوحدة» (الوزارة)
لطفي الحراري رئيس «جهاز الأمن الداخلي» يكرم عون وزير النفط بحكومة «الوحدة» (الوزارة)

يواصل محتجون ليبيون التمسك بتعطيل حقل الشرارة النفطي، الواقع في جنوب البلاد، لحين الاستجابة لمطالبهم، وهو ما دفع محمد عون، وزير النفط والغاز بحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، إلى البحث عن سبل لحماية مرافق القطاع بعد تعديات عديدة.

ويغلق محتجون من جنوب ليبيا حقل الشرارة منذ بداية الشهر الحالي، اعتراضاً على انقطاع المحروقات عن مناطقهم، وضعف الخدمات الحكومية، وتفشي نسبة البطالة، محملين الحكومة والمؤسسة الوطنية للنفط المسؤولية في حال عدم تحقيق مطالبهم.

وأكد المحتجون، اليوم (الجمعة)، استمرارهم في الاعتصام بالقرب من حقل الشرارة، الذي ينتج 300 ألف برميل يومياً، والذي تديره «المؤسسة الوطنية للنفط» في مشروع مشترك مع «ريبسول» الإسبانية، و«توتال» الفرنسية، و«أو إم في» النمساوية، و«إكوينور» النرويجية، مستنكرين تجاهل الحكومة لمطالبهم.

وأعلنت «المؤسسة الوطنية للنفط» في ليبيا، حالة «القوة القاهرة» على حقل «الشرارة» نتيجة لإغلاقه من قبل محتجين. وسبق أن قالت المؤسسة إن المفاوضات جارية في محاولة لاستئناف الإنتاج في أقرب وقت ممكن، لكن المباحثات مع المحتجين لم تتوصل إلى حل ينهي أزمة تعطيل الحقل، الأمر الذي دفعها إلى القول إن الإغلاق تسبب في توقّف إمدادات النفط الخام من الحقل إلى ميناء الزاوية.

وتتعرض عادة الحقول وموانئ النفط في ليبيا للإغلاق من حين لآخر، بقصد تحقيق مطالب معيشية، أو زيادة في الرواتب. وسبق أن هدد المحتجون بإغلاق منشأتين للنفط والغاز بالقرب من العاصمة الليبية طرابلس.

والمنشأتان هما مصفاة الزاوية، ومجمع مليته، وهو عبارة عن مشروع مشترك بين المؤسسة الوطنية الليبية للنفط وشركة إيني الإيطالية. ومن شأن أي توقف أن يعطل إمدادات الغاز عبر خط أنابيب «غرين ستريم» بين ليبيا وإيطاليا. وترتبط مصفاة الزاوية، التي تصل طاقتها إلى 120 ألف برميل يومياً، بحقل الشرارة النفطي، الذي ينتج 300 ألف برميل يومياً.

والأسبوع الماضي، أغلق محتجون من منطقة فزان الواقعة جنوب البلاد حقل الشرارة للضغط على السلطات من أجل المطالبة بتحسين الخدمات. وقالت المؤسسة الوطنية للنفط إن ذلك اضطرها إلى إعلان حالة القوة القاهرة في الإنتاج، وتعليق إمدادات الخام لمحطة الزاوية.

تكالة يزور مقر قوة مكافحة الإرهاب بطرابلس (المجلس الأعلى للدولة)

في السياق ذاته، بحث وزير النفط والغاز بحكومة «الوحدة الوطنية»، مع اللواء لطفي الحراري، رئيس «جهاز الأمن الداخلي»، سبل «تحقيق حماية ثروة الليبيين»، بالإضافة إلى «تعزيز إنفاذ القوانين والتشريعات الليبية».

وقالت الوزارة في تصريح صحافي، مساء أمس (الخميس)، إن لقاء عون والحراري، تناول العديد من المواضيع، التي تهم عمل قطاع النفط والغاز، بجانب تعزيز مقتضيات المصلحة العليا للدولة الليبية.

وأوضحت المؤسسة الوطنية للنفط أن رئيسها فرحات بن قدارة، اطّلع «على التحديات والمشكلات التي تواجه شركة البريقة لتسويق النفط، وبحث مع رئيسها فؤاد بالرحيم سبل حلها وسير عمليات الشركة التشغيلية والسعات التخزينية، وعمليات إمدادات الوقود».

في شأن مختلف، قال المكتب الإعلامي لرئيس المجلس الأعلى للدولة، إن رئيسه محمد تكالة، بحث مع اللواء محمد الزين، آمر «قوة مكافحة الإرهاب»، وعدد من الضباط وضباط الصف بمقر القوة بمدينة الخمس: «الجهود التي تبذلها قوة مكافحة الإرهاب من أجل استتباب الأمن، ومكافحة الجريمة والإرهاب، والمشاركة في تنفيذ الخطة الأمنية، بالتعاون مع الأجهزة الأمنية كافة، كما تمت مناقشة المصاعب التي تواجه القائمين على بسط الأمن وبحث سبل تذليلها بالتنسيق مع الجهات المختصة».

المنفي أمام القمة الـ19 لرؤساء دول وحكومات حركة عدم الانحياز (المجلس الرئاسي الليبي)

في شأن آخر، أعلم رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، دعمه وانضمامه للدعوى المرفوعة من جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية في قضيتي الإبادة الجماعية ضد الكيان الإسرائيلي.

وتحدث المنفي خلال مشاركته في القمة الـ19 لرؤساء دول وحكومات حركة عدم الانحياز، اليوم الجمعة، في كمبالا، عن الأوضاع في ليبيا، وقال إنه «آن الأوان لإنهاء هذه المراحل اللامتناهية، وتمكين الشعب من الوصول إلى حقه الشرعي في الذهاب إلى صناديق الاقتراع، والاستفادة من حالة الاستقرار التي تشهدها البلاد والبناء عليها».

وثمن المنفي دور البعثة الأممية إلى ليبيا في تسيير الحوار بين الأطراف الليبية، وكذلك دور الاتحاد الأفريقي في ترسيخ عملية المصالحة الوطنية، كما أشاد بدور كل الدول الصديقة التي تعمل على دعم إرادة الليبيين، وتسهم بشكل إيجابي وبناء في الدفع بالعملية السياسية، ودعم القيادة والمُلكية الوطنية للحل.


مقالات ذات صلة

ليبيا: غموض بشأن مصير «سجَّان» نجل القذافي

شمال افريقيا صورة أرشيفية للعجمي العتيري (الشرق الأوسط)

ليبيا: غموض بشأن مصير «سجَّان» نجل القذافي

شهدت مدينة الزنتان الليبية (جنوب غربي طرابلس) توتراً أمنياً، بعد توقيف العجمي العتيري، قائد «كتيبة أبو بكر الصديق».

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا عقيلة صالح خلال لقائه مع وكيل الخارجية الأميركية (مجلس النواب)

رئيس «النواب» يعرض في واشنطن رؤيته لإنهاء الانقسام الليبي

بدأ رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح زيارة مفاجئة إلى الولايات المتحدة، ركزت على أزمة المصرف المركزي في البلاد، وإيجاد حلول للانقسام السياسي الراهن.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا المشري في احتفال أقامته السفارة الألمانية في طرابلس نهاية الأسبوع الماضي (المجلس الأعلى للدولة)

واشنطن تدعو إلى «توحيد الجيش الليبي والشفافية في إدارة الموارد»

تحدث خالد المشري الرئيس الحالي للمجلس الأعلى للدولة الليبي، عن فشل غريمه محمد تكالة، للمرة الثانية، في عقد جلسة رسمية في العاصمة طرابلس بنصاب قانوني.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا النائب العام الليبي الصديق الصور (ديوان المحاسبة بطرابلس)

​ليبيا: السجن 10 سنوات لسفير سابق بعد إدانته بتهمة الفساد

أعلن مكتب النائب العام الليبي أن محكمة الجنايات في طرابلس أنزلت عقوبة السجن 10 سنوات برئيس سابق لبعثة ليبيا في إيطاليا «بعد التحقيق في وقائع فساد».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا صورة أرشيفية للحوار السياسي الليبي في جنيف (البعثة الأممية)

برلمانيون ليبيون يطالبون بالتحقيق في «شبهات فساد» بملتقى «حوار جنيف»

طالب برلمانيون ليبيون النائب العام والجهات القضائية والرقابية بالإفصاح عن «شبهات الفساد والرشاوى» في «لجنة الحوار السياسي» التي أنتجت وثيقة «جنيف» عام 2021.

خالد محمود (القاهرة)

حملة مصرية كبرى لترشيد المياه بموازاة تصاعد نزاع «السد الإثيوبي»

تواضروس الثاني خلال استقباله وزيرَي الموارد المائية والأوقاف للمشاركة في حملة ترشيد استهلاك المياه (وزارة الموارد المائية المصرية)
تواضروس الثاني خلال استقباله وزيرَي الموارد المائية والأوقاف للمشاركة في حملة ترشيد استهلاك المياه (وزارة الموارد المائية المصرية)
TT

حملة مصرية كبرى لترشيد المياه بموازاة تصاعد نزاع «السد الإثيوبي»

تواضروس الثاني خلال استقباله وزيرَي الموارد المائية والأوقاف للمشاركة في حملة ترشيد استهلاك المياه (وزارة الموارد المائية المصرية)
تواضروس الثاني خلال استقباله وزيرَي الموارد المائية والأوقاف للمشاركة في حملة ترشيد استهلاك المياه (وزارة الموارد المائية المصرية)

بالتوازي مع تصاعد النزاع بين مصر وإثيوبيا بشأن «سد النهضة» على نهر النيل، حيث تخشى القاهرة من تأثيره في حصتها المائية، التي لا تلبي احتياجاتها، تستعد مصر لإطلاق حملة كبرى في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، لترشيد الاستهلاك المحلي من المياه، بمشاركة علماء في الأزهر وكبار رجال الكنيسة.

وتعاني مصر من «عجز مائي»، بنحو 30 مليار متر مكعب سنوياً، حيث «تبلغ حصة مصر من مياه نهر النيل 55.5 مليار متر مكعب سنوياً، في حين يتجاوز استهلاكها الحالي 85 مليار متر مكعب، ويتم تعويض الفارق من المياه الجوفية ومشروعات تحلية مياه البحر»، وفق وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم.

وتستهدف الحملة رفع الوعي بأهمية المياه، ونشر ثقافة ترشيد استخدامها، بحسب إفادة رسمية للوزير هاني سويلم، الثلاثاء، الذي قال إن الحملة تنطلق بمشاركة عدد من علماء الأزهر الشريف وكبار الأئمة، وكبار رجال الكنيسة المرقسية (الأرثوذكسية)، ورموز الفكر والثقافة، والقدوات المجتمعية؛ لدعوة المواطنين لترشيد المياه والحفاظ عليها.

وعقب زيارته لبابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية تواضروس الثاني، أشار سويلم إلى أنه «تم مؤخراً تدريب أكثر من 900 من أئمة وزارة الأوقاف؛ للمشاركة في الحملة، ونشر المعلومات الصحيحة عن قضية المياه، وأن الوزارة ترغب في تكرار مثل هذا النموذج الناجح بتدريب الآباء الكهنة».

وتتضمّن حملة ترشيد استخدام المياه «تنويهات توعوية بمختلف وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، والاتفاق مع وزارة النقل لعرض بوسترات توعية في محطات وعربات القطارات والمترو كافة، وفق وزير الموارد المائية المصري.

ويشترط أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، الدكتور عباس شراقي، أن تشارك مؤسسات الدولة كلها في الحملة؛ كي تحقق أهدافها. يقول لـ«الشرق الأوسط»، إن «الحملة يجب أن تتم على المستوى القومي»، موضحاً أن «80 في المائة من الموارد المائية تذهب لقطاع الزراعة، و5 في المائة للصناعة، وما بين 12 و15 في المائة للشرب».

من جهته، رحّب البابا تواضروس الثاني بعقد لقاءات تدريبية للآباء الكهنة؛ لتوعيتهم بأهمية الاستخدام الرشيد للمياه ليقوموا بدورهم في توعية أبناء الكنيسة في العظات الكنسية»، مؤكداً خلال استقباله الوزير سويلم، ووزير الأوقاف المصري أسامة الأزهري، «استعداد الكنيسة الكامل للمشارَكة في دعم الفعاليات كافة التي تهدف إلى زيادة وعي المواطنين بقضية المياه».

في حين أكد الوزير الأزهري، أن الوزارة «تقوم بكثير من البرامج الدعوية والتوعوية بأهمية نعمة الماء والحفاظ عليها»، معرباً عن استعداده الكامل لـ«تكثيف البرامج التوعوية لترشيد استخدام المياه بالتعاون مع الكنيسة المرقسية ووزارة الري».

وتتزامن الحملة المصرية مع تصاعد التوترات بين القاهرة وأديس أبابا بشأن «سد النهضة»، الذي تبنيه إثيوبيا على الرافد الرئيسي لنهر النيل منذ عام 2011، بداعي توليد الكهرباء، لكن دولتَي المصب، مصر والسودان، تخشيان من تأثر حصتيهما من مياه نهر النيل.

وفي أحدث إفادة مصرية بشأن السد الإثيوبي، أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، خلال اتصال هاتفي مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن، (الثلاثاء)، موقف بلاده «الداعي للتوصل لاتفاق ملزم قانوناً لتشغيل السد الإثيوبي، وإعمال قواعد القانون الدولي في هذا الشأن».

وشدّد عبد العاطي على أن «الأمن المائي المصري مسألة وجودية لن تتهاون مصر فيها»، في حين نقل بيان مصري، عن وزير الخارجية الأميركي تأكيده «التزام الولايات المتحدة بدعم الأمن المائي المصري».

وكان رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، أكد خلال لقائه عدداً من المفكرين والكُتاب المصريين، الأسبوع الماضي، أن «بلاده سعت للخروج بأقل الأضرار من مشروع السد الإثيوبي خلال السنوات الماضية، بإجراءات منها مشروعات فنية لمعالجة المياه»، مشيراً إلى أن «التحدي الأساسي حالياً هو حماية حصة مصر من مياه النيل، والحفاظ عليها»، لافتاً إلى أن «أي معطيات جديدة في قضية سد النهضة من شأنها أن تؤثر في حصة مصر المائية، سيقابلها توجه آخر تماماً».

وتأمل مديرة البرنامج الأفريقي بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر، الدكتورة أماني الطويل، أن تُبنى على إعادة إثارة قضية «سد النهضة» مع الولايات المتحدة، «وساطة أميركية تحرك المياه الراكدة».

وقالت الطويل لـ«الشرق الأوسط» إن «القضية مطروحة على أجندة الإدارة الأميركية، وقد نشهد تحركات بشأنها عقب الانتخابات الرئاسية»، وبحسب الطويل فإن «أميركا والمجتمع الدولي أصبحا لديهما تفهم لمخاوف مصر ومطالبها بشأن سد النهضة»، كما أنه «بسبب التوترات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط فإن أميركا تحتاج للجهود المصرية، فضلاً عن تراجع التفهم الدولي للجانب الإثيوبي؛ بسبب ما تثيره أديس أبابا من توترات في القرن الأفريقي».