«حرب غزة»: مصر تحذّر من التصعيد العسكري بالمنطقة وتجدّد رفضها «التهجير»

السيسي التقى وزير الخارجية اليوناني... والمبعوثة الأممية تفقدت قوافل الإغاثة بالعريش

السيسي خلال لقاء وزير خارجية اليونان في القاهرة (الرئاسة المصرية)
السيسي خلال لقاء وزير خارجية اليونان في القاهرة (الرئاسة المصرية)
TT

«حرب غزة»: مصر تحذّر من التصعيد العسكري بالمنطقة وتجدّد رفضها «التهجير»

السيسي خلال لقاء وزير خارجية اليونان في القاهرة (الرئاسة المصرية)
السيسي خلال لقاء وزير خارجية اليونان في القاهرة (الرئاسة المصرية)

دعت مصر إلى «الدفع بجدية وسرعة نحو تسوية القضية الفلسطينية على نحو عادل وشامل». كما شددت مجدداً على رفض تهجير الفلسطينيين. وحذّر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأربعاء، «من خطورة التصعيد العسكري في المنطقة على أكثر من جبهة». وجاء هذا في وقت زارت كبيرة منسقي الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار، سيغارد كاخ، العريش المصرية، وتفقدت قوافل الإغاثة.

وأجرى السيسي مباحثات في القاهرة مع وزير خارجية اليونان، جورج جيرابتريتيس، بحضور وزير الخارجية المصري، سامح شكري. ووفق إفادة لمتحدث الرئاسة المصرية، أحمد فهمي، فإن اللقاء تناول الأوضاع الإقليمية المتوترة، حيث شدد السيسي على «ضرورة نزع فتيل الوضع المتأزم الحالي من خلال الوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة، وإنفاذ المساعدات الإنسانية بما يضمن تخفيف الأزمة الإنسانية بالقطاع».

وأكد الرئيس المصري، أن «بلاده سوف تستمر في بذل كل الجهود الممكنة لتقديم الدعم لأهالي القطاع وإغاثتهم، والعمل على تهدئة الموقف»، محذراً من خطورة التصعيد العسكري في المنطقة. في حين أكد وزير الخارجية اليوناني، أن «الأزمة الحالية أكدت مجدداً الأهمية المحورية لمصر كركيزة لا غنى عنها لاستقرار الشرق الأوسط».

وبحسب بيان متحدث «الرئاسة المصرية»، فقد اتفق الجانبان على «ضرورة الدفع بجدية وسرعة نحو تسوية القضية الفلسطينية على نحو عادل وشامل».

الفلسطينيون الذين فرّوا من شمال قطاع غزة يقفون خارج ملاجئهم في دير البلح جنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

رفض النزوح الجبري

وفي لقاء آخر بالقاهرة، أكد شكري ونظيره اليوناني، «الرفض التام للنزوح الجبري للفلسطينيين من قطاع غزة، والعمل على احتواء هذه الأزمة وعدم تصعيدها، وضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار ونفاذ المساعدات الإنسانية إلى القطاع». وقال شكري خلال مؤتمر صحافي: إن المحادثات المصرية - اليونانية تناولت «استمرار التنسيق السياسي على أعلى مستوى»، كما تم التطرق بشكل مسهب إلى التطورات في غزة و«الحاجة إلى وقف إطلاق النار بشكل فوري، والعمل على احتواء هذه الأزمة وعدم تصعيدها، إضافة إلى المخاطر المرتبطة بالتصعيد وآثاره السلبية وانعكاساته الإقليمية والدولية».

في غضون ذلك قالت سيغارد كاخ، إنها «ستعمل على إدخال أكبر قدر ممكن من المساعدات إلى قطاع غزة». ووفق ما أوردت قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، فقد «وصلت كاخ إلى مطار العريش الدولي بشمال سيناء لمراقبة العراقيل والمعوقات التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي، ومنعه دخول الشاحنات التي تحمل آلاف الأطنان الغذائية المفترض وصولها إلى أهالي قطاع غزة».

المنسقة الأممية تتفقد القوافل الإغاثية في العريش المصرية (صفحة محافظة شمال سيناء)

إنفاذ المساعدات

وثمّنت كاخ الدور المصري في استقبال وتجهيز وإنفاذ المساعدات إلى قطاع غزة، مؤكدة «ضرورة وقف إطلاق النار». ووجهت كل التقدير لجمعية «الهلال الأحمر المصري» للجهد الكبير في تجهيز هذا الكم من المساعدات وتسهيل تدفقها إلى القطاع. وحسب القناة المصرية، فقد أجرت المنسقة الأممية لقاءً مع محافظ شمال سيناء، محمد عبد الفضيل شوشة، وتفقدت مخازن المساعدات في مطار العريش.

وكان وزير التنمية الاجتماعية الفلسطيني، أحمد مجدلاني، قد طالب، الأربعاء، بالضغط على سلطات الاحتلال الإسرائيلي لـ«فتح جميع معابر قطاع غزة من أجل إدخال المواد الإغاثية والطبية وإيصال المساعدات».

كما أكدت عضو «هيئة العمل الوطني والأهلي» الفلسطيني، رتيبة النتشة، في موضع آخر، أن «المؤسسات الأممية أقرّت بأن دخول المساعدات الإنسانية لقطاع غزة عبر معبر رفح لن يكون كافياً لإنقاذ الوضع الحالي وإغاثة المدنيين هناك؛ وذلك بسبب العراقيل والإجراءات التي وضعها الجانب الإسرائيلي». وقالت، بحسب «القاهرة الإخبارية»: إنه «يجب إدخال المساعدات من معابر عدة وليس عن طريق معبر رفح فقط، مع ضرورة تيسير سهولة تنقل طواقم الأمم المتحدة والتي تتعرض للقصف المستمر؛ ما يعيق إيصال المساعدات بشكل كبير».

وزير الدفاع المصري خلال لقاء المنسقة الأممية (المتحدث العسكري المصري)

رفض «التهجير»

واستبقت كاخ زيارة العريش، بلقاء مع القائد العام للقوات المسلحة المصرية، وزير الدفاع والإنتاج الحربي، محمـد زكي، بحثت فيه تطورات الأوضاع الراهنة بقطاع غزة، وسبل تنسيق الجهود لمواصلة تدفق المساعدات الإنسانية ومواد الإغاثة بالكميات الكافية لسكان القطاع.

ووفق المتحدث العسكري المصري، فقد أكد القائد العام للقوات المسلحة، «على الموقف المصري الراسخ تجاه دعم القضية الفلسطينية وفقاً لمقررات الشرعية الدولية، والرفض التام لمحاولات التهجير للفلسطينيين، والحرص على التنسيق مع كل الأطراف الإقليمية والدولية للوصول إلى التهدئة، والتخفيف من المعاناة الإنسانية لسكان قطاع غزة».

وتوافقت قمة ثلاثية جرت في العقبة، قبل أيام، جمعت الرئيس المصري والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، على «رفض أي مساعٍ أو محاولات أو مقترحات تهدف لتصفية القضية الفلسطينية، أو تهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم».

شاحنات تحمل مساعدات إنسانية تدخل رفح في جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

شاحنات إغاثة

وتواصل مصر جهودها لإدخال مزيد من المساعدات إلى قطاع غزة. وأكد «الهلال الأحمر المصري»، الأربعاء، أنه «سلم الهلال الأحمر الفلسطيني 25 شاحنة عبر ‫رفح محملة بالمساعدات الإنسانية، وتحتوي على طعام وماء ومستلزمات طبية». وأشار إلى «عبور 46 شاحنة تجارية عبر رفح، و102 شاحنة عبر كرم أبو سالم».

كما استقبل مطار العريش الدولي، الأربعاء، طائرتين من الأردن وقطر تحملان مساعدات لصالح قطاع غزة. وقال مصدر مسؤول في المطار: إن «إجمالي عدد الطائرات التي وصلت منذ 12 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وحتى الآن بلغ 493 طائرة، من بينها 401 طائرة حملت أكثر من 13 ألف طن من المساعدات المتنوعة ومواد الإغاثة إلى قطاع غزة مقدمة من 50 دولة عربية وأجنبية ومنظمة إقليمية ودولية، إلى جانب 92 طائرة حملت وفوداً رسمية وتضامنية عربية ودولية».


مقالات ذات صلة

فلسطين وإسرائيل... 3 انقلابات ونكبة في ربع قرن

خاص رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت (يمين) مع رئيس الوزراء الحالي بنيامين في الكنيست 2009 (غيتي)

فلسطين وإسرائيل... 3 انقلابات ونكبة في ربع قرن

«بيت القصيد» أن إسرائيل في العهد الطويل لبنيامين نتنياهو، لم تعد ناجحة وهي تواجه خطر الانزلاق إلى الهاوية؛ إذ بات يتمسك بالكرسي خوفاً من المغادرة إلى السجن.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي القوات الإسرائيلية تقتحم مخيم طولكرم للاجئين بالضفة الغربية (د.ب.أ)

الجيش الإسرائيلي يقتل فلسطينيين اثنين في مخيم للاجئين بالضفة

كشف مسؤولون فلسطينيون وإسرائيليون عن أن قوات إسرائيلية قتلت فلسطينيين اثنين في مداهمة بمخيم للاجئين قرب مدينة طولكرم في الضفة الغربية.

«الشرق الأوسط» (الضفة الغربية)
المشرق العربي أطفال مصابون ينظرون من منزل مدمر تعرض لغارة إسرائيلية في دير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

«الأونروا»: طفل يُقتل كل ساعة في غزة

أعلنت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) أن هناك طفلاً واحداً يُقتل كل ساعة في غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية صور محتجزات إسرائيليات في غزة خلال تجمع للمطالبة بإطلاق سراحهن في تل أبيب يوم 14 نوفمبر (رويترز)

الجيش الإسرائيلي يعترف بتسليم عائلات مجندات أسيرات تسجيلات صوتية معدلة لهن

اعترف الجيش الإسرائيلي بأنه سلَّم عائلات جنديات مراقبة إسرائيليات تم أسرهن من قبل حركة «حماس» في 7 أكتوبر 2023، تسجيلات صوتية معدلة لبناتهم.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي تصاعد الدخان بعد غارات إسرائيلية على منطقة غرب خان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز)

مقتل 7 فلسطينيين وإصابة العشرات في غارات إسرائيلية جنوب قطاع غزة

 قتل سبعة فلسطينيين وأصيب العشرات في غارة إسرائيلية على منطقة المواصي غرب خان يونس جنوب قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)

مرصد عالمي يؤكد تفشي المجاعة في مناطق جديدة بالسودان

24 % من السكان دخلوا مرحلة المجاعة... حسب مبعوثة الاتحاد الأوروبي للقرن الأفريقي (الأمم المتحدة)
24 % من السكان دخلوا مرحلة المجاعة... حسب مبعوثة الاتحاد الأوروبي للقرن الأفريقي (الأمم المتحدة)
TT

مرصد عالمي يؤكد تفشي المجاعة في مناطق جديدة بالسودان

24 % من السكان دخلوا مرحلة المجاعة... حسب مبعوثة الاتحاد الأوروبي للقرن الأفريقي (الأمم المتحدة)
24 % من السكان دخلوا مرحلة المجاعة... حسب مبعوثة الاتحاد الأوروبي للقرن الأفريقي (الأمم المتحدة)

قال مرصد عالمي للجوع، الثلاثاء، إن نطاق المجاعة في السودان اتسع إلى خمس مناطق جديدة، ومن المرجح أن يمتد إلى خمس مناطق أخرى، بحلول مايو (أيار) المقبل.

جاء ذلك في الوقت الذي يواصل فيه الطرفان المتحاربان في السودان تعطيل المساعدات الإنسانية اللازمة للتخفيف من وطأة واحدة من أسوأ أزمات الجوع في العصر الحديث.

وذكرت لجنة مراجعة المجاعة التابعة للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، أن ظروف المجاعة تأكدت في مخيمي أبو شوك والسلام للنازحين داخلياً في الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، بالإضافة إلى مناطق سكنية وأخرى للنازحين في جبال النوبة.

وخلصت اللجنة أيضاً إلى أن المجاعة، التي كُشف عنها لأول مرة في أغسطس (آب)، لا تزال مستمرة في مخيم زمزم بشمال دارفور. وتتوقع اللجنة، التي تتألف من خمسة أعضاء وتدقق وتتحقق من وجود المجاعة، امتداد المجاعة إلى خمس مناطق أخرى في شمال دارفور بحلول مايو، وهي أم كدادة، ومليط، والفاشر، والطويشة واللعيت. وحددت اللجنة 17 منطقة أخرى في أنحاء السودان معرَّضة لخطر المجاعة.

أم تحتضن طفلها الذي يعاني سوء التغذية الحاد في مستشفى جنوب كردفان (رويترز)

وتشير تقديرات التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي إلى أن نحو 24.6 مليون شخص، أي نحو نصف العدد الكلي للسودانيين، في حاجة ماسة إلى مساعدات غذائية حتى مايو المقبل، وهي زيادة كبيرة عما كان متوقعاً في يونيو (حزيران) عند 21.1 مليون خلال الفترة من أكتوبر (تشرين الأول) حتى فبراير (شباط).

ونُشرت النتائج على الرغم من استمرار الحكومة السودانية في تعطيل عمل التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي المرتبط بتحليل انعدام الأمن الغذائي الحاد، والذي يساعد المانحين والمنظمات الإنسانية على توجيه المساعدات إلى الأماكن التي تشتد الحاجة إليها.

وأعلنت الحكومة، الاثنين، تعليق مشاركتها في ذلك النظام العالمي لمراقبة الجوع، متهمة إياه «بإصدار تقارير غير موثوقة تقوض سيادة السودان وكرامته».

والتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي هو هيئة مستقلة تموّلها دول غربية وتشرف عليها 19 من المنظمات الإنسانية الكبرى والمؤسسات الحكومية الدولية. ويلعب التصنيف دوراً محورياً في النظام العالمي لرصد الجوع والتخفيف من وطأته، وهو مصمم لدق ناقوس الخطر بشأن تطور الأزمات الغذائية حتى تتمكن المنظمات من التحرك ومنع المجاعات والحيلولة دون تفشي الجوع.

طفل سوداني يتلقى العلاج في عيادة لمنظمة «أطباء لا حدود» بمخيم ميتشي بتشاد (أ.ب)

وبموجب نظام التصنيف، تعكف «مجموعة عمل فنية» ترأسها عادة الحكومة الوطنية على تحليل البيانات وتصدر تقارير دورية تصنف المناطق على مقياس من واحد إلى خمسة. وهذه المراحل هي «لا مشكلة»، أو الحد الأدنى من انعدام الأمن الغذائي، ثم مرحلة انعدام الأمن الغذائي الحاد «الضغط»، ثم مرحلة «الأزمة»، ومرحلة «الطارئ» وأخيراً مرحلة «المجاعة»، التي صنف بموجبها السودان.

السودان يعارض

ويخوض الجيش السوداني حرباً مع «قوات الدعم السريع»، ويعارض بشدة إعلان المجاعة خوفاً من أن يؤدي ذلك إلى ضغوط دبلوماسية لتخفيف الإجراءات على الحدود ويتسبب في تواصل «قوات الدعم السريع» بشكل أكبر مع الخارج.

وفي رسالة إلى التصنيف ولجنة مراجعة المجاعة ودبلوماسيين، قال وزير الزراعة السوداني، الاثنين، إن أحدث تقرير للتصنيف يفتقر إلى بيانات محدثة عن معدلات سوء التغذية وتقييمات إنتاج المحاصيل خلال موسم الأمطار الصيفية الماضي.

وتقول الرسالة إن موسم المحاصيل كان ناجحاً. كما أشارت الرسالة إلى «مخاوف جدية» بشأن قدرة التصنيف على جمع البيانات من المناطق التي تسيطر عليها «قوات الدعم السريع».

وأظهرت وثيقة اطلعت عليها «رويترز» أن الحكومة السودانية علقت في أكتوبر التحليل الذي كانت تقوده بنفسها. وبعد استئناف العمل، لم تقرّ مجموعة العمل الفنية بوجود مجاعة.

وقال تقرير لجنة مراجعة المجاعة، الذي صدر الثلاثاء، إن المجموعة التي تقودها الحكومة استبعدت بيانات رئيسة متعلقة بسوء التغذية من تحليلها.

«تقدم» تأسف لـ«سياسة الإنكار»

واعتبرت «تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية» (تقدم)، الثلاثاء، انسحاب الحكومة السودانية المؤقتة في بورتسودان، من نظام التصنيف المتكامل لمراحل انعدام الأمن الغذائي، «خطوة غير مسؤولة». وقالت «تقدم» وهي التحالف السياسي الأكبر في البلاد، في بيان إن قرار الانسحاب يأتي في ظل تصاعد الأزمة الإنسانية والاقتصادية التي خلَّفتها الحرب، التي أثرت بشدة على قدرة الدولة على معالجة القضايا الإنسانية الملحة.

حمدوك رئيس تنسيقية «تقدم» التي استنكرت انسحاب الحكومة من نظام تصنيف المجاعة (فيسبوك)

وأضافت في بيان على «فيسبوك» أن نهج «سياسة الإنكار» سيؤدي إلى تراجع المنظمات الدولية التي تعتمد في تقديمها للمساعدات على التصنيف المتكامل لتحديد المناطق الأكثر احتياجاً للمساعدات.

ودعت «تقدم» المجتمع الدولي إلى ممارسة المزيد من الضغوط على طرفَي القتال لاتخاذ تدابير لحماية المدنيين وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى جميع السودانيين في مناطق النزاعات.

وكانت الحكومة السودانية عرقلت عمل التصنيف في وقت سابق، حسب تحقيق نشرته «رويترز» في الآونة الأخيرة، من هذا العام؛ مما أدى إلى تأخير تأكيد وجود مجاعة أشهر عدة في مخيم زمزم، حيث لجأ النازحون إلى أكل أوراق الأشجار من أجل البقاء على قيد الحياة.

وأدت الحرب الأهلية التي اندلعت في أبريل (نيسان) 2023 إلى تراجع إنتاج المواد الغذائية ومعدلات التجارة فيها ودفعت أكثر من 12 مليون سوداني إلى ترك منازلهم؛ مما جعلها أكبر أزمة نزوح في العالم. وتُتَهم «قوات الدعم السريع» بنهب إمدادات غذائية إنسانية وأخرى تجارية ووضع عوائق أمام الزراعة وحصار بعض المناطق؛ مما أدى إلى ارتفاع تكلفة التجارة وأسعار المواد الغذائية. كما تمنع الحكومة وصول المنظمات الإنسانية إلى بعض أجزاء البلاد.

البحث عن ممرات آمنة

وقال مدير تحليل الأمن الغذائي والتغذية لدى برنامج الأغذية العالمي، جان مارتن باور: «لدينا الطعام وشاحنات على الطريق وأفراد على الأرض. نحتاج فقط إلى ممر آمن لتقديم المساعدات».

امرأة نازحة سودانية تستريح داخل ملجأ في مخيم زمزم شمال دارفور 1 أغسطس 2024 (رويترز)

وحسب «رويترز»، فإن «قوات الدعم السريع» نفت الاتهامات الموجهة لها بنهب الإمدادات الغذائية، قائلة إنها «مجرد مزايدات بلا دليل». وذكرت أن ملايين الأشخاص في المناطق التي تسيطر عليها يواجهون «خطر الجوع»، وأنها ملتزمة «بضمان وصول المساعدات إلى المتأثرين».

وقالت الحكومة إن «قوات الدعم السريع» هي مَن تعوق توصيل المساعدات.

ويقول تقرير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي إن طرفي الصراع فرضا «إجراءات بيروقراطية وعمليات موافقة... تحدّ بشدة من نطاق الجهود الإنسانية وحجمها».

الحكومة السودانية تعرقل

وجاء في التقرير أن 10 في المائة فقط من الأشخاص في المناطق التي استعرضها التصنيف حصلوا على مساعدات غذائية خلال الأشهر الثلاثة الماضية.

وقال ما لا يقل عن 12 من عمال الإغاثة والدبلوماسيين لـ«رويترز» إن التوترات تزايدت بين الحكومة السودانية ومنظمات الإغاثة الإنسانية بعد أن خلص التصنيف المتكامل إلى أن مخيم زمزم يعاني المجاعة في أغسطس.

وقالت المصادر إن الحكومة تبطئ وتيرة إرسال المساعدات، وإن جهازي المخابرات العامة والعسكرية التابعين للحكومة يشرفان على توصيل المساعدات، وإن الموافقة على إدخال المساعدات الدولية تخضع لأهداف سياسية وعسكرية للجيش السوداني.

وتؤخر الحكومة إجراءات الموافقة على إصدار تأشيرات دخول لموظفي الإغاثة، وقال عدد منهم إن الحكومة تثبط عزيمة المنظمات غير الحكومية التي تسعى لتقديم مواد إغاثية في منطقة دارفور المتضررة بشدة، التي تسيطر «قوات الدعم السريع» على معظم مناطقها.

وقال أحد كبار مسؤولي الإغاثة الذي طلب عدم الكشف عن هويته إن الحكومة أبلغت منظمات الإغاثة بأنه «لا توجد احتياجات مشروعة في دارفور؛ لذا يجب ألا تعملوا هناك، وإذا واصلتم الاستجابة للاحتياجات هناك، فلا تتوقعوا الحصول على تأشيرات».

الحرب في السودان والقيود المفروضة على توصيل المساعدات تسببتا في مجاعة في شمال دارفور (رويترز)

وخلال الأشهر الأربعة الماضية، ارتفع عدد الطلبات التي قدمها موظفو إغاثة غير تابعين للأمم المتحدة من أجل الحصول على تأشيرة دخول للسودان والتي لم يتم البت فيها، كما انخفض معدل الموافقة على طلبات أخرى، وفقاً لبيانات نشرتها المنظمات غير الحكومية العالمية في السودان.

وتقول «رويترز» إن الحكومة لم ترد على أسئلتها للتعليق على حظر التأشيرات، وقالت في أوقات سابقة إن غالبية طلبات التأشيرات تمت الموافقة عليها.

وقالت ثلاثة مصادر لـ«رويترز» إن الحكومة السودانية حثّت الأمم المتحدة في أكتوبر على سحب كبير مسؤولي المساعدات الإنسانية في منطقة دارفور بعد أن سافر إلى هناك دون تصريح من الحكومة.

وذكرت المصادر أن طلبات الحصول على تصريحات للسفر توقفت، وأن الحكومة أبلغت الأمم المتحدة بأنها ستطرد المسؤول إذا لم يتم سحبه. وامتثلت الأمم المتحدة لطلب الحكومة في النهاية. ولم ترد الحكومة على أسئلة متعلقة بإبعاد هذا المسؤول. وقال متحدث باسم الأمم المتحدة إن المنظمة لا تعلق على «ترتيبات عمل» الموظفين.