حضر وزير الخارجية الصيني وانغ يي الذي وصل إلى تونس، الأحد، آتياً من مصر، في زيارة تستمر حتى يوم الثلاثاء، تدشين أكاديمية لإعداد الدبلوماسيين بتمويلٍ من الصين.
وهذه الأكاديمية الدبلوماسية الدولية الوحيدة التي قدمت الصين يد المساعدة في بنائها داخل دولة عربية، وفق ما ذكر الوزير الصيني للصحافيين في تونس، الاثنين . وتعود بداية إنشائها إلى أمر حكومي منذ عام 2019. وقال وانغ في مراسم تدشين الأكاديمية بحضور الرئيس التونسي قيس سعيد، ووزير الخارجية نبيل عمار، إنها «ستصبح رمزاً ومنصة جديدة للصداقة الصينية-التونسية».
ودعا أيضاً إلى «بذل جهود لتعزيز بناء عالم متعدد الأقطاب يتسم بالمساواة والتنظيم، وعولمة اقتصادية شاملة تعود بالنفع على الجميع». يأتي افتتاح أعمال الأكاديمية المموَّلة بنحو 29 مليون دولار أميركي من بكين، بموازاة الذكرى الستين لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
وقال وزير الخارجية التونسي إن هذا الإنجاز يعبّر عن الزخم الإيجابي الذي يشهده نسق التعاون بين البلدين في السنوات الأخيرة. ويقوم وزير الخارجية الصيني بجولة في أفريقيا ستقوده أيضاً إلى توغو وكوت ديفوار قبل أن يتوجه إلى البرازيل وجامايكا.
وكان نبيل عمار، وزير الشؤون الخارجية التونسية، قد بحث مع نظيره الصيني العلاقات بين البلدين، إذ تعوّل السلطات التونسية عليها لزيادة حجم الاستثمارات الصينية، وكذلك البحث عن سبل جديدة لتعديل الميزان التجاري المختل والمؤثر بشكل كبير على المبادلات التجارية بين البلدين.
وفي تأكيد واضح على الأهمية الاستراتيجية التي توليها بلاده للقارة الأفريقية، استهلّ الوزير الصيني برنامج زياراته إلى الخارج خلال السنة الحالية، بالقارة الأفريقية، كما هي العادة منذ سنوات.
وفي العاشر من هذا الشهر، أحيت تونس الذكرى الستين لبدء العلاقات الدبلوماسية مع الصين، إذ كانت من بين أولى الدول الأفريقية التي أقامت معها علاقات دبلوماسية، وأعدّ البلدان برنامج احتفالات متنوّعاً سينتظم على مدار السنة الحالية.
وتعاني تونس عجزاً في الميزان التجاري المسجل على المستوى الإجمالي للمبادلات. ويفسَّر ذلك بتواصل اختلال الميزان مع بعض البلدان، وتأتي الصين على رأس القائمة بـ8.418 مليار دينار تونسي، ثم روسيا بنحو 6.788 مليار دينار تونسي، والجزائر في المركز الثالث بنحو 4.376 مليار دينار تونسي، متبوعة بتركيا بما لا يقل عن 3.395 مليار دينار تونسي.
وسعت الصين إلى ضم تونس إلى مبادرة «الحزام والطريق»، ووقّعت معها في يوليو (تموز) 2018 «مذكرة تفاهم» تنضم بمقتضاها إلى المبادرة رسمياً، على أن يَفتح لها ذلك آفاقاً واسعة للتعاون الاقتصادي والتجاري والسياحي والاستثماري، ويدعم مساهمة بكين في عدد من مشاريع التنمية التونسية، خصوصاً المشاريع الكبرى في مجال البنى التحتية، علماً بأن الفرص الاستثمارية لا تزال متوافرة ومطروحة على الجانب الصيني في مجالات عدة، من بينها التكنولوجيات الخضراء، والطاقات المتجددة، والصحة والمواد الصيدلانية، ومواد البناء وتطوير البنية التحتية، والتجديد الرقمي والسياحة.
واستعدت تونس لهذه الزيارة من خلال استقبال كلثوم بن رجب، الوزيرة التونسية للتجارة وتنمية الصادرات، يوم 18 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، السفير الصيني بتونس وان لي، وتأكيدها دعم العلاقات الاقتصادية والتجارية مع بلاده، والعزم على تطويرها مستقبلاً في سياق ربط التجارة بالتنمية.
وعرضت على الجانب الصيني عدداً من مشاريع الاستثمار خصوصاً في مجال قطاع مكونات السيارات ذات المكامن الاستثمارية الكبرى. كما دعت إلى العمل على تبسيط الإجراءات قصد تيسير دخول المنتجات التونسية إلى السوق الصينية، وتحديداً المنتجات الزراعية والغذائية، ما من شأنه أن يسهم في تقليص العجز التجاري بين البلدين.
وتحتل الصين المركز الـ35 في قائمة الدول المستثمرة في تونس، بينما لا يزيد عدد الشركات الناشطة على 10 باستثمارات لا تتجاوز 34 مليون دولار، وهي استثمارات ضئيلة للغاية مقارنةً بالشركاء الأوروبيين وعلى رأسهم فرنسا، المستثمر الرئيسي بقيمة 2.4 مليار دولار حتى 2023 بمؤسسات فرنسية وأخرى مشتركة تونسية - فرنسية.