السودان: حمدوك يحثّ البرهان على لقاء لوقف الحرب

انفجارات في الخرطوم... ورامافوزا يستقبل حميدتي

سودانيون متضررون من الحرب بانتظار مساعدات من منظمات إنسانية في ولاية القضارف (أ.ف.ب)
سودانيون متضررون من الحرب بانتظار مساعدات من منظمات إنسانية في ولاية القضارف (أ.ف.ب)
TT

السودان: حمدوك يحثّ البرهان على لقاء لوقف الحرب

سودانيون متضررون من الحرب بانتظار مساعدات من منظمات إنسانية في ولاية القضارف (أ.ف.ب)
سودانيون متضررون من الحرب بانتظار مساعدات من منظمات إنسانية في ولاية القضارف (أ.ف.ب)

هزّت انفجارات عنيفة مدينة الخرطوم وشوهدت ألسنة الدخان ترتفع بمناطق عدة في نطاقها، في وقت تواصلت الاشتباكات وتبادل القصف بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في أم درمان، وساد هدوء حذر في ود مدني (حاضرة ولاية الجزيرة) بوسط البلاد.

وعلى الصعيد السياسي، جدّد رئيس الوزراء السابق رئيس الهيئة القيادية لـ«تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)» عبد الله حمدوك، دعوته لحث قائد الجيش عبد الفتاح البرهان على عقد لقاء يستهدف وقف الحرب، بينما التقى قائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو (حميدتي)، رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا.

وقال حمدوك، في إفادة عبر حسابة على منصة «إكس»: «خاطبت اليوم السيد القائد العام للقوات المسلحة السودانية (عبد الفتاح البرهان) لحثه على قبول طلب الاجتماع المباشر مع تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)؛ لاغتنام الفرصة التي لاحت لإيقاف الحرب والتي تم التعبير عنها في (إعلان أديس أبابا) الموقّع بين (تقدم) و(قوات الدعم السريع)، والذي أبدت فيه (قوات الدعم السريع) استعدادها التام لوقف غير مشروط للعدائيات عبر تفاوض مباشر مع القوات المسلحة».

وتابع حمدوك: «إن هذه الفرصة للسلام يجب ألا نضيعها، وأن نعمل وسعنا لوقف الحرب وبناء سلام مستدام في بلادنا الحبيبة. إننا نمد أيادينا نظيفة من غير سوء للوصول لحل سلمي تفاوضي ونأمل أن تستجيب الأطراف المتقاتلة لذلك حتى نرفع المعاناة عن كاهل شعبنا ونبني وطننا على أساس جديد يجعل حرب 15 أبريل (نيسان) آخر حروب السودان، ليعقبها سلام مستدام».

وفي سياق قريب، أجرى قائد «قوات الدعم السريع» مباحثات مع رئيس جنوب أفريقيا، (الخميس) «تناولت تطور الأوضاع في السودان في ظل الحرب».

وقال حميدتي، في بيان إنه أجرى مباحثات وصفها بـ«المثمرة» مع الرئيس رامافوزا وإنه قدم لمضيفه «شرحاً وافياً عن أسباب اشتعال الحرب والجهات التي تقف وراءها وتدعم استمرارها، وما ترتب عليها من تخريب متعمد للبنية التحتية، وقتل وتشريد آلاف الضحايا من المدنيين بقصف الطيران».

وأوضح حميدتي، أنه شرح للزعيم الجنوب أفريقي جهوده لوقف الحرب في «منبر جدة»، وكذلك عبر هيئة «إيغاد»، مبدياً «استعداده التام لوقف الحرب».

كما دعا حميدتي رئيس جنوب أفريقيا إلى «القيام بدور يسهم في مساعدة شعب السودان لتجاوز الأزمة وتحقيق الأمن والاستقرار واستدامة السلام».

وتعدّ زيارة حميدتي الحالية لجنوب أفريقيا هي الخامسة ضمن جولته الأفريقية والتي شملت سابقاً «أوغندا، وإثيوبيا، وجيبوتي، وكينيا».

ميدانياً، قال شهود تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»: إن «الاشتباكات تواصلت في مناطق أم درمان، بينما سُمعت أصوات الانفجارات في جهات عدة من العاصمة الخرطوم، وكذلك وقعت اشتباكات متفرقة في المدينة، بينما تواصل القصف الجوي والمدفعي واستخدام المسيرات بين طرفي الحرب» ونقل مستخدمون لمنصات التواصل الاجتماعي معلومات عن أن الجيش «حقق تقدماً» في منطقة أمدرمان القديمة، وبعض مناطق «أم بدة» إلى الغرب.

وأفاد سكان من المناطق المجاورة لمقر الجيش السوداني وسط الخرطوم لـ«الشرق الأوسط»، بأن المنطقة شهدت اشتباكات متقطعة، وأن سحب الدخان الكثيفة التي درجوا على مشاهدتها تراجعت حول المكان، في حين ذكر شهود أنهم سمعوا أصوات انفجارات فجر الخميس جنوب الخرطوم.

وفي ود مدني التي تسيطر عليها «قوات الدعم» منذ ثلاثة أسابيع، عادت الحياة جزئياً وشوهد مواطنون عادوا إلى منازلهم من أطراف الولاية التي نزحوا إليها فراراً من الاشتباكات العنيفة بين الطرفين منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وقالت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط»: إن «الطيران الحربي كثف اليومين الماضيين هجماته على ارتكازات (الدعم السريع) في ود مدني، ومقر الفرقة الأولى مشاة وسط المدنية التي استولت عليها القوات بعد أن انسحبت عناصر الجيش».

وقال الصحافي المقيم في ود مدني، شمس الدين بخيت، لـ«الشرق الأوسط»: إن «الهدوء الحذر، ساد في ود مدني، وإن بعض الأسواق والمتاجر والبقالات أعادت فتح أبوابها، خاصة في أحياء (الواحة، والمزاد، والحلة الجديدة)». وأضاف: «التيار الكهربائي وخدمة مياه الشرب استقرت في المدينة بعد أيام عدة من الانقطاع، وعادت خدمة الاتصالات والإنترنت للعمل بعد أن كانت متوقفة طوال الأيام الماضية، بينما استأنفت مراكز صحية وعيادات عملها».

وبحسب شهود، فقد دعا ضباط بـ«الدعم السريع» المواطنين في بعض مساجد ود مدني إلى العودة إلى ديارهم، وتعهدوا بتوفير الحماية الكاملة لهم من «المتفلتين»؛ إذ كانوا ضمن «الدعم السريع» أو من خارجه. وأفاد الشهود بأن عناصر «الدعم السريع» وزّعوا دقيق الخبر وسلعاً استهلاكية على بعض المخابز للعودة العمل.

وكانت «الدعم السريع» تعهدت خلال «إعلان أديس أبابا» الذي تم التوقيع عليه مع «تنسيقية القوي الديمقراطية المدنية (تقدم)» بتسهيل عودة المدنيين في مناطق سيطرتها إلى منازلهم، وبتوفير ممرات آمنة لدخول المساعدات الإنسانية وحماية العاملين بها.


مقالات ذات صلة

الإمارات تؤكد استهداف الجيش السوداني مقر رئيس بعثتها في الخرطوم

الخليج مقر وزارة الخارجية الإماراتية (الشرق الأوسط)

الإمارات تؤكد استهداف الجيش السوداني مقر رئيس بعثتها في الخرطوم

أكد سالم الجابري، مساعد وزير الخارجية للشؤون الأمنية والعسكرية، استهداف الجيش السوداني مقر رئيس بعثة دولة الإمارات في الخرطوم.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
شمال افريقيا رئيس مجلس الوزراء المصري خلال لقاء عدد من المفكرين والكُتاب (مجلس الوزراء المصري)

«سد النهضة»: مصر تلوح بـ«توجه آخر» حال نقص حصتها المائية

لوّحت الحكومة المصرية باتخاذ «توجه آخر» تجاه قضية «سد النهضة» الإثيوبي حال نقص حصة القاهرة من مياه النيل.

أحمد إمبابي (القاهرة )
شمال افريقيا الدخان يتصاعد نتيجة القتال في العاصمة السودانية الخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)

السودان: اتهامات لكتائب موالية للجيش بـ«إعدام العشرات» جماعياً

وجه نشطاء حقوقيون سودانيون اتهامات لكتائب موالية للجيش وأفراد يرتدون الزي العسكري له بارتكاب ما وصفوه بـ«انتهاكات جسيمة» تضمنت عمليات «إعدام جماعي لعشرات».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا الرئيس الصيني يرحب بقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان خلال «قمة منتدى التعاون الصيني - الأفريقي» في بكين مطلع سبتمبر الماضي (مجلس السيادة)

بكين تدعو إلى احترام سيادة ووحدة السودان وعدم التدخل بشؤونه

«الشركات الصينية تهتم بالسودان، وتتابع تطورات الأحداث أولاً بأول، وترغب بعد وقف الحرب العودة مرة أخرى واستئناف عملها في الاقتصاد التجاري».

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا أعمدة الدخان تتصاعد خلال اشتباكات بين «قوات الدعم السريع» والجيش في الخرطوم يوم 26 سبتمبر (رويترز)

الجيش السوداني ينفي قصف سفارة الإمارات بالخرطوم

قال الجيش السوداني في بيان إنه «لا يستهدف مقار البعثات الدبلوماسية، أو مقار ومنشآت المنظمات الأممية أو الطوعية».


​التونسيون يدلون بأصواتهم في انتخابات رئاسية يغيب عنها الحماس

الرئيس التونسي قيس سعيد يدلي بصوته في أحد مراكز الاقتراع خلال الانتخابات الرئاسية (د.ب.أ)
الرئيس التونسي قيس سعيد يدلي بصوته في أحد مراكز الاقتراع خلال الانتخابات الرئاسية (د.ب.أ)
TT

​التونسيون يدلون بأصواتهم في انتخابات رئاسية يغيب عنها الحماس

الرئيس التونسي قيس سعيد يدلي بصوته في أحد مراكز الاقتراع خلال الانتخابات الرئاسية (د.ب.أ)
الرئيس التونسي قيس سعيد يدلي بصوته في أحد مراكز الاقتراع خلال الانتخابات الرئاسية (د.ب.أ)

بدأ التونسيون، الأحد، الاقتراع من أجل انتخاب رئيس جديد للجمهورية من بين ثلاثة مرشحين يتقدّمهم الرئيس المنتهية ولايته قيس سعيّد، في أعقاب حملة انتخابية غاب عنها الحماس، مما زاد المخاوف من انعكاس فقدان الحماس على نسبة الاقتراع، مثلما حدث في الانتخابات التشريعية التي جرت في نهاية عام 2022 وبداية 2023، حين بلغت نسبة المشاركة نحو 12 في المائة فقط.

وبدأ الناخبون المسجلون البالغ عددهم 9.7 مليون الإدلاء بأصواتهم عند الثامنة صباحاً في أكثر من خمسة آلاف مركز لاختيار رئيسهم للسنوات الخمس المقبلة، على أن تستمر عمليات التصويت حتى السادسة مساء بالتوقيت المحلي، وفقاً لهيئة الانتخابات.

وبدا أن عدداً كبيراً من المقترعين، في عدد من مراكز الاقتراع في العاصمة، من الكهول والشيوخ الذين يمثلون نحو نصف الناخبين، وفق ما ذكرت «وكالة الصحافة الفرنسية». وقال النوري المصمودي (69 عاماً) في مركز اقتراع في العاصمة: «جئت مع زوجتي لدعم قيس سعيّد، العائلة بأكملها ستصوت له». وعلى مسافة قريبة منه، أفصحت فضيلة (66 عاماً) بأنها جاءت «من أجل القيام بالواجب، والرد على كل من دعا إلى مقاطعة الانتخابات».

في مركز آخر، أعرب حسني العبيدي (40 عاماً) عن خشيته من حصول عمليات تلاعب بالتصويت، لذلك: «قدمت بالتصويت حتى لا يتم الاختيار في مكاني». وتقول الطالبة وجد حرّار (22 عاماً): «في الانتخابات السابقة لم يكن لي حق التصويت والناس اختاروا رئيساً سيئاً. هذه المرة من حقي التصويت».

وأدلى سعيّد بصوته ترافقه زوجته في مركز اقتراع بمنطقة النصر في العاصمة بعد نحو ساعة من فتحه. وأفادت رئيسة المركز عائشة الزيدي بأن «الإقبال محترم للغاية». وتحدث رئيس الهيئة العليا للانتخابات فاروق بوعسكر في مؤتمر صحافي بعد فتح المراكز عن «توافد بأعداد لافتة».

ومن المنتظر أن تعلن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات النتائج الأولية «على أقصى تقدير» الأربعاء المقبل، وتظلّ إمكانية الإعلان عن النتائج قبل هذا التاريخ واردة.

3 متنافسين

المرشح الرئاسي التونسي زهير المغزاوي يدلي بصوته بأحد مراكز الاقتراع في المرسى بالقرب من تونس العاصمة (أ.ف.ب)

ويتنافس سعيّد (66 عاماً) مع النائب السابق زهير المغزاوي (59 عاماً)، والعياشي زمال، رجل الأعمال والمهندس البالغ 47 عاماً والمسجون بتهم «تزوير» تواقيع تزكيات. ولا يزال سعيّد، الذي انتخب بما يقرب من 73 في المائة من الأصوات، و58 في المائة من نسبة المشاركة في انتخابات عام 2019 يتمتّع بشعبية كبيرة لدى التونسيين حتى بعد أن حلّ البرلمان وغيّر الدستور بين عامي 2021 و2022.

وبعد مرور 5 سنوات من الحكم، يتعرّض سعيّد لانتقادات شديدة من معارضين يتهمونه بتكريس كثير من الجهد والوقت لتصفية الحسابات مع خصومه، خاصة حزب «النهضة» الإسلامي الذي هيمن على الحياة السياسية خلال السنوات العشر من التحوّل الديمقراطي التي أعقبت الإطاحة بالرئيس بن علي في عام 2011.

وتندّد المعارضة، التي يقبع أبرز زعمائها في السجون ومنظمات غير حكومية تونسية، بـ«الانجراف السلطوي» في بلد مهد ما سمّي بـ«الربيع العربي»، من خلال تسليط الرقابة على القضاء والصحافة، والتضييق على منظمات المجتمع المدني، واعتقال نقابيين وناشطين وإعلاميين.

وفي خطاب ألقاه الخميس، دعا سعيّد التونسيين إلى «موعد مع التاريخ»، قائلاً: «لا تترددوا لحظة واحدة في الإقبال بكثافة على المشاركة في الانتخابات»، لأنه «سيبدأ العبور، فهبّوا جميعاً إلى صناديق الاقتراع لبناء جديد».

أحد مراكز الاقتراع في المرسى بالقرب من تونس العاصمة (أ.ف.ب)

حملة باهتة

في الطرف المقابل، حذّر يوم الجمعة رمزي الجبابلي، مدير حملة العياشي زمال، في مؤتمر صحافي: «في رسالة موجهة إلى هيئة الانتخابات... إيّاكم والعبث بصوت التونسيين». وكانت الحملة الانتخابية باهتة دون اجتماعات أو إعلانات انتخابية أو ملصقات، ولا مناظرات تلفزيونية بين المرشحين، مثلما كانت عليه الحال في عام 2019.

ويعتقد البعض أن الرئيس سعيّد «وجّه» عملية التصويت لصالحه، «ويعتقد أنه يجب أن يفوز في الانتخابات»، حتى لو دعت المعارضة اليسارية والشخصيات المقربة من حزب «النهضة» إلى التصويت لصالح زمال.

أما المنافس الثالث فهو زهير المغزاوي، رافع شعار السيادة السياسية والاقتصادية على غرار الرئيس، وكان من بين الذين دعموا قرارات سعيّد في احتكار السلطات. وتعرّضت عملية قبول ملفات المرشحين للانتخابات من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لانتقادات شديدة وصلت إلى حدّ اتهامها بالانحياز الكامل لصالح سعيّد حين رفضت قراراً قضائياً بإعادة قبول مرشحين معارضين بارزين في السباق الانتخابي.

وتظاهر مئات التونسيين في العاصمة تونس يوم الجمعة للتنديد بـ«القمع الزائد». وطالب المتظاهرون في شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي في العاصمة بإنهاء حكم سعيّد، وسط حضور أمني كثيف. وتشير إحصاءات منظمة «هيومن رايتس ووتش» إلى أن «أكثر من 170 شخصاً محتجزون لدوافع سياسية أو لممارسة الحقوق الأساسية» في تونس.