بكين تدعو إلى احترام سيادة ووحدة السودان وعدم التدخل بشؤونه

القائم بأعمال السفارة الصينية في بورتسودان يتحدث لـ«الشرق الأوسط» عن ظروف استثنائية تمر بها البلاد

القائم بأعمال السفارة الصينية لدى السودان تشانغ شيانغ هوا (الشرق الأوسط)
القائم بأعمال السفارة الصينية لدى السودان تشانغ شيانغ هوا (الشرق الأوسط)
TT

بكين تدعو إلى احترام سيادة ووحدة السودان وعدم التدخل بشؤونه

القائم بأعمال السفارة الصينية لدى السودان تشانغ شيانغ هوا (الشرق الأوسط)
القائم بأعمال السفارة الصينية لدى السودان تشانغ شيانغ هوا (الشرق الأوسط)

وصف دبلوماسي صيني الظروف التي يمر بها السودان بأنها «استثنائية وغير مشهودة من قبل»، وأعلن دعم وتأييد بلاده الجهود كافة لإنهاء القتال وحفظ الاستقرار والأمن ووحدة الأراضي السودانية، ورأى أن «للسودان الحكمة والقدرة على إيجاد حل توافقي لمشكلاته، بعيداً عن التدخلات الخارجية».

وأوضح القائم بأعمال السفارة الصينية لدى السودان، تشانغ شيانغ هوا، في مقابلة مع «الشرق الأوسط»، بالعاصمة المؤقتة بورتسودان، أن «السودان بلد مهم في المنطقة، والصين شريك أساسي ومحوري في مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، التي تمتد لأكثر من 6 عقود، لا سيما في مجالات البني التحتية والزراعة والخدمات الأساسية، ومجالات حيوية أخرى»، مشيراً إلى أن بلاده قدمت مساعدات إنسانية للشعب السوداني خلال فترة الحرب.

تشانغ شيانغ هوا خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»

وبشأن المبادرات والجهود الدولية والإقليمية لحل المشكلة السودانية، قال شيانغ هوا: «هذه الجهود مهمة، لكن من المهم احترام حقوق السودان وسيادته، ومن دون ذلك فسيكون من الصعب تحقيق المبادرات»، واشترط أن يأخذ أصحاب المبادرات رأي السودان. وأعلن تأييد حكومة بلاده حق السودان في المحافل الدولية كافة، و«على وجه الخصوص في مجلس الأمن الدولي»، وتابع مؤكداً: «معروف أن البلدين ظلا يتبادلان الدعم والتأييد في المحافل الدولية، وسنواصل هذا الأمر».

وأضاف أن الصين «تلعب دوراً معيناً في موضوع السودان، وتأمل في الوقت ذاته حدوث تقدم بفضل (مبادرة الأمن العالمي في الشرق الأوسط)، التي طرحتها بكين في أبريل (نيسان) 2021، والتي لاقت تقديراً وإعجاباً من أطراف إقليمية ودولية».

وأشار الدبلوماسي الصيني إلى «الدور الكبير الذي تلعبه بلاده بصفتها دولة كبيرة، والأدوار الفاعلة والريادية التي تقوم بها في الشؤون الإقليمية والدولية». وقال: «طرحت كثيراً من المبادرات في المرحلة الماضية، وساهمت في عودة العلاقات بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإيرانية في مصالحة وُصفت بالتاريخية، واستضافت في الأشهر الماضية الفصائل الفلسطينية».

الرئيس الصيني يرحب بقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان خلال «قمة منتدى التعاون الصيني - الأفريقي» في بكين مطلع سبتمبر الماضي (مجلس السيادة)

وأكد الدبلوماسي الصيني متانة علاقات بلاده بالسودان، بقوله: «هي علاقة وطيدة وتتقدم باستمرار، ولم تتأثر بالحرب، ولم نغادر السودان رغم الحرب، وهذا أقوى دليل على متانة العلاقات بين البلدين».

وقال شيانغ هوا إن «السودان دولة مهمة، وتملك ثروات معدنية وحيوانية ونفطية، وإمكانات كبيرة في مجالات مختلفة، واستقرار الأوضاع فيها يوفر لها فرصاً كبيرة، لجذب المستثمرين العرب والأجانب لاستئناف أعمال الاقتصاد التجاري». وأضاف: «الشركات الصينية تهتم بالسودان، وتتابع تطورات الأحداث أولاً بأول، وترغب بعد وقف الحرب العودة مرة أخرى واستئناف عملها في الاقتصاد التجاري».

وحول مدى معرفتهم بالضرر الذي لحق بمصفاة الخرطوم للبترول جراء القتال الدائر بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع»، قال: «نحن نتابع تطورات الأحداث، لكن ليست لدينا معلومات عن حجم الضرر»، وتابع: «الحصول على المعلومات في وقت الحرب صعب، لكن ربما الجانب السوداني لديه تلك المعلومات»، مشيراً إلى أن بلاده سلمت المصفاة للحكومة السودانية لإدارتها، واكتفت بتقديم الدعم الفني لتشغيل المصفاة في فترة ما قبل الحرب.

مصفاة الخرطوم (أرشيفية - متداولة)

وبشأن ما يتردد عن عزم السودان إنشاء مصفاة جديدة في مدينة بورتسودان تتولى الصين إنشاءها، قال شيانغ هوا: «طرح المسؤولون السودانيون علينا هذه الفكرة واستجبنا لها، لكن الأمر لا يزال قيد النقاش، ولا توجد تطورات جديدة؛ لأنه أمر يحتاج إلى مزيد من الوقت والدراسة».

وتعليقاً على عزم السودان «التوجه شرقاً» وتطوير علاقاته بدول ذلك المعسكر، إثر اندلاع الحرب، قال الدبلوماسي الصيني: «من حق كل بلد اختيار طريق التنمية التي يريد، ونحن نحترم اختيار الشعب السوداني؛ في عالم متعدد الأقطاب والأطراف»، وتابع: «هنالك قوة صاعدة في الجنوب، وبرزت مؤشرات على سعيها إلى تعزيز وتوحيد صفوفها، وهذا اتجاه مهم». وأشار إلى «قمة منتدي التعاون الصيني - الأفريقي»، التي عقدت في بكين يوم 4 سبتمبر (أيلول) الحالي، وشارك فيها رؤساء وقادة دول أفريقية، وعدّها «ضمن المسعى المهم لتوحيد الصفوف بين دول الجنوب ومجموعة (بريكس) التي بدأت في التوسع أكثر».

ولم يذكر القائم بالأعمال حجم الأضرار التي لحقت بالاستثمارات الصينية في السودان جراء الحرب، بيد أنه قال: «السودان يهتم بحماية مصالح الصين، وتوجد آليات تنسيق بين البلدين، ونأمل أن تلعب دوراً فعالاً في حماية المصالح الصينية، والأمن والاستقرار يمثلان القاعدة الأساسية لمزاولة النشاط الاقتصادي».


مقالات ذات صلة

الجيش السوداني ينفي قصف سفارة الإمارات بالخرطوم

شمال افريقيا أعمدة الدخان تتصاعد خلال اشتباكات بين «قوات الدعم السريع» والجيش في الخرطوم يوم 26 سبتمبر (رويترز)

الجيش السوداني ينفي قصف سفارة الإمارات بالخرطوم

قال الجيش السوداني في بيان إنه «لا يستهدف مقار البعثات الدبلوماسية، أو مقار ومنشآت المنظمات الأممية أو الطوعية».

شمال افريقيا جانب من تجمّعات السودانيين في حي فيصل بمحافظة الجيزة المصرية (صفحة «أكتوبر هتتغير» على «فيسبوك»)

سودانيون بمصر يحتفلون بتقدّم الجيش في الخرطوم

شهد حي فيصل بمحافظة الجيزة المصرية احتفالات للجالية السودانية؛ تفاعلاً مع تقدّم الجيش السوداني في العمليات العسكرية بالعاصمة الخرطوم.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا وزير الخارجية المصري خلال لقائه نظيره الصيني في نيويورك (الخارجية المصرية)

مصر لدعم موقفها في نزاع «سد النهضة» بتحركات مكثفة بنيويورك

كثّفت مصر من تحركاتها الدبلوماسية على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، لدعم موقفها في نزاع «سد النهضة» الإثيوبي.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا أبو الغيط خلال محادثات مع البرهان في نيويورك (الجامعة العربية)

«الجامعة العربية» تطالب بتمويل خطة مساعدات إنسانية عاجلة للسودان

طالبت جامعة الدول العربية بـ«تمويل خطة مساعدات إنسانية عاجلة للسودان». وأعربت عن استعدادها المشاركة في «أي مساعٍ حميدة» من شأنها إنهاء حالة «الاحتراب الأهلي».

فتحية الدخاخني (القاهرة )
الخليج الربيعة يلقي كلمة السعودية في اجتماع بشأن الوضع الراهن للمساعدات الإنسانية بالسودان (واس)

الربيعة: السعودية بذلت جهوداً حثيثة لإعادة الأمل للسودانيين

أكد الدكتور عبد الله الربيعة المشرف على «مركز الملك سلمان للإغاثة» أن السعودية بذلت جهوداً حثيثة لإيجاد سبل لإعادة الأمل إلى شعب السودان منذ بداية أزمة بلادهم.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

سريان التوافق على تعيين محافظ لـ«المركزي» الليبي

لحظة تصويت مجلس النواب على تعيين المحافظ الجديد للمصرف المركزي ونائبه (مجلس النواب)
لحظة تصويت مجلس النواب على تعيين المحافظ الجديد للمصرف المركزي ونائبه (مجلس النواب)
TT

سريان التوافق على تعيين محافظ لـ«المركزي» الليبي

لحظة تصويت مجلس النواب على تعيين المحافظ الجديد للمصرف المركزي ونائبه (مجلس النواب)
لحظة تصويت مجلس النواب على تعيين المحافظ الجديد للمصرف المركزي ونائبه (مجلس النواب)

صوَّت مجلس النواب الليبي، الاثنين، على اعتماد اتفاق مع «الأعلى للدولة» رعته بعثة الأمم المتحدة، ويقضي بحل أزمة المصرف المركزي، وسط توقعات بعودة إنتاج النفط مجدداً من الحقول المغلقة، لكن الإدارة الحالية للمصرف، فى تعبير عن رفضها، قررت بشكل مفاجئ إلغاء «ضريبة على النقد الأجنبي».

وصوَّت أعضاء مجلس النواب، بالإجماع على اختيار ناجي عيسى محافظاً جديداً للمصرف، ومرعي البرعصي نائباً له، على أن يُشكَّل مجلس إدارة المصرف خلال 10 أيام، وذلك خلال جلسة عقدها المجلس بمقره في مدينة بنغازي بشرق البلاد، بحضور 108 أعضاء، برئاسة عقيلة صالح، ونُقلت على الهواء مباشرة.

رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح (رويترز)

وأعلن عبد الله بليحق، الناطق الرسمي باسم المجلس، القرار، في حين أشاد صالح، قبل أن تتحول الجلسة مغلقة، بموافقة 112 من أعضاء «الأعلى الدولة» على اختيار القيادة الجديدة للمصرف لإنهاء الأزمة التي اندلعت مؤخراً، متهماً «المجلس الرئاسي» مجدداً بـ«التسبب فيها»، واعتبر أنه تمت معالجتها بـ«الحكمة والتوافق».

وتزامناً مع قرار مجلس النواب، أعلن خالد المشري، رئيس «المجلس الأعلى للدولة»، أنه أحال إلى القائمة بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة ستيفاني خوري، قائمة بأسماء أعضاء المجلس الموافقين على الاتفاق الموقّع بشأن حل أزمة المصرف.

في المقابل، وفي تصعيد جديد، أعلنت إدارة المصرف، في قرار مفاجئ الاثنين، وقف تنفيذ قرار رئيس مجلس النواب، بشأن فرض ضريبة على سعر الصرف الرسمي، ابتداءً من الثلاثاء.

موظف يلفّ رزمة من النقود داخل مصرف بمدينة مصراتة الساحلية الغربية (أرشيفية - أ.ف.ب)

وعمّم عبد الفتاح عبد الغفار، محافظ المصرف المكلف من «المجلس الرئاسي»، على المصارف، قراره الجديد، علماً بأن محافظ المصرف المقال من منصبه الصديق الكبير، طالب بفرض ضريبة جديدة بنسبة 27 في المائة على بيع النقد الأجنبي، وأيَّدها عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، لكن رفضها عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة، واعتبرها قرارات «أحادية ومنفردة» قام بها صالح.

وسارعت وسائل إعلام محلية، إلى انتقاد قرار المحافظ، مشيرة إلى «عدم وجود أثر قانوني له بصفته المكتسبة بقرار أحادي غير ملزم»، بحسب السلطة التشريعية، في خطوة فاشلة جديدة لاستمرار الأزمة، على حد تعبيرها.

وكان صالح، قد أعلن رسمياً أنه يتعامل مع خالد المشري، بصفته «الرئيس الشرعي» المنتخب لـ«مجلس الدولة»، وذلك في خطاب وجّهه إلى مدير مكتب رئيس المجلس.

ويعني رد صالح، رفضه التعامل مع محمد تكالة، الرئيس السابق لـ«مجلس الدولة»، الذي كان قد رفض الموافقة على قرار مجلس النواب، بإنهاء ولاية حكومة الدبيبة.

المحافظ السابق الصديق الكبير (الشرق الأوسط)

وأثَّرت قرارات مجلس النواب و«المجلس الأعلى للدولة» على سعر العملات الأجنبية في السوق الموازية، حيث تغير سعر الدينار الليبي بشكل متسارع من 7.12 إلى 6.5 مقابل الدولار الأميركي.

وتوقعت مصادر برلمانية ليبية، لوكالة «نوفا» الإيطالية، استئناف إنتاج النفط الخام مجدداً تدريجياً، ابتداءً من الثلاثاء، على أن تعود العمليات بشكل كامل الأربعاء المقبل، إعلاناً بنهاية ما وصفته الأزمة السياسية والمالية الخطيرة المرتبطة بالمصرف المركزي والتي أصابت البلاد بالشلل.

بدورها، قالت ستيفاني خوري، القائم بأعمال البعثة الأممية، إنها تلقت «تعهدات من الجهات الرسمية في المنطقة الشرقية لإعادة فتح الحقول و الموانئ النفطية قريباً»، وشددت في تصريحات لها على ضرورة «الحفاظ على موارد البلاد بعيداً عن الصراعات السياسية، وأهمية إنهاء إغلاق الحقول والموانئ النفطية التي أدت إلى توقف الإنتاج والصادرات».

اجتماع اللافي والكوني مع المبعوث الفرنسي (المجلس الرئاسي الليبي)

بدوره، قال «المجلس الرئاسي» إن موسى الكوني، وعبد الله اللافي، نائبي رئيسه، أكّدا خلال اجتماعهما، الاثنين، بطرابلس، مع المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي بول سولير، على ضرورة دعم المجتمع الدولي للحلول التي يقودها الليبيون لتحقيق الاستقرار.

ونقل المجلس عن سولير، في اللقاء الذي حضره سفير فرنسا مصطفى مهراج، وناقش ما وصفه بـ«حالة الانسداد السياسي التي تعيشها البلاد منذ أشهر»، تأكيده على أن بلاده تضع الملف الليبي «في مقدم اهتماماتها، وتسعى لمساعدة ليبيا في الخروج من الانسداد السياسي بالتواصل مع كل الأطراف السياسية، لتحقيق الاستقرار والوصول للانتخابات عبر حلول ليبية»، كما أكد استمرار بلاده في التشاور مع الدول المهتمة بالشأن الليبي، لإيجاد صيغة مناسبة تساهم في حل الأزمة الليبية.

بموازاة ذلك، أكد الدبيبة، «أهمية تطوير قدرات الأجهزة الأمنية والعسكرية للتصدي لأي تهديدات، مع ضرورة تكثيف التعاون بين مختلف الجهات الأمنية».

لقاء الدبيبة مع قائد قوة العمليات المشتركة (حكومة الوحدة)

واستغل الدبيبة، اجتماعه مساء الأحد بطرابلس، مع آمر «قوة العمليات المشتركة» اللواء عمر بوغدادة، للتشديد على «ضرورة التنسيق المستمر مع الجهات المعنية لتعزيز الأمن على الحدود»، مؤكداً على «أهمية الاستمرار في تعزيز القدرات الأمنية للدولة لضمان حماية المواطنين والحفاظ على سيادة البلاد ضد أشكال التهديدات كافة».

وقال إن الاجتماع بحث «مستجدات ملفات مكافحة الإرهاب والجهود المبذولة لتعزيز أمن الدولة وحمايتها من أي اختراقات لجهود مكافحة عصابات تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر».

اجتماع خوري مع فريق مجموعة العمل الأمنية (البعثة الأممية)

من جهة أخرى، أكد سفراء وملحقو الدفاع المشاركون في «مجموعة العمل الأمنية»، الحاجة الملحة إلى دعم جهود اللجنة العسكرية المشتركة «5+5» في تنفيذ ولايتها بشكل فعال، خصوصاً تعزيز اتفاق وقف إطلاق النار. كما أعربوا خلال لقائهم مساء الأحد، مع القائمة بأعمال رئيس البعثة الأممية، عن أملهم في تبادل مثمر في اجتماع سرت؛ بهدف تعزيز الاستقرار والسلام في ليبيا.

وقالت البعثة الأممية في بيان مقتضب، إن هذا اللقاء يأتي في إطار الاستعداد للاجتماع المقرر للمجموعة في 17 أكتوبر (تشرين الأول) في مدينة سرت.