تونس: إحباط 13 عملية تهريب مهاجرين وإنقاذ 188 «لاجئاً»

الأسابيع الأخيرة من عام 2023 شهدت ارتفاعاً في عدد محاولات التهريب

الرئيس التونسي في زيارة لحديقة وسط البلاد تجمع فيها آلاف المهاجرين الأفارقة (أرشيف وسائل الإعلام التونسية)
الرئيس التونسي في زيارة لحديقة وسط البلاد تجمع فيها آلاف المهاجرين الأفارقة (أرشيف وسائل الإعلام التونسية)
TT

تونس: إحباط 13 عملية تهريب مهاجرين وإنقاذ 188 «لاجئاً»

الرئيس التونسي في زيارة لحديقة وسط البلاد تجمع فيها آلاف المهاجرين الأفارقة (أرشيف وسائل الإعلام التونسية)
الرئيس التونسي في زيارة لحديقة وسط البلاد تجمع فيها آلاف المهاجرين الأفارقة (أرشيف وسائل الإعلام التونسية)

كشفت مصادر أمنية وتقارير أممية استفحال عمليات تهريب المهاجرين غير القانونيين عبر السواحل التونسية نحو السواحل الإيطالية، رغم الإجراءات الأمنية المشددة والقوانين التونسية والأوروبية التي تفرض عقوبات بدنية ومالية قاسية على المشاركين في تلك العمليات.

قارب يحمل 156 مهاجراً يصل إلى ميناء لا ريستينغا البحري في بلدية إل بينار بجزيرة إل هييرو الكناري في 15 ديسمبر 2023 بعد أن أنقذتهم سفينة «الإنقاذ البحري» (أ.ف.ب)

وكشفت المصادر نفسها أن الأسابيع الأخيرة من عام 2023 شهدت ارتفاعاً في عدد محاولات «تهريب المهاجرين الأفارقة والعرب» إلى إيطاليا عبر قوارب صيد تنطلق من سواحل تونس وليبيا رغم العواصف البحرية مقارنة بمرحلة الصيف.

ترحيل مهاجرين أفارقة من مدينة صفاقس التونسية بعد مواجهات عنيفة مع قوات الأمن (أرشيف وسائل الإعلام التونسية)

وأعلنت الإدارة العامة للحرس الوطني التونسي عبر حملاتها الأمنية بمناسبة عطلة آخر السنة براً وبحراً وجواً أن قوات الأمن التونسية كثفت خلال الأيام الماضية مراقبتها الموانئ والسواحل، وحركة بواخر الصيد في كل المياه الإقليمية التونسية.

كما ضاعفت عملياتها الأمنية في منطقة صفاقس، 270 كيلومتراً جنوب شرقي العاصمة تونس، التي تعد من بين أقرب النقاط إلى جزيرة لمبيدوزا الإيطالية، ويستخدمها المهربون منذ سنوات لتنظيم عمليات تهريب للمهاجرين غير النظاميين التونسيين واللاجئين الأفارقة والعرب الذين فر كثير منهم من حروب السودان والتشاد وبلدان الساحل والصحراء الأفريقية، أو من سوريا وليبيا.

تشديد الرقابة الأمنية في السواحل التونسية على مراكب تهريب اللاجئين الأفارقة (أرشيف وسائل الإعلام التونسية)

توقيفات

ووفق المصدر نفسه فقد تمكنت قوات تابعة للحرس الوطني في عطلة آخر العام من إحباط 13 عملية هجرة غير نظامية عبر الحدود البحرية، وإنقاذ 188 مهاجراً. وقد تمكنت الوحدات العائمة التابعة لإقليم الحرس البحري بالوسط من إحباط 12 عملية هجرة غير نظامية عبر الحدود البحرية، وإنقاذ 175 مهاجراً من جنسيات أفريقيا جنوب الصحراء.

ومن جهتهم، تمكن أعوان إقليم الحرس الوطني بصفاقس من ضبط 5 مفتشٍ عنهم من منظمي عمليات الهجرة ووسطاء، بالإضافة إلى حجز 10 مراكب حديدية و8 محركات بحرية. وأضافت الإدارة العامة للحرس الوطني أن وحدات المنطقة البحرية بنابل أحبطت، بدورها، عملية هجرة غير نظامية عبر الحدود البحرية، وأنقذت 13 مهاجراً تونسياً من بينهم فتاة أجنبية. وذكر المصدر نفسه أن قوات الأمن أحالت المهربين والمهاجرين غير القانونيين إلى النيابة العمومية.

تشديد الرقابة الأمنية في السواحل التونسية على مراكب تهريب اللاجئين الأفارقة (أرشيف وسائل الإعلام التونسية)

أعمال عنف ومواجهات

وكانت مدن منطقة صفاقس قد شهدت خلال الصائفة الماضية مواجهات وأعمال عنف بين المهاجرين و«اللاجئين غير القانونيين» الأفارقة وقوات الأمن التونسي. وزار الرئيس التونسي قيس سعيد ووزراء الداخلية والدفاع ومسؤولون أمنيون عسكريون بارزون الجهة مراراً لتأكيد «وجود إرادة سياسية عليا لمنع تسخير الأراضي والسواحل التونسية من قبل عصابات الإرهاب والتهريب والاتجار في البشر وتبييض الأموال».

وتقدر المسافة بين سواحل محافظة صفاقس التونسية والسواحل الإيطالية بأقل من 150 كيلومتراً بينها نحو 30 ميلاً بحرياً فقط في المياه الإقليمية التونسية التي تكثر فيها حركة بواخر الصيد البحري والبواخر التجارية طوال العام.

وزراء الداخلية في تونس وليبيا وإيطاليا

يذكر أن وزراء داخلية تونس وليبيا وإيطاليا عقدوا مؤخراً اجتماعات عدة حضرها كبار مسؤولي الأمن في البلدان الثلاثة بهدف «ترفيع مستوى التنسيق والشراكة الأمنية، والتصدي لعصابات التهريب والإرهاب والهجرة غير القانونية».

كما عقدت في الصائفة الماضية بتونس وروما اجتماعات بالجملة بين الرئيس التونسي قيس سعيد ورئيسي الحكومة الإيطالية والهولندية ورئيسة المفوضية الأوروبية حول ملف الهجرة.

ووقع الاتفاق على تقديم دعم أمني ولوجيستي ومالي كبير لتونس مقابل تعهدها بمضاعفة حملاتها الأمنية لمنع «اللاجئين الأفارقة» في تونس من مغادرة سواحلها في اتجاه أوروبا عبر السواحل الإيطالية.

كما تعهدت رئاسة المفوضية الأوروبية بتقديم دعم إلى تونس تحوم قيمته حول 950 مليون يورو (نحو مليار دولار أميركي)، وبتنظيم رحلات رسمية سنوية لآلاف المهاجرين التونسيين القانونيين.

لكن هذه الاتفاقات ما زالت تتعثر. ولم تتسلم تونس بعد ما وعدتها بها بروكسل من دعم مالي سنوي تحت عنوان «القضاء على الأسباب العميقة للهجرة غير القانونية والتطرف والإرهاب والجريمة المنظمة، ومن بينها البطالة والفقر في صفوف الشباب».

ترحيل لاجئين تونسيين وأفارقة

وفي المقابل، انتقد الناشط الحقوقي والبرلماني السابق المقيم في إيطاليا مجدي الكرباعي الاتفاق الذي توصلت إليه مؤخراً رئيسة حكومة إيطاليا مع نظيرها البريطاني بشأن ترحيل آلاف «اللاجئين الأفارقة» الموجودين في تونس أو المسجونين في إيطاليا بعد عبور السواحل التونسية نحو ألبانيا.

وكشف مجدي الكرباعي أن المحكمة الدستورية في ألبانيا طعنت مؤخراً في مذكرة التفاهم في مجال الهجرة التي وقعتها الحكومتان الإيطالية الألبانية، ونصت على «فتح مركزين لاستقبال المهاجرين الأفارقة والتونسيين والعرب تسع طاقة استيعابهما نحو 36 ألف مهاجر غير قانوني سنوياً».

من جهة أخرى، أعلن وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو خلال مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية أن المهاجرين التونسيين الذين يصلون إيطاليا على متن قوارب غير قانونية «سَيُرَحَّلون».

وفسر رئيس الدبلوماسية الإيطالية موقفه بكون روما ترى أن «تونس بلد آمن يمكننا أن نستثمر فيه (...)، وليس بلداً في حالة حرب، أو يوجد به اضطهاد، أي أنه لا يمكن عدُّ المهاجرين التونسيين» لاجئين لأسباب سياسية أو إنسانية».

حرق مركز حجز

يذكر أن مجموعة من المهاجرين الأفارقة غير القانونيين قاموا مؤخراً بحرق «مركز الحجز والترحيل» لمهاجرين غير نظاميين في «قاراديسا إيسنزو (Gradisca d'Isonzo)» بإيطاليا «احتجاجاً على الأوضاع غير الإنسانية والمتردية داخل المركز».

وقامت حكومة ميلوني الإيطالية بزيادة مدة الاحتجاز «للمتورطين في الهجرة غير القانونية» من 6 أشهر إلى 18 شهراً، بعد أن كانت 3 أشهر فقط. ووفق مصادر تونسية فإنه يوجد في هذا المركز 87 مهاجراً محتجزاً أغلبيتهم تونسيون.


مقالات ذات صلة

«فوضى» تضرب مطار بغداد... والحكومة تتدخل بالتحقيق

المشرق العربي مسافرون داخل مطار بغداد الدولي (أرشيفية - أ.ف.ب)

«فوضى» تضرب مطار بغداد... والحكومة تتدخل بالتحقيق

قالت مصادر حكومية إن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني «أمر بتشكيل لجنة للتحقيق في أسباب فوضى شهدها مطار بغداد الدولي»، جراء التضارب والتأخير في مواعيد الرحلات.

فاضل النشمي (بغداد)
شمال افريقيا السياسي التونسي المنذر الزنايدي (صفحته على فيسبوك)

محكمة تونسية تقر بعودة الوزير السابق المنذر الزنايدي إلى سباق الرئاسة

قبلت المحكمة الإدارية في تونس طلب الاستئناف الذي تقدم به الوزير السابق والناشط السياسي المنذر الزنايدي للمشاركة بالانتخابات بعد استبعاده من هيئة الانتخابات.

«الشرق الأوسط» (تونس)
يوميات الشرق اختيار فوهة الوعبة ضمن أفضل 100 موقع للتراث الجيولوجي عالمياً (هيئة المساحة الجيولوجية)

فوهة الوعبة في جدة ضمن أجمل المعالم الجيولوجية عالمياً

يترقَّب قطاع السياحة في السعودية تحويل فوهة الوعبة بغرب البلاد وجهةً سياحية، بُعيد اختيارها الأفضل بين 100 موقع للتراث الجيولوجي العالمي.

سعيد الأبيض (جدة)
الخليج السعودية أكدت موقفها الثابت بنبذ جميع أشكال العنف والتطرف واستهداف المدنيين (الشرق الأوسط)

السعودية تُدين بشدة الهجوم الإرهابي في بلوشستان الباكستانية

أدانت السعودية بأشد العبارات الهجوم الإرهابي الذي وقع بمقاطعة بلوشستان في باكستان، والذي أسفر عن وفاة وإصابة العشرات.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا نبيل العربي الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية (رويترز)

وفاة الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية نبيل العربي

نعت وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الاثنين)، السفير نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية ووزير الخارجية الأسبق الذي توفي عن عمر ناهز 89 عاماً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

مطالب أممية بمحاسبة منتهكي حقوق الإنسان في ترهونة الليبية

عناصر من هيئة البحث عن المفقودين يتفقدون موقعاً لمقابر جماعية تم العثور عليها في ترهونة (الهيئة)
عناصر من هيئة البحث عن المفقودين يتفقدون موقعاً لمقابر جماعية تم العثور عليها في ترهونة (الهيئة)
TT

مطالب أممية بمحاسبة منتهكي حقوق الإنسان في ترهونة الليبية

عناصر من هيئة البحث عن المفقودين يتفقدون موقعاً لمقابر جماعية تم العثور عليها في ترهونة (الهيئة)
عناصر من هيئة البحث عن المفقودين يتفقدون موقعاً لمقابر جماعية تم العثور عليها في ترهونة (الهيئة)

حذّر تقرير للأمم المتحدة من أن غياب المساءلة، والسنوات الطويلة من إفلات المتسببين في انتهاكات حقوق الإنسان، والتجاوزات المرتكبة في مدينة ترهونة الليبية بين عامي 2013 و2022 من العقاب، تهدد بالمزيد من حالة عدم الاستقرار والانقسام في البلاد.

واتهم التقرير، الذي وزعته بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، مساء الجمعة، فصيل الكانيات، وهو مجموعة مسلّحة نشأت في 2011، مارَس سيطرة وحشية على ترهونة، المدينة التي يقطنها 150.000 نسمة تقريباً وتقع على بعد 90 كيلومتراً جنوب شرقي طرابلس، مشيراً إلى أن إدماج الكانيات في حكومة الوفاق السابقة، ثم لاحقاً في الجيش الوطني، وشكّل حاجزاً كبيراً أعاق تحقيق المساءلة والعدالة. ونتيجة لذلك، تردّد بعض السكان في المشاركة في التحقيقات والإبلاغ عن الجرائم خوفاً من الانتقام.

ونقل التقرير عن ستيفاني خوري، القائمة بأعمال بعثة الأمم المتحدة، عدّها عدم معالجة الأسباب الجذرية الكامنة وراء النزاع ودوافعه لن يؤدّي سوى إلى تأجيج دوامات العنف والانتقام السامة بين المجتمعات.

اجتماع عميد بلدية ترهونة مع المسؤولة الأممية (بلدية ترهونة)

وأوصى التقرير بتنفيذ عملية شاملة للعدالة الانتقالية والمصالحة، مع اتخاذ تدابير مجدية لتقصّي الحقائق، وتقديم تعويضات فعالة إلى الضحايا، بما في ذلك المساعدة القانونية ودعم الصحة النفسية، وضمانات عدم التكرار، التي ينبغي وضعها بالتشاور مع المتضررين مباشرة. كما دعا لاتخاذ تدابير صارمة لتحقيق المساءلة، من خلال التحقيقات ومحاسبة الجناة المزعومين، بما يتماشى مع المعايير الدولية.

وكان عميد بلدية ترهونة، محمد الكشر، وعدد من أعضاء رابطة ضحايا ترهونة، قد زاروا مع المسؤولة الأممية جورجيت غانيون، عدداً من مواقع المقابر الجماعية والسجون في ترهونة، بمناسبة اليوم العالمي للإخفاء القسري، ومتابعة ملف ضحايا العنف والقتل والمقابر التي ارتكبت بحق أهالي ترهونة وبعض المدن المجاورة.

في سياق غير متصل، تحدثت وسائل إعلام محلية عن نجاة ليبيين بأعجوبة، بعد أن جرفت مياه الفيضانات سيارتهم في ترهونة، بينما تعرضت مدينة الكفرة لإطفاء تام بسبب فصل محطة كهربائية، للحفاظ على معدات الشبكة العامة بتأثير الرياح والأمطار.

حكومة الوحدة خلال اجتماع متابعة تقلبات الطقس (حكومة الوحدة)

وأعلن الهلال الأحمر، مساء الجمعة، في ترهونة فتح الطريق الرابط بين بني وليد وترهونة، عقب إغلاقه لعدة ساعات، بسبب تزايد ارتفاع منسوب المياه في الطريق، فيما أعلن جهاز الإسعاف والطوارئ في بني وليد، خروج السيل في وادي وشتاتة إلى الطريق، مع وجود ارتفاع في المياه في الوادي.

وكانت حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، قد طمأنت المواطنين بما وصفته بالجاهزية العالية للوزارات والأجهزة والمراكز في جميع مناطق ليبيا العالية لمواجهة أي ظروف جوية، أو تقلبات مناخية، وتوفير الإمكانيات اللازمة، مشيرة إلى أن اجتماعاً عُقد، مساء الجمعة بطرابلس، ضم كل الجهات المعنية، استهدف توحيد الجهود لضمان نجاح العمل وحماية المواطنين والممتلكات، في إطار تحديث الخطة الوطنية لمواجهة الطوارئ والكوارث الطبيعية.